قوله : « لم ينصّ علماؤنا على توثيقه » : فيه : أنّ الأصحاب وإن لم ينصّوا على توثيقه صريحاً ، إلاّ أنّ العلاّمة في الخلاصة[1] قد صرّح بأنّ الأرجح قبول روايته ، وصحّح جملة من طرق الصدوق المشتملة عليه ، كطريقه إلى عامر بن نعيم ، وطريقه إلى كردويه ، وإلى ياسر الخادم[2] . وقد عدّ جماعة من المتأخّرين من أصحاب الاصطلاح الجديد في تنويع الأحاديث ، منهم العلاّمة[3] والشهيد الثاني(رحمه الله)[4] ، جملة من أخباره من الصحاح ، وتصحيح الطريق توثيق لرجال السند .

وأيضاً فقد حكى النجاشي عن أصحابنا أ نّهم كانوا يقولون : « إنّ إبراهيم بن هاشم هو أوّل من نشر أحاديث الكوفيين بقم بعد انتقاله إليها من الكوفة» [5] ، ويعلم من ذلك كونه ثقة معتمداً عليه عند أئمّة الحديث من أصحابنا القمّيين ؛ فإنّ نشر الأحاديث لا يكون إلاّ مع التلقّي بالقبول ، وكفى بذلك توثيقاً وتعديلا . ويؤكّد الدلالة في ذلك ما عُلم من طريقة القمّيين من تضييق أمر العدالة وتسرّعهم في قدح الرواة والطعن عليهم وإخراجهم من بلدة قم بأدنى ريبة وتهمة ، حتّى أ نّهم غمزوا في أحمد بن محمّد بن خالد البرقي مع ظهور عدالته وجلالته بروايته عن الضعفاء واعتماده المراسيل ، وأخرجوه من قم لهذا الوجه ، أو ما يقرب منه ، كما صرّح به علماء الرجال[6] ، فلو لا أنّ إبراهيم بن هاشم بمكان من الوثاقة والاعتماد عندهم لما سلم من طعنهم وغمزهم بمقتضى العادة .

وممّـا يؤيّد ذلك اعتماد أجلاّء الأصحاب وثقاتهم عليه ، وإكثار الكليني ـ طاب ثراه ـ الرواية عنه في الكافي ، وعدم استثناء محمّد بن الحسن بن الوليد إيّاه من رجال نوادر الحكمة في من استثنى ، وأ نّه كثير الرواية جدّاً ، كما ينبّه عليه تتبّع الكافي وغيره ، وقد قال الصادق(عليه السلام) : « اعرفوا منازل الرجال بقدر[7] روايتهم عنّا »[8] ، على أ نّه قد صرّح غير واحد من أصحابنا بأ نّ إبراهيم بن هاشم هذا من مشايخ الإجازة[9] ، فلا يقدح وجوده في السند ، ولا يخرج به الحديث عن حدّ الصحيح وإن لم يكن ثقة على ما قرّروه في حكم المشايخ . وكيف كان ، فالأمر في هذه المناقشة هيّن جدّاً[10] .

--------------------------------------------------------------------------------

[1]. خلاصة الأقوال (رجال العلاّمة ) : 4 ـ 5 ، الرقم 9 .

[2]. انظر : خلاصة الأقوال (رجال العلاّمة ) : 277 ـ 278 .

[3]. كما في منتهى المطلب 4 : 196 ، و 7 : 137 .

[4]. انظر : مسالك الأفهام 7 : 314 ـ 315 ، روض الجنان 2 : 983 .

[5]. رجال النجاشي : 16 ، الرقم 18 ، مع تفاوت يسير .

[6]. رجال ابن الغضائري (كتاب الضعفاء ) 1 : 138 ، رجال ابن داود : 421 ، خلاصة الأقوال (رجال العلاّمة ) : 14 ، الرقم 7 .

[7]. في المصدر : اعرفوا منازل الرجال منّا على قدر .

[8]. اختيار معرفة الرجال ( رجال الكشي ) 1 : 3 ، الحديث 1 ، وسائل الشيعة 27 : 149 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، الباب 11 ، الحديث 37 .

[9]. ممّن صرّح بذلك المجلسي في روضة المتّقين 4 : 315 .

[10]. لمزيد الاطّلاع على أحوال ابراهيم بن هاشم راجع : الفوائد الرجاليّة (رجال بحر العلوم) 1 : 439 ـ 464 .