الأمر الثالث: قد تعارف بين الأصحاب البحث في كتاب المكاسب والمتاجر عن بعض المحرّمات والمعاصي التي لا ترتبط بالتكسّب والتجارة؛ استطراداً، كالبحث عن حرمة الغيبة والكذب والسبّ وحفظ كتب الضلال، إلّا أنّ المناسب للبحث عن هذه المحرّمات والمعاصي هو في صلاة الجماعة، من كتاب الصلاة، في شرائط عدالة إمام الجماعة، أو كتاب القضاء في صفات القاضي، في شرطيّـة عدالة القاضي، أو كتاب الشهادات في باب عدالة الشاهد؛ لأنّ العدالة إمّا هي نفس ترك المعاصي والمحرّمات، وإمّا ملكة توجب حفظ النفس عن ارتكاب المعاصي والمحرّمات.

نعم، إنّ المقدّس الأردبيلي (قدس سرّه) قد تعرّض لها متناسباً، حيث ذكر المحرّمات والمعاصي بأجمعها في كتاب الشهادات في باب عدالة الشاهد([17]).

لكن هذا تمام على مبناه(قدس سرّه) ومبنى المعروف؛ من أنّ العدالة المعتبرة في الشاهد ـ كعدالة إمام الجماعة وعدالة القاضي ـ هي العدالة الاصطلاحيّـة، وأمّا على ما ذهبنا إليه؛ من أنّ العدالة المعتبرة في الشاهد هي العدالة بمعنى الاعتدال والوثاقـة ([18])، فالبحث عنها في كتاب الشهادات غير متناسبٍ.