|
رمي الجمرة العقبة
أوّلها:(1) رمي الجمرة(2)
(1) بناءً على وجوب الترتيب في مناسكه، وإلاّ فبناءً على المختار من عدم وجوب الترتيب وأنّه يجوز له الحلق والتقصير قبل الرمي، فضلاً عن التقديم والتأخير في الثلاثة على أيّ نحو شاء، والتعبير بالأوّل والثاني والثالث لا محلّ له كما لا يخفي. نعم، رعاية الترتيب مستحبّ ويكون أحوط. (صانعي) (2) إجماعاً حكاه غير واحد[1]. وما في عبارة جمل الشيخ[2] من أنّه مسنون. محمول على أنّه مستفاد وجوبه من السنّة التي هي جملة من النصوص، الوارد كثير منها في المعذور إذا أفاض من المشعر قبل الفجر[3]، لا أنّه مندوب، كيف، وفي حسن ابن اُذينة «الحجّ الأكبر، الوقوف بعرفة ورمي الجمار»[4]. -------------------------------------------------- [1]. السرائر 1: 606، التذكرة 8: 214، المنتهي 2: 729، الذخيرة: 662، المدارك 8: 6، المستند 12: 283. [2]. الجمل والعقود (الرسائل العشر): 234. [3]. الكافي 4: 474، الحديث 7، التهذيب 5: 195، الحديث 647، وسائل الشيعة 14: 28، كتاب الحجّ، أبواب الوقوف بالمشعر، الباب 17، الحديث 2. [4]. منها الكافي 4: 264، الحديث 1، وسائل الشيعة 13: 550، كتاب الحجّ، أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، الباب 19، الحديث 9. ـ(468)ـ -------------------------------------------------- ـ(469)ـ -------------------------------------------------- العقبة[1] بما يسمّي رمياً(1)، (1) ولا يخفي عليك أنّه مع إصلاح الجمرات والإضافة إليها وجعلها زائدة على ما كان الرمي عليها سابقاً، يكون مجزيّاً من دون فرق بين تلك الإضافات من العموديّة وغيرها؛ وذلك لعدم تعرّض الروايات إلى خصوصيّات العلائم من الطول والعرض. وعليه، يجري أصل البراءة من الخصوصيّة والحدّ والعلامة. هذا مضافا إلى أنّ المتفاهم عرفا بمناسبة الحكم والموضوع والخصوصيّات المعتبرة في الرمي أنّ الجمرات بوصفها مرميّ ومحلاًّ للضرب، فهي بمنزلة العلامة في الرمي، مضافا إلى حصول اليقين بتغيّر الجمرات من زمن تشريع الرمي إلى يومنا هذا بفعل اشتراط إصابة الجمرات بالحصى عند الرمي دون أن يصدر ردع أو منع في الروايات وعبارات الأصحاب. (صانعي) -------------------------------------------------- [1]. والجَمَرات مجتمع الحصى بمنى، فكلّ كومة من الحصى جَمْرة، والجمع جمرات وحَجَرات منى ثلاث بين كلّ جمرتين غلوة سهم. (مجمع البحرين 3:249) منها جمرة العقبة، وهي آخر الجمار ممّا يلي منى، وأوّلها ممّا يلي مكّة. وهي عند العقبة، ولذلك سمّيت جمرة العقبة من حضيض الجبل مترقيّة عن الجادّة (التذكرة 8: 213 و214). وجمرة العقبة هي أقرب الجمرات الثلاث إلى مكة، وهي حدّها من تلك الجهة. (الرياض 6: 387)، وعن عثمان بن ساج أخبرني خصيف بن عبد الرحمن عن مجاهد أنّه حدّثه قال: لما قال إبراهيم (عليه السلام):«ربنا أرنا منا سكنا» أمر أن يرفع القواعد من البيت، ثمّ أري الصفا والمروة. وقيل هذا من شعائر الله، ثمّ خرج به جبرئيل، فلمّا مرّ بجمرة العقبة إذا بإبليس، فقال جبرئيل: كبر وارمه ثمّ ارتفع إبليس إلى الجمرة الثانية فقال جبرئيل كبر وارمه، ثمّ ارتفع إبليس إلى الجمرة القصوي، فقال جبرئيل: هل عرفت ما أريتك ثلاث مرّات؟ قال: نعم، قال: (فأذنّ في الناس بالحج)، قال كيف أقول؟ قال قل: (يأيها الناس أجيبوا ربّكم) ثلاث مرّات، قالوا: لبيك الّلهم لبيك، قال: فمن أجاب إبراهيم يومئذٍ فهو حاجّ. (أخبار مكّة للأزرقي 2: 176)، وقال الكلبي: إنّما سمّيت الجمار؛ الجمار، لأنّ آدم عليه السلام كان يرمي إبليس فيجمر من بين يديه والإجمار الإسراع. (أخبار مكّة للأزرقي 2: 180). وفي الحديث عن علّة رمي الجمار لقول موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن رمي الجمار لم جعل؟ قال: لأنّ إبليس اللعين كان يترائي لإبراهيم (عليه السلام) في موضع الجمار، فرجمه إبراهيم فجرت السنّة بذلك وفي رواية أُخرى عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوّل من رمي الجمار آدم (عليه السلام). وقال أتي جبرئيل (عليه السلام) إبراهيم، فقال: ارم يا إبراهيم! فرمي جمرة العقبة وذلك أنّ الشيطان تمثّل له عندها. (العلل 2: 166). ـ(470)ـ -------------------------------------------------- ووقته(1) إلى غروب يوم النحر، ولو نسيه(2) فإلي اليوم الثالث عشر، ولو لم يتذكّر قضاه بنفسه، أو بنائبه في العام(3) القابل(4). ويجب فيه أُمور: (1) كما يقتضيه ظاهر الفتوي[1]، ومعاقد الإجماع وتضمّنته جملة من الصحاح، ففي صحيح صفوان: «رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها»[2]؛ فإن إطلاقها شامل للمقام، ورمي الجمار الثلاث أيّام التشريق، ولا يختصّ بالثاني. (2) يعني قضاه في الغد، إجماعاً مرتّباً عليه الأداء إجماعاً، كما قيل[3]، وتشهد به النصوص، كصحيح ابن سنان: «يرمي إذا أصبح مرّتين إحداهما بكرة وهي للأمس والأُخرى عند زوال الشمس»[4]، ونحوه وغيره[5]، وموردهما ناسي الرمي يوم النحر. نعم، إذا نسيه في الغد قضاه بعد ذلك في أيّام التشريق، كما يستفاد من خبر عمر بن يزيد[6]. (3) كما صرّح به الجماعة[7]، ففي خبر بن يزيد[8]: «من غفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيّام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فإن لم يحجّ رمي عنه وليّه، فإن لم يكن له وليّ استعان برجل من المسلمين يرمي عنه»[9]. (4) على الأحوط؛ لاحتمال كون من الجمار في الخبر رميها في يوم الحادي عشر والثاني عشر؛ لعدم كون رمي جمرة عقبة رمي جمار، أو بعضها الواقع في الخبر. (صانعي) -------------------------------------------------- [1]. المقنعة: 66، الكافي في الفقه: 199، النهاية: 666، المبسوط 1: 378، الشرائع 1: 250، المدارك 8: 230، كشف اللثام 6: 250، الرياض 7: 153. [2]. الكافي 4: 481، الحديث 4، وسائل الشيعة 14: 70، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 13، الحديث 6. [3]. الخلاف 2: 353، المدارك 8: 235، الغنية ( الجوامع الفقهيّة): 581. [4]. الكافي 4: 484، الحديث 2، الفقيه 2: 285، الحديث 1402، وسائل الشيعة 14: 73، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 15، الحديث 2. [5]. التهذيب 5: 262، الحديث 893، وسائل الشيعة 14: 72، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 15، الحديث 1. [6]. التهذيب 5: 264، الحديث 900، الاستبصار 2: 297، الحديث 1060، وسائل الشيعة 14: 264، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 3، الحديث 4. [7]. النهاية: 267، السرائر 1: 609، الإرشاد 1: 336، القواعد: 90، الدروس 1: 434، المسالك 2: 369. [8]. أي عمر بن يزيد كما مرّ. [9]. التهذيب 5: 264، الحديث 900، الاستبصار 2: 297، الحديث 1060، وسائل الشيعة 14: 262، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 3، الحديث 4. ـ(471)ـ -------------------------------------------------- الأوّل: النيّة(1) مقارنة لأوّل الرمي، مع استدامة حكمها إلى آخر الرمي، والأولي أن يقول: «أرمي جمرة العقبة سبعاً لحجّ الإسلام أداء لوجوبه امتثالاً لأمره تعالى». الثاني: كونه(2) بسبع حصيات. الثالث: إصابة الجمرة أو موضعها بكلّ من السبع بنفس الرمي(3)، فلا يجزي مطلق الوصول أو الوقوع(4). نعم، لو لاقت الحصاة شيئاً مرت عليه فأصابت الجمرة(5) (1) إجماعاً؛ لأنّه عبادة. (2) حكي عليه إجماع المسلمين[1]، ويشهد له بعض النصوص[2]. (3) ليتحقّق الواجب المأمور به في النصوص[3] وغيرها[4]، وهو مفهوم الرمي. (4) لعدم صدق الرمي عليهما، كما نصّ عليه الجماعة[5]. (5) بلا خلاف الظاهر[6]. وفي صحيح معاوية: «وإن أصابت إنساناً أو جملاً، ثمّ وقعت على الجمار أجزأك»[7]. -------------------------------------------------- [1]. المنتهي 2: 731، المدارك 8: 7، مفاتيح الشرائع 1: 350، الحدائق 17: 11، الرياض 6: 388، المستند 12: 285. [2]. منها رواية معاوية بن عمّار: الكافي 4: 483، الحديث 5، الفقيه 2: 285، الحديث 1399، وسائل الشيعة 14: 267، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 6، الحديث 1. ومنها رواية أبي بصير: الكافي 4: 483، الحديث 4، الفقيه 2: 285، الحديث 1398، وسائل الشيعة 14: 269، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 7، الحديث 2. [3]. الكافي 4: 483، الحديث 5، الفقيه 2: 285، الحديث 1399، التهذيب 5: 266، الحديث 907، وسائل الشيعة 14: 60، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 6، الحديث 1. [4]. المدارك 8: 8، الذخيرة: 662، مفاتيح الشرائع 1: 350. [5]. المدارك 8: 8، الذخيرة: 662، الحدائق 17: 13، الرياض 6: 389، المستند 12: 286. [6]. المنتهي 2: 731، المدارك 8: 9، الرياض 6: 389، كشف اللثام 6: 124، المستند 12: 286. [7]. الكافي 4: 483، الحديث 5، الفقيه 2: 285، الحديث 1399، التهذيب 5: 266، الحديث 907، وسائل الشيعة 14: 60، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 6، الحديث 1. ـ(472)ـ -------------------------------------------------- فلا بأس، إلاّ إذا كان(1) صلباً فطقرت الحصاة منه وأصابت الجمرة(2). ولو شكّ في الإصابة(3) بني على عدمها. الرابع: أن يرميها على التعاقب لا دفعة(4)واحدة، ويستحبّ أنيكون حالالرمي راجلاً(5) (1) كأنّه لانصراف الإطلاق عنه، ولظهور صحيح معاوية[1] المتقدّم في غيره. لكن صرّح غير واحد بالصحّة فيه[2]؛ لأنّ الرمي بفعله، مع إمكان ظهور الصحيح فيه[3]. (2) بل يصحّ على الأقوى في هذه الصورة أيضاً. (صانعي) (3) للأصل، مع أنّه لا يظهر مخالف فيه. (4) بلا خلاف كما عن السرائر[4]، بل إجماعاً، كما عن الخلاف وغيره[5]. (5) كما هو المشهور[6]، ويستفاد من جملة من النصوص الحاكية لفعل النبيّ (صلّى الله عليه وآله)[7] وغيره من الحجج (عليهم السلام)[8]، لكنّها معارضة بغيره[9] الحاكية عنهم (عليهم السلام) الركوب، غير أنّ بعض الأولى أظهر في استحباب المشي، فلاحظ خبر عنبسة[10]. -------------------------------------------------- [1]. الكافي 4: 483، الحديث 5، وسائل الشيعة 14: 60، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 6، الحديث 1. [2]. المنتهي 2: 731، الدروس 1: 428، الجواهر 19: 105. [3]. الكافي 4: 483، الحديث 5، الفقيه 2: 285، الحديث 1399، التهذيب 5: 266، الحديث 907، وسائل الشيعة 14: 60، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 6، الحديث 1. [4]. السرائر 1: 608. [5]. الخلاف 2: 352، جواهر الفقه: 44، كشف اللثام 6: 125، الجواهر 19: 106. [6]. التهذيب 5:267، النهايةونكتها 1:539، الجمل والعقود: 150، الشرائع 1: 234، الجامع للشرائع: 210، المدارك 8:13، الجواهر19: 110. [7]. التهذيب 5: 267، الحديث 912، الاستبصار 2: 298، الحديث 1066، وسائل الشيعة 14: 63، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 9، الحديث 1. [8]. الكافي 4: 486، الحديث 4 و5، التهذيب 5: 267، الحديث 913، وسائل الشيعة 14: 63، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 9، الحديث 2 و4و 5. [9]. التهذيب 5: 267، الحديث 908 و910، الاستبصار 2: 298، الحديث 1062 و1064، وسائل الشيعة 14: 82، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 8، الحديث 1 و3. [10]. الكافي 4:485، الحديث 3، التهذيب 5:267، الحديث 913، وسائل الشيعة 14:63، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 9، الحديث 2. ـ(473)ـ -------------------------------------------------- لا راكباً، وعلي طهارة(1)، بل هو الأحوط، وأن يستدبر القبلة، ويستقبل(2) الجمرة، ويبعد عنها بعشرة أذرع(3)، والأفضل خمسة عشر ذراعاً، ويقول(4) إذا كانت الحصيات (1) كما هو المشهور[1]، وفي الصحيح: «يستحبّ أن ترمي الجمار على طهر»[2]، وفي الخبر[3] ما هو صريح في جواز تركه، وعليهما يحمل ما هو ظاهر في الوجوب[4] ولأجله يضعف ما عن المفيد والسيّد[5] من الوجوب. (2) كما هو المشهور[6]، ودليله غير ظاهر، وفي صحيح معاوية[7] الأمر برميها من قبل وجهها، والنهي عن رميها من أعلاها. وفيه إشكال. (3) للصحيح: «وليكن في ما بينك وبين الجمرة قدر عشرة أذرع، أو خمسة عشر ذراعاً»[8]. (4) كما في صحيح معاوية[9]. -------------------------------------------------- [1]. الدروس 1: 431، التذكرة 8: 226، المدارك 8: 9، كشف اللثام 6: 118، المستند 12: 287، الجواهر 19: 107. [2]. الكافي 4: 478، الحديث 1، التهذيب 5: 198، الحديث 661، وسائل الشيعة 14: 56، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 2، الحديث 3. [3]. التهذيب 5: 198، الحديث 660، الاستبصار 2: 258، الحديث 912، وسائل الشيعة 14: 57، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 2، الحديث 5. [4]. الكافي 4: 482، الحديث 10، التهذيب 5: 197، الحديث 659، الاستبصار 2: 258، الحديث 911، وسائل الشيعة 14: 56، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 2، الحديث 1. [5]. المقنعة: 417، جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضي): 168. [6]. المبسوط 1: 369، السرائر 1: 591، الوسيلة: 180، المنتهي 2: 731، الشرائع 1: 234، المدارك 8: 14، الجامع للشرائع: 210، المختصر النافع: 89، المستند 12: 292، جواهر الكلام 19: 112. [7]. الكافي 4: 478، الحديث 1، التهذيب 5: 198، الحديث 661، وسائل الشيعة 14: 58، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 3، الحديث 1. [8]. الكافي 4: 478، الحديث 1، التهذيب 5: 198، الحديث 661، وسائل الشيعة 14: 58، كتاب الحجّ، أبواب رمي جمرة العقبة، الباب 3، الحديث 1. [9]. نفس المصدر. ـ(474)ـ -------------------------------------------------- في يده، والأولي(1) أن تكون اليسرى: «اللّهم إنّ هذه حصياتي فاحصهنّ لي، وارفعهنّ في عملي»، ثمّ يضع الحصاة(2) على الإبهام ويدفعها بظفر السبابة، وعند(3) رمي كلّ حصاة يقول: «الله أكبر. اللّهم ادحر عنّي الشيطان. اللّهم تصديقاً بكتابك، وعلى سنّة نبيّك (محمّد (صلّى الله عليه وآله))، اللّهم اجعله لي حجّاً مبروراً، وعملاً مقبولاً، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً» فإذا أكمل الرمي(4) ورجع إلى منزله في منى يقول: «اللّهم بك وثقت، وعليك توكّلت، فنعم الربّ، ونعم المولي، ونعم النصير».
|