|
مصباح [ 34 ]
[ في استحباب الغسل للوقوف بعرفات والمشعر ]
ومنها: الغسل للوقوفين. أمّا استحبابه للوقوف بعرفات، فهو مذكور في كثير من الكتب، كالهداية(1)، والمقنع(2)، والمقنعة(3)، والنهاية(4)، والمبسوط(5)، والخلاف(6)، والمراسم(7)، والمهذّب(8)، والوسيلة(9)، والغنية(10)، والإشارة(11)، والسرائر(12)، والجامع(13)، والتحرير(14)، والمنتهى(15)، والدروس(16)، كلّ ذلك في كتاب الحجّ عند ذكر آداب الوقوف، ولم أجد له ذكراً في مقام تعداد الأغسال من كتاب الطهارة، وإنّما المذكور فيه: غسل يوم عرفة. والشهيد في النفليّة مع ضبطه الأغسال المندوبة، ذكر غسل اليوم دون الوقوف. نعم، في رسالة عليّ بن بابويه في آخر كتاب الطهارة: «واغتسل يوم عرفة قبل زوال الشمس، وتقول: اللهمّ صلّ على محمّد وآله، واجعلني من المتطهّرين». قال: «ونحن نبيّن أمره في باب الحجّ إن شاء الله تعالى»(17). وقد يظهر من آخر كلامه إرادة غسل الوقوف دون اليوم. ولم يذكر من الأغسال المندوبة إلاّ هذا الغسل وغسل يوم الجمعة، وعبارته فيهما محتملة للوجوب والاستحباب المؤكّد. وقد نصّ ابن أبي المجد في إشارته على تأكّد هذا الغسل(18)، وفي الخلاف والغنية الإجماع على استحبابه(19). ويدلّ على [استحباب] (20) هذا الغسل مضافاً إلى الإجماع، ما رواه الكليني في الصحيح، عن معاوية بن عمّـار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خِباءَك بنَمِرَةَ، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل»(21). وما رواه الشيخ في التهذيب، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا زالت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية واغتسل»(22). والظاهر منهما غسل الوقوف. وفيهما دلالة على أنّ الوقوف الواجب لا يجب أن يكون من أوّل الزوال وإلاّ لامتنع تأخير غسل الوقوف عن زوال الشمس. وأمّا استحباب الغسل للوقوف بالمشعر، فقد ذكره الشيخ في الخلاف(23)، والشهيد في الدروس(24)، وحكاه فيه من الصدوق(25)، وفي الخلاف الإجماع عليه(26) *. والأخبار وسائر العبارات خالية عن التصريح به. نعم، في صحيحة معاوية بن عمّـار عن ألامام الصادق (عليه السلام)قال: «أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر، فقف إن شئت قريباً من الجبل، وإن شئت حيث تبيت»(27). *. جاء في حاشية «د» و «ش»: «وفي المقنعة: «فإذا أصبح يوم النحر فليصلّ الفجر، ويقف كوقوفه بعرفة»(28)»، منه (قدس سره). وليس نصّاً في الغسل، بل الظاهر منه غيره. وقد يستفاد من ثبوته للوقوف بعرفة ثبوته هنا من باب الأولويّة; فإنّ الوقوف بالمشعر هو الركن الأعظم عندنا، فيكون أولى بالغسل. [ هل يغاير غسل الوقوفين لغسل اليومين؟ ] ولا يذهب عليك أنّ غسل الوقوفين مغاير لغسل اليومين، فلا يكتفى بأحدهما عن الآخر; فإنّ الأوّل يختصّ بالمشعرين ويجب تقديمه على الوقوف ويقع في المشعر ليلا، وكذا في عرفة على التلفيق ـ كما ستعرفه(29) ـ بخلاف الثاني; فإنّه يعمّ الأماكن ويمتدّ طول النهار ولا يصحّ إلاّ فيه. -------------------------------------------------------------------------------- (1). الهداية: 236. (2). المقنع: 269. (3). المقنعة: 409. (4). النهاية: 250. (5). المبسوط 1: 364. (6). الخلاف 2: 286، المسألة 63. (7). المراسم: 111. (8). المهذّب 1: 251. (9). الوسيلة: 179. (10). غنية النزوع: 181. (11). إشارة السبق: 134. (12). السرائر 1: 585. (13). الجامع للشرائع: 205، قال فيه: «فإذا زالت الشمس من يوم عرفات اغتسل سنّةً ». (14). تحرير الأحكام 1: 88. (15). منتهى المطلب 2: 472. (16). الدروس الشرعيّة 1: 418. (17). لم نعثر على حكاية القول عن الرسالة. (18). إشارة السبق: 134. (19). الخلاف 2: 287، المسألة 63، غنية النزوع: 181. (20). ما بين المعقوفين لايوجد في النسخ، وأثبتناه لاستقامة المعنى. (21). الكافي 4: 461، باب الغدوّ إلى عرفات وحدودها، الحديث 3، وسائل الشيعة 13: 529، كتاب الحجّ، أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، الباب 9، الحديث 1. (22). التهذيب 5: 207 / 610، باب الغدوّ إلى عرفات، الحديث 14، وفيه: «اذا زاغت الشمس»، وسائل الشيعة 13: 530، كتاب الحجّ، أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، الباب 9، الحديث 4. (23). الخلاف 2: 287، المسألة 63. (24). الدروس الشرعيّة 1: 422. (25). نفس المصدر. (26). الخلاف 2: 287، المسألة 63. (27). التهذيب 5: 217 / 635، باب نزول المزدلفة، الحديث 12، وسائل الشيعة 14: 20، كتاب الحجّ، أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 1. (28). المقنعة: 416. (29). سيأتي في كتاب الحجّ.
|