|
أسباب الغسل
ـ[157]ـ النظر الثالث: في أسباب الغُسل إنّما يجب بالجنابة، والحيض، والاستحاضة، والنفاس، ومسّ الأموات من الناس بعد بردهم بالموت وقبل الغسل; وغسلُ الأموات. وكلّ الأغسال لابدّ معها من الوضوء إلاّ الجنابة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قوله: «إنّما يجب بالجنابة» إلى آخره: دليل عدم وجوب الغسل بغير ما ذُكر: الأصل وعدم الدليل. ودليل الوجوب للمذكورات سيجيء كلّ في موضعه. قوله: «وكلّ الأغسال لابدّ معها من الوضوء» إلى آخره: هذه المسألة من المشكلات، ودليل عدم وجوب الوضوء مع الجنابة كأنّه الإجماع، وظاهر الآية(1)، والأخبار(2)، وهو واضح.وما وجد في بعض منها الوضوء قبله(3) محمول على الاستحباب. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). يعني بها قوله تعالى في سورة المائدة(5): 6:(... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا...)، و قوله تعالى في سورة النساء(4): 43:(... لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا...). (2). وسائل الشيعة 2: 246، أبواب الجنابة، الباب 34، الحديث 1 ـ 5 و 7، و: 248، الباب 35، الحديث 1 و2. (3). التهذيب 1: 140، الحديث 393، الاستبصار 1: 126، الحديث 429، وسائل الشيعة 2: 247، أبواب الجنابة، الباب 34، الحديث 6. ـ[158]ـ ............................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قاله الشيخ(1): للرواية(2)، وردُّها لا عن شيء ليس بحسن، فالاستحباب عنده حسن وإن كـان خلاف المشهور. وفي الروايـة أبو بكر الحضرمي، وهو غير مصرّح بتوثيقـه في الخلاصة(3)، ونقل ذلك في رجال ابن داود في الكُنى عن الكشّي(4)، وما رأيته فيه. وأمّا دليل وجوبه في سائر الأغسال فهو أنّ الإنسان مأخوذ عليه أن لا يدخل في الصلاة إلاّ بالوضوء; لظاهر الآية والإجماع أيضاً، وخرج غسل الجنابة; لما مرّ(5)، فبقي الباقي. وقولِه(عليه السلام) فيما رواه ابن أبي عمير صحيحاً عن رجل، عن أبي عبدالله قال: «كلّ غسل قبله وضوء إلاّ غسل الجنابة»(6). وما رواه أيضاً في الصحيح، ابن أبي عمير، عن حمّاد أو غيره، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «في كلّ غسل وضوء إلاّ الجنابة»(7). وقال في المختلف والمنتهى: «وفي حسنة حمّاد بن عثمان»(8). بحذف «أو غيره» وزيادة «ابن عثمان»، ووجهه غير ظاهر. والذي رأيته في الأُصول ما نقلته ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). التهذيب 1: 140، ذيل الحديث 393. (2). تقدّم تخريجها في الصفحة السابقة، الهامش 2. (3). خلاصة الأقوال: 302، الرقم 1137. (4). رجال ابن داود: 215، القسم الأوّل، باب الكنى، الرقم 12. لاحظ: رجال الكشّي: 249، الرقم 251. (5). مرّ في الصفحة السابقة. (6). الكافي 3: 45، باب صفة الغسل والوضوء قبله و...، الحديث 13، التهذيب 1: 139، الحديث 391، الاستبصار 1: 126، الحديث 428، وسائل الشيعة 2: 248، أبواب الجنابة، الباب 35، الحديث 1. (7). التهذيب 1: 143، الحديث 403، و: 303، الحديث 881، وسائل الشيعة 2: 248، أبواب الجنابة، الباب 35، الحديث 2. (8). قال العلاّمة في مختلف الشيعة 1: 178، المسألة 124، ما هذا نصّه: «وفي الحسن عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبدالله(عليه السلام)...». وكذلك قال في منتهى المطلب 2: 239. ـ[159]ـ ............................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هنا كما ترى. نقلته هنا كما ترى.وقال في المنتهى في عدم وجوب الوضوء على الميّت: «أو غيره» في هذا الخبر، ولكن قال أيضاً: «في الحسن»(1). ويمكن الدخل فيه(77) بأنّ الآية ليست عامّة بحيث يفهم الوجوب على كلّ مصلّ كلّما أراد، وهو ظاهر; لخلوّها عن أداة العموم، فإنّ «إذا» للإهمال(78) على ما بيّن في محلّه(2)، ولو سلّم العموم فلا يكون إلاّ بضمّ الإجماع(79)، ولكن عموم الإجماع بحيث يشمل ما نحن فيه غير ظاهر، كيف والمخالف موجود، فما ثبت دعوى «أنّ الإنسان» إلى آخره(3). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (77) أي: الإشكال فيه. (78) كلامه هذا مخالف لكلامه في زبدة البيان في ذيل الآية، ففيه: «وظاهرها يدلّ على وجوبه كلّما قام إليها; لأنّ ظاهر «إذا» العموم عرفاً وإن لم يكن لغةً، ولأنّ الظاهر أنّ القيام إليها علّة، ولكن قيّد بالإجماع والأخبار بالمحدثين»(4). (79) مع تسليم العموم، لا احتياج إلى الضمّ، فإنّ ظاهر القرآن حجّة، بل لا حجّية للإجماع مع الظهور كما لا يخفى، فالدخل في عموم الآية بقوله: «بأنّ الآية» إلى قوله: «كيف والمخالف موجود»، الراجع إلى المناقشة في عمومها بعدم اشتمالها على شيء من أدوات العموم، وبأنّ الإجماع لا يقتضي العموم بالنسبة إلى محلّ النزاع، قد عرفت ما فيه، فالأولى بل المتعيّن له في الإشكال على الاستدلال بعمومها، القول بأنّ الآية وإن كانت عامّة، لكنّها تتخصّص بما يأتي من الأدلّة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). منتهى المطلب 7: 163. وفيه ما هذا لفظه: «وفي الحسن عن حمّاد بن عثمان أو غيره، عن أبي عبد الله(عليه السلام) ». (2). لاحظ: تمهيد القواعد: 381 ـ 382، القاعدة 129. (3). إشارة إلى ما تقدّم في الصفحة السابقة من قوله: «... أنّ الإنسان مأخوذ عليه أن لا يدخل في الصلاة إلاّ بالوضوء». (4). زبدة البيان 1: 15. ـ[160]ـ ............................................................................................................ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ والروايتان مرسلتان مع الاشتراك في محمّد بن أحمد، ومحمّد بن يحيى في الأُولى. وإن قيل بالصحّة(1); لكونه هو محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري، ومحمّد بن يحيى هو العطّار، وأنّهما ثقتان، ولكن غيرهما من الأخبار التي ليست في طريقها الاشتراك(2) أولى منهما(80). وأيضاً في قبول المرسل بحث، كما ذُكر في محلّه(3). نعم، لو علم أنّه لم يرسل إلاّ عن عدل وعلم ذلك العدل، فهو مقبول. واعترض عليه بأنه خارج عن الإرسال، ولا يضرّ ذلك; لأنّ الكلام فيما هو مرسل بحسب الظاهر. ولو علم أنّه عدل لا بعينه، ففي قبول مثله بحث في كتب أُصول الحديث، فإنّهم قالوا: لم يقبل قوله لو صرّح وقال: «أروي عن عدل»، ولم يسمّه; لأنّه قد يكون عدلاً عنده فاسقاً عندنا، فلو أظهر اسمه لجرحناه (4). وهذا مذكور في الكتب من غير ردّ. فحينئذ لا يزيد حال مرسلة ابن أبي عمير عن قوله: «أروي هذا الخبر عن عدل»، مع أنّ الظاهر أنّه ليس كذلك، بل الذي يفهم أنّهم أخذوا بالتتبّع(5) وببعض القرائن، ولهذا أرى أنّهم يقولون: أظنّه حمّاداً أو غيره(6). ويقولون: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (80); لما فيه من مزيّة عدم الاشتراك ولو احتمالا. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). قاله العلاّمة في منتهى المطلب 2: 238. (2). وسائل الشيعة 2: 246، أبواب الجنابة، الباب 34، الحديث 1، 2، 4 و 5، و: 248، الباب 35، الحديث 2. (3). لاحظ: نهاية الوصول 3: 459 و 461، والرعاية في علم الدراية: 95. (4). لاحظ: نهاية الوصول 3: 462. (5). في بعض النسخ: «بالتبع». (6). سند الرواية في التهذيب هكذا: «...عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان أو غيره، عن أبي عبد الله(عليه السلام) ». وقد سبق تخريجها في الصفحة 158، الهامش 7. ـ[161]ـ ............................................................................................................ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إنّ كتب ابن أبي عمير حرقت، فكان يروي عن حفظه، وكان يعرف أنّ المروي عنه عدل ولكن نسي اسمه(1). على أنّ قوله: «عن رجل» مرّة، و«عن حمّاد أو غيره» أُُخرى يدلّ على اضطراب بزعم الشيخ(2)، وأيضاً في نقله تارة «قبله» وتارة «في كلّ غسل» اضطراب(3). وبالجملة، أن ليس هنا دليل يصلح إلاّ رواية واحدة عن ابن أبي عمير، إلاّ أنّ الطريق إليه اثنان، وكون الإرسال أيضاً عنه غير ظاهر، بل يحتمل أنّه أسنده وأرسل الراوي عنه; لنسيانه السند إليه(81)، وعلى تقدير التسليم فمقبوليّة مرسله ـ وإن قاله الأصحاب(4) ـ غير ظاهر; لما علمت من الاحتمال وإن كان مقبولاً عندهم; لعلمهم بذلك من غير اشتباه، فليس لنا العمل به مع الاشتباه(82) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (81) ولا يخفى بما أنّ هذا الاحتمال جار في جلّ مراسيله إن لم يكن كلّها، فلم يبق للقول المشهور بحجّيّة مراسيله المدّعى عليه الإجماع، مورداً أصلا، كما لا يخفى. فالحقّ قضاءاً للدلالة الاقتضائيّة، والخروج عن لغويّة تلك الشهرة أو الإجماع، كون ذلك الاحتمال ملغى وبلا أثر، فتدبّر جيّداً. (82) وهو ما بيّنه(رحمه الله) قبل ذلك بأسطر بقوله: «على أنّ قوله: عن رجل» إلى قوله: «وبالجملة»، ففيه بيان الاشتباه والاضطراب من جهة السند والمتن، فراجعه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). لم نعثر عليه في كتب الرجال. نعم، ورد في اختيار معرفة الرجال: 487، الرقم 1103: «أنّه ذهبت كتب ابن أبي عمير، فلم يخلص كتب أحاديثه، وكان يحفظ أربعين جلداً فسمّاه نوادر». وقال النجاشي في رجاله: 326، الرقم 887: «وقيل: إنّ أُخته دفنت كتبه في حال استتارها وكونه في الحبس أربع سنين، فهلكت الكتب، وقيل بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت، فحدّث من حفظه». (2). فإنّ الشيخ ذهب إلى أنّ اختلاف المرويّ عنه يدلّ على أنّ الراوي غير قاطع بالرواية، وهي مضطربة الإسناد. لاحظ: التهذيب 4: 42، ذيل الحديث 107، و: 169، ذيل الحديث 482، و 7: 275، ذيل الحديث 1169. (3). تقدّم تخريجها في الصفحة 158، الهامش 6 و 7. (4). نهاية الوصول 3: 461، ذكرى الشيعة 2: 342، و 4: 77، جامع المقاصد 2: 17. ـ[162]ـ ............................................................................................................. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في مثل هذه المسألة. على أنّ المصنّف قال في المنتهى في بحث التطهير بالنار: والرواية الثانية مرسلة وإن كانت مرسلة ابن أبي عمير مقبولة، إلاّ أنّها معارضة بالأصل، فلا تكون مقبولة.(1) على أنّها ليست بصريحة في الوجوب. وقال في المختلف ـ في جواب احتجاج أبي الصلاح(2) على وجوب الوضوء في غسل الميّت بقوله(عليه السلام): «في كل غسل وضوء إلاّ الجنابة»(3) ـ: «والجواب كما يحتمل الوجوب يحتمل الاستحباب»(4). بل حملها على الاستحباب في المختلف; لعدم وجوب الوضوء عندهم قبل سائر الأغسال، مع أنّه ليس عندهم دليل واضح على جواز الوضوء بعده بحيث يقتضي تأويل هذه المرسلة، فلو كانت صريحة بل ظاهرة فيه لما حسن الحمل، مع أنّ هذا قول أكثر من قال بالوجوب(5). وأيضاً أكثر القائلين لا يقولون بالوجوب في غسل الميّت(6)، فعلم أنّه غير محمول على الوجوب عندهم. فظهر أنّه لو قيل بالوجوب; لهذه الرواية(7)، لوجب القول بوجوب التقديم، وهو نادر عندهم. وأمّا أدلّة عدم وجوبه في كلّ غسل، فهو الأصل، وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «الغسل يجزي عن الوضوء، وأيّ وضوء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). منتهى المطلب 3: 290. (2). الكافي في الفقه: 134. (3). التهذيب 1: 143، الحديث403، الاستبصار 1: 209، الحديث733، وسائل الشيعة 2: 248، أبواب الجنابة، الباب 35، الحديث 2. (4). مختلف الشيعة 1: 223، المسألة 161. (5). الظاهر أنّه أراد أنّ أكثر من قال بوجوب الوضوء قال بتقديم الوضوء على الغسل. لاحظ: ذكرى الشيعة 1: 217 ـ 218. (6). كالشيخ في النهاية: 23 و 35، والمبسوط 1: 30 و 178 ـ 179، وابن إدريس في السرائر 1: 112 ـ 113 و 159، والعلاّمة في مختلف الشيعة 1: 178، المسألة 124، و: 222، المسألة 161. (7). يعني: رواية ابن أبي عمير المتقدّمة في الصفحة 158. ـ[163]ـ ............................................................................................................. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أطهر من الغسل»(1). وصحيحة حكم بن حكيم، قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن غسل الجنابة ـ إلى قوله ـ: قلت: إنّ الناس يقولون: يتوضّأ وضوء الصلاة قبل الغسل، فضحكَ وقال: «أيّ وضوء أنقى من الغسل وأبلغ»(2). وبعض الأخبار الأُخر موجود من الجانبين(3) ما نقلته; لعدم الصحّة. والظاهر منهما عمومٌ عرفيّ بحيث يفهم السامع عرفاً، كما قالوا بمثله في الأُصول والفروع(4)، مثل:(أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا)(5)، فإنّ العرف يفهم تحليل كلّ بيع وتحريم كلّ ربا، ولظهور عدم الأظهريّة والأبلغيّة، ولأنّه لو لم يكن العموم لزم الإجمال; إذ العهد غير واضح، بل الإغراء بالجهل حيث يفهم العموم خصوصاً من قوله: «وأيّ»(6)، وإن كان الكلام في الثاني(7) في غسل الجنابة، لكن الاعتماد على عموم اللفظ دون خصوص السبب، كما بيّن في محلّه(8). والقياسِ: لعدم ظهور الفرق، بل ظهور عدمه على الظاهر. والأخبارِ الصحيحة في بيان غسل الاستحاضة والحيض والنفاس، مثل صحيحة معاوية بن عمّار الثقة، عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: «المستحاضة تنظر أيّامها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). التهذيب 1: 139، الحديث 390، الاستبصار 1: 126، الحديث 427، وسائل الشيعة 2: 244، أبواب الجنابة، الباب 33، الحديث 1. (2). التهذيب 1:139، الحديث392، وسائل الشيعة 2:247، أبواب الجنابة، الباب34، الحديث4. (3). فمِن الخاصّة ما روي في وسائل الشيعة 2: 244، أبواب الجنابة، الباب 33، الحديث 2 و 4 ـ 6، ومن العامّة ما روي في السنن الكبرى 1: 305، كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء بعد الغسل. (4). لم نعثر عليه. (5). البقرة(2): 275. (6). يعني: قول الإمام الباقر(عليه السلام) في صحيحة محمّد بن مسلم: «وأيّ وضوء أطهر من الغسل». (7). أي: صحيحة حكم بن حكيم. (8). لاحظ: نهاية الوصول 2: 335. ـ[164]ـ ............................................................................................................ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ إلى أن قال ـ: فإذا جاءت(1) أيّامها ورأت الدم يثقب الكُرْسُف اغتسلت للظهر والعصر ـ إلى قوله ـ: وإن كان الدم لا يثقب الكُرسف توضّأت ودخلت المسجد وصلّت كلّ صلاة بوضوء»(2)، فإنّها ظاهرة في عدم الوضوء مع الغسل، وإلاّ لذكره; لئلاّ يلزم التأخير، وللمقابلة للوضوء في القسيم. وأمثالها كثيرة، مثل ما في صحيحة نعيم الصحّاف: «فإن انقطع الدم عنها قبل ذلك فلتغتسل ولتصلّ»(3)، والحديث طويل. وفي صحيحة يونس بن يعقوب في النفاس: «تغتسل وتصلّي»(4). وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج: «فلتغتسل ولتصلّ»(5). وهي أكثر من أن تُذكر، وطريق الاستدلال كما مرّ(6)، بل هنا أولى; للأمر بالصلاة بعد الغسل بلا فصل. وأيضاً الأخبار الصحيحة الواردة في أنّ غسل الحيض مثل غسل الجنابة، وأنّهما واحد، وهي أخبار كثيرة: مثل صحيحة عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: سألته عن المرأة تحيض وهي جنب، هل عليها غسل الجنابة ؟ قال: «غسل الجنابة والحيض واحد»(7). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). وفي المصدر: «فإذا جازت». (2). الكافي 3: 88، باب جامع في الحائض والمستحاضة، الحديث 2، التهذيب 1: 106، الحديث 277، و: 170، الحديث 484، وسائل الشيعة 2: 371، أبواب الاستحاضة، الباب 1، الحديث 1. (3). الكافي 3: 95، باب الحبلى ترى الدم، الحديث 1، التهذيب 1: 168، الحديث 482، وسائل الشيعة 2: 374، أبواب الاستحاضة، الباب 1، الحديث 7. (4). الكافي 3: 99، باب النفساء، الحديث 5، التهذيب 1: 175، الحديث 500، الاستبصار 1: 150، الحديث 520، وسائل الشيعة 2: 385، أبواب النفاس، الباب 3، الحديث 8. (5). الكافي 3: 100، باب النفساء تطهر ثمّ ترى الدم أو...، الحديث 2، التهذيب 1: 176، الحديث 503، الاستبصار 1: 151، الحديث 523، وسائل الشيعة 2: 393، أبواب النفاس، الباب 5، الحديث 2. (6). مرّ في الصفحة السابقة. (7). الكافي 3: 83، باب المرأة ترى الدم وهي جنب، الحديث 2، التهذيب 1: 395، الحديث 1223، وسائل الشيعة 2: 265، أبواب الجنابة، الباب 43، الحديث 9. ـ[165]ـ ............................................................................................................ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وصحيحة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «إذا حاضت المرأة وهي جنب أجزأها غسل واحد»(1). وكذا رواية أبي بصير، عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: «تجعله غسلاً واحداً»(2). ورواية حجّاج الخشّاب، قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل وقع على امرأته فطمثت بعد ما فرغ، أتجعله غسلاً واحداً إذا طهرت، أو تغتسل مرّتين ؟ قال: «تجعله غسلاً واحداً عند طهرها»(3). ورواية عمّار، عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: «فإذا طهرت اغتسلت غسلاً واحداً للحيض والجنابة»(4). وطريق الاستدلال أنّه لاشكّ في عدم الوضوء مع غسل الجنابة، ومسلّم أيضاً، ففي الحيض كذلك; لقولهم(عليهم السلام): «إنّهما واحد»(5)، فإنّه إذا قيل هذا الكلام مع كلّ أحد يعرف أنّ الجنابة ليس معها الوضوء، يفهم عدمه في الحيض أيضاً، ولعلّه أيضاً لا قائل بالفرق(6). وبمثله استدلّ الشيخ في الاستبصار على عدم وجوب الوضوء في غسل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). التهذيب 1: 395، الحديث 1225، الاستبصار 1: 146، الحديث 502، وسائل الشيعة 2: 263، أبواب الجنابة، الباب 43، الحديث 4. (2). التهذيب 1: 395، الحديث 1226، الاستبصار 1: 147، الحديث 503، وسائل الشيعة 2: 263، أبواب الجنابة، الباب 43، الحديث 5. (3). التهذيب 1: 395، الحديث 1227، الاستبصار 1: 147، الحديث 504، وسائل الشيعة 2: 264، أبواب الجنابة، الباب 43، الحديث 6. (4). التهذيب 1: 396، الحديث 1229، الاستبصار 1: 147، الحديث 506، وسائل الشيعة 2: 264، أبواب الجنابة، الباب 43، الحديث 7. (5). وهو مفهوم الأخبار المتقدّمة آنفاً. (6). أي: لا قائل بالفرق بين غسل الحيض وغيره من النفاس ونحوها. لاحظ: مختلف الشيعة 1: 177، المسألة 124. ـ[166]ـ ............................................................................................................. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الميّت(1)، وأجاب بأنه علم الوجوب من حديث: «كلّ غسل»(2). ومعلوم أنّ الأكثر لم يقولوا بوجوبه في غسل الميّت(3)، والتأويل بحيث يخرج غسل الميّت بعيد، فلا يحتاج إليه، فهو يدلّ على ضعف دلالة: «كلّ غسل...» إلى آخره. وأيضاً يدلّ على عدم الوضوء في كلّ غسل ما يدلّ على عدم وجوب الوضوء في غسل الميّت والمسّ(4)، فتأمّل. وفي بعض هذه الأخبار دلالة على التداخل أيضاً، فافهم. وفي الآخر دلالة على أنّ التداخل رخصة، وأنّ الجنابة ترتفع بالغسل مع وجود الحيض، حيث قال(عليه السلام) بعد السؤال عن الحائض الجنب: «إن شاءت أن تغتسل فعلت، وإن لم تفعل ليس عليها شيء...»(5). ويدلّ على هذا المدّعى جميع الأخبار الدالّة على التداخل(6)، المذكورة في مبحث التداخل(7)، وإن كان بعضها نقلناه هنا مفصلاً، مثل صحيحة عبدالله بن سنان، وغيرها(8). وأنّه لو توضّأ يلزم الوضوء مع غسل الجنابة، أي: مع رفع حدث الجنابة. ويستبعد عدم الاحتياج إلى الوضوء مع نيّة غسل الجنابة، بل تحريمه مع نيّتها ووجوبها مع نيّة غيرها مع القول برفعها به، ويلزم إجزاء غسل الحيض مع ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). الاستبصار 1: 208، ذيل الحديث 731. (2). تقدّم تخريجه في الصفحة 154، الهامش 6 و 7. (3). كالشيخ في النهاية: 35، وابن إدريس في السرائر 1: 159، والعلاّمة في مختلف الشيعة 1: 222، المسألة 161. (4). وسائل الشيعة 2: 486، أبواب غسل الميّت، الباب 3، و: 493، الباب 6، الحديث 7، و 3: 289، أبواب غسل المسّ، الباب 1، الحديث 1 و 6. (5). التهذيب 1: 396، الحديث 1229، الاستبصار 1: 147، الحديث 506، وسائل الشيعة 2: 264، أبواب الجنابة، الباب 43، الحديث 7. (6). وسائل الشيعة 2: 261، أبواب الجنابة، الباب 43. (7). ذكرها في الصفحة 81 ـ 84. (8). تقدّمت في الصفحة 164 ـ 165. ـ[167]ـ ............................................................................................................ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الوضوء عن غسل الجنابة لا بدونه. والظاهر عدم احتياج غسل الحيض إلى الوضوء عندهم إذا كانت معه الجنابة; لما مرّ من الأخبار(1)، كما قال به الشيخ حيث قال: «يجزي غسل الحيض عن غسل الجنابة إذا اجتمع مع الجنابة»(2)، وجمع بين الأدلّة به. وهو مستبعد لا يفهم من العبارة، فكذا بدون اجتماع الحيض مع الجنابة; لأنّ الحدث حينئذ أقلّ، كما مرّ(3)، بل يمكن جعل هذا دليلاً في الأصل وإن كان الحيض وحده أغلظ من الجنابة، كما أشار إليه في المنتهى حيث قال: «الجنابة أغلظ»، ثمّ قال: ويحتمل أن يكون الحيض أقوى (4). انتهى. وهو الظاهر، ولا ينبغي النزاع في أنّه أغلظ، حيث إنّه عُبِّر بالأذى، وعدم قرب النساء معه، والاعتزال عنها(5)، والنهي عن استعمال سؤرها(6)، والظاهر عدم القائل بالفرق، وفيه تأمّل. وأيضاً الحكم بالتيمّم والصلاة بعده مثل تيمّم الجنب، وأيضاً الجمع بين الأدلّة أولى من غيره، فحمل ما يدلّ على الوضوء على الاستحباب. ويؤيّده موثّقة عمّار الساباطي، قال: سُئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن الرجل إذا اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد، هل عليه وضوء قبل ذلك أو بعده ؟ فقال: «لا، ليس عليه قبل ولا بعد، فقد أجزأه الغسل، والمرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). مرّت في الصفحة 164 ـ 165. (2). التهذيب 1: 396، ذيل الحديث 1228، الاستبصار 1: 147، ذيل الحديث 4. (3). راجع: الصفحة 80. (4). لم نعثر على نصّه. نعم، ذهب العلاّمة إلى ضعف غسل الحيض بالنسبة إلى غسل الجنابة في منتهى المطلب 2: 240، ثم قال في الصفحة 405: «الحيض أكبر من الغسل» يعني: غسل الجنابة. (5). إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة(2): 222:(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ). (6). وسائل الشيعة 1: 236، أبواب الأسآر، الباب 8. ـ[168]ـ ............................................................................................................ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أو غير ذلك، فليس عليها الوضوء لا قبل ولا بعد، وقد أجزأها الغسل»(1). ومرسلة حمّاد بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبدالله(عليه السلام): في الرجل يغتسل للجمعة أو غير ذلك، أيجزيه من الوضوء ؟ فقال أبو عبدالله(عليه السلام): «وأيّ وضوء أطهر من الغسل»(2). وهذا مؤ يّد قويّ في أنّ قوله(عليه السلام) فيما سبق(3) غير مخصوص بالجنابة، وأن ليس الذي أرسل ابن أبي عمير هو حمّاد، وأنّه محمول على الاستحباب. وأقوى منه دلالةً على المطلوب مكاتبةُ عبد الرحمن الهمداني، قال: كتب إلى أبي الحسن الثالث(عليه السلام) يسأله عن الوضوء للصلاة في غسل الجمعة، فكتب: «لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة ولا غيره»(4). ولا يخفى بُعد تأويل الشيخ، وهو كونها «مع غسل الجنابة»(5)، وكذا التأويل بأنّ الوضوء لا يحتاج إليه لحصول الغسل. ولا يضرّ عدم صحّة هذه الأخبار; لأنّها مؤيّدة، مع أنّها ليست ضعيفة، فالحمل على الاستحباب حسن. وكذا حمل ما ورد في غسل الجمعة من الوضوء قبله(6)، وهو ظاهر; إذ لا وجوب للوضوء قبل غسل الجمعة غالباً. واعلم أنّه لا يحتاج إلى حمل الخبرين الدالّين على أنّ الوضوء بعد الغسل بدعة(7)، على غسل الجنابة، كما فعله في التهذيب(8). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1). التهذيب 1: 141، الحديث 398، الاستبصار 1: 127، الحديث 432، وسائل الشيعة 2: 244، أبواب الجنابة، الباب 33، الحديث 3. (2). التهذيب 1: 141، الحديث 399، الاستبصار 1: 127، الحديث 433، وسائل الشيعة 2: 245، أبواب الجنابة، الباب 33، الحديث 4. (3). سبق في الصفحة 158 ـ 162. (4). التهذيب 1: 141، الحديث 397، الاستبصار 1: 126، الحديث 431، وسائل الشيعة 2: 244، أبواب الجنابة، الباب 33، الحديث 2. (5). التهذيب 1: 141، ذيل الحديث 399، الاستبصار 1: 127، ذيل الحديث 433. (6). الكافي 3: 45، باب صفة الغسل والوضوء قبله...، الحديث 13، وسائل الشيعة 2: 245، أبواب الجنابة، الباب 33، الحديث 7. (7). التهذيب 1: 140، الحديث 394 و 395، وسائل الشيعة 2: 245، أبواب الجنابة، الباب 33، الحديث 5 و 6. (8). التهذيب 1: 140، ذيل الحديث 395.
|