|
مصباح [ 7 ]
(272) مصباح [ 7 ] [ في أنّ غسل الجنابة واجب لنفسه أو لغيره؟] لا يجب شيء من الأغسال الخمسة لنفسه حتّى غسل الجنابة على أظهر القولين، والقول الآخر: وجوب غسل الجنابة خاصّةً لنفسه. [ الأقوال في المسألة: ] والمشهور بين الأصحاب قديماً وحديثاً هو الأوّل. وهو اختيار المهذّب(1)، والكافي(2)، ومجمع البيان(3)*، ومسائل ابن إدريس(4)، وسرائره(5)، وعزّيّات المحقّق(6)، ------------------------------------- *. جاء في حاشية «ش» و «د»: «قال في المهذّب: «الطهارة الشرعيّة هي استعمال الماء والصعيد على وجه يستباح به الصلاة أو يكون عبادة تختصّ بغيرها». وفي الكافي: «الأحداث المانعة من الصلاة الموجبة للطهارة حال البلوى تسع» وعدّ منها الجنابة. وفي مجمع البيان في قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(7): «معناه إن كنتم جنباً عند القيام إلى الصلاة فتطهّروا بالإغتسال». منه (قدس سره). ------------------------------------- 1 ـ المهذّب (لابن البراج) 1: 19. 2 ـ ذكره في موضعين: الأوّل: الكافي في الفقه: 126، وقد نقل المصنّف قوله في الحاشية، والثاني: الصفحة 133، حيث قال فيه: «وجهة وجوب هذه الأغسال الأحداث المذكورة». 3 ـ مجمع البيان 2: 167. 4 ـ لا يوجد لدينا. 5 ـ السرائر 1: 128. 6 ـ المسائل العزيّة (المطبوعة ضمن الرسائل التسع ): 91. 7 ـ المائدة ( 5 ): 6. (274) والذكرى(1)، ومنهج السداد(2)، والروض(3)، والجامعيّة(4)، وشارع النجاة(5)، والمفاتيح(6)، وشرحيه(7)، وشرح الألفيّة لوالد شيخنا البهائي(8)، وظاهر المبسوط(9)، والشرائع(10)، وزبدة البيان(11)، والمسالك الجواديّة(12)، والأحكام الأسترآباديّة(13). وفي البيان(14) والمسالك الجواديّة(15) والأنوار القمريّة(16): أنّ ذلك هو مذهب الأكثر. وفي زبدة البيان: أنّه مترجّح بالكثرة(17). وفي الذخيرة: أنّ القول بخلافه قول بعض الأصحاب، والقول به مذهب الباقين(18). ------------------------------------- 1 ـ ذكرى الشيعة 1: 194. 2 ـ منهج السداد (مخطوط): 25. 3 ـ روض الجنان 1: 149. 4 ـ المسالك الجامعيّة: 152. 5 ـ شارع النجاة (المطبوع ضمن إثنا عشر رسالة للمحقّق الداماد): 45 ـ 46. 6 ـ مفاتيح الشرائع 1: 52. 7 ـ شرح مفاتيح الشرائع (مخطوط): 50، مصابيح الظلام 4: 36 ـ 37، وانظر: 3: 70. 8 ـ شرح الألفيّة (مخطوط): 78. 9 ـ المبسوط 1: 40. 10 ـ شرائع الإسلام 1: 17، حيث عدّ غسل الجنابة من الأغسال الواجبة، وذكره في عداد سائر الأغسال. 11 ـ زبدة البيان: 18 ـ 19. 12 ـ مسالك الأفهام (للفاضل الجواد) 1: 61 ـ 62. 13 ـ آيات الأحكام (للأسترآبادي) 1: 30. 14 ـ البيان: 36. 15 ـ مسالك الأفهام (للفاضل الجواد) 1: 62، حيث قال: «وقد يرجّح هذا بذهاب الأكثر إليه». 16 ـ الأنوار القمريّة، شرح إثني عشريّة صاحب المعالم (مخطوط ): 116، السطر 10. 17 ـ زبدة البيان: 19. 18 ـ ذخيرة المعاد: 53، السطر 43. (275) وفي الذكرى: «ظاهر كلام(1) الأصحاب أنّ وجوب الغسل مشروط بالغايات، فلا يجب في نفسه، سواء كان عن جنابة أو غيرها»(2). وفي السرائر عن محقّقي هذا الفنّ ومصنّفي كتب الأُصول أنّ الوجه في وجوب الغسل كونه شرطاً في الواجب(3). وفي العزّيّة: «الذي عليه فتوى الأصحاب أنّ الطهارة وجبت لكونها شرطاً في غيرها، فوجوبها موقوف على وجوب ذلك المشروط، وضوءً كانت الطهارة أم غسلا». قال: «ومن متأخّري الأصحاب من أوجب غسل الجنابة وإن لم يكن وصلة إلى غيره... والذي عليه متقدّمو الأصحاب هو أنّ الطهارة(4) بأجمعها لا تجب إلاّ وصلة إلى ما هي شرط فيه، وأنّها قبل وجوب المشروط مندوبة لا واجبة»(5). وفي الروض: «إنّ القول بوجوب غسل الجنابة لنفسه غير معروف لأحد من المتقدّمين، وإنّما هو قول حادث، وإنّ العلاّمة اعترف بذلك في المختلف والمنتهى حيث حكى الخلاف في ذلك عن المتأخّرين»(6). والقول بالوجوب النفسي هو خيرة التحرير(7)، والمختلف(8)، والمنتهى(9)، والمسائل ------------------------------------- 1 ـ «كلام» لم يرد في المصدر. 2 ـ ذكرى الشيعة 1: 194. 3 ـ السرائر 1: 128. 4 ـ في المصدر: الطهارات. 5 ـ المسائل العزيّة (المطبوعة ضمن الرسائل التسع): 91. 6 ـ روض الجنان 1: 152، وفيه: «انّ القول بإخراج غسل الجنابة من بينها غير معروف... حيث أطلق حكاية الخلاف عن المتأخّرين. 7 ـ تحرير الأحكام 1: 93. 8 ـ مختلف الشيعة 1: 159، المسألة 107. 9 ـ منتهى المطلب 2: 256. (276) المدنيّة(1)، والإيضاح(2)، وكنز العرفان(3)، وكفاية الطالبين(4)، ومعالم الدين(5)، والمجمع(6)، والكفاية(7)، وحكاه الشهيد في الذكرى عن الراوندي(8)* وجماعة(9)، والعلاّمة في المختلف(10) والمنتهى(11) عن والده، وولده السعيد في الإيضاح(12) عن ابن حمزة، وهو ظاهر كلامه في الوسيلة، حيث ذكر في الفصل الأوّل منها أنّ عبادات الشرع عشرة، وعدّ منها غسل الجنابة، ولم يذكر غيره من الطهارات(13)، فإنّه يعطي إرادة العبادة الواجبة لنفسها لا بالتبع، لكنّه ذكر قبل ذلك: «أنّ للعبادات الشرعيّة مقدّمات لا تصحّ من دونها، وهي ضربان: تابع لها، وهي الطهارة، وغير تابع، وهو الإسلام» ------------------------------------- * ـ جاء في حاشية «ش» و «د»: «في رجال المنتجب: أنّ للراوندي رسالة شجار الصحابة في غسل الجنابة(14)». منه (قدس سره). ------------------------------------- 1 ـ أجوبة المسائل المهنّائيّة (المسائل المدنيّة): 55. 2 ـ إيضاح الفوائد 1: 47. 3 ـ كنز العرفان (للسيوري ) 1: 23، وفيه: «... الغسل واجباً لنفسه لا للصلاة». 4 ـ كفاية الطالبين: 56، السطر 4. (مخطوطة مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي، رقم 8284). 5 ـ معالم الدين في فقه آل ياسين 1: 52. 6 ـ مجمع الفائدة والبرهان 1: 136، حيث قال: «ولا يبعد كونه لنفسه، لعموم الأدلّة، مع عدم المانع حتّى يخصّص». 7 ـ كفاية الأحكام 1: 19. 8 ـ فقه القرآن 1: 31. 9 ـ ذكرى الشيعة 1: 194. 10 ـ مختلف الشيعة 1: 159، المسألة 107. 11 ـ منتهى المطلب 2: 256. 12 ـ إيضاح الفوائد 1: 47. 13 ـ الوسيلة: 45. 14 ـ الفهرست (للشيخ منتجب الدين): 69، وفيه: «شجار العصابة في غسل الجنابة». (277) ولم يفصّل في الطهارة بين غسل الجنابة وغيره. وحكى الفاضل في الكشف(1) عن السروي(2) اختيار هذا القول، وكلامه في متشابه القرآن مضطرب; فإنّه قال في فقه الكتاب: «إنّ قوله سبحانه: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) يدلّ على أنّ الجنابة علّة في وجوب الغسل; لأنّه أوجب التطهير على الجنب من غير أن يعلّقه بشرط آخر»(3). وقد صرّح فيما يتعلّق بالأُصول منه بأنّ الآية لا دلالة لها على العلّيّة، ولا تفيد التكرار، وفرّق بين الشرط والعلّة بأنّ العلّة مؤثّرة في المعلول بخلاف الشرط، إلاّ أن يكون الشرط مع كونه شرطاً علّة، فيتكرّر بهذا الاعتبار(4). واختلف النقل عن السيّد المرتضى (رحمه الله)، فأسند إليه في المتشابه(5) القول بالعلّيّة ـ كما اختاره ـ أخذاً ممّـا قاله في الذريعة، فإنّه صرّح فيها بأنّ تكرّر الغسل بتكرّر الجنابة; لكونها علّة فيه وموجبة له، لا لأنّ الأمر المقرون بالشرط يدلّ على التكرار، كما ذهب إليه قوم(6). وأنكر ابن إدريس أن يكون ذلك قولا للسيّد، وباعده عن هذه المقالة، وحمل كلامه في الذريعة على إلزام المخالف بمـا يلتزمه من تأثير العلل، وأيّده بما حكاه عن المفيد (رحمه الله) أنّه قال في كتاب أُصول الفقه: «إنّ أكثر المتّفقهة إنّما أوجبوا تكرار الغسل بتكرار الجنابة وتكرار الحدّ بتكرار الزنا; لما ذهبوا إليه من كون الجنابة علّة للغسل، ------------------------------------- 1 ـ كشف اللثام 2: 22. 2 ـ وهو ابن شهرآشوب. 3 ـ متشابه القرآن 2: 160، وفيه: «على من صار جنباً من غير أن علّقه...». 4 ـ متشابه القرآن 2: 142. 5 ـ متشابه القرآن 2: 160. 6 ـ الذريعة 1: 112. (278) والزنا علّة في الحدّ»(1)، فإنّه يشعر بأنّ القول بالعلّيّة مذهب المخالف، وليس قولا للأصحاب. ثمّ حكى عن السيّد في مسائل الخلاف(2) أنّه نقل عن بعض الأصحاب في مسألة الجريدة أنّه قال في جملة كلام له في دفع الاستبعاد عن التعبّد بها: «إنّ الذي تعبّدنا بغسل الميّت وتكفينه هو الذي تعبّدنا بوضع الجريدة معه، وإلاّ فلأيّ معنى أوجب الله تعالى غسل الميّت وقد مات وسقط عنه التكليف(3)، والطهارة إنّما تجب لأداء الفرائض، قال السيّد (رحمه الله): وهذا كلام سديد في موضعه»(4). قال ابن إدريس: «ألا ترى أنّ السيّد (رحمه الله) أورد هذا الكلام ]عن أصحابه(5) إيراد راض به، متعجّب منه. والمقصود بقوله: والطهارة إنّما تجب لأداء الفرائض، وغسل الجنابة طهارة بلا خلاف، فلا يجب إلاّ لذلك»(6). ولا ريب أنّ كلام السيّد هنا أدلّ على تعيين مذهبه ممّـا قاله في الذريعة; فإنّ العلّة في الشرعيّات لا تقتضي امتناع تخلّف المعلول، والعلّة والسبب والموجب ألفاظ متقاربة في المعنى، وقد اتّفق الجميع على إطلاق الأسباب والموجبات على الأحداث، مع تخلّف الطهارة عنها في غير الجنابة، وتحاشي القدماء عن لفظ العلّة لكثرة دورانه بين أصحاب القياس، وإلاّ فهي كالموجب والسبب، على أنّ الذي أثبته السيّد هو العلّة المقتضية للتكرار، وهي غير العلّة التي لا يتخلّف عنها المعلول في الزمان. ------------------------------------- 1 ـ كتاب أصول الفقه، للشيخ المفيد من المفقودات. فإنّا لم نجد هذه العبارة أيضاً في مختصره المسمّاة باسم: التذكرة بأُصول الفقه (المطبوع ضمن مصنّفات الشيخ المفيد). نعم، نقلها عنه ابن إدريس في السرائر 1: 133. 2 ـ هذا الكتاب من المفقودات. 3 ـ في المصدر: سقطت الفرائض عنه. 4 ـ السرائر 1: 134. 5 ـ ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر. 6 ـ السرائر 1: 134، مع تفاوت يسير. (279) وقد حصل بموافقة السيّد تقوية للقول المشهور، وكذا بموافقة من تقدّمه، ومنهم صاحب الكلام المنقول(1) وغيره; فإنّ قوله: «والطهارة إنّما تجب لأداء الفرائض» يدلّ على أنّ ذلك كان شيئاً مسلّماً بين المسلمين، وإلاّ لما حسن الاحتجاج به. والعلاّمة مع مبالغته في القول بالوجوب النفسي، قد توقّف في القواعد(2)، والتذكرة(3)، والنهاية(4)، بل ربما ظهر منه القول بالوجوب الغيري في مفتتح الأخيرين، حيث حكم بوجوب الغسل لغاياته، ثمّ صرّح بأنّ المندوب ما عدا ذلك(5). ومن المتوقّفين: صاحب الإشارة(6)، والذخيرة(7)، والبحار(8)، ومشرق الشمسين(9)، وشارح الإثني عشريّة(10)، وحكاه فيها عن والده، وكذا شارح الدروس مع الميل إلى النفسي(11). ------------------------------------- 1 ـ أي ما نقل السيّد المرتضى في كتابه مسائل الخلاف عن بعض الأصحاب، وتقدّم نقل ابن إدريس عنه في الصفحة السابقة. 2 ـ راجع: قواعد الأحكام 1: 209. 3 ـ تذكرة الفقهاء 1: 8، و 1: 148. 4 ـ نهاية الإحكام 1: 21. 5 ـ تذكرة الفقهاء 1: 8، نهاية الإحكام 1: 21. 6 ـ إشارة السبق: 73، قال فيه: «وهل يعتبر في وجوبه دخول وقت الفريضة لمن لا قضاء عليه أم لا ؟ فيه خلاف». 7 ـ ذخيرة المعاد: 55، السطر 30، فإنّه بعد ذكر القولين وأدلتهما قال: «إنّ القول بوجوب غسل الجنابة لنفسه قويّ والظاهر أنّ له وجوبين: أحدهما لنفسه والآخر مقدّمة للواجب، ولهذا يتضيّق بتضيّق الغاية ويتّسع بسعته» إلى آخره. 8 ـ راجع: بحار الأنوار 81: 39 ـ 40، أبواب الأغسال، الباب 3. 9 ـ مشرق الشمسين: 210 ـ 213، فإنّه بعد ذكر أدّلة الطرفين قال: «فهذا خلاصة ما يقال من الجانبين، فتأمّل في ذلك، وعوّل على ما يقتضيه النظر الصحيح». 10 ـ الأنوار القمريّة (مخطوط): 119، السطر3. 11 ـ مشارق الشموس: 29، السطر 4، فإنّه بعد بيان محلّ النزاع وأدلّة الطرفين: قال: «هذا غاية ما يمكن أن ريستدلّ به على الطرفين، وليس في شيء منها ما تسكن النفس، وتطمئنّ إليه، لكن أصالة براءة الذمّة من الوجوب قبل دخول الوقت، والشهرة بين الأصحاب،... إنّما يقوى طرف الوجوب الغيري». (279) [حجّة القول بالوجوب الغيري:] حجّة المختار ـ مضافاً إلى إجماع القدماء*، كما يستفاد من العزّ يّـة(1)، والروض(2)، والذكرى(3)، وغيرها(4)، مع موافقة أكثر المتأخّرين(5) ـ: الأصل، بمعنى أصالة براءة الذمّة، وأصل عدم التكليف، واستصحاب عدم الوجوب، وأصالة عدم التداخل. ــــــــــــــــــــــــــــــــ *. جاء في حاشية «ش» و «د»: «والطريق إليه النقل والفحص. أمّا الأوّل فقد تكرّر في كلام جماعة من أعيان أصحابنا المحقّقين، منهم الشيخ المحقّق السعيد، أبوالقاسم جعفر بن سعيد طاب ثراه، فإنّه في المسألة الرابعة من المسائل العزّيّة التي سُئل عنها الأمير عزّالدين ـ وجملتها تسع مسائل ـ قال: «الذي عليه فتوى الأصحاب أنّ الطهارة وجبت لكونها شرطاً في غيرها، فوجوبها موقوف على وجوب ذلك المشروط، وضوءاً كانت الطهارة أو غسلاً. ومن المتأخّرين من أوجب غسل الجنابة خاصّة، وإن لم يكن وصلة إلى غيره، فأجاز ايقاعه بنيّة الوجوب أيّ وقت كان، وربما سقط هذا البحث على ما نختاره من الاجتزاء بنيّة القربة في الطهارة. وينبغي هنا أن نستدلّ لما عليه متقدّمو الأصحاب، وهو أنّ الطهارة بأجمعها لا تحبّ إلاّ وصلة لما هي شرط فيه وقبل وجوب المشروط تكون مندوبة». قال: «ويدلّ على ذلك النصّ والعقل»(6). ------------------------------------- 1 ـ المسائل العزيّة (المطبوع ضمن الرسائل التسع): 91 ـ 100، وقد ذكر المصنّف قوله في الحاشية الآتية. 2 ـ روض الجنان 1: 52 و 149. واعلم أنّ المؤلّف سيذكر قول الشهيد الثاني في روض الجنان، في الحاشية الآتية. 3 ـ ذكرى الشيعة 1: 194. 4 ـ كما في جامع المقاصد 1: 263 ـ 264. ويأتي قوله في الحاشية الآتية للمؤلّف. 5 ـ تقدّم نقل أقوالهم في الصفحة 273 ـ 274. 6 ـ المسائل العزّيّة (المطبوع ضمن الرسائل التسع ): 91. (281) ........................................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــ وأطال الكلام في الاستدلال على ذلك، ثمّ حكى استدلال من قال بالوجوب بإطلاق الأمر بالغسل بالوجوب إذا حصل السبب. وأجاب عنه بالحمل على الوجوب المشترط; قال: «فإنّه يطلق عليه الوجوب نظراً إلى وجود سببه، كما يقال: غسل الحيض واجب عند الانقطاع، وكذا قوله (عليه السلام): «إذا نامت العين والسمع وجب الوضوء»(1). وليس الوضوء واجباً ولا الغسل باتّفاق الكلّ إلاّ مع وجوب ما هو وصلة إليه. لايقال: إطلاق الوجوب يقتضي تحقّقه في الحال، فإطلاقه على المشروط قبل حصول شرطه مجاز، لأنّا نقول: هو وإن كان مجازاً لغة مستعمل شرعاً استعمالاً عامّاً، لأنّ التصانيف مملوّة منه أنّ الطهارة من البول واجبة،وكذا من الغائط والريح، ولكن غسل الثياب من النجاسات واجب وغسل الأواني، فيطلق عليها الوجوب إمّا بحسب الاستعمال، أو بحسب إرادة الدخول في الصلاة، فصار ذلك حقيقة عرفيّة، وفي إخراج غسل الجنابة من دون ذلك كلّه تحكّم بارد»(2). وقد يشير إلى ذلك كلامه في المعتبر، فإنّه في مسألة وجوب غسل الحيض عند النقاء، قال: «الطهارة تجب عند وجوب ما لا يتمّ إلاّ بها، كالصلاة والطواف، لكن لما كان الحدث سبب الوجوب أطلق الوجوب عند حصوله، وإن كان وجوب السبب موقوفاً على الشرط ـ كما نقول ـ يجب على الحائض القضاء، وإن كان لا يتحقّق إلاّ مع الطهر، فإذا تحقّق هذا فنحن نريد بالوجوب هنا الوجوب الموقوف على وجوب ما لا يصحّ إلاّ بالغسل»(3). وقال العلاّمة في التذكرة في مباحث نيّة الوضوء: «لا شيء من الطهارات الثلاث بواجب في نفسه، عدا غسل الجنابة على الخلاف، وإنّما يجب بسببين: إمّا النذر وشبهه، أو وجوب ما لا يتمّ إلاّ بها إجماعاً. أمّا غسل الجنابة فقيل إنّه كذلك ; للأصل، وقوله تعالى: (وَإنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(4)، والعطف يقتضي التشريك، ولجواز الترك في غير المضيّق، وتحريمه فيه، والدوران يقتضي بالعليّة. وقيل: لنفسه; لقوله (عليه السلام): «إذا التقى الختانان وجب الغسل»(5)، ------------------------------------- 1 ـ التهذيب 1: 7 / 11، باب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 11، وفيه: «فإذا نامت العين والأُذن والقلب فقد وجب الوضوء»، وسائل الشيعة 1: 245، كتاب الطهارة، أبواب نواقض الوضوء، الباب 1، الحديث 1. 2 ـ المسائل العزّيّة (المطبوع ضمن الرسائل التسع ): 99 ـ 100. 3 ـ المعتبر 1: 226. 4 ـ المائدة (5): 6. 5 ـ الكافي 3: 46، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة، الحديث 2، التهذيب 1: 124 / 311، الحديث 2، الاستبصار 1: 108 / 359، باب أنّ التقاء الختانين يوجب الغسل، الحديث 2، وفي المصادر: «فقد وجب الغسل»، وسائل الشيعة 2: 183، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 6، الحديث 2. (282) ........................................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــ فعلى الأوّل ينوى الوجوب في وقته وكذا غيره من الطهارات، والندب في غيره، وعلى الثاني ينوى الوجوب فيه مطلقاً، وفي غيره من الطهارات في وقته، فلو نوى الوجوب مع ندب الطهارة أو بالعكس أو أهملهما على رأي بطلت»(1). وقال الشهيد في الذكرى: «ظاهر كلام الأصحاب أنّ وجوب الغسل مشروط بهذه الأُمور ـ يعني الغايات التي ذكره ـ، فلا يجب في نفسه، سواء كان من جنابة أو غيرها». قال: «والرواندي وجماعة على وجوبه لا بشرط»(2); للأخبار التي علّق بها الوجوب على حصول أسباب الجنابة. قال: «ويعارض بالأوامر في الوضوء وباقي الأغسال غير المقيّدة بالصلاة، ]...[(3) وهم يوافقون على أنّ المراد بها الوجوب المشروط. والأصل في ذلك: أنّه لمّا كثر علم الاشتراط أُطلق الوجوب وغلب في الاستعمال، فصار حقيقة عرفيّة. قال المحقّق في المصريّة(4): إخراج غسل الجنابة من دون ذلك كلّه تحكّم بارد»(5). قال الشهيد: «وربما قيل: يطرد الخلاف في كلّ الطهارات; لأنّ الحكمة ظاهرة في شرعيّتها مستقلّة»(6). وقال في الدروس: «وتجب الثلاثة أيضاً بالنذر وشبهه، ولايجب شيء منها وجوباً مطلقاً على الأصحّ»(7). وقال في البيان: «والأكثر على انحصار وجوب الطهارة في هذه الأُمور حيث تجب، واستثنى بعضهم غسل الجنابة من البين، وهو تحكّم ظاهر»(8). وقد احتمل العلاّمة في النهاية القول الذي حكاه في الذكرى(9) وأشار إليه في البيان(10) في جملة فروع النيّة، فإنّه ------------------------------------- 1 ـ تذكرة الفقهاء 1: 148 ـ 149. 2 ـ ذكرى الشيعة 1: 194. 3 ـ ورد في المصدر عبارات، لم يذكرها المؤلّف. 4 ـ كذا ورد في الذكرى، والصحيح «العزّيّة»، وقد تقدّم كلامه قبل سطور. 5 ـ ذكرى الشيعة 1: 195 ـ 196. 6 ـ ذكرى الشيعة 1: 196. 7 ـ الدروس الشرعيّة 1: 86. 8 ـ البيان: 36. 9 ـ ذكرى الشيعة 1: 196. 10 ـ البيان: 36. (283) ........................................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــ قال: «لو نوى من لا قضاء عليه قبل دخول الوقت الوجوب لظنّ الدخول، ثمّ ظهر الكذب، فإن كان مع تعذّر العلم صحّ وضوؤه، وإلاّ فلا. ولو نواه مع العلم بعدم دخول الوقت لم يصحّ وضوؤه، ويحتمل ضعيفاً صحّته، بناءً على أنّ الموجب للطهارة هو الحدث، وقد وجد، إلاّ أنّ وقتها يتضيّق عليه بدخول الوقت»(1). وقال في المنتهى، في مباحث الحيض: «المراد بوجوب الغسل هنا وجوبه لأجل الصلاة والطواف الواجبين، أو غيرهما من الأفعال المشروطة(2) بالطهارة، لا أنّه مستقرّ في ذمّتها، وإن كان للنظر فيه مجال; إذ الأمر ورد مطلقاً بالوجوب»(3). وقال الشهيد (رحمه الله) في قواعده: «لاريب في أنّ الطهارة والاستقبال والستر معدودة من الواجبات في الصلاة، مع الاتّفاق على جواز فعلها قبل الوقت، والاتّفاق في الأُصول على أنّ غير الواجب لا يجزئ عن الواجب، فالمتّجه هنا سؤال وهو أن يقال: إنّ أحد الأمرين لازم، وهو إمّا أن يقال بوجوب هذه الأُمور على الإطلاق، ولم يقل به أحد، أو يقال بإجزاء غير الواجب عنه، وهو باطل»(4). وأجاب عن ذلك بأنّ الطهارة ونحوه قبل الوقت لايبقى معه التكليف بها بعد الوقت،; لامتناع تحصيل الحاصل، وليس ذلك من إجزاء المندوب عن الواجب. ثمّ قال: «وهذا الإشكال هو الذي ألجأ بعض العلماء إلى اعتقاد وجوب الوضوء وغيره من الطهارات لنفسه، غير أنّه يجب وجوباً موسّعاً قبل الوقت، وفي الوقت وجوباً مضيّقاً عند آخر الوقت. ذهب إلى ذلك القاضي أبوبكر بن العنبري من الجمهور، وحكاه الرازي في التفسير عن جماعة، وصار بعض الأصحاب إلى وجوب الغسل أيضاً بهذه المثابة»(5). وقال المحقّق الكركي في جامع المقاصد: «طال التشاجر بين متأخّري الأصحاب في أنّ غسل الجنابة هل هو واجب لنفسه؟ بمعنى أنّ حصول الجنابة كاف في وجوبه، أم وجوبه كغيره من الطهارات موقوف على وجوب الغاية التي تطلب لأجلها. فقال المصنّف وجماعة بالأوّل، وقال المحقّق وجماعة بالثاني. والذي يقتضيه النظر أنّ الطهارة ------------------------------------- 1 ـ نهاية الإحكام 1: 33. 2 ـ في المصدر: «من الأفعال الواجبة المشروطة». 3 ـ منتهى المطلب 2: 367. 4 ـ القواعد والفوائد 2: 63. 5 ـ القواعد والفوائد 2: 65 ـ 66. (284) وظاهر الكتاب(1)، كما يفصح عنه تصدير الآية باشتراط القيام إلى الصلاة، وذكر الوضوء والغسل والتيمّم عقيب ذلك، فإنّ المتبادر والمُنساق منه إلى الفهم ارتباط الشرط المذكور بالجميع، واعتباره في الكلّ، فكأنّه قيل: إذا قمتم إلى الصلاة فإن كنتم جنباً فاطّهروا. والآية مسلّطة على فهم ذلك، بل لا يكاد يختلج في الوهم غيره إلاّ بعد تدقيق النظر في الاحتمالات البعيدة، والوقوف على التشكيكات السانحة، كما يظهر ذلك بالامتحان والعرض على الأذهان الخالية عن الشبه. وبناء هذا الظاهر على أنّ الواو في قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) للعطف، وأنّ الجملة المعطوفة على جواب الشرط الأوّل وهو قوله: (اغْسِلُوا)، أو على شرط مقدّر مفهوم من المقابلة، وهو: إن كنتم محدثين بالأصغر وإن لم تكونوا جنباً. ولم يذكر لكونه الغالب في أحوال القائمين إلى الصلاة، كما لم يذكر نظيره المعلوم بالمقابلة; لعدم ـــــــــــــــــــــــــــ لم تطلب عند الشارع إلاّ للعبادة المشروطة بها، كما يرشد إليه الآية في تصديرها بقوله عزّ اسمه: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَة) ويشهد له إطباق الأصحاب على ذلك في باب الطهارات، وقطع النظر عن جميع النظائر بمجرّد الحجج المحتملة بعيد عن أنظار الفقهاء. ومن ثمّ قال المحقّق في المسائل المصريّة: إخراج غسل الجنابة من دون ذلك تحكّم بارد»(2). وحكى الشهيد الثاني في الروض الإجماع على أنّ وجوب الوضوء مشروط بالصلاة(3)، ثمّ الاتّفاق على أنّ وجوبه ووجوب الأغسال هو الوجوب المشروط، ونفى الخلاف في أنّ غير غسل الجنابة واجب لغيره لا لنفسه(4). وبالجملة فحكاية الإجماع متكرّرة في كلامه». منه (قدس سره).------------------------------------- 1 ـ عطف على قوله: الأصل، في الصفحة: 280 عند قوله: «حجّة المختار... الأصل». والمراد من الكتاب هو قوله تعالى في سورة المائدة (5): 6. 2 ـ جامع المقاصد 1: 263. 3 ـ روض الجنان 1: 52. 4 ـ روض الجنان 1: 149. (285) وجود الماء في التيمّم، وحينئذ فيكون الآية على نظم واحد في الطهارات الثلاث ويكون الوجوب في الجميع وجوباً بالغير. ومقابل الظاهر جعل الواو للاستئناف، أو للعطف على الشرط المذكور، وهو قوله: (إِذَا قُمْتُمْ)، فلا يكون داخلا تحت القيام إلى الصلاة، ويكون الكلام في قوّة أن يقال: يا أيّها الذين آمنوا إن كنتم جنباً فاطّهروا، فيدلّ على أنّ الغسل واجب لنفسه لا لغيره. ويشهد للأوّل: ظهور الواو في العطف، مع أولويّة العطف على الأقرب، ملفوظاً كان أو مقدّراً، وتوسيط حكم الغسل بين الوضوء المشروط بالقيام إلى الصلاة بنصّ الآية، والتيمّم المشروط به بالإجماع ـ كما قيل(1) ـ وأنّ الآية دلّت على وجوب التيمّم بدلا عن الوضوء والغسل معاً بصيغة واحدة، وهي قوله: (فتيمّموا)، فلو اختلف الوجوب فيهما وكان في أحدهما نفسيّاً وفي الآخر غيريّاً وجب اختلاف حكم التيمّم باختلاف ما هو بدل عنه، ضرورة امتناع بدليّة الواجب لنفسه عن الواجب لغيره من حيث هما كذلك، وبالعكس. وهذا مع بُعده ـ سواء قصد باللفظ الواحد إفادة المعنيين أو أُريد به القدر المشترك بينهما ـ فاسد من جهة العطف; فإنّ الجملة المتضمّنة لحكم التيمّم إن عطفت على الشرطيّة المذكورة كان التيمّم واجباً لنفسه مطلقاً، وإن عطفت على الشرط المقدّر أو جواب الشرط المذكور كان واجباً لغيره كذلك، ولا ثالث لهذين الوجهين، ولمّـا بطل الأوّل بدلالة الآية على وجوب الوضوء لغيره تعيّن الثاني، ردّاً للمشتبه إلى المعلوم، فيكون التيمّم بدلا عن الغسل واجباً لغيره، ويلزمه وجوب الغسل كذلك بالبيان المتقدّم، مع لزوم التفكيك في العطف لولا ذلك، على أنّ اللازم ممّـا ذكروه عدم الإشعار في الآية بتوقّف الصلاة على الغسل أصلا، بل الإشعار بالعدم بجعله مستقلاًّ في مقابلة الوضوء الذي جعل تابعاً، مع أنّ المهمّ للمكلّفين هو ------------------------------------- 1 ـ ذخيرة المعاد: 54، السطر 18. (286) العلم بوجوبه للصلاة كوجوب الوضوء لها ; لأنّه المحتاج إليه في أغلب الأحوال والأوقات، بخلاف الوجوب النفسي الذي لا يحتاج إلى العلم به إلاّ في نادر منها، كظنّ الوفاة، فإنّه ـ على القول به ـ وجوب موسّع لا يقتضي إثماً بالتأخير ولا معصيةً بالترك ما دام المكلّف حيّاً ظانّاً للبقاء. وأمّا التضيّق بتضيّق الصلاة ونحوها، فمع عدم ظهوره من الآية ـ كما هو الظاهر ـ خلاف التحقيق ; فإنّ المتضيّق به إنّما هو الوجوب للغير لا الوجوب النفسي، كما تقدّم بيانه مشروحاً، وهذا بخلاف ما إذا جعل حكم الغسل مندرجاً في القيام إلى الصلاة، فإنّ الخطاب حينئذ للقائمين إلى الصلاة في الوضوء والغسل والتيمّم، والآية مسوقة لبيان الحكم المهمّ في الجميع، ومدلولها وجوب الطهارات الثلاث، واشتراط الصلاة بها، كما هو المطلوب. وقد استدلّ غير واحد من الأصحاب ـ ومنهم العلاّمة في المختلف(1) والمنتهى(2) مع قوله فيهما بالوجوب النفسي(3) ـ بقوله تعالى: (وَإنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّروا) على أنّ غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء. وروى ذلك محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: قلت له: إنّ أهل الكوفة يروون عن الإمام عليّ (عليه السلام) أنّه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة. فقال: «كذبوا على عليّ (عليه السلام)، قال الله تعالى: (وَإنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّروا)»(4). -------------------------------------1 ـ مختلف الشيعة 1: 178، المسألة 124. 2 ـ منتهى المطلب 2: 238. 3 ـ تقدّم قوله فيهما في الصفحة 275. 4 ـ التهذيب 1: 146 / 389، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، الحديث 80، وفيه: «كذبوا على عليّ، ما وجدنا ذلك في كتاب عليّ(عليه السلام) قال اللّه...»، وسائل الشيعة 2: 247، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 34، الحديث 5. والآية في سورة المائدة (5): 6. (287) وهذا يستقيم إذا كان حكم الجنابة داخلا تحت الخطاب الأوّل، وهو قوله: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ); إذ على هذا التقدير يكون القائم إلى الصلاة مخاطباً بالغسل إن كان جنباً *، وبالوضوء إن لم يكن، فلا يجب الوضوء على الجنب مع الغسل المراد بالإطهار، كما دلّ عليه الحديث(1)، وحكى عليه في المنتهى(2) اتّفاق المفسّرين. وأمّا إذا عطف على قوله: (إِذَا قُمْتُمْ) فلا دلالة فيه على سقوط الوضوء، بل ظاهره حينئذ ثبوت الوضوء مع الغسل نظراً إلى العموم، وهو خلاف النصّ والإجماع. وقد يستدلّ على أصل المطلب بقوله سبحانه: (أَو لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ)(3); فإنّ المراد به الوطئ، بإجماع الأصحاب(4)، وهو معطوف على قوله: (جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِط)(5)، وقد جُمِعا في إيجاب التيمّم. والوجوب في المعطوف عليه للغير باعتراف الخصم، فيكون في المعطوف كذلك، ويلزمه وجوب الغسل لغيره بمقتضى البدليّة، كما سبق(6). ــــــــــــــــــــــــــــ *. جاء في حاشية «ش» و «د»: «ولو أُريد بالقيام القيام من النوم، كما وردت به الأخبار(7)، واستفاض عليه الإجماع من المفسّرين(8)، كانت الدلالة أوضح، كما مرّ في الوضوء». منه(قدس سره). ------------------------------------- 1 ـ أي: الحديث السابق المروي عن محمّد بن مسلم. 2 ـ منتهى المطلب 2: 238. 3 ـ النساء (4): 43. 4 ـ كما ادّعاه الشيخ في الخلاف 1: 111، المسألة 54، وابن شهرآشوب في متشابه القرآن 2: 158. 5 ـ النساء (4): 43. 6 ـ راجع: الصفحة 284 ـ 285. 7 ـ راجع: وسائل الشيعة 1: 253، كتاب الطهارة، أبواب نواقض الوضوء، الباب 3، الحديث 7، ومستدرك الوسائل 1: 231، كتاب الطهارة، أبواب نواقض الوضوء، الباب 3، الحديث 3 و 4. 8 ـ نقل إجماع المفسّرين السيّد في الانتصار: 119، والمسائل الناصريّات: 134، المسألة 35، والراوندي في فقه القرآن،: 66، والعلاّمة في منتهى المطلب 1: 195، وغيرهم. وقال الشيخ في التبيان 3: 448، أنّه هو الصحيح عندنا. (288) وفي هذا الوجه منع; إذ الخصم إنّما يعترف بأصل الحكم لا بدلالة الآية عليه، لاحتمال أن يكون قوله تعالى: (وَإنْ كُنْتُمْ مَرْضى أوْ عَلى سَفَر)(1) ـ بما عطف عليه ـ عطفاً على قوله (إذا جئتم)(2)، فلا يثبت الوجوب الغيري لمن جاء من الغائط، ولا لما عطف عليه من ملامسة النساء. ويدلّ على وجوب الغسل لغيره من طريق الأخبار: ما رواه الشيخ في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، والصدوق في الفقيه مرسلاً، عنه (عليه السلام)، قال: «إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة، ولا صلاة إلاّ بطهور»(3). والطهور يعمّ الغسل، والعموم مراد في قوله: «ولا صلاة إلاّ بطهور»، فيكون المراد بالأوّل. وفيه تنبيه على وجه الوجوب في قوله: «وجب الطهور»، وإشعار بوجوب مقدّمة الواجب، وأنّها لا تجب إلاّ بعد تعلّق الخطاب بذي المقدّمة. قال في الذكرى: «وهذا الخبر لم يذكره المتعرّضون لبحث هذه المسألة، وهو من أقوى الأخبار سنداً ودلالة، أورده في التهذيب في باب تفصيل واجب الصلاة»(4). وما رواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، والشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن ------------------------------------- 1 ـ النساء (4): 43. 2 ـ كذا في «ش» وفي سائر النسخ: «إذا قمتم»، وفي الكلّ نظر، لأنّ عبارة المتن لم يرد في الآية المباركة من سورة النساء، وقوله (إذا قمتم) ورد في سورة المائدة. وأيضاً لا يكون قوله تعالى (وإن كنتم مرضى)عطفاً على شيء. 3 ـ الفقيه 1: 33 / 67، باب وقت وجوب الطهور، الحديث 1، التهذيب 2: 150 / 546، باب تفصيل ما تقدّم ذكره في الصلاة، الحديث 4، وسائل الشيعة 1: 372، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 4، الحديث 1. 4 ـ ذكرى الشيعة 1: 194. (289) أبي عبد الله(عليه السلام): قال: سألته عن المرأة يجامعها زوجهافتحيض وهي في المغتسل، تغتسل أو لا تغتسل ؟ قال: «قد جاءها ما يفسد الصلاة، لا تغتسل»(1)*. واحتجّ بهذا الحديث ابن إدريس في السرائر(2)، ووصفه العلاّمة في المنتهى(3)، والشهيدان في الذكرى(4) وروض الجنان(5) بالصحّة **، والمشهور حسن الكاهلي لا توثيقه، ولعلّ المراد بها الصحّة الإضافيّة، لتوثيق باقي رجال السند. وما رواه الكليني بسند فيه جهالة، عن سعيد بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): المرأة ترى الدم وهي جنب، أتغتسل من الجنابة، أم غسل للجنابة والحيض؟ فقال: ــــــــــــــــــــــــــــ *. جاء في حاشية «ش» و «د»: «قد أوضح الشهيد الثاني في الروض(6) وجه دلالة الحديث بوجه حسن، فليراجع». منه (قدس سره). **. جاء في حاشية «ش» و «د»: «قال في كشف اللثام بعد إيراده ووصفه بالصحّة: «وهي لاتدلّ على أكثر من السعة»(7)». منه (قدس سره). ------------------------------------- 1 ـ الكافي 3: 83، باب المرأة ترى الدم وهي جنب، الحديث 1، التهذيب 1: 418/ 1224، الزيادات في باب الحيض والاستحاضة والنفاس، الحديث 47، التهذيب 1: 393 / 1128، الزيادات في باب الأغسال، الحديث 210، بتفاوت يسير في كلام الراوي، وسائل الشيعة 2: 203، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 14، الحديث 1. 2 ـ السرائر 1: 128 ـ 129، أورد الحديث هنا مع اختلاف واستدلّ عليه، ورواه في مستطرفات السرائر 3: 610، نقلاً من كتاب محمّد بن عليّ بن محبوب. 3 ـ منتهى المطلب 2: 405. 4 ـ ذكرى الشيعة 1: 194. 5 ـ روض الجنان 1: 150. 6 ـ نفس المصدر. 7 ـ كشف اللثام 2: 21 ـ 22. (290) «قد أتاها ما هو أعظم من ذلك»(1). والتقريب فيهما واضح، وإن أكثر المناقشة فيه جماعة من المتأخّرين(2). ولا يتفاوت الحال بين إمكان ارتفاع الجنابة مع الحيض وعدمه; لبقاء التنبية على ارتباط الغسل بالصلاة، واشتراط وجوبه بوجوبها على التقديرين، ولو قيل بالإمكان ـ كما دلّت عليه موثّقة عمّـار(3) ـ كانت الدلالة فيهما أوضح. وقد ورد في عدّة أخبار موثّقة أنّها تجعلهما غسلا واحداً بعد الطهر(4)، وهي محتملة للرخصة، بل الظاهر أنّ الحمل عليها متعيّن; لعدم وجوب التداخل بعد النقاء. وقوله في رواية الكاهلي: «لا تغتسل»، لا يبعد حمله على عدم وجوب الغسل، لكنّ المشهور عدم ارتفاع حدث الحائض. [حجّة القول بالوجوب النفسي والجواب عنها:] واحتجّوا بقوله تعالى: (وَإنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّروا)(5)، وبالإجماع على وجوب إصباح الصائم على الطهارة(6). والجواب: معلوم ممّـا سبق. ------------------------------------- 1 ـ الكافي 3: 83، باب المرأة ترى الدم وهي جنب، الحديث 3، وفيه: «الجنابة»، وسائل الشيعة 2: 314، كتاب الطهارة، أبواب الحيض، الباب 22، الحديث 2. 2 ـ كالمحقّق الخراساني في ذخيرة المعاد: 55، السطر 3، مشارق الشموس: 30، السطر 1. 3 ـ التهذيب 1: 419 / 1229، الزيادات في باب الحيض والاستحاضة والنفاس، الحديث 52، الاستبصار 1: 147 / 506، باب المرأة الجنب تحيض...، الحديث 5، وسائل الشيعة 2: 264، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 43 الحديث 7. 4 ـ راجع: وسائل الشيعة 2: 263 ـ 264، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 43، الحديث 4 ـ 7. 5 ـ المائدة (5): 6. 6 ـ نقله الفاضل الهندي في كشف اللثام 2: 22. (291) وبالروايات الكثيرة الظاهرة في وجوب الغسل بحصول سببه، كقوله (عليه السلام): «إنّما الماء من الماء»(1)، وقوله (عليه السلام): «إذا التقى الختانان وجب الغسل»(2). والجواب: بورود الأكثر من ذلك في الوضوء وسائر الأغسال والطهارات، والوجه في الجميع واحد، وهو تبادر الوجوب المشروط(3) بها، كما هو المعهود عند المتشرّعة في جميع الأعصار حتّى لا يكاد يفهم من مثله غير ذلك، وأيّ عاقل يفهم من قوله: «إنّما الماء من الماء» وجوب الاغتسال عند ظنّ الموت، ولو كان المستفاد من هذه النصوص الوجوب النفسي لسقطت دلالتها على اشتراط الصلاة بالغسل مع الإطباق على الاستدلال بها على ذلك. وبالجملة، فالمقتضى والمانع مشتركان في الجميع، فلا وجه لتخصيص غسل الجنابة من بينها بهذا الحكم، ومن ثمّ قال المحقّق في العزّيّة: «وإخراج غسل الجنابة من دون ذلك تحكّم بارد»(4). وقال الشهيد في البيان: «إنّه تحكّم ظاهر»(5). وقال المحقّق الكركي: «وقطع النظر عن جميع النظائر بمجرّد الحجج المحتملة بعيد عن أنظار الفقهاء»(6). ------------------------------------- 1 ـ عوالي اللآلئ 2: 203، الحديث 112، صحيح مسلم 1: 166، الحديث 343، سنن النسائي: 59، مسند أحمد 4: 94، الحديث 11434، سنن الترمذي 1: 186، الحديث 112. 2 ـ الكافي 3: 46، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة، الحديث 2، التهذيب 1: 124 / 311، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، الحديث 2، الاستبصار 1: 108 / 359، باب أنّ التقاء الختانين يوجب الغسل، الحديث 2، وفي المصادر: « فقد وجب الغسل»، وسائل الشيعة 2: 183، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 6، الحديث 2. 3 ـ في «د»: لمشروط. 4 ـ المسائل العزّيّة ( المطبوعة ضمن الرسائل التسع ): 100. 5 ـ البيان: 36. 6 ـ جامع المقاصد 1: 263. (292) وقد ينتصر لهذا القول بمثل صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبدالله(عليه السلام)، عن الرجل يواقع أهله، أينام على ذلك؟ قال: «إنّ الله يتوفّى الأنفس في منامها، ولا يدري ما يطرقه من البَليّة، إذا فرغ فليغتسل»(1). ورواية سماعة، سأله عن الجنب يُجنِب ثمّ يريد النوم، قال: «إن أحبّ أن يتوضّأ فليفعل، والغسل أحبّ إليَّ وأفضل»(2). ورواية عمّـار عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن المرأة يواقعها زوجها، ثمّ تحيض قبل أن تغتسل، قال: «إن شاءت أن تغتسل فعلتْ، وإن لم تفعل فليس عليها شيء، إذا طَـهُرت اغتسلت غسلا واحداً للحيض والجنابة»(3). وما رواه البرقي في المحاسن، عن معاذ بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه سأله عن الدين(4) الذي لا يقبل الله من العباد غيره، ولا يعذرهم على جهله، فقال: «شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والصلوات الخمس، وصيام شهر رمضان، والغسل من الجنابة، وحجّ البيت، والإقرار بما جاء من عند الله جملةً، والائتمام بأئمّة الحقّ من آل محمد (صلى الله عليه وآله)»(5).------------------------------------- 1 ـ التهذيب 1: 395 / 1137، الزيادات في باب الأغسال، الحديث 30، وسائل الشيعة 2: 228، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 25، الحديث 4. 2 ـ الكافي 3: 51، باب الجنب يأكل ويشرب ويقرأ...، الحديث 10، وفيه: «سألته عن الجنب»، التهذيب 1: 393 / 1127، الزيادات في باب الأغسال، الحديث 20، وفيه: «والغسل أفضل من ذلك»، وسائل الشيعة 2: 228، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 25، الحديث 6. 3 ـ التهذيب 1: 419 / 1229، الزيادات في باب الحيض والاستحاضة والنفاس، الحديث 52، الاستبصار 1: 147 / 506، باب المرأة الجنب تحيض...، الحديث 5، وسائل الشيعة 2: 264، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 43، الحديث 7. 4 ـ «الدين» لم يرد في المصدر. 5 ـ المحاسن: 288، باب الشرائع، الحديث 433، وسائل الشيعة 1: 28، كتاب الطهارة، أبواب مقدّمة العبادات، الباب 1، الحديث 38. (293) وما رواه الصدوق في العلل، بإسناده عن الحسن بن علي (عليهما السلام)، قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان فيما سأل قال(1): لأيّ شيء أمر الله بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر بالغسل من الغائط والبول؟ فقال (صلى الله عليه وآله): إنّ آدم لمّـا أكل من الشجرة دبّ ذلك في عروقه وشعره وبشره، فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كلّ عرق وشعرة في جسده، فأوجب الله عزّ وجلّ على ذريّته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة، والبول يخرج من فضلة الشراب الذي يشربه الإنسان، والغائط يخرج من فضلة الطعام الذي يأكله الإنسان، فعليه في ذلك الوضوء(2)»(3). وعن محمّد بن سنان أنّ الرضا (عليه السلام) كتب إليه: «علّة غسل الجنابة النظافة لتطهير الإنسان ممّـا أصابه من أذى(4) وتطهير سائر جسده; لأنّ الجنابة خارجة عن كلّ جسده، فلذلك [وجب](5) عليه تطهير جسده كلّه، وعلّة التخفيف في البول والغائط أنّه أكثر وأدوم من الجنابة، فرضي فيه بالوضوء لكثرته ومشقّته ومجيئه بغير إرادة منه [ولا شهوة](6)، والجنابة لا تكون إلاّ بالاستلذاذ منهم والإكراه لأنفسهم»(7). ------------------------------------- 1 ـ في المصادر: «فكان فيما سأله أن قال ». 2 ـ في العلل والأمالي: «فأوجب عليهم في ذلك الوضوء»، وفي الفقيه: «فعليه من ذلك الوضوء». 3 ـ علل الشرائع: 282، الباب 195، الحديث 2، الفقيه 1: 75 /170، باب العلة التي من أجلها وجب الغسل من الجنابة...، الحديث1، أمالي الصدوق: 160، المجلس 35، الحديث 1، وسائل الشيعة 2: 179، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 2، الحديث 2. 4 ـ في المصدر: أصاب من أذاه. 5 ـ ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر. 6 ـ ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر. 7 ـ الفقيه 1: 76 / 171، باب العلّة التي من أجلها وجب غسل الجنابة، الحديث 2، وسائل الشيعة 2: 178، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 2، الحديث 1. (294) وما رواه الطبرسي في الاحتجاج، في حديث الزنديق الذي سأل الصادق(عليه السلام)، قال: أخبرني عن المجوس كانوا أقرب إلى الصواب في دينهم أم العرب في الجاهليّة ؟ فقال (عليه السلام): «العرب كانت أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس،(1) كانت المجوس لا تغتسل من الجنابة، والعرب تغتسل، والاغتسال من خالص شرائع الحنيفيّة». قال: فما علّة غسل الجنابة وإنّما أتى الحلال، وليس من الحلال تدنيس ؟ قال (عليه السلام): «إنّ الجنابة بمنزلة الحيض، وذلك أنّ النطفة دم لم يستحكم، ولا يكون الجماع إلاّ بحركة شديدة وشهوة غالبة، فإذا فرغ تنفّس البدن ووجد الرجل من نفسه رائحة كريهة فوجب الغسل لذلك، وغسل الجنابة مع ذلك أمانة ائتمن الله عليها عبيده ليختبرهم بها»(2). وما رواه في اللباب، قال: وفي الخبر: «إنّ الله تعالى يباهي بمن يغتسل من الجنابة»(3). وما ورد من الأخبار أنّ علّة غسل الميّت خروج النطفة(4). وكذا ما ورد في عدّة روايات أنّ الجنب إذا مات يغسل غسلا واحداً عن غسل الميّت والجنابة معاً(5). ومن هذا الباب قصّة غسيل الملائكة، وهي مشهورة(6). ------------------------------------- 1 ـ ورد هنا في المصدر عبارات أُخرى، حذفها المؤلّف لعدم مناسبتها للمقام. 2 ـ الاحتجاج: 346 ـ 347، باختلاف يسير في بعض عبارات الراوي، وسائل الشيعة 2: 177، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 1، الحديث 14. 3 ـ لبّ اللباب (للقطب الراوندي )، مخطوط، مستدرك الوسائل 1: 488، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 37، الحديث 12، مع تفاوت يسير. 4 ـ راجع: وسائل الشيعة 2: 478، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، الباب 1، الحديث 3 و 4، و: 487، الباب 3، الحديث 4، 5، 6، 7، 8. 5 ـ راجع: وسائل الشيعة 2: 539، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، الباب 31. 6 ـ نقلها الصدوق في الفقيه 1: 159 / 445، باب المسّ، الحديث 46، وسائل الشيعة 2: 506، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، الباب 14، الحديث 2. (295) ويعضد ذلك تسمية الجنب جنباً لبعده ومنعه من الأكل والشرب والنوم وغيرها(1). وهذا منتهى النصرة لهذا القول. والجواب عن ذلك كلّه ظاهر في جليل النظر، فلا نطيل الكلام ببيانه. [وجوب سائر الأغسال غير الجنابة بالغير: ] وأمّا سائر الأغسال(2)، فلا خلاف في أنّ وجوبها بالغير، وقد حكى الإجماع على ذلك جماعة، منهم: المحقّقان الحلّي(3) والكركي(4)، والشهيدان الأوّل(5) والثاني(6)، والعلاّمة في النهاية(7)، لكنّه احتمل في المنتهى، في أحكام الحائض، وجوب الغسل مطلقاً بعد الحكم بخلافه; لإطلاق الأمر به(8)، وضعفه ظاهر. ------------------------------------- 1 ـ نقل في لسان العرب 2: 374، «جنب»، عن ابن الأثير أنّ الجنابة في الأصل: البُعد. وورد التصريح بهذا المعنى أيضاً في الكتب الفقهيّة، كالسرائر 1: 114، والمعتبر 1: 177، وفقه القرآن (للراوندي) 1: 32. 2 ـ الظاهر أ نّ المراد أغسال الأحياء، أمّا الأموات، فكما ذكر الشهيد الثاني في روض الجنان 1: 151، لا خلاف في وجوبه لنفسه. 3 ـ المعتبر 1: 226، المسائل العزّيّة (المطبوعة ضمن الرسائل التسع): 91. 4 ـ جامع المقاصد 1: 263. 5 ـ لم نجد التصريح بالإجماع في كتب الشهيد، والذي في ذكرى الشيعة 1: 194، نسبة ذلك إلى ظاهر الأصحاب، وفي البيان: 36، إلى الأكثر. 6 ـ روض الجنان 1: 149، حيث قال فيه: «والأكثر على أنّ وجوبه (أي غسل الجنابة) مشروط بوجوب شيء من الغايات المتقدّمة، كباقي أغسال الأحياء، إذ لا خلاف بينهم في وجوبها لغيرها». وقال في الصفحة 151: «وأمّا غسل الأموات فلا خلاف في وجوبه لنفسه». 7 ـ نهاية الإحكام 1: 21. 8 ـ منتهى المطلب 2: 367.
|