|
في فضيلة الفقه والفقهاء
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من اختاره الله من شجرة الأنبياء ومشكاة الضياء الذي هو أصل معادن الكرامة ومعهد السلامة، أطهر المطهّرين، سيّدنا محمّد وعلى آله المعصومين الذين هم محطّ الرسالة ومختلف الملائكة وينابيع الفقه والحكمة، بهم عاد الحقّ إلى نصابه وإنزاح الباطل عن مقامه، سيّما قطب رحى الوجود ومركز دائرة الشهود خاتم الأئمّة الإثنيعشر المهدي المنتظر صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، واللعن على أعدائهم والمنحرفين عنهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم. أمّا بعد، فإنّ علم الفقه من أبسط علوم الإسلاميّة وأوسعها بعدما ثبت أنّه من بعد علمي التوحيد والأخلاق من أشرف العلوم وأفضلها، ويكفيه علوّآ أنّ بيده زمام دين خاتم الأنبياء9 وأوصيائه: . وإنّا إذا راجعنا تاريخ العلوم نجد أنّ لعلم الفقه سابقة على سائر العلوم الإسلاميّة؛ حيث كانت ولادته مقارنةً للاسلام العزيز. هذا، وللاشارة إلى عظم منزلة الفقه والفقهاء نقول: لايخفى ولن يخفى على ومن هدايته التشريعيّة ـ بعد ما أودع في الإنسان هاديآ من نفسه وهو العقل ـ إرسال الرسل وبعث الأنبياء مبشّرين ومنذرين وتعزيزهم وتأييدهم بالأوصياء الراشدين والأولياء الكاملين. كلّ ذلک لأجل صيانة الإنسان من الانحراف في العقيدة والعمل والأخذ بيده نحو جادّة الصواب والطريقة الوسطى والصراط المستقيم؛ لأنّ في اتّباعهم :ضمان السعادة الدنيويّة والنجاة الأخرويّة، وبكلام آخر يؤتي الإنسان حياةً طيّبةً في دار السلام. ولايحدّ اللطف الإلهيّ على الإنسان بهذا الحدّ، بل لطفه دائم وفيضه مبسوط وبركاته متوالية وأياديه فاضلة. ومن جملة ألطافه تعالى أنجعل للانبياء والأوصياء :ورثةً هم الفقهاء، الذين ائتمنهم على دينه الذي ارتضى، وقال: «هم أمناء الرسل»، كما ورد في الأخبار عنهم: وشاركهم الأنبياء في إنذار الخلق، كما قال سبحانه وتعالى: (فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ وَ لِيُنذِرُوا قَومَهُم اذَا رَجِعُوا الَيهِم).[2] وعلى هذا أعطاهم مثوبةً، مرتبةً ساميةً من اليقين، حيث قال عزّ من قائل: (الذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ الله وَ يَخشَونَهُ وَ لايَخشَونَ أحَدآ الا الله).[3] وفضّلهم على سائر أفراد البشر الذي فضّلهم على كثير ممّن خلق تفضيلا، حيث قال سبحانه وتعالى: (يَرفَعِ اللهُ الذِينَ أمَنُوا مِنكُم وَ الذِينَ أوتُوا العِلمَ دَرَجَاتٍ).[4] ولإحراز هذه الدرجة الفاخرة والنيل إلى هذه الرتبة الفائقة لقد أشرقت في سماء هذا العلم كواكب أذهبت بنورها ظلام الجهل وتهيّأ لها في ميادين الاجتهاد والفقاهة في كلّ عصر وزمان، علماء عاملون وفقهاء صائنون لأنفسهم، حافظون لدينهم ومخالفون على أهوائهم ومطيعون لأمر مواليهم في أعلى درجة من التقى. ولهذا وفّقوا على جري الحقّ على ألسنتهم وأيديهم وتكلّموا وألّفوا بالحقّ وذبّوا عنه وأزالوا الشبهات وأوضحوا المبهمات وأنقذوا الخلق من الهلكات والضلالات. فصارت آثارهم لعباد الله دروعآ واقيةً ولأرواح أصحابها بالحقّ صدقةً جاريةً. ومن الأمثلة الصادقة التي شملتها يد العناية الإلهيّة وبارک الله تعالى لهم في حياتهم الطيّبة ومماتهم السعيدة، سيّد العلماء الربّانيّين وأستاذ الفقهاء الإلهيّين، أبو المكارم والمفاخر الذي قلّ مثله في الأوائل والأواخر، العالم الفقيه آية الله العظمى السيّد محمّد كاظم اليزدي1. -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ طه :20 .50 [2] ـ التوبة :9 .122 [3] ـ الأحزاب :33 .39 [4] ـ المجادلة :58 .11
|