|
في اعتبار وجوب إخراج الواجب من الأصل
الرابع: لا إشكال في أنّه يعتبر في وجوب إخراج الواجب عن ماله وكونه من الأصل أن يكون ذلک ثابتآ في ذمّته حال موته، وهذا موقوف على استقرار ذلک الواجب عليه ويتوقّف ذلک على مجيء زمان الفعل، وهو مستجمع للشرائط، ففي مثل النذر يعتبر أن يكون حيّآ إلى زمان حصول المعلّق عليه إذا كان نذره معلّقآ، ومجيء زمان الفعل إذا كان موقّتآ وكان مع ذلک قادرآ على الإتيان بالمنذور فمات قبل الإتيان، وإلّا فلو مات قبل حصول المعلّق عليه أو قبل مجيء الوقت أو قبل التمكّن لم يستقرّ في ذمّته ولا يكون دينآ عليه فلا يخرج من ماله. وفي مثل الصلاة تعتبر أن يكون تاركآ لها مع دخول الوقت ومضيّ مقدار الصلاة. وفي مثل الصوم يعتبر دخول الشهر عليه، وهو متمكّن من الفعل، فلو كان مريضآ ولم يبرأ منه لم يجب القضاء، وكذا لو برأ ولم يتمكّن من القضاء حتّى مات. نعم، لو مات مسافرآ وجب القضاء، وفي حجّة الإسلام يعتبر بقاؤه مستطيعآ إلى آخر زمان الحجّ، فلو مات في العامّ الأوّل قبل آخر الوقت أو زال استطاعته كذلک لم يستقرّ. وهذا هو المعروف فيما بينهم، وهو مقتضى القاعدة أيضآ. وربّما يحكى[1] عن التذكرة[2] أنّه: يكفي مضيّ زمان يمكن فيه تأدّي الأركان خاصّةً، ولا وجه له. وقد يحكى عنه[3] : كفاية مضيّ زمان يمكنه فيه الإحرام ودخول الحرم. ويحكى عن بعضهم[4] : كفاية ذلک إن زالت الاستطاعة بالموت، ولا وجه له أيضآ. وكفايته عن الميّت لو كان أحرم ودخل الحرم ثمّ مات إنّما هو بدليل خاصّ، فلا دلالة فيه على أنّ ذلک معيار الاستقرار وإن لم يتلبّس فعلا. هذا، وربّما يمنع اعتبار الاستقرار في الحجّ أصلا وأنّه لو استطاع مالا ثمّ مات ولو في العامّ الأوّل قبل مضيّ الوقت وجب القضاء من ماله؛ لإطلاق بعض الأخبار، كصحيحة ضريس في رجل خرج حاجّآ حجّة الإسلام فمات في الطريق، قال: «إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجّة الإسلام، وإن مات دون الحرم فليقض عنه وليّه حجّة الإسلام»[5] . وصحيحة العجلي عن رجل خرج حاجّآ ومعه حمل له ونفقة وزاد فمات في الطريق، فقال: «إن كان صرورة ثمّ مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجّة الإسلام، وإن كان مات، وهو صرورة قبل أنيحرم جعل حمله وزاده ونفقته وما معه في حجّة الإسلام»[6] . ومال إلى هذا القول جماعة، كصاحب المدارک[7] والذخيرة[8] والمفاتيح[9] وشرحه[10] والمستند[11] ، وربّما ينسب[12] إلى الشيخين والمحقّق. ولا ريب في كونه خلاف القواعد، والصحيحان غير صريحين، بل ولا ظاهرين؛ إذ يحتمل قريبآ أن يكون ذلک لأجل استقرار الحجّ في ذمّته، وربّما حملا على الندب، ثمّ بناءً على العمل بهما ينبغي الاقتصار على موردهما فلايتعدّى إلى من لم يخرج حاجّآ أصلا، فهما أخصّ من المدّعى، وتمام الكلام في تشخيص الصغرى في محالّها، والغرض الإشارة إلى أنّ المعتبر فعليّة الاشتغال حين الموت وأنّه بمقتضى القاعدة منوط بثبوت التكليف الفعليّ مع اجتماع الشرائط وفواته، إلّا أن يثبت من الخارج ثبوت القضاء مع عدمه أيضآ. -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ حكاه عنه السيّد العاملي في المدارک :7 .68 [2] ـ التذكرة :1 .307 [3] ـ حكاه عنه السيّد العاملي في المدارک :7 .68 [4] ـ حكى عنهم المحقّق السبزواري في الذخيرة: 563، السطر .28 [5] ـ الكافي :4 276، باب ما يجزى من حجّة الإسلام وما لايجزى، الحديث 10 ـ الفقيه :2 269 / 1313، باب الحاجّ يموت في الطريق،الحديث 1 ـ وسائل الشيعة :11 68 / 14261، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ، الباب 26، الحديث .1 [6] ـ الفقيه :2 269 / 1314، باب الحاجّ يموت في الطريق، الحديث 2 ـ التهذيب :5 450 / 1416، باب الزيادات في فقه الحجّ، الحديث 62 ـوسائل الشيعة :11 68 / 14262، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ، الباب 26، الحديث 2. لايخفى أنّ الموجود في المصادر «جملوجمله» بدل «حمل وحمله». [7] ـ المدارک :7 .65 [8] ـ الذخيرة: 563، السطر.42 [9] ـ المفاتيح :1 .300 [10] ـ لايوجد لدينا شرح المفاتيح (كتاب الوصيّة). [11] ـ المستند :11 .85 [12] ـ نسبه إليهم المحقّق السبزواريّ في الذخيرة: 563، السطر.40
|