Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: انعكاسات
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: كلمة سماحة المرجع آية الله العظمى الصانعي في خصوص شهر رجب في نهاية درس خارج الفقه
كلمة سماحة المرجع آية الله العظمى الصانعي في خصوص شهر رجب في نهاية درس خارج الفقه

ورد في دعاء شهر رجب: 
«يا مَن اَرجُوهُ لِكُلِّ خَيرٍ، وَ آمَنُ سَخَطَهُ عِندَ كُلِّ شَرٍّ، يا مَن يُعطِى الكَثيرَ
بِالقَليلِ، يا مَن يُعطى‏ مَن سَئألَهُ، يا مَن يُعطى‏ مَن لَم يَسأَلهُ وَ مَن لَم يَعرِفهُ‏ تَحَنُّناً مِنهُ وَ رَحمَةً، اَعطِني‏ بِمَسألَتى‏ اِيَّاكَ، جَميعَ خَيرِ الدُّنيا وَ جَميعَ خَيرِ الأخِرَةِ، وَ اصرِف عَنّى‏ بِمَسأَتى‏ اِيّاكَ جَميعَ شَرِّ الدُّنيا، وَ شَرِّ الأخِرَةِ، فَاِنَّهُ‏ غَيرُ مَنقُوصٍ ما اَعطَيتَ، وَ زِدنى‏ مِن فَضلِكَ يا كَريمُ...»

وهو دعاء يمكن قراءته دائماً وفي كلّ مكان، ولا يختص بشهر رجب.

من وجهة نظري فإنّ جميع الأدعية الواردة عن المعصومين (سلام الله عليهم أجمعين) هي قرآن صاعد، والقرآن هو قرآن نازل، لأنّ شأنه هداية الناس فنزل إليهم. فهو (بصائر للناس) و (هدى للمتقين) و (ذكرى) للأفراد. والأدعية هي القرآن الصاعد التي استهدفت تعليمنا وهدايتنا. وبرغم أنّ في قراءتها ثواباً وحسنات، وعلينا حفظ هذه السنة، وهي محفوظة بحمد الله لكن علينا استلهام الدروس من مضامينها. فعلينا العمل بدعاء (يا من أرجوه لكل خير) واعتباره منهجاً (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة)[1].

«يا مَن اَرجُوهُ لِكُلِّ خَيرٍ» أي نطلب الخير منه فقط ولا نطلب من غيره. وإذا تفضّل شخص عليك بشيء فإنّه يطلب بإزائه شيئاً آخر، ولذلك اطلبوا الخير منه فقط فإنّ خيره دون عوض ومنّة، ويرسل بخيراته للإنسان.

«وَ آمَنُ سَخَطَهُ عِندَ كُلِّ شَرٍّ»؛ نحن في أمان من سخطه ومن كلّ شر وإذا وقعنا موضع سخطه فإنّ سخطه (لا تقوم له السموات السبع ولا الأرضين).

«يا مَن يُعطِى الكَثيرَ بِالقَليل» علينا أخذ القليل من الآخرين وتعويضهم بأكثر منه، سواء كان الأمر يخص حقوق أولاداً أو جيراننا أو أي شخص من الناس، وعلينا تعويضهم بأكثر ممّا أخذنا منهم لا العكس. دعاء «يا مَن يُعطِى الكَثيرَ بِالقَليل» يستبطن أن يكون نفعنا كثيراً جداً، سواء كان نفعاً روحياً معنوياً أخروياً أو غيره، علينا المطالعة والتعلّم لخدمة الناس بإعلامهم بالتعاليم المفيدة، وهذا هو المهم، أمّا الشؤون المادية والدنيوية فالناس على علم بها.

«يا مَن يُعطى‏ مَن سألَهُ، يا مَن يُعطى‏ مَن لَم يَسألهُ»، وقد جاء الزهد في كلام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) بهذا المعنى، فالله يعطي للجميع.

أنا أحب أن يحييني الجميع مع أنّي غير مستعد لإلقاء التحية على أحد. وما معنى هذا التوقّع؟! «لَيسَ لِلانسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى»[2] أحبّ أن يحترمني الجميع لكنّي غير مستعد لاحترام أحد. وهذا يخالف ما ورد في الدعاء، فالقليل لكم والكثير للجميع.

«يا مَن يُعطى‏ مَن لَم يَسألهُ وَ مَن لَم يَعرِفهُ‏ تَحَنُّناً مِنهُ وَ رَحمَةً اَعطِنى‏ بِمَسألَتى‏ اِيَّاكَ، جَميعَ خَيرِ الدُّنيا وَ جَميعَ خَيرِ الأخِرَة»، وذلك من باب لطفه ورحمانيته. وقد أسند القرآن الخير والحسنات إلى الباري تعالى: «مَا أَصَابَكَ مِن حَسَنَة فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَة فَمِن نَفسِكَ»[3].

برغم أنّ الله خلق أول موجود سواء في سلسلة الحسنات أو السيئات وهو سلسلة العلل، لماذا ينسب الحسنة له وينسب السيئة لنا، ومع أنّهما متماثلان في أصل الخلقة؟ برأيي، إنّ الله خلق جميع الحسنات لكن منح الانسان عقلاً لكي يصل إلى القرب الإلهي، وأرسل الأنبياء والصلحاء والزهاد والملائكة لكي يستلهم الانسان منهم، وهم جميعاً جنود الله، فهم لذلك من الله؛ باعتبارهم وسائل وفّرها الله للانسان.

والسيئات في قبال ذلك. ولم يدعو الله الانسان لعمل السيئات، بل قال: «أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعبُدُوا الشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌ مُّبِينٌ* وَأَنِ اعبُدُونِي هذَا صِرَاطٌ مُّستَقِيمٌ»[4] ولم يدعو الانسان لتبعية الشيطان بل قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إذن السيئة من أنفسنا، ورأس سلسلة السيئات هو أنفسنا، أمّا الحسنات فمن الله، فلا ينبغي نسيانه، وإذا نسيناه فقد نسينا أنفسنا في حقيقة الأمر.

وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين

------------------
1) بقره (2): 138.
2) نجم (53): 39.
3) نساء (4): 79.
4) یس (36): 60 و 61.

التاريخ : 2017/04/04
تصفّح: 13531





جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org