لعلّ أهمّ دَرس وعِبرة يُمكن استنباطهما من واقعة كَربلاء – التي نَعشقها ونُقيم لأجلها المَجالس ونُحيي لذكراها التعازي ونَعقد بصَددها المؤتمرات – هي بيان قُبح الإرهاب وقسوة الظلم وبشاعة الجريمة. ولا شَكّ في أنّ هذا المَوقف يُمثّل واحداً من الأمور التي يَفخر بها الشيعة الذين لا يَكتفون باعتبار الإرهاب ليس وسيلة للتحرّك والسّير قُدُماً، بل ويَسعون إلى مُحاربته والتّصدي له.
إنّ كربلاء وعاشوراء اللتيْن تُمثّلان رَمزاً حَيّاً لنا، هما مَظهر كُرهنا للظلم واشمئزازنا من الاستبداد. ولا رَيبَ في أنّ التعاطف مع عاشوراء هو عامل ضروريّ لاستئصال جذور العُنف في عالم البشريّة، وبيانٌ واضح لعلاقتنا الوطيدة بالمظلوم بكلّ المَقاييس.
ولقد كانت حادثة عاشوراء حركة سياسيّة مَدروسة، فالإمام الحسين(عليه السلام) لم يُقرّر تَرك المدينة والتوجّه إلى الكوفة إلاّ بطَلب وإلحاح مُتواصليْن من أهل الكوفة أنفسهم. فهو(عليه السلام) لَم يَذهب إلى هناك من أجل الحرب، إنّما فُرِضَت عليه الحَرب فَرضاً، فما كان عليه إلاّ قبول الشهادة للدّفاع عن المظلومين ومُقاومة الظلم ونَيل الحريّة. والواقع أنّه كان قراراً حاسماً يَدعو للفَخر والعزّة. ولم يَتوانى الإمام(عليه السلام) وأصحابه الأخيار الأوفياء عن سَفك دِمائهم والتّضحية بأرواحهم أملاً منهم في الوقوف بوَجه الظلم ومُقاومة الاستبداد، ليتمكّن أفراد البشر بعد ذلك العَيش بسلام وهدوء.
لُبابُ الألباب
التاريخ : 2009/12/19