|
مصباح [ 10 ]
[ في أقسام الأغسال المندوبة بالأصل ]
الأغسال المندوبة بالأصل: زمانيّة، وغائـيّة، وسببيّة. والمراد بالمندوب: المندوب بالأصل وإن وجب بالعارض، وهو ما عدا المندوب من الخمسة المتقدّمة، فإنّها واجبة بأصل الشرع. ولو نذر غسل الجمعة أو غيره من الأغسال المندوبة وجب بالنذر وكان وجوبه نفسيّاً لا للغير، وحكمه حكم المندوب في عدم رفع الحدث وغيره. وقد قسّم الأصحاب الأغسال المندوبة إلى: زمانيّة، ومكانيّة، وفعليّة، وأدخلوا مثل غسل التوبة ورؤية المصلوب وقتل الوزغ في الفعليّة، وصرّحوا بأنّ الأغسال الزمانيّة محلّها الزمان، وأنّ المكانيّة والفعليّة يُؤتى بها قبل دخول المكان والأفعال المقصودة. فورد عليهم النقض بمثل غسل التوبة ما يتأخّر فيه الغسل، والتجأ بعضهم إلى جعله للعمل المتأخّر عنها(1)، ولا يتأتّى مثله(2) في رؤية المصلوب وغيره(3). ومنهم من استثنى هذه الأغسال من إطلاق التقديم(4). وكان الأولى إخراج هذه الأغسال من الفعليّة; فإنّها أغسال سببيّة، فمستحبّ بعد حصول أسبابها لا لغاية متأخّرة، وإدخال المكانيّة في الفعليّة(5); لأنّها مستحبّة لدخول المكان، وهو فعل من الأفعال، والغسل منها متقدّم كغيره من الأغسال الفعليّة، فلذلك غيّرنا القسمة وجعلنا الأقسام زمانيّة، وغائيّة، وسببيّة. والمراد بالغائيّة ما يطلب لغاية، سواء كانت دخول المكان أو غيره. وأفردنا لكلّ من الأقسام حكماً، كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى. والأغسال المندوبة المذكورة هنا ـ عدا المندوب من الخمسة ـ تقرب من مائة، وهذا الجمع من خواصّ هذا الكتاب. والثابتة من هذه الأغسال بالنصّ أو غيره أكثر من ثمانين غسلا، وأمّا المزاد(6)فسيأتي الكلام في ضعف مستند أكثره(7). وما لم يظهر مستنده، كزيادات ابن الجنيد، ففيه احتمال المتابعة; لجواز الظفر بمستند، لكنّها مخالفة للمشهور، وبها يضعّف الظنّ بوصول دليل يعتدّ به، فالأقرب في جميعها انتفاء الندب. -------------------------------------------------------------------------------- (1). هو السيّد السند في مدارك الأحكام 2: 172، والمراد بالعمل المتأخّر عنها هي الصلاة التي يوقعها المكلّف بعد الغسل، كما صرّح به في مدارك الأحكام. (2). أي: لا يتأتّى مثل هذا الالتجاء في الغسل لرؤية المصلوب وغيره. (3). كالغسل لقتل الوزغ. (4). هو الشهيد الثاني في مسالك الأفهام 1: 107، وحاشية شرائع الإسلام: 58. (5). أي: كان الأولى إدخال المكانيّة في الفعليّة. (6). في أكثر النسخ: «المراد»، والصحيح ما في المتن. (7). سيأتي في الصفحة: 552 ـ 560 .
|