|
إذا نذر فعلاً من أفعال الخير
الثاني: إذا نذر فعلا من أفعال الخير، بحيث كان عليه كلّيّ فعل الخير مخيّرآ بين مثل العتق والصوم والصلاة والصدقة ونحوها فمات فبناءً على عدم الفرق بين الماليّ وغيره لا إشكال، وبناءً على الفرق هل يجب الاستيجار ويكون من الأصل على فرض الوصيّة أولا؟ الأقوى الثاني؛ لعدم صدق اشتغال ذمّته بواجب ماليّ؛ لأنّه ليس عليه إلّا الكلّيّ، ولا يكون من الواجب الماليّ وإن كان بعض أفراده ذلک. وأمّا لو كان عليه كفّارة مخيّرة بين الصوم والإطعام والعتق وأوصى بالعتق أو الإطعام فعلى التحقيق في التخيير الشرعيّ من وجوب الكلّ عليه تخييرآ لا الواحد لا بعينه أومعيّنآ عند الله، يصدق أنّه أوصى بواجب ماليّ، وعلى القول بكون الواجب هو الكلّي أو الواحد لا بعينه أو معيّنآ لا يكون من الأصل؛ لعدم الصدق. ولكن يشكل بأنّ لازم ذلک جواز الإخراج من الأصل على فرض عدم الوصيّة أيضآ، وهو مشكل، إلّا أن يقال بالالتزام به أيضآ؛ لأنّه مقتضى القاعدة بعد صدق كون ذمّته مشغولة بالواجب الماليّ. غاية الأمر أنّه يجوز للوصيّ أو الوارث اختيار الواجب الغير الماليّ وإبراء ذمّته، فيسقط وجوب إخراج الماليّ، وحينئذ فيتعيّن عليهم اختيار الواجب الماليّ، بمعنى أنّه هو الذي يتعلّق بماله، لكنّ لهم تفويت الموضوع بإبراء ذمّته منه، بأن يأتوا بالبدنيّ، فالواجب هو الأوّل، والثاني مسقط بالنسبة إليهم وإن كان طرفآ للتخيير بالنسبة إلى الميّت، نظير كون الحاضر مكلّفآ بالصوم وجوبآ عينيّآ مع جواز إسقاطه باختيار السفر، فإنّه ليس مخيّرآ بين الصوم والسفر، بل الثاني مسقط للتكليف العينيّ. فإن قلت: مقتضى كون الميّت مخيّرآ كون الوصيّ والوارث أيضآ كذلک، فلهم أن يختاروا العتق ويخرجوه من الأصل، وأن يختاروا الصيام ولايخرجوه أصلا، فلا وجه لكونه واجبآ عليه مخيّرآ وتعيّنه بالنسبة إليهم. قلت: لا معنى للتخيير بالنسبة إليهم؛ إذ يرجع إلى كونهم مخيّرين بين الفعل والترک، فبالنسبة إلى الميّت لمّا كان الجميع واجبآ كان الصوم طرفآ للتخيير. وأمّا بالنسبة إليهم فالمفروض عدم وجوبه، فلايبقى التخيير بحاله ولا معنى لوجوب إخراج الصوم أيضآ بعد فرض اختصاص الوجوب بالواجب الماليّ، فلا يبقى إلّا ولا ينافي ما ذكرنا كون ذمّة الميّت مشغولة بعد الموت أيضآ على نحو التخيير، فإنّا نقول: إنّ الواجب التخييري بالنسبة إليه يتعيّن بعض أطرافه للاخراج؛ لصدق الدين عليه دون الطرف الآخر؛ لعدم الصدق، ولكن لايخرج الآخر عن كونه مبرئآ للذمّة ومسقطآ للواجب على فرض اختياره؛ سواء أتوا به تبرّعآ أوبالاستيجار. هذا كلّه بناءً على كون الواجب كلّ واحد من الأطراف وأنّ نحو الوجوب التخييريّ غير نحو الوجوب العينيّ؛ لأنّه مشوب بجواز الترک إلى بدل. وأمّا على الأقوال الأخر فقد عرفت[1] أنّه لايجب شيء مع عدم الوصيّة ويخرج من الثلث على فرضها؛ سواء أوصى بالماليّ أو بغيره. ويحتمل بعيدآ أن يقال: إنّه لو اختار البدنيّ، يخرج من الثلث، ولو اختار الماليّ يخرج من الأصل. ولكنّه كما ترى، بل الأقوى أنّه من الثلث مطلقآ؛ بناءً على سائر الأقوال، على القول بالفرق بين الماليّ والبدنيّ. -------------------------------------------------------------------------------- [1] . عرفته في الصفحة 60 ـ 61 .
|