|
مصباح [ 29 ]
[ في استحباب غسل ليالي العشر الأخير من شهر رمضان ] ومنها: غسل كلّ ليلة من العشر الأخير; لما رواه في الإقبال من كتاب عليّ بن عبد الواحد النهدي، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغتسل في شهر رمضان في العشر الأواخر في كلّ ليلة»(1). ومن كتاب الأغسال لأحمد بن عيّاش، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «لمّـا كان أوّل ليلة من شهر رمضان قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحمد الله وأثنى عليه(2)، حتّى إذا كان أوّل ليلة من العَشر الأواخر، قام وشمّر(3) وشدّ المئزر وبرز من بيته واعتكف وأحيى الليل كلّه، وكان يغتسل كلّ ليلة منه بين العشائين»(4). تكملة(5): [ آكد الأغسال من الليالي غير الأفراد ] ثمّ إنّه آكد الشفع(6) ليلة الرابعة والعشرين; لورود الأمر بها بالخصوص فيما تقدّم نقله عن فلاح السائل، عن كتاب عمل شهر رمضان لابن أبي قرّة (7). وفي الإقبال، نقلا من(8) كتاب الحسين بن سعيد، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «اغتسل في ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان»(9). وفي الخصال، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري، قال: قال لي أبو عبدالله(عليه السلام): «اغتسل في ليلة أربعة وعشرين ما عليك أن تعمل في الليلتين جميعاً»(10). [ الغسل الآكد مطلقاً: ] ثمّ إنّ الآكد مطلقاً ثالثة القدر; لأنّها من ليالي الأفراد، ومن العشر الأخير، ومن ليالي القدر، وهي أرجاها لهذا الأمر، كما يدلّ عليه حديث الجهني(11) وغيره(12). وفي حديث الخصال المتقدّم ما يشعر بذلك(13). ولم أجد نصّاً في خصوص ليلة الثلاث والعشرين دون الليلتين قبلها سوى رواية بُريد الآتية(14)، ورواية العيص(15) على الظاهر. وروى السيّد في الإقبال نقلا عن كتاب الحسين بن سعيد، بإسناده عن ألامام الصادق(عليه السلام)، قال: «غسل إحدى وعشرين من شهر رمضان سنّة»(16). ومن كتاب محمّد بن علي الطرازي(17)، عن حمّـاد بن عثمان، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان فقال لي: «يا حمّـاد، اغتسلتَ؟» قلت: نعم، جعلت فداك (18)، الحديث. وليس فيهما تصريح بأفضليّة الغسل في هذه الليلة، ولعلّه من باب الحثّ على الأخفى. [ في ليلة الثلاث والعشرين غسلان: ] (واعلم أنّ في ليلة الثلاث والعشرين غسلين، غسلاً من أوّل الليل، وغسلاً من آخره)(19)، قد ذكر ذلك غير واحد من الأصحاب(20); لما رواه الشيخ عن بُريد، قال: رأيته اغتسل في ليلة ثلاث وعشرين مرّتين أوّل الليل وآخره(21). قال في الذكرى: «والظاهر أنّه الإمام»(22). قلت: قد روى ذلك السيّد ابن طاووس في كتاب الإقبال، قال: «وروينا بعدّة طرق، منها بإسنادنا إلى هارون بن موسى، بإسناده إلى بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله، قال: رأيته اغتسل في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان مرّةً أوّل الليل ومرّةً في آخره»(23). وبهذا تخرج الرواية عن القطع. ولعلّ المراد من آخر الليل وقت القيام إلى الصلاة في آخر الليل، كما يشعر به ما رواه العيص عن الصادق (عليه السلام)، قال: سألته عن الليلة التي يطلب فيها ما يطلب، متى الغسل؟ قال: «من أوّل الليل، وإن شئت حين تقوم من آخره»(24). ثمّ إنّ له الاقتصار على أحدهما وعلى غسل آخر في الأثناء، ويمنع منه الغسل في الأوّل، وفي منعه من الأخير وجهان، أشبههما المنع. أمّا جواز الاقتصار على أحد الغسلين فظاهر، لحصول التأسّي بكلّ منهما بانفراده، وكذا الاقتصار على غسل غيرهما في أثناء الليل; لأنّه من أفراد الغسل المطلق المأمور به في النصوص المستفيضة، والظاهر بقاؤها على العموم; لفقد ما يدلّ على الاختصاص بهذين الوقتين. وأمّا أنّه إذا اغتسل من أوّل الليل فليس له الغسل في الأثناء فلحصول الامتثال بالغسل الأوّل، وانتفاء الدليل على شرعيّة التكرار(25) بهذا الوجه. وأمّا الوجهان في منع الواقع في الأثناء من الغسل في الآخر: في دلالة التأسّي على استحباب الغسل في الآخر بخصوصه، فلا يمنع منه غيره، ومن أنّ الفعل لا عموم له، فلا يجوز التعدّي عن مورده، وهو غير متناول للغسل في الآخر، مع وقوع الغسل في الأثناء خصوصاً مع القرب منه; لاحتمال أن يكون للفصل المعلوم دخل في الحكم. ولا ينافي ذلك جواز الاقتصار عليه، مع خروجه عن صورة الفعل المنقول; لدخوله في الغسل المطلق، والقطع بعدم اشتراط الأخير بالأوّل، ولأنّه إذا جاز مع وجوده فمع الانتفاء أولى. وقد علم بما قرّرنا وجه كون المنع هو الأشبه. -------------------------------------------------------------------------------- (1). إقبال الأعمال 1: 358، الباب 25، وسائل الشيعة 3: 326، كتاب الطهارة، أبواب الأغسال المسنونة، الباب 14، الحديث 10. (2). زاد في المصدر هنا عبارات، أسقطها المؤلّف لعدم الحاجة إليها. (3). في المصدر هكذا: «حتّى إذا كان أوّل ليلة من العَشر قام، فحمد اللّه وأثنى عليه وقال مثل ذلك، ثمّ قام وشمّر... »، إلى آخر الحديث. (4). إقبال الأعمال 1: 72 ـ 73، الباب 4، الفصل 6، وسائل الشيعة 3: 326، كتاب الطهارة، أبواب الأغسال المسنونة، الباب 14، الحديث 6. (5). ورد هذا اللفظ في مصحّحة «د» و «ل»، ولم يرد في «ش» و «ن». (6). زاد في هامش «د»: « رابعة العشر وهي»، وشطب عليه في «ل». والمراد بالشفع الليالي غير الأفراد. (7). راجع: الصفحة 428. (8). كذا في النسخ. (9). إقبال الأعمال 1: 388، الباب 28، مستدرك الوسائل 2: 510، كتاب الطهارة، أبواب الأغسال المسنونة، الباب 9، الحديث 2. (10). الخصال 2: 508، باب السبعة عشر، وسائل الشيعة 3: 305، كتاب الطهارة، أبواب الأغسال المسنونة، الباب 1، الحديث 5. (11). التهذيب 4: 412 / 1615، باب الزيادات في الصوم، الحديث 100، إقبال الأعمال 1: 375، الباب 27، وسائل الشيعة 10: 359، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، الباب 320، الحديث 16. (12). راجع: وسائل الشيعة 10: 354 و 359، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، الباب 32، الحديث 1 و 13. (13). راجع: الصفحة السابقة، الهامش 6. (14). في الصفحة الآتية. (15). المذكورة في الصفحة 432. (16). إقبال الأعمال 1: 359، الباب 25، وسائل الشيعة 3: 327، كتاب الطهارة، أبواب الأغسال المسنونة، الباب 14، الحديث 11. (17). كذا في بعض النسخ والمصدر، وفي «د» و «ش»: «المطرازي ». (18). إقبال الأعمال 1: 366، الباب 25، الفصل 1، مستدرك الوسائل 2: 509، كتاب الطهارة، أبواب الأغسال المسنونة، الباب 9، الحديث 1. (19). ما بين المعقوفين ورد في «ن» و «ش» هكذا: «وفيها غسلان غسل من أوّل الليل وغسل من آخره»، والظاهر أنّ الأصحّ ما في المتن. (20). منهم: الحلّي في الجامع للشرائع: 32، والشهيد في ذكرى الشيعة 1: 199، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد 1: 75، ونقل الأخبار الآتية الفاضل الإصفهاني في كشف اللثام 1: 140. (21). التهذيب 4: 413 / 618، باب الزيادات من كتاب الصوم، الحديث 103، وفيه: « مرّتين مرّةً من أوّل الليل ومرّة من آخر الليل»، وسائل الشيعة 3: 311، كتاب الطهارة، أبواب الأغسال المسنونة، الباب 5، الحديث 1. (22). ذكرى الشيعة 1: 199. أي: الظاهر أ نّ مراد الراوي من الضمير في قوله: «رأيته» هو الإمام (عليه السلام). (23). إقبال الأعمال 1: 375، الباب 27، وفيه: « مرّةً في أوّل الليل»، إلى آخره، وسائل الشيعة 3: 311، كتاب الطهارة، أبواب الأغسال المسنونة، الباب 5، الحديث 1. (24). الكافي 4: 154، باب الغسل في شهر رمضان، الحديث 3، وسائل الشيعة 3: 324، كتاب الطهارة، أبواب الأغسال المسنونة، الباب 13، الحديث 3. (25). في «ش» و «ن»: على شرعيّته في التكرار.
|