|
كتاب الحج
كتاب الحجّ[1]
وهو من أركان الدين، والدعائم الخمس التي بني عليها الإسلام[2]، وتركه بعد اجتماع شرائط وجوبه من أعظم الكبائر، ويؤدّي إلى سوء الخاتمة، كما ورد: أنّه يقال لتارك الحجّ عند موته: «مت إن شئت يهودياً، وإن شئت نصرانياً»[3]، ولعلّ أن يكون التعبير عنه بالكفر في الكتاب العزيز[4] لذلك. وكيف كان، فنورد المهمّ من أحكامه في مقدّمة: وبابين: وخاتمة(1): -------------------------------------------------------------------------------- [1]. لابأس بالإشارة إلى معنى الحجّ لغةً وشرعاً، أمّا في اللغة: قوله: (وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). (آل عمران (3): 97)، أي قصده والسعي إليه، يقال حَجَجت الموضع أحُجّه حجّاً من باب قتل: قصدته، ثمّ سُمّي السفر إلى بيت اللّه حجاً دون ما سواه، فالحجّ في اللغة، القصد، وفي عرف الفقهاء، قصد البيت للتقرّب إلى اللّه تعالى بأفعال مخصوصة، وبزمان مخصوص، في أماكن مخصوصة. والحجّ فتحاً وكسراً لغتان، ويقال الحجّ بالفتح، المصدر، وبالكسر، الإسم. (مجمع البحرين 1:458). وفي الصحاح، الحجّ: القصد. و رجل محجوج، أي مقصود، وقد حجّ بنو فلان فلاناً، إذا أطالوا الاختلاف إليه. (الصحاح 1:303). أصل الحجّ ، القصدُ للزيارة، خُصّ في تعاريف الشرع بقصد بيت اللّه تعالى إقامة للنسك. فقيل: الحَجّ والحِجّ، فالحَجّ مصدر والحِجّ اسمٌ (المفردات: 218، مادّة حجّ). الحجّ: القصد، حجّ إلينا فلان: أي قدم، وحجّه يحجّه حجاً: قصده، وحججت فلاناً واعتمدته: أي قصدته، ورجل محجوج: أي مقصود. (لسان العرب 2: 226). قال الأزهري: الحجّ: قضاء نسك سنة واحدة، وبعض يكسر الحاء، فيقول الحجّ والحجّة، وقرئ: (وللّه على الناس حجّ البيت) والفتح أكثر. وقال الزجاج في قوله تعالى: (وللّه على الناس حجّ البيت) يقرأ بفتح الحاء وكسرها، والفتح الأصل. (نفس المصدر 2: 227). وقال الزبيدي: الحجّ، القدوم. يقال حجّ علينا فلان: أي قدم. (تاج العروس 2: 16). وسمّي الحجّ حجاً; لأنّ الحاج يأتي قبل الوقوف بعرفة إلى البيت ثمّ يعود إليه لطواف الزيارة ثمّ ينصرف إلى منى، ثمّ يعود إليه لطواف الوداع. وفي العين: قد تكسر الحجّة والحجّ فيقال: حجّ وحجّة... وحجّ عليه فلان، أي قدم، والحجّ كثرة القصد إلى من يعظم. (العين 3:9). وأمّا في عرف الشرع، فقال الشيخ(رحمه الله): الحجّ في اللغة هو القصد، وفي الشريعة كذلك، إلاّ أنّه اختصّ بقصد البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده متعلّقة بزمان مخصوص. (المبسوط 1: 296، الجمل والعقود: 223). وقال ابن إدريس: الحجّ في الشريعة: القصد إلى مواضع مخصوصة لأداء مناسك مخصوصة عندها متعلّقة بزمان مخصوص ليدخل الوقوف بعرفة والمشعر ومنى. (السرائر 1: 506). وفي الجواهر: الحجّ: بفتح الحاء المهملة، وقد تكسر، وإن كان في اللغة هو القصد، أوكثرته إلى من يراد تعظيمه، والكف والقدوم والغلبة بالحجّة وكثرة الاختلاف والتردّد، فقد صار في الشرع على وجه الحقيقة بناء على ثبوتها فيه، أو المجاز فيه، والحقيقة عند المتشرّعة: اسماً لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة، أولقصد البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده، أومع زيادة متعلّقة بزمان مخصوص. وفي الدروس يلزم على الأوّل: النقل، وعلى الثاني: التخصيص، وهو خير من النقل. وفي المسالك الإيراد على طرده بالعمرة، وبكلّ عبادة مقيّدة بمكان مخصوص، وعلى عكسه بأنّ الآتي بالبعض التارك البعض الذي لا مدخل له في البطلان يصدق عليه اسم الحاجّ، فلا يكون الحجّ اسماً للمجموع، كما أنّ المصنّف أورد على الثاني: بأنّه يخرج عنه الوقوف بعرفة والمشعر، لأنّهما ليسا عند البيت الحرام مع كونهما ركنين من الحجّ اجماعاً. (الجواهر 17: 219 ـ 220). [2]. الكافي 2: 15، ج3، وسائل الشيعة 1: 13، كتاب الطهارة أبواب مقدّمة العبادات، الباب1، الحديث 1. [3]. في الروايات لم اعثر عليه بهذه الألفاظ، ويمكن استفادته من صحيح ذريح المحاربي عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: من مات ولم يحجّ حجّة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أومرض لا يطيق فيه الحجّ، أوسلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً. (الكافي 4: 268 الحديث 1، الفقيه 2: 273 الحديث 1333، التهذيب 5: 17 الحديث 49، دعائم الإسلام 1: 288، ثواب الأعمال: 237، التهذيب 5: 462 الحديث 1610، وسائل الشيعة 11: 29، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، الباب 7، الحديث 1). [4]. في قوله تعالى: (وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَاِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العالمَينَ). (آل عمران (3) : 97).
|