|
حكم المصدود عن الحجّ
فالمصدود(4): هو الممنوع بعد إحرامه بحجّ أو عمرة، إمّا عن الموقفين(5)، أوعن(6) دخول مكّة(7) بحيث لا يمكّنه
(1) هذا وما بعده تضمّنه مرسل من لا يحضره الفقيه[1]. (2) للنبويّ، والصادقي[2]: «ماء زمزم لما شرب له»، قال في نجاة العباد: «روي أنّ جماعة من العلماء شربوا منه لمطالب مهمّة كتحصيل علم وقضاء حاجة وشفاء علّة، وغير ذلك، فنالوها»[3]. (3) في الخبر: «كان النبيّ (صلّى الله عليه وآله) يستهدي من ماء زمزم وهو بالمدينة»[4]. (4) في صحيح معاوية: «المحصور غير المصدود» وقال (عليه السلام): «المحصور هو المريض والمصدود هو الذي يردّه المشركون، كما ردّوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ليس من مرض. والمصدود تحلّ له النساء، والمحصور لا تحلّ له النساء»[5]. (5) إن كان حاجّاً. (6) إن كان معتمراً، أوحاجّاً كما يأتي. (7) إن كان معتمراً اتّفاقاً[6]، بل الظاهر الاتّفاق عليه لو كان المنع عن مناسكها بعد دخولها. أمّا لو منع -------------------------------------------------- [1]. الفقيه 2: 135، الحديث 573، وسائل الشيعة 13: 245، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 20، الحديث2. [2]. الفقيه 2: 135، الحديث 573، وسائل الشيعة 13: 245، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 20، الحديث 2. [3]. نجاة العباد: 163، هداية الناسكين: 242. [4]. الفقيه 2: 135، الحديث 575، وسائل الشيعة 13: 245، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 20، الحديث 4. [5]. الكافي 4: 369، الحديث 3، الفقيه 2: 304، الحديث 1512، التهذيب 5: 423، الحديث 1467، المقنع: 77، معاني الأخبار: 223، وسائل الشيعة 13: 177، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصدّ، الباب 1، الحديث 1. [6]. المنتهي 2: 846، التذكرة 8: 391، الدروس 1: 480، المدارك 8: 392، الذخيرة: 700، الرياض 7: 229، كشف اللثام 6: 301. ـ(603)ـ -------------------------------------------------- الطواف والسعي آخر وقتهما ولو بالاستنابة(1)، فيتحلّل عن إحرامه بالهدي(2) عن الطواف خاصّة أوالسعي ففيه الكلام الآتي إذا لم تمكّن الاستنابة، وإن أمكنت الاستنابة تعيّنت لا غير كما يأتي في نظيره. (1) إذا صدّ عن مكّة خاصّة بعد الإتيان بمناسك منى، فإن أمكنه الاستنابة في الطواف والسعي فالظاهر أنّه لا إشكال عندهم في وجوبها، وعدم مشروعيّة التحلّل بالهدي، وكأنّه لأنّ أدلّة الاستنابة حاكمة على أدلّة الصدّ؛ لإمكان الفعل حينئذٍ ولو بنحو النيابة. أمّا مع عدم إمكانها ففي الدروس: «بقي على إحرامه بالنسبة إلى النساء والطيب»[1]. ونسب إلى غيرها ـ وإن لم تتحقّق النسبة ـ بالنسبة إلى بعضه. وكيف كان، فاستدلّ له بقصورالأدلّة عن إثبات التحلّل بالهدي بالإضافة إلى بعض دون بعض، وبذلك امتاز الفرض عن صورة الصدّ عن مناسك منى بعد الموقفين ومكّة كما يأتي. وفيه: أنّ الظاهر من النصوص جواز التحلّل بالهدي في كلّ موضع كان الصدّ فيه عن الحجّ؛ سواء كان هو تمام المحلّل، كما في الفرض الآتي، أم بعضه، كما في الفرض، ولذا اختار في كشف اللثام والروضة والجواهر وغيرها[2] إجراء حكم الصّد ههنا أيضاً. (2) كما هو المشهور[3]؛ للأصل، والنصوص الحاكية لفعل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) له في «الحديبيّة»، ففي صحيح معاوية: «إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين صدّه المشركون يوم الحديبيّة نحر وأحلّ ورجع إلى المدينة»[4]. وموثّق زرارة: «المصدود يذبح حيث صدّ ويرجع صاحبه فيأتي النساء»[5]. وعن الحلّي وغيره[6] التحلّل بدونه؛ للأصل، وقصور النصوص عن الدلالة على الوجوب، إذ الفعل مجمل والجملة الخبريّة في الموثّق وغيره غير ظاهرة الوجوب. -------------------------------------------------- [1]. الدروس 1: 481. [2]. كشف اللثام 6: 310، الروضة 2: 372، الجواهر 20: 127، المدارك 8: 293. [3]. النهاية: 282، الخلاف 2: 424، الكافي في الفقه: 218، المهذّب 1: 270، المراسم: 118، الوسيلة: 194، المدارك 8: 289، مفاتيح الشرائع 1: 286، الذخيرة: 700، الرياض 7: 226، كشف اللثام 6: 302، المستند 13: 131. [4]. الكافي 4: 540، الحديث 3، الفقيه 2: 306، الحديث 1517، التهذيب 5: 424، الحديث 1472، وسائل الشيعة 13: 191، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصدّ، الباب 9، الحديث 5. [5]. الكافي 4: 371، الحديث 9، وسائل الشيعة 13: 180، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصدّ، الباب 1، الحديث 5. [6]. السرائر 1: 641، الانتصار: 104. ـ(604)ـ -------------------------------------------------- إمّا يذبحه، أوينحره في محلّ الصدّ(1)، أويبعثه(2) بنيّة التحلّل، فإن ذبحه في محلّ الصدّ فالأحوط أن يكون في يوم النحر(3)، وفيه: أنّ الحكاية من الإمام ظاهرة في الوجوب. وكذا الجملة الخبريّة، كما حقق في محلّه، مع أنّ الأصل غير أصيل؛ إذ المقام مجري لاستصحاب المنع. (1) كما صرّح به في النصوص[1]، ونسب تعيينه إلى جماعة[2]. (2) على التخيير بينه وبين الأوّل، ولم يستبعده في الجواهر[3] بعد أن نسبه إلى الخلاف والمنتهي وغيرهما[4]. وكأنّه حملاً لما في النصوص على الرخصة، وهو في محلّه. وعن الحلبي[5] وجوب البعث كالمحصور، ودليله غير ظاهر إلاّ ظهور الآية الشريفة[6]؛ بناء على عمومها للمصدود، ولكن لو سلّم فلا يصلح أن يخرج به عن صريح النصّ. (3) لما عن الخلاف والمبسوط، وغيرهما[7] من التوقيت به، وكأنّه عملاً بظاهر الآية؛ بناء على عمومها للمصدود، وكون المراد من المحلّ يوم النحر ـ كما عن الشيخ قدسسره[8] ـ لتفسيره بذلك في موثّق زرعة وسماعة: «محلّه منى يوم النحر»[9]. وفيه: أنّ ذلك لا يكفي في الخروج عن ظاهر نصوص المصدود أوصريحها، ففي خبر حمران: «إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين صدّ بالحديبيّة قصّر، وأحلّ ونحر»[10] ونحوه موثّق زرارة[11]. -------------------------------------------------- [1]. وسائل الشيعة 13: 180، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصد، الباب 1. [2]. الدروس 1: 479، المسالك 2: 389، المدارك 8: 286، الرياض 7: 226، كشف اللثام6: 302. [3]. الجواهر 20: 117. [4]. الخلاف 2: 424، المنتهي 2: 847، التحرير 1: 122. [5]. الكافي في الفقه: 218. [6]. «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للّهِِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ...» البقرة (2): 196. [7]. الخلاف 2: 328، المبسوط 1: 333، الكافي في الفقه: 218. [8]. الخلاف 2: 328، المبسوط 1: 333. [9]. التهذيب 5: 423، الحديث 1470، وسائل الشيعة 13: 182، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصدّ، الباب 2، الحديث 2. [10]. الكافي 4: 368، الحديث 1، وسائل الشيعة 13: 186، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصدّ، الباب 6، الحديث 1. [11]. الكافي 4: 371، الحديث 9، وسائل الشيعة 13: 180، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصدّ، الباب 1، الحديث[5]. ـ(605)ـ -------------------------------------------------- وأحوط(1)منه(2) ضمّ الحلق أوالتقصير أيضاً إليه، ولكن ينوي التحلّل عند الذبح(3) (1) على الأحوط وجوبا فيتحلّل من جميع ما حرّم عليه حتى النساء. (صانعي) (2) المحكي عن المقنعة، والمراسم[1] توقّف التحلّل على التقصير، كما في خبر حمران المتقدّم[2]، ومثله مرسل المقنعة[3]. وعن الغنية، والكافي[4]: تعيّن الحلق، كما في رواية عاميّة[5]. وعن الشهيدين[6]: التخيير بينهما، جمعاً بين النصوص. وفي كشف اللثام[7] تمسّك في المقام باستصحاب بقاء الإحرام إلى أن يتحقّق أحدهما، ولكن لايخفي ضعف النصوص كلّها؛ فإنّها ما بين مرسل، ومجهول الرواي، والاستصحاب لايعارض النصوص المطلقة، كما هو ظاهر. (3) وإن كان عدم اعتباره لايخلو من قوّة. (صانعي ) -------------------------------------------------- [1]. المقنعة: 446، المراسم: 118. [2]. الكافي4: 368، الحديث 1، وسائل الشيعة 13: 186، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصدّ، ألباب 6، الحديث 1. [3]. المقنعة: 446. [4]. الكافي في الفقه: 218، الغنية (الجوامع الفقهيّة: 521). [5]. صحيح البخاري 5: 161، سنن البيهقي 5: 215، سنن الكبرى 5: 214. [6]. الدروس 1: 479، المسالك 2: 389. [7]. كشف اللثام 6: 302. ـ(606)ـ -------------------------------------------------- أو النحر، ويجزي عنه(1) هدي السياق، وله أن يبقي على إحرامه(2)، ويتحلّل(3) (1) كما هو المشهور[1]؛ لظاهر بعض النصوص الوارد في المحصور، كصحيح رفاعة[2] وغيره[3]، بناء على عدم الفرق بينه وبين المصدود.[4] وقيل[5]: لا يجزي إذا وجب بالسياق؛ لأصالة عدم التداخل التي يجب الخروج عنها بما تقدّم. وكذا ما عن الدروس[6] من عدم التداخل إذا كان هدي السياق واجباً بنذر ونحوه؛ إذ فيه أيضاً أنّه مخالف لإطلاق النصوص السابقة. نعم، قد تشكل دعوي عدم الفرق بين الصدّ والإحصار؛ إذ الإجماع عليه غير محقّق. نعم، في الجواهر[7]: دعوي الإتفاق ظاهراً عليه، لكن في المختصر النافع[8] اختار الإجزاء في المحصور، وعدمه في المصدود، ونحوها عبارة القواعد[9]. نعم، حكي عن بعض نسخ المختصر النافع: الإجزاء في المقام وربما أوّلت عبارة القواعد، لكن في الاكتفاء بهذا المقدار إشكالاً ظاهراً. (2) في الجواهر: «ظاهرهم الاتّفاق عليه، كما عن بعض الاعتراف به»[10]، وكأنّه لظهور النصوص في الرخصة، لورودها في مقام توهّم الحظر، فلا تدلّ على الوجوب، وهو في محلّه. (3) ما عرفت أنّه حكم من فاته الحجّ؛ لإطلاق دليله. -------------------------------------------------- [1]. المبسوط 1: 333، الخلاف 2: 431، الوسيلة: 193، السرائر 1: 644، المختصر النافع: 100، المنتهي 2: 846، الدروس 1: 479، الجامع للشرائع: 222، المدارك 8: 289، الرياض 7: 223. [2]. الفقيه2: 305، الحديث 1515، وسائلالشيعة13: 186، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصدّ، الباب 6، الحديث 2. [3]. الفقيه 2: 305، الحديث 1513، وسائل الشيعة 13: 187، كتاب الحجّ، أبواب الإحصار والصدّ، الباب 6، الحديث3. [4]. الفقيه 2: 305، المختلف 4: 366، المسالك 2: 390. [5]. الفقيه 2: 305، المسالك 2: 390. [6]. الدروس 1: 477 و480. [7]. الجواهر 20: 122. [8]. المختصر النافع: 124. [9]. القواعد 1: 453. [10]. الجواهر 20: 129. ـ(607)ـ ------------------------------------------------- بعمرة مفردة، ولا يسقط(1) عنه الحجّ بذلك مع استقراره، أوبقاء الاستطاعة إلى القابل، ولو صدّ بعد الوقوفين عن مناسك منى، فإن كان مصدوداً عن دخول مكّة أيضاً طول ذي الحجّة(2) فهو داخل(3) في من عرفت حكمه، وإن اختصّ الصدّ بمناسك منى فمع تمكّنه من الاستنابة يستنيب(4) في الرمي والذبح، ثمّ يحلق، ويتحلّل، ثمّ يأتي ببقيّة المناسك، (1) أرسله جماعة[1] إرسال المسلّمات، وتقتضيه قاعدة الاشتغال وأصالة عدم السقوط. (2) لأنّه وقتها، والصدّ عن الشيء إنّما يتحقّق بالصدّ عنه في تمام وقته، كما في كشف اللثام. ودعوي[2] إطلاق النصوص بنحو يشمل البعض ـ كما في الجواهر[3] ـ ممنوعة، ولذا كان ظاهر كلماتهم عدم التحلّل لو علم انكشاف العدو قبل خروج الوقت. وتحلّله (صلّى الله عليه وآله) يوم الحديبيّة في العمرة التي وقتها العمر يجوز أن يكون من جهة يأسه (صلّى الله عليه وآله) من الانكشاف إلى آخر غاياته، إلى أن يتحلّل ويرجع. وبالجملة: استفادة جواز التحلّل بمجرّد الصدّ في الجملة غير ظاهر. (3) كما عن التذكرة والمنتهي. وعن المسالك والمدارك[4] الميل إليه؛ لإطلاق الأدلّة. قيل:[5] وللأولويّة من التحلّل مع الصدّ عن الجميع، لكن الأخير غير ظاهر. (4) بلا خلاف ـ كما في الرياض[6] ـ لعموم ما دل على الاستنابة فيها مع العذر، وبذلك يخرج عن عموم حكم الصدّ لو تمّ. -------------------------------------------------- [1]. المبسوط 1: 332، المدارك 8: 288، الرياض 7: 252، كشف اللثام 6: 313، المستند 13: 139. [2]. كشف اللثام 6: 310. [3]. الجواهر 20: 126. [4]. التذكرة 8: 391، المنتهي 2: 847، المسالك 2: 391، المدارك 8: 393. [5]. اُنظر المنتهي 2: 847. [6]. الرياض 7: 229. ـ(608)ـ -------------------------------------------------- ولو لم يتمكّن منها ففي جواز التحلّل بالذبح مكانه ـ كالمصدود ـ أوبقائه على إحرامه إلى أن يتحلّل بمحلّله وجهان(1): لا يبعد أرجحيّة الأوّل، لكنّ الاحتياط لا يترك. ولو صدّ عن الرجوع إلى منى للمبيت ورمي الجمار تمّ حجّه(2)، ويستنيب في الرمي إن أمكنه في سنته، وإلاّ ففي القابل، ولو وقف مخالفونا بالموقفين قبل وقته لثبوت الهلال عندهم دوننا، ولم يمكّن التخلّف عنهم حتى في إدراك (1) بل قولان ـ كما قيل ـ أحدهما: ما في المتن، تمسّكاً بعموم الصّد المعتضد بعموم نفي الحرج، وإليه مال في المدارك وكشف اللثام والمستند والرياض والجواهر[1]. وثانيهما: البقاء على إحرامه؛ للأصل، واختصاص نصوص الصدّ بغيره ممّا يفوت الحجّ كليّة بفواته، وأولويّة المقام منه ممنوعة، وعدم نفي الحرج لا يقتضي تشريع التحلّل. (2) ولا يجري حينئذٍ عليه حكم الصدّ إجماعاً عن جماعة، كما في المدارك[2]، وإجماعاً بقسميه عليه، كما في الجواهر[3]؛ لصحّة الحجّ وحصول التحلّل كما سبق. -------------------------------------------------- [1]. المدارك 8: 293، كشف اللثام 6: 310، المستند 13: 138، الرياض 7: 230، الجواهر 20: 126. [2]. المدارك 8: 293. [3]. الجواهر 20: 128. ـ(609)ـ -------------------------------------------------- اضطراريّ الموقفين كان من فوات(1) الحجّ كما تقدّم(2)، وليس من الصدّ عن الموقفين، ويتحلّل(3) عن إحرامه بعمرة مفردة، وكذا(4) كلّ من تعذّر عليه المضيّ في حجّه لمانع ولم يكن ممنوعاً(5) عن دخول مكّة، ولا عن الموقفين.
|