|
مصباح [ 4 ]
مصباح [ 4 ]
[ في جواز صلاة الأموات للمحدث ] يجوز للمحدث صلاة الأموات بالإجماع(1)، والنصوص المستفيضة المعلّلة بأنّها ليست بصلاة، بل هي تسبيح ودعاء(2). [ كيفيّة إطلاق الصلاة عليها: ] واعلم أنّ إطلاق الصلاة على صلاة الأموات والصلاة المعهودة ـ وهي ذات الأركان ـ إمّا بالاشتراك اللفظي، أو المعنوي، أو الحقيقة والمجاز. وعلى الأخير فالمجاز: إمّا شرعيّ أو لغويّ. وربما احتُمل وجهاً آخر، وهو أن يكون في المعهودة حقيقةً شرعيّةً، وفي الأموات حقيقةً لغويّةً(3)، بناءً على عدم هجرها في إطلاقات الشرع بالكليّة. وضعف الثلاثة الأخيرة ظاهر ; فإنّا نقطع بأنّ إطلاق الصلاة على صلاة الأموات ليس باعتبار أنّها فرد لمطلق الدعاء(4)، ولا لأجل مناسبتها له، أو للمعنى الشرعي، فإنّ صلاة الأموات عبادة مخصوصة مشتملة على الدعاء، والمجموع ليس دعاءً، فلا يصحّ إطلاقها عليها باعتبار كونها فرداً من الدعاء، مع أنّ الظاهر هجر المعنى اللغوي بعد ثبوت الوضع الشرعي، وعدم تبعيّة الشارع في هذا الاستعمال لأهل اللغة، وإن لم يهجر. ومنه يعلم: ضعف احتمال كونه مجازاً لغويّاً; لابتنائه على البقاء والتبعيّة. فإنّ المجاز فرع الحقيقة، على أنّ المجاز مشروط بالعلاقة الملتفت إليها حال الاستعمال، ونحن نقطع بصحّة إطلاق اسم الصلاة على صلاة الأموات، من دون ملاحظة العلاقة بينه وبين شيء آخر. وبهذا يسقط احتمال كونه مجازاً شرعيّاً ; فإنّه متوقّف على اعتبار العلاقة بينه وبين المعنى الشرعي حال الإطلاق، فتعيّن أن يكون المصحّح للإطلاق ـ وهو الوضع الشرعي ـ إمّا للمعنى الأعمّ، أو لكلّ من المعنيين على سبيل الاشتراك. وهذا هو الأقرب; لصحّة سلب اسم الصلاة عن صلاة الأموات، والتصريح في الأخبار بأنّها ليست بصلاة(5)، وليس ذلك إلاّ بالنظر إلى الصلاة المعهودة، على أن يكون المسلوب أحد معنيي المشترك دون التسمية مطلقاً. ولو كان اسم الصلاة مقولا عليهما بالاشتراك المعنوي ـ كما يطلق على اليوميّة والكسوف وغيرهما من أنواع الصلاة ـ لما صحّ السلب. وأيضاً، فالظاهر من قوله (عليه السلام): « لا صلاة إلاّ بطهور »(6)، و«لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب »(7)، نفي الحقيقة، أو نفي الصحّة، ولو كانت صلاة الأموات صلاةً داخلةً في المعنى المشترك بين الجميع لم يصحّ إلاّ بالتخصيص، وهو خلاف الأصل. وعلى ما ذكرناه فمتى ورد لفظ «الصلاة» في الخطابات الشرعيّة من غير قرينة، وجب التوقّف، كما هو شأن المشترك، ولو علم إرادة أحدهما انتفى الآخر، وإلاّ كان المشترك مستعملا في معنييه. والغالب القطع بإرادة المعهود، فينتفي الاحتمال الآخر. ويمكن أن يقال: إنّ شيوع استعمالها في اليوميّة كاف في الحمل عليها، ولا ينافي الاشتراك ; فإنّ التوقّف في المشترك مخصوص بتساوي الاستعمالات، كما حقّقناه في موضع آخر. -------------------------------------------------------------------------------- (1). ادّعى الإجماع عليه الشيخ في الخلاف 1: 724، المسألة 545، والعلاّمة في تذكرة الفقهاء 2: 260 ـ 261، ونهاية الإحكام 2: 264، والشهيد في ذكرى الشيعة 1: 440، والكركي في جامع المقاصد 1: 416 ـ 417، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام 1: 266. (2). مرّت الإشارة إلى مصادرها في الصفحة 10، الهامش 4. (3). قال العلاّمة في نهاية الإحكام 1: 307: « فصلاة الجنائز مجاز شرعيّ ولغويّ »، وقال الشهيد الثاني في روض الجنان 2: 467: « والمشهور كونها حقيقةً لغويّةً، مجازاً شرعيّاً ». (4). في « ن »: من مطلق الدعاء. (5). مرّت الإشارة إلى مصادرها في الصفحة 10، الهامش 4. (6). التهذيب 1: 52 / 144، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 83، الاستبصار 1: 55 / 160، باب وجوب الاستنجاء من الغائط والبول، الحديث 15، وسائل الشيعة 1: 365، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 1، الحديث 1. أيضاً راجع: وسائل الشيعة 1: 372، أبواب الوضوء، الباب 4، الحديث 1. (7). عوالي اللآلئ 1: 196، مستدرك الوسائل 4: 158، كتاب الصلاة، أبواب القراءة في الصلاة، الباب 1، الحديث 5.
|