موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: "التربية الصحيحة تشكّل الارضية المناسبة لمجتمع دون عنف"
لقاء سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي ممثّل اليونسيف في ايران"التربية الصحيحة تشكّل الارضية المناسبة لمجتمع دون عنف"
"التربية الصحيحة تشكّل الارضية المناسبة لمجتمع دون عنف"
"التربية وتنمية المجتمعات البشرية لا تؤطّر بحدود واعتقادات خاصة"
"كل فلسفة الاسلام الوجودية هي خدمة البشرية"
ابتدء هذا اللقاء السيد هولس هوف ممثّل اليونسيف بخطاب مبسّط شكر فيه مرجع الشيعة الجليل، وقال: "اذا أعانني الله فانّي أحبّ الخدمة في المجالات التي تخصّ الاطفال؛ وذلك لانّ المجتمع الايراني من المجتمعات الاصغر سنّاًً، وبامكانه أن يخطو نحو السلام والعدالة بشكل أكبر.
وأضاف: "باعتباركم شخصية معروفة في عالم اليوم، وددت في بداية نشاطي أن ألتقيكم من قريب وأتعرّف على أفكاركم وأستفيد من ارشاداتكم".
ثمّ قال سماحة آية الله العظمى الصانعي: "ينبغي أن نشكر الله على أنّا نعيش في عصر نشهد فيه تعالي الافكار الانسانية، وكره البشرية للحروب واراقة الدماء والعنف، نحن نعيش في عصر يعدُّ فيه ايذاء الناس وايذاء الاطفال من أقبح الاعمال".
كما قال سماحته"ان اولئك الذين يلجأون الى العنف والحرب والتمييز هم الاقلية، وبعيدون عن الكمال بتبريراتهم غير العقلائية، وعليهم أن يعلموا أنّهم لا يبلغون شيئاً من خلال قمع المصلحين والتعسُّف في حقّهم، بل يصنعون من أنفسهم اضحوكة للعالم".
وأضاف فضيلة الشيخ: "من خلال نظرة الى تاريخ خلق البشر ندرك جيداً أنّ البشر جميعاً دعاة الى الصلح والحق، وهم أعداء للظلم، ينطلقون من المذهب ببصيرة انسانية ذات بعد ديني، وعلى رأس هؤلاء أنبياء مصلحون مثل عيسى المسيح وموسى الكليم ومحمد المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) الذين ظهروا لاصلاح المجتمعات البشرية واتمام أخلاقياتهم وسلوكياتهم الحسنة. ومن هنا أدعوكم _ باعتباركم تتوخّون خدمة البشرية _ أن تشكروا الله على أنّكم تخطون في طريق دعاة العدالة والشخصيات الربانية، وهذه الخدمة نتيجة ارشادات الهية. انّكم تعلمون جيداً بأنّ نتيجة هذه الحركات الانسانية هو الازالة التدريجية للاختلافات لتحلَّ محلّها الوحدة والوئام بين الشعوب. ونموذج ذلك تشكيل منظمة حقوق البشر ونشر ميثاق الامم المتحدة واتّحاد اوربا واعادة نظر القوى العظمى في كيفية تعاملها مع الامم الصغيرة والكبيرة".
ومع تأكيده على أنّه ليس جميع السلوكيات والاخلاقيات الصادرة عن هكذا منظمات موضع تأييدنا، قال: "تشكيل هكذا منظمات في عالم اليوم هو نتيجة الفكر البشري، وعلينا النظر اليها نظرة انسانية، ومن غير الصحيح اساءة الظن الى جميعها واعتبارها متآمرة. علينا التصديق بأنّ راعيها بشر وتحمّلوا المضايقات لنشر المواثيق الدولية، كما أنّهم يعانون من ضغوط القوى والطامعين. اذا شهدنا اعوجاجاً فعلينا تقويمه بالحوار والتعامل البنّاء، ولنكن على يقين بأنّ هذا الانسجام يكشف عن أنّا جميعاً نتوخّّى هدفاً واحداً وهو أن نطلق صرخة واحدة تدوّي في العالم وتدعو الى رفض الديكتاتورية وتعسّف القرون الوسطى".
ومع اشارته الى أنّ الناس ليسوا الاّ واسطة، ولا يمكن ايجاد شيء دون ارادة الهية، قال: "ان خدمات شخصيات من أمثالكم للطبقات المحرومة والاطفال الذين لا معيل لهم وممّن اسيئت معاملتهم، لهي من صلب الدين وتكشف عن مبدأ، وهو توجُّه البشرية نحو السلام والعدالة، وهذا من علائم تحقّق الوعد الالهي في ظهور المصلح العالمي".
كما أكّد فضيلته على ضرورة احترام العواطف البشرية وكرامة الانسان وقال: "ينبغي اشباع أطفالنا بالحب والعاطفة، وتربيتهم مع هذه الروحية، والاّ خلقنا لديهم عقداً".
وأضاف هذا المرجع المفكر: "منظمتكم تريد اعانة الاطفال الذين يفتقدون المعيل أو يرزخون تحت الظلم، وهو عمل أهل للتقدير، كما أنّ الاسلام أكّد على كون خدمة الناس والاطفال هي خدمة للمجتمع؛ لانّ التربية الصحيحة تشكّل الارضية المناسبة لمجتمع دون عنف. علينا افهام الجميع بأنّ لدين أطفالاً، وهل من الصحيح ظلمهم؟ ألا يعدّ ظلم الطفل وايذاؤه من عوامل الاستبداد والديكتاتورية؟ أيعجبنا أن يدعونا الآخرين ظلمة؟"
كما أكّد على ضرورة اشباع الاطفال بحبّ الوالدين، فالتربية الصحيحة تنبع من حبّ الوالدين لاطفالهم وتعدُّهم صالحين للمجتمع.
وفي ختام اللقاء قال آية الله العظمى الصانعي: "كلّ فلسفة الاسلام الوجودية هي خدمة البشرية، وهذا الفكر تتمتّع به الأديان التوحيدية كذلك، ومنظمتكم والمنظمات المشابهة التي تدّعي اتّباع الاوامر الدينية تخطو في هذا الاتجاه. واعلموا أنّ التربية وتنمية المجتمعات البشرية لا تؤطر بحدود. على أنّا نعتقد بأنّ للاسلام أوامر كثيرة تخصّ تعليم الطفل وصحّة وسلامة جسم الانسان وروحه، ونعتبر ذلك من العوامل المهمة لتنمية المجتمعات البشرية".
ثم شكر هولس هوف سماحة الشيخ وأعرب عن سروره تجاه ما أبرزه فضيلة الشيخ من أفكار سامية، وقال: "أصبحت على يقين بأنّ الغرب ما استطاع حتّى الان معرفة مفكّري الشيعة وشخصيات من أمثالكم، لانّكم تكلمتم بصراحة عن قبح الحرب وطالبتم باسهام الجميع في تحقيق الاهداف البشرية. خطابكم لفت نظري أكثر تجاه النظرة السلمية الأكثر للتشيُّع تجاه حقوق البشر والاطفال والشباب في بلدكم، فأشكركم تارة اخرى". التاريخ : 2009/04/21 تصفّح: 11902