|
كتاب الحجّ / فصل في وجوب الحجّ
من أركان الدين الحجّ، وهو واجب على كلّ من استجمع الشرائط الآتية من الرجال والنساء والخناثي بالكتاب والسنّة والإجماع من جميع المسلمين، بل بالضرورة، ومنكره في سلك الكافرين[1641]، وتاركه عمداً مستخفّاً به بمنزلتهم، وتركه من غير استخفاف من الكبائر، ولا يجب في أصل الشرع إلاّ مرّة واحدة في تمام العمر، وهو المسمّى بحجّة الإسلام، أي الحجّ الذي بني عليه الإسلام، مثل الصلاة والصوم والخمس والزكاة، وما نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على أهل الجدّة كلّ عام على فرض ثبوته شاذّ مخالف للإجماع والأخبار، ولابدّ من حمله على بعض المحامل، كالأخبار الواردة بهذا المضمون من إرادة الاستحباب المؤكّد، أو الوجوب على البدل، بمعنى أنّه يجب عليه في عامه، وإذا تركه ففي العام الثاني وهكذا، ويمكن حملها على الوجوب الكفائي، فإنّه لا يبعد وجوب الحجّ كفاية على كلّ أحد في كلّ عام إذا كان متمكّناً بحيث لا تبقى مكّة خالية عن الحجّاج، لجملة من الأخبار الدالّة على أنّه لا يجوز تعطيل الكعبة عن الحجّ، والأخبار الدالّة على أنّ على الإمام كما في بعضها، وعلى الوالي كما في آخر، أن يجبر الناس على الحجّ والمقام في مكّة وزيارة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والمقام عنده، وأنّه إن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال.
(مسألة 1): لا خلاف في أنّ وجوب الحجّ بعد تحقّق الشرائط فوري، بمعنى أنّه يجب المبادرة إليه في العام الأوّل من الاستطاعة، فلا يجوز تأخيره عنه، وإن تركه فيه ففي العام الثاني وهكذا، ويدلّ عليه جملة من الأخبار، فلو خالف وأخّر مع وجود الشرائط بلا عذر يكون عاصياً، بل لا يبعد[1642] كونه كبيرة، كما صرّح به جماعة، ويمكن استفادته من جملة من الأخبار. (مسألة2): لو توقّف إدراك الحجّ بعد حصول الاستطاعة على مقدّمات من السفر وتهيئة أسبابه وجبت المبادرة إلى إتيانها على وجه يدرك الحجّ في تلك السنة، ولو تعدّدت الرفقة وتمكّن من المسير مع كلّ منهم اختار[1643] أوثقهم سلامةً وإدراكاً، ولو وجدت واحدة[1644] ولم يعلم حصول اُخرى أو لم يعلم التمكّن من المسير والإدراك للحجّ بالتأخير، فهل يجب الخروج مع الاُولى، أو يجوز التأخير إلى الاُخرى بمجرّد احتمال الإدراك، أو لا يجوز إلاّ مع الوثوق ؟ أقوال، أقواها الأخير، وعلى أيّ تقدير إذا لم يخرج مع الاُولى واتّفق عدم التمكّن من المسير، أو عدم إدراك الحجّ بسبب التأخير، استقرّ عليه الحجّ[1645] وإن لم يكن آثماً بالتأخير ; لأنّه كان متمكّناً من الخروج مع الاُولى، إلاّ إذا تبيّن عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً. ___________________________________________ [1641]. مرّ الكلام في ميزان الكفر في كتاب الطهارة. (خميني ـ صانعي). [1642]. محلّ تأ مّل لو لم نقل محلّ منع، نعم لا يبعد مع كون التأخير استخفافاً. (خميني). [1643]. على الأولى. (خميني ـ صانعي). ـ لا يجب ذلك. (خوئي). [1644]. مع عدم المحذور في الخروج معها. (خميني). [1645]. لا موجب للاستقرار مع جواز التأخير. (خوئي).
|