|
مصباح [ 2 ]
[ في وجوب المباشرة في الوضوء ]
يجب في الوضوء مباشرة المتطهّر بنفسه لجميع الأفعال المأخوذة فيه(1)، غَسلا ومسحاً، دون المقدّمات، وإن كانت قريبة بالاستقلال. فلو انفرد بها غيره أو شاركه فيها بطل، خلافاً لابن الجنيد، حيث سوّى بين الاستعانة والتولية(2) في استحباب الترك(3)، وهو شاذّ، مخالف لظاهر الكتاب)(4) والسنّة، والوضوءات البيانيّة(5)، وعمل الإماميّة، وإجماعهم عليه، كما في الانتصار(6)، والمعتبر(7)، والمنتهى(8)، ونهاية الإحكام(9)، والروض(10)، وغيرهنّ(11). والأصل: وجوب المباشرة في العبادات، فيجب في الوضوء; لأنّه عبادة مشروطة بالنيّة. وخلاف ابن الجنيد فيه لمنع كونه عبادة ـ كما يدلّ عليه قوله بعدم اشتراط النيّة فيه(12) ـ لا لمنع اشتراط المباشرة في العبادات; فإنّ وجوب المباشرة فيها مسلّم عند الجميع. ولو استقلّ كلّ منهما بالفعل، كما إذا تولّى أحدهما الصبّ والآخر الإمرار، صحّ ما باشره ولغى الآخر، فإنّ الواجب استقلاله في العمل وقد حصل، ولا ينافي ذلك استقلال الغير. ولو نوى الغَسل بالفعلين معاً صحّ ما فعله، وأثم بالتشريع. ولو أمرّ غير اليد، كالعود ونحوه، أو يد الغير، صحّ في الغَسل، لحصوله بإجراء الماء ولو بآلة خارجة، دون المسح، إذ لا يحصل هنا إلاّ بيد المتطهّر، وإن كانت حقيقةُ المسح لاتنافي توسّط الآلة. ولو أمرّ غيره يده بطل فيهما; لأنّ الغير هو المباشر للغَسل والمسح، ويد المتطهّر آلة، وهي غير الفاعل. ولو صبّ الماء على خارج المحلّ فجرى عليه، صحّ الغَسل; لاستناد الجريان إلى فعله وحصول المباشرة به، فإنّ المراد بها هنا ما يعمّ التسبيب، دون المعنى المقابل له المراد في الغصب وغيره. ولو تولّى ذلك غيره لم يصحّ، وإن نوى المتطهّر الغسل به عند جريانه عليه بنفسه; إذ لا عمل له بالأصالة ولا بالتسبيب، وإنّما الفعل للأجنبي; لاستناده إلى الصبّ الذي هو فعله، فهو فعل توليديّ له، ولا أثر للنيّة في فعل الغير، فإنّها لا تصرف الفعل عن فاعله ولو بالتوليد، ولو تلقّى المجري كان هو المباشر للفعل; إذ لا فعل لغيره لغةً وعرفاً. -------------------------------------------------------------------------------- (1). أي: في الوضوء. (2). قال الشهيد الثاني في روض الجنان 1: 126: « المراد بالاستعانة نحو صبّ الماء في اليد ليغسل المتوضّئ به، لاصبّه على العضو، فإنّه تولية». (3). نقل عنه العلاّمة في مختلف الشيعة 1: 135، المسألة 83، و: 139، المسألة 90. (4). يعني به قوله تعالى في سورة المائدة (5): 6. (5). انظر: وسائل الشيعة 1: 387، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 15. (6). الانتصار: 118. (7). المعتبر 1: 162. (8). منتهى المطلب 2: 132. (9). نهاية الإحكام 1: 49. (10). روض الجنان 1: 127. (11). كما في الحدائق الناضرة 3: 95، وفيه القول بعدم الخلاف في وجوب المباشرة. (12). لأ نّ الشهيد في ذكرى الشيعة 2: 105، حكى عنه القول باستحباب النيّة في الوضوء.
|