فاطمة الزّهراء(عليها السلام) هي عُصارة العِصمة ومرآة الطهارة والنزاهة ومقياس الحقّ والباطل وميزانهما، والنّاطقة باسم أبيها وبَعلها وبَنيها الحسنيْن في حديث الكساء. ولقد كانت السباقة إلى ابتداع ثقافة المُقاومة ومَنهج الاعتراض وأسلوب التنديد للأجيال البشريّة عن طريق خُطبها الفصيحة وأحاديثها الجامعة، مُبيّنةً ماهيّة الفِكر الجاهليّ، ومُشيرة إلى نواقصه وتَداعياته، رَغم قِصَر حياتها وقلّة سنيّ عُمرها الشريف.
وكانت فاطمة(سلام الله عليها) كَوثر المظلوميّة ومَعين القَهر ورَمز الحزن، فاحتلّت شخصيّة المرأة في عصريْن مُختلفيْن وزَمنيْن مُتباينيْن. ولقد بَلغ إيمانها بالنبيّ(صلی الله علیه و آله) وعلي(عليه السلام) حَجماً لا يَسعه التأريخ ولا يَشتمله الزّمن.
وقد أثبتت ابنة الرّسول الأعظم بمظلوميّتها ووحدتها وعُزلتها، أثبتت لجميع بَني جِنسها أنّها امرأة يُمكنها الوقوف بوَجه الحكّام الطغاة ومُواجهة الظّلم والقَمع، وإزاحة الستار عن النفاق والخَوف، لتُريَ العالَم الحقّ والحقيقة مَعاً. واستطاعت عَبر مُقاومتها وصرخاتها بيان أنّ الحقّ وإفشاء الظلم والقَمع ليس أمراً يَخصّ الرجل أو المرأة كلٌّ على حِدة.
ترعرعت الزهراء البتول(عليها السلام) في عَصر كان مليئاً بالألم والمُعاناة، فبَكت بحرقة على وفاة أبيها وفراقه لها، ولم تَهدأ حتى هَجرت بيتها الطينيّ بعد حين لتَلتقي أبيها في الملأ الأعلى وهي عليلة تَغمر الجروح جَسدها الطاهر، وتَقصّ عليه ما مرّ بها، وتَحكي له ما عانته من فراقه، وتُصوّر له حادثة استشهادها.
التاريخ : 2016/02/19