|
مسائل
مسائل
ولاختلافه باختلاف الأشخاص والأحوال نحرره في طيّ مسائل: الأُولى: لو كان ذا حرفة يفي عائدها بمعيشته اللائقة به، كان ذلك كافياً في رجوعه إلى الكفاية. الثانية: لو لم يكن له صنعة وحرفة، لكنّه لا يحتاج في تكسّبه اللائق به إلى رأس مال، بل يتجر بأموال الناس بمضاربة ونحوها بوجاهته واعتباره، فهذا أيضاً كاف كسابقه في الرجوع إلى الكفاية. لكن ما يحتاج إليه هاتان الطائفتان من آلات الصنعة وأسباب التكسّب داخلة كلّها في المؤن المتوقّف عليها حصول الاستطاعة. الثالثة: لو كان تكسّبه اللائق به متوقّفاً على رأس مال يتجر به، توقّف استطاعته حينئذ على أن يكون له من رأس المال ما يكفيه عائدة لمعيشته بعد رجوعه. الرابعة: لو لم يكن له كسب وصنعة أصلاً، وكانت معيشته اللائقة به متوقّفة على أن يكون له ضيعة، أو عقار يتعيّش بخراجها، فهذا أيضاً كسابقه في توقّف استطاعته على العقار أو الضيعة الوافي خراجها بمعاشه. الخامسة: لو صارت النيابة عن الأموات في العبادات عملاً له، ويتعيّش بأجرتها، لم يكن هذا من الصنائع الكافية في الرجوع إلى الكفاية، فضلاً عن مثل الحمالة ونحوها من الأعمال الخسيسة المنتهية في نوعها إلى الضرورة، وكذا لو كان له أصدقاء موسرون يعطونه من الأخماس مثلاً، أوالزكوات قدر الكفاية، أوكان له ولد، أووالد موسر ينفق عليه جميع حوائجه، ونحو ذلك، أو تبرّع أجنبيّ بذلك، ولا يندرج شيء من ذلك في الرجوع (1) وإن لم تكن عائلته واجبة النفقة. إلى الكفاية(1). نعم لا يبعد أن يكون يسار الزوج وإنفاقه على زوجته كافياً في ذلك، لكنّه لايخلو عن شوائب الإشكال. السادسة: لايعتبر الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذليّة(2)، وإنّما العبرة فيها ببذل الباذل مؤنة سفره وعياله إلى أن يرجع إليهم دون شيء آخر، ولو كان واجداً لبعض المؤنة وأكملها الباذل ففي الاشتراط به وعدمه وجهان، والأوّل أقوى. السابعة: ما يحتاج(3) إليه بحسب زيّه وشرفه من الألبسة، والأمتعة، وأثاث البيت، والخادم ، وفرس الركوب، والكتب العلميّة، اللائقة به، وغير ذلك حتّى حلي المرأة الشابة، داخلة بأسرها في المؤن المتوقّف عليها حصول الاستطاعة، وكذا نفس دار السكنى أيضاً إذا كان مالكاً لها، ولو لم يكن مالكاً لها، ولكنّه ملك قدر الثمن ودار أمره بين أن يشتريها أو يحجّ به، فإن كانت قناعته بدار الإجارة إزراءً به وهتكاً لشرفه لم يكن مستطيعاً، وإلاّ وجب عليه الحجّ على الأقوى. الثامنة: لو دار أمره بين أن يحجّ بما يجده، أويتزوّج به، فمع شدّة حاجته(4)(5) إلى (1) بل يندرج كلّما فيه; لصدق الاستطاعة عرفاً مع كلّ من تلك الأُمور، وما ذكره(قدس سره) من الحمالة ونحوها مع كون الانتهاء إليها بحسب النوع إلى الضرورة، ففيه: أنّ تلك الخساسة مع أنّها غير شرعيّة بعد ما كانت حلالا ومباحاً، وكانت لتهيئة نفقته ونفقة من يجب نفقته، من زوجته وأولاده، وبعد ما كانت الضرورة للعمل والاشتغال فيمن له حرفة كانت موجودة أيضاً، أنّه بعد ما كان السير إلى الحجّ وعدمه متساويان في الاشتغال بها، فالخساسة والضرورة مع تلك المساواة غير مانعة في صدق الاستطاعة، وإن سلّمنا ما نعيّتهما مع عدم المساواة، كما لا يخفى . (صانعي) (2) لاختصاص أدلّته بالملكيّة، فإطلاق ما ورد في البذليّة محكّم. (3) المدار في ذلك كلّه على العسر والحرج. (4) بحيث يكون تركه حرجاً. (5) بل الظاهر كفاية منازعة النفس; لعدم صدق الاستطاعة معها عرفاً. (صانعي) الزواج لم يكن مستطيعاً(1) ، ولو لم يقع من تركه في الحرام على الأقوى(2). ولو كان عليه دين، فالظاهر توقّف استطاعته على تمكّنه من وفائه وإن(3) كان مؤجّلاً على الأقوى. نعم، في الاستطاعة البذليّة لا يشترط(4) ذلك، وإن كان حالاًّ مطالباً به، (1) لعموم نفي الحرج، خلافاً لجماعة[1]; بناء منهم على عدم معارضة المستحبّ للواجب، وهو كما ترى. (2) بل لا يكفي الوقوع في الحرام إذا لم يكن بالاضطرار إليه، بل لمجرّد الشهوة، وضعف مرتبة العدالة. (3) هذا ظاهر، بناء على اعتبار الرجوع إلى كفاية، وكذا بناء على اعتبار القدرة الشرعيّة; لأنّ وجوب حفظ المال مقدّمة للوفاء، رافع للقدرة على صرفه في الحجّ. ويشكل الحال بناء على غير ذلك، بل اللازم الرجوع إلى قواعد التزاحم وترجيح الأهم، والتخيير مع التساوي. هذا مع مطالبة الدائن، أمّا لو رضي بالتأخير وجب الحجّ ـ حتّى بناء على اعتبار القدرة الشرعيّة ـ إذا لا اقتضاء هنا لوجوب الوفاء ليكون رافعاً للاستطاعة، ولعلّ ما في الصحيح[2] : من وجوب الحجّ على من عليه دين، محمول على ذلك، أومحمول على غير الواجب. نعم، يظهر من غير واحد من النصوص[3] اعتبار اليسار في صدق الاستطاعة، فإن كان التمكّن من الوفاء يصدق معه اليسار كفى في وجوب الحجّ، وإلاّ فلا. (4) إذ لا مال له كي يدّعي وجوب حفظه. ويمكنه الأداء تدريجاً مع عدم المسافرة، فضلاً عمّا عدا ذلك على الأقوى(1). التاسعة: لو ملك ما استطاع به لم يجز(2) إتلافه، ولا إخراجه عن ملكه مع توقّف حجّه عليه، بعد أن هلّ هلال شوال مطلقاً، ولا قبله أيضاً لمن حل عليه أو أنّ الخروج، ولو أتلفه، أوأخرجه عن ملكه لم تجد في سقوط الفرض عنه في الصورتين. نعم لو تلف بآفة سماوية، أو أمر بدفعه في غرامة قهريّة عليه، كما لو جنى خطأً، أو أتلف مالاً لغيره، كذلك سقط عنه الفرض بذلك. أمّا قبل أشهر الحجّ وأوان الخروج، ففي جواز (1) هذا يتمّ بناء على أن وجوب الوفاء مشروط باليسر، فلا يجب لأجله التكسّب ـ كما لعلّه المشهور ـ أمّا بناء على وجوب التكسّب، فإذا أمكنه ذلك في مدّة السفر كان وجوبه مانعاً من تحقّق الاستطاعة. (حكيم ، صانعي) (2) الذي يستفاد من الآية[4]، والنصوص الواردة في عقوبة تارك الحجّ[5]، وترك المبادرة إلى أدائه في عام الاستطاعة[6]، أنّه لا يجوز تفويتها، ولا ينافي ذلك كونها شرطاً لوجوبه; لأنّ الوجوب لا يقتضي حفظ شرطه; إذ يمكن أن يكون الشرط في بقاء الوجوب بقاءها لا من قبل المكلّف. والذي يظهر من كلماتهم أنّ المدار وقت السفر فيجوز التفويت قبله، ولايجوز بعده، وهذا التحديد لايخلو من إشكال; لصدق التضييع بتفويتها قبله أيضاً، فالمدار ينبغي أن يكون عليه، ولعلّ المدار فيه إمكان السفر ولو قبل خروج الرفقة. الإتلاف، أوالإخراج عن الملك، وسقوط الفرض بذلك وعدمه إشكال، والأحوط(1) احتياطاً شديداً تركه. العاشرة: لو شكّ في الاستطاعة الماليّة، أو البذليّة، أوالسربيّة، لزمه الفحص على الأقوى(2)(3)، ولو شكّ في تضرّره بالمسير كفى(4) الخوف المستند إلى المنشأ العقلائي في سقوط التكليف، ولو شكّ في مانع شرعيّ آخر فما لم يعلم به لا يوجب سقوطه(5). الحادية عشر: من استطاع لم يجز(6) أن يحجّ تطوّعاً، ولا نائباً، (1) بل على الأقوى; لأنّ الظاهر كون المناط في عدم جواز التصرّف المخرج هو التمكّن في تلك السنة، الأعمّ من التمكن بعد أن هلّ هلال شوال مطلقاً، أو قبله لمن حلّ عليه أوان الخروج . (صانعي) (2) لا بل على الأحوط . (صانعي) (3) كأنّ الوجه فيه لزوم المخالفة القطعيّة الكثيرة بنحو يعلم لأجله وجوب الاحتياط، فتأمّل. (4) إجماعاً ظاهراً، ويساعده بناء العقلاء، ويؤيّده الروايات الواردة في الموارد المتفرّقة، لكنّ الظاهر من الجميع كونه طريقاً لاموضوعاً، فلو انكشف عدم الضرر، انكشف ثبوت الاستطاعة واقعاً. اللّهم إلاّ أن يكون المنع الظاهري رافعاً للقدرة الشرعيّة، فبناء على اعتبارها في الاستطاعة ترتفع بارتفاعها. (5) وإن كانت الاستطاعة مشكوكة حينئذ، للسيرة القطعيّة على عدم الاعتناء بالشكّ المذكور. (6) للزوم ترك الواجب فوراً. ويفسد(1) حجّه بذلك. أمّا الحجّ المنذور، فإن اتّحد ما نذره بحجّة الإسلام، كما (1) على المشهور[7]، بل في الثاني ادّعي الاتّفاق عليه[8]، ودليله غير ظاهر، فإنّ الأمر بالشيء لايقتضي النهي عن ضده، وصحيح سعد[9] وخبر ابن أبي خلف[10] لايدلاّن على البطلان، بل يحتملان الدلالة على الصحّة، ولذا ذهب إليها جماعة من مشايخنا المعاصرين. نعم، لو كان مفاد اللام في قوله تعالى: ( وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ...)[11] الآية، الملك كان مقتضاها أنّ الحجّ ملك للّه سبحانه، فليس للمكلّف صرفه إلى غيره ولا إيقاع الإجارة عليه; لأنّه يصرف في ما هو لغيره، ولايجوز الإتيان به تطوّعاً; لأنّه تشريع مبطل. وربما يقال: ظهور اللام في الملك وإن كان يقتضيه الجمود على قاعدة التركيب، إلاّ أنّه يأباه أوّلاً: النصوص[12] الواردة في تفسير الآية الظاهرة في أنّ الحجّ كسائر الواجبات الشرعيّة، مثل الصوم، والصلاة المفروضة على العباد. وثانياً: أنّ لازمه وجوب الإتيان به بعنوان الوفاء بالدين زائداً على قصد التقرّب; لأنّه على هذا يكون واجباً بوجوبين: أحدهما الوجوب الذاتي، والآخر الوجوب العرضي، وهو وجوب تسليم كلّ مال إلى أهله، وهو كما ترى مخالفاً للسيرة، والإجماع، والنصوص[13] المتعرّضة للنيّة.ولو بني على عدم وجوبه الذاتي كان اللازم الإتيان به بقصد الأمر البذلي، وفساده أظهر ممَّا قبله، فيتعيّن حمل الكلام على معنى الغاية، نظير قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِِ)[14]. إذا نذرها قبل استطاعته أوبعدها في ذلك العام صحّ، وتأكّد وجوبها(1)(2) بنذره، وتلزمه الكفّارة(3) بتعمّد تركها بلا عذر مطلقاً، ويجب تحصيل الاستطاعة(4) أيضاً مع عدم حصولها في الصورة الأُولى. وكذا لو نذر قبل استطاعته أن يحجّ ذلك العام كيف ما اتّفق، فينطبق منذوره حينئذ بعد الاستطاعة على حجّة الإسلام ويتداخلان، ولو تركه في ذلك العام لزمته الكفّارة أيضاً كما تقدّم ولو تغايراً، كما لو نذر أن يحجّ شكراً لشفاء ابنه، ونحو ذلك، فإن كان نذره بعد حصول الاستطاعة بطل من أصله، وإن كان قبله ففي انحلاله(5) بالاستطاعة، كما تقدّم فيما لو نذر ما ينافي الحجّ أوالمسير، أو صحّته وتقديم(6) المنذور على حجّة الإسلام وتوقّف وجوبها على بقاء الاستطاعة إلى القابل الفعل الخارجي لا يتّحد مع ما في الذمّة إلاّ بقصد الأداء، والتطبيق، فمع عدمه لا يكون هو، فلا مانع من التصرّف فيه بكلّ وجه، ولأجل ذلك نقول: لو آجر نفسه لصوم يوم معيّن عن زيد، فصام ذلك اليوم قضاء عن نفسه صحّ، وكذا لو نذر صوم ذلك اليوم عن زيد; بناءً على أنّ النذر يستوجب جهة وضعيّة، أعني ملكيّة اللّه سبحانه على الناذر أن يصوم، فلا مانع من أن يصوم عن نفسه ويصحّ صومه. (1) بناءً على تعلّق الوجوب من قبل النذر بالحجّ المنذر; لاتّحاد موضوع حجّة الإسلام والنذر، وأمّا بناءً على تعلّق الوجوب من قبله بالوفاء، كما هو الظاهر من أدلّة الوفاء بالنذر، فالتأكّد في غير محلّه . (صانعي) (2) لاتّحاد الموضوعين، فتأمّل. (3) يعني كفّارة حنث النذر. (4) لأنّها قيد المنذور، ولأنّ حجّة الإسلام لا تكون من غير المستطيع. (5) كما عن الذخيرة[15]، وإن كان ظاهر عبارته، التوقّف. (6) قد عرفت[16] أنّه أوفق بالقواعد، وهو المنسوب إلى ظاهر الأصحاب[17]. وجوه، لا يبعد رجحان الأخير; بناء على ما هو الأقوى(1) عن إطلاق ثبوت القضاء في المنذور(2)، وأمّا إذا كان المنذور موسّعاً لم يجز الإتيان به إلاّ إذا أتى بحجّة الإسلام، واحتمال العكس ضعيف غايته. وكذا لو نذره فوريّاً ففوريّاً على الأقوى(3). الثانية عشر: لو لم يكن في بلده مستطيعاً، ومضى بتسكّع[18] ، أولتجارة ونحوها، ثمّ حصلت له الاستطاعة قبل إحرامه(4)، وأحرم مستطيعاً من الميقات، وأتمّه كذلك أجزأه(5) (1) العمدة فيه أنّه مملوك للّه تعالى، فيجب أداؤه كسائر الديون. نعم، يشكل ذلك في المنذور الموقّت; لتعذّر قضائه بفوات الوقت. نعم، الظاهر، الإجماع[19] على قضائه لو لم يأت به في وقته، فهو الدليل لا غير. (2) أو عن غيره، فيكون مانعاً شرعيّاً، والمانع الشرعيّ كالمانع العقلي في استلزامه عدم الاستطاعة . (صـانعي) (3) عرفت[20] أنّ الأوفق بالقواعد لزوم العمل بالنذر، وانتفاء الاستطاعة في عامه. (4) بل، وإن حصلت قبل أحد الموقفين; قضاءً لإلغاء الخصوصيّة من العبد المعتق قبل الموقفين. (صانعي) (5) كما هو المشهور[21]، ويقتضيه عموم الأدلّة[22] وخصوص بعض النصوص[23]. وعن الشهيد الثاني[24]: اعتبار الاستطاعة في بلاده، إلاّ أن يكون إقامته في الثانية على وجه الدوام، أومع انتقال الفرض كالمجاور بمكّة، ودليله غير ظاهر. وكان حجّه حينئذ حجّة الإسلام، وكذا لو كان مستطيعاً جامعاً لجميع الشرائط إلى تمام الأعمال، ثمّ فقد الاستطاعة الماليّة، أوالسربيّة، أوشرطاً آخر بعد فراغه على الأقوى(1) (1) لم يستبعده في العروة[25]، وأمضاه بعض المحشّين عليها[26]، ومال في الجواهر[27] إلى منعه. وفي بعض حواشي العروة[28]: أنّه الأقوى. وما في المتن قطع به في المدارك في مبحث ما به يستقرّ الحجّ، بل قال: «وإلاّ لوجب إعادة الحجّ مع تلف المال في الرجوع، أوحصول المرض الذي يشقّ السفر معه، وهو معلوم البطلان»[29]، والتأمّل يقضي بصحّة ما ذكر، ولا أظنّ أحداً من المسلمين احتمل ذلك، كما في السنين التي وقعت فيها الأخاويف، كالوباء والطاعون، ونحوهما من الأمراض التي يبتلى بها الحجّاج في سفرهم، ومثل قتل القرامطة لكثير من الحجّاج، وكذا العوارض الشخصيّة، الواردة على آحاد الحجّاج من أمراض،وغيرها فإنّ دعوى وجوب الإعادة في جميع ذلك غير مسموعة، وكأنّه لذلك يخرج عمّا دلّ على اعتبار الاستطاعة ذهاباً، وإياباً، فيكون ذلك من باب إجزاء غير الواجب عنه، وكأنّ التحديد بما بعد أفعال الحجّ; لأنّه القدر المتيقّن في الخروج عن إطلاق أدلّة الشرطيّة التي منها يعلم أنّ من لم يسافر إلى الحجّ ـ مع كونه جامعاً للشرائط عند زمان السفر ـ لا يستقرّ الحجّ في ذمّته إلاّ ببقاء الشرائط إلى زمان يمكن فيه العود، عدا الحياة، والعقل، فيكفي في استقراره في الذمّة بقاؤها إلى آخر أزمنة الأفعال. هذا، ولا يبعد أن يقال: إنّ الشرط الفائت إن دلّ على اعتباره دليل بالخصوص ففواته قادح في الإجزاء، وإن كان دليله ما دلّ على أنّ العذر مانع من الوجوب، ففواته غير قادح; لاختصاصه بصورة عدم الإقدام. هذا في المسألة الأولى، وأمّا في المسألة الثانية، وهو ممّا به استقرار الوجوب على تقدير ترك السفر، فالظاهر عدم الفرق بين القسمين المذكورين في توقّف الاستقرار على عدم فوات الشرط. لكن يختصّ ذلك بصورة العلم بالفوات على تقدير السفر، أمّا مع عدم العلم، فاللازم، البناء على الاستقرار ظاهراً; عملاً بأصالة السلامة والبقاء. فالمدار في شرطيّة الاستطاعة وغيرها على اجتماعها عند الإحرام(1)، وبقائها إلى الفراغ عنها، على إشكال في دخول المبيت بمنى في ليالي التشريق أيضاً في ذلك وعدمه، وسيأتي أنّ الأوّل أقوى. نعم لو مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه(2) ذلك عن حجّة الإسلام، لكنّ الأحوط(3) عدم التعدّي إلى سائر الشرائط، فلو زالت استطاعته، أو فقد شرطاً آخر بعد دخوله الحرم، لم يجز ذلك عن حجّة الإسلام على الأحوط(4)، ولو أخّر المضيّ إلى الحجّ عن عام الاستطاعة، توقّف استقرار الحجّ، ولزوم القضاء عليه على كلّ تقدير على حياته(5) جامعاً للشرائط كلّها إلى اليوم (6) الثاني عشر، (1) إلاّ في الرجوع إلى الكفاية، فإنّ تحقّقه حين التكليف بالسير يكون كافياً.(صانعي) (2) بلا خلاف ظاهر[30]، وهو القدر المتيقّن من النصوص[31]، ولو مات بعد الإحرام قبل دخول الحرم فالمشهور[32] عدم الإجزاء، وعن الخلاف، والسرائر[33] الإجزاء. وملاحظة مجموع النصوص شاهدة للأوّل. (3) بل هو الأقوى، اقتصاراً في نصوص الموت[34] على موردها، والرجوع في غيره إلى عموم أدلّة الوجوب الظاهرة في تعيّن الواجب في الوفاء بالغرض، لا أقلّ من جريان أصالة عدم السقوط. (4) على الأقوى . (صانعي) (5) قد عرفت[35] أنّ ذلك يختصّ بما لو علم بأنّه لو سافر مات، أمّا إذا لم يعلم، فاللازم البناء على أصالة السلامة على تقدير السفر. وحينئذ يتحقّق الاستقرار ظاهراً لو مات قبل ذلك ولم يكن قد سافر اعتماداً على الأصل المذكور. لا قبله(1)، ولا بعده(2)، على الأقوى. واللّه العالم. ولنقتصر من مهمّات مسائل الاستطاعة على هذا اليسير. -------------------------------------------------------------------------------- [1]. المبسوط 1: 298، الخلاف 2: 248، الشرائع 1: 164، القواعد 1: 404، الحدائق 14: 107 الإرشاد 1: 310، بل قيل بتقديم النكاح لو خشي وقوع الزنا بتركه، كما في الذخيرة: 560، المنتهى 2: 653. [2]. التهذيب 5: 11، الحديث 27، وسائل الشيعة 11: 140، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ وشرائطه،الباب 50،الحديث2. [3]. وسائل الشيعة 11 : 33 ، كتاب الحجّ ، أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ، باب 8 . [4]. آل عمران (3): 97. [5]. الكافي 4: 268 و269، الفقيه 2: 273، التهذيب 5: 18 و403، وسائل الشيعة 11: 25، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، الباب6. [6]. وسائل الشيعة 11: 25، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، الباب 6. [7]. السرائر 1: 519، المختلف: 259. [8]. المستند 11: 116. [9]. الصحيح صحيح سعيد الفقيه 2: 261، الحديث 1270، وسائل الشيعة 11: 172، كتاب الحجّ، أبواب النيابة في الحجّ، الباب 5، الحديث 3. [10]. الكافي 4: 305، الحديث 2، التهذيب 5: 410/1427، الاستبصار 2: 319، الحديث 1131، وسائل الشيعة 11: 172، كتاب الحجّ، أبواب النيابة في الحجّ، الباب 5، الحديث 1، المستمسك 10: 283. [11]. آل عمران (3): 97. [12]. اُنظر وسائل الشيعة 11 : 16 ، كتاب الحجّ ، أبواب وجوب الحجّ ، الباب2 و 6 و 7 و 8 . [13]. وسائل الشيعة 11: 109، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، الباب 40. [14]. البقرة (2): 196. [15]. الذخيرة: 566. [16]. ص 87. [17]. المختلف 4: 384، المدارك 7: 100، الحدائق 14: 222، الرياض 6: 52. [18]. تسكّع : حجّ متسكعاً، أي : بغير زاد ولا راحلة. (مجمع البحرين 2 : 392 ، سكع)، وفي المسالك : التسكّع لغة التردّد، والمراد به هنا تكلّف الحجّ مع تحمّل المشقّة فيه ; لعدم اجتماع أسبابه، كأنّه يصير بسبب ذلك متردّداً في أمره، متحيّراً في اكتساب رزقه من زاده وراحلته . (المسالك 2 : 122) . [19]. السرائر 1 : 120 ، المدارك 7 : 96 ، الحدائق 14 : 236 . [20]. ص 99. [21]. راجع المستند 11 : 68 . [22]. وسائل الشيعة 11 : 58 ، كتاب الحجّ ، أبواب وجوب الحجّ ، الباب22 . [23]. الفقيه 2: 264، الحديث 1283، وسائل الشيعة 11: 58، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ، الباب22. [24]. المسالك 2: 280. [25]. العروة الوثقى 2: 441، في شرائط وجوب الحجّ، مسألة 29. [26]. العروة الوثقى 4: 391. [27]. الجواهر 17: 301. [28]. كما مرّ. [29]. المدارك 7: 68. [30]. التنقيح 1: 426، مفاتيح الشرائع 1: 300، المدارك 7: 64، المستند 11: 84. [31]. الكافي 4: 276، الفقيه 2: 269، التهذيب 5: 407، وسائل الشيعة 11: 68، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ، الباب26. [32]. النهاية ونكتها 1: 557، المبسوط 1: 323، إيضاح الفوائد 1: 278، جامع المقاصد 3: 143، اللمعة 2: 172، المسالك 2: 143. [33]. الخلاف 2: 390، السرائر 1: 628. [34]. وسائل الشيعة 11 : 68 ، كتاب الحجّ ، أبواب وجوب الحجّ ، الباب26 . [35]. ص 102 .
|