|
|
مصباح [ 14 ]
[ في عدم اختصاص تحريم مسّ القرآن بباطن الكفّ ]
لا يختصّ التحريم بباطن الكفّ، كما في المعتبر(1)، والمنتهى(2)، والذكرى(3)، وجامع المقاصد(4)، ومنهج السداد(5)، ومعالم الدين(6)، والروض(7)،والمدارك(8)،والذخيرة(9)،وشرح الدروس(10)، والبحار(11)، وعيون المسائل(12)، وشارع النجاة(13). وحكى في المنتهى قولا باختصاصه بباطن الكفّ(14)، وتردّد في التذكرة بينه وبين القول بالعموم(15)، وهو ظاهر المهذّب البارع(16). ولا نعرف القول بالاختصاص لأحد من أصحابنا، ولعلّه لبعض العامّة(17). وظاهر الأدلّة هو العموم، وكذا فتوى من أطلق تحريم المسّ من الأصحاب; فإنّ المسّ لغةً وعرفاً يعمّ المسّ بباطن الكفّ وغيره، وإن كان الغالب وقوعه بالأوّل. ومن ثَمّ اتّفقوا على وجوب الغُسل بمسّ الميّت مطلقاً، ولم يقيّده أحد بمسّه بباطن الكفّ. وأيضاً، فإنّ العلّة في الحكم منع الحدث، ولا يختصّ باليد. وربما يظهر من تعليل العموم في كلام الفاضلين(18)،والشهيد(19)، وغيرهم(20) بالمصير إلى اللغة اختصاصه في العرف بباطن اليد. وفي المهذّب البارع التصريح بأنّ ذلك هو العرف(21)، وليس بجيّد; فإنّ العرف قاض بالعموم، وكثرة وقوعه بباطن الكفّ لا تقتضي الاختصاص، ولا تمنع تبادر العموم عند الإطلاق، ولو وضع وجهه أو ذراعه على القرآن وغيره صدق معه اسم المسّ حقيقةً، ولم يصحّ السلب لغةً ولا عرفاً. ويترتّب على ذلك حكم النذر واليمين، نفياً وإثباتاً. وقد يتوهّم من نحو ما في القاموس ـ حيث فسّر المسّ باللمس، واللمس بالمسّ باليد(22) ـ اتّحاد المسّ واللمس واختصاصهما باليد*، وليس كذلك; فإنّ اللمس مأخوذ فيه الإحساس، بخلاف المسّ، ولا يتوقّف حصولهما على المباشرة باليد، بل لا يشترط فيهما الوقوع من ذي اليد. وينبّه على ذلك: قوله تعالى: (أوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ)(23). وقوله: (مِنْ قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ)(24). *. جاء في حاشية «د» و «ش» :«وفي الطراز: «مسّه أفضى إليه بيده من غير حائل، ولمسه مسّه بيده أو مطلقاً»(25). وفي المحيط: «اللمس كناية عن الجماع، وهو اللمس باليد لطلب الشيء، واللمس: مَسُّك الشيء بيدك»(26). وفي الغريبين: «اللمس يكون مسّ البشرة ويكون جماعاً، ومن مسّ البشرة قوله: فلمسوه بأيديهم»(27). وفي المغرب وغيره: «وقولهم أمسّ وجه الماء وأمسّ الطيب مجازاً»(28). وفي النهاية: «مسست الشيء، إذا لمسته بيدك»(29). وفي مجمع البحرين: «والمس: اللمس باليد، ومسسته: أفضيت إليه بيدى من غير حائل. هكذا قيّدوه. ويقال: مسسته إذا لاقيته بأحد جوارحك. مسّ الماءُ الجسد: أصابه»(30). منه (قدس سره). وقوله: (مِنْ قَبْلِ أنْ يَتَماسَّا)(31). وقوله في السامريّ: (فَاذْهَبْ فَإنَّ لَكَ في الْحَيوةِ أنْ تَقُولَ لاَ مِسَاسَ)(32)، أي: لا مسّ ولا لمس. وقوله: (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرْ)(33). وقولهم (عليهم السلام) في الغَسل: «فإذا مسّ جلدك الماء فحسبك»(34). وقول الفقهاء: يحرم ملموسة الأب والإبن(35)، من غير اختصاص باليد. وصحّة قولهم: «مسست الشعر بوجهي»، أو «لمسته به»، من دون اعتبار علاقة ولا مناسبة، فيكون حقيقة في الأعمّ، والأصل عدم النقل. -------------------------------------------------------------------------------- (1). المعتبر 1: 176. (2). منتهى المطلب 2: 154. (3). ذكرى الشيعة 1: 266. (4). جامع المقاصد 1: 232، قال فيه: « المراد بالمسّ: الملاقاة بشيء من البدن »، وقال مثل ذلك في مبحث غسل الجنابة، 1: 267. (5). منهج السداد (مخطوط): 3. (6). معالم الدين في فقه آل ياسين 1: 54. (7). روض الجنان 1: 145. (8). مدارك الأحكام 1: 279. (9). ذخيرة المعاد: 52، السطر 24. (10). مشارق الشموس: 14، السطر 32. (11). بحار الأنوار 81: 57، أبواب الأغسال وأحكامها، الباب 3. (12). عيون المسائل (المطبوع ضمن إثنا عشر رسالة): 26. (13). شارع النجاة (المطبوع ضمن إثنا عشر رسالة): 41. (14). منتهى المطلب 2: 154. (15). تذكرة الفقهاء 1: 136. (16). المهذّب البارع 1: 138. (17). انظر: المغني (لا بن قدامة) 1: 168. (18). المعتبر 1: 176، منتهى المطلب 2: 154. (19). ذكرى الشيعة 1: 266. (20). كالشهيد الثاني في روض الجنان 1: 145، والمحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 2: 124 ـ 125. (21). المهذّب البارع 1: 138، قال فيه: « هل يختصّ المسّ بباطن الكفّ أم اسم للملاقاة ؟ الأوّل هو المعروف ». (22). القاموس المحيط 2: 249 و 251، « لمس » و « مسس ». (23). النساء (4): 43. (24). البقرة (2): 237. (25). الطراز في اللغة (مخطوط)، لا يوجد لدينا الجزء الذي ورد فيه هذا اللفظ. (26). المحيط في اللغة 8: 334 ـ 335، « لمس ». لم يرد فيه: « واللمس: مَسُّك الشيء بيدك ». (27). الغريبين 5: 1703، « لمس »، وفيه: « والملامسة منهما جميعاً مسَّ الذَّكَرِ ويكون جماعاً ومن مسّ البشرة... ». (28). المغرب: 238، « مسس ». (29). النهاية (لابن الأثير) 4: 329، « مسس ». (30). مجمع البحرين 4: 107، « مسس ». (31). المجادلة (58): 3. (32). طه (20): 97. (33). القمر (54): 48. (34). الكافي 3: 22، باب مقدار الماء الذي يجزئ للوضوء، الحديث 7، التهذيب 1: 144 / 381، باب حكم الجنابة، الحديث 72، الاستبصار 1: 123 / 417، باب مقدار الماء الذي يجزي في غسل الجنابة والوضوء، الحديث 10. وسائل الشيعة 1: 485، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء،الباب 52، الحديث 3. (35). انظر: الروضة البهيّة 2: 87، الحدائق الناضرة 23: 510.
|
هوية الكتاب
خدمات الموقع 
الفكر
