|
الموقوفيّة بلحاظ الصحّة الواقعيّة
أحدهما: أنّ الموقوفيّة التي ذكرنا إنّما كانت بلحاظ الصحّة الواقعيّة، فلا يحكم بالصحّة ولا الفساد واقعآ إلّا بعد الموت وظهور الحال. ولكن هل يحكم بالصحّة ظاهرآ ويترتّب عليه آثار الصحّة قبل الموت، بأن يعطى المال الموهوب للمتّهب ويخلّى سبيل العبد ويحكم بحرّيّته ظاهرآ أولا، بل يجعل موقوفآ ظاهرآ أيضآ؟ وجهان: من أنّه محجور عن التصرّف في الزائد وأنّ شرط النفوذ هو الخروج من الثلث حين الموت، وهو غير معلوم؛ لاحتمال تلف أمواله، مع إمكان دعوى أنّه ظاهر الأدلّة وأنّ الحكم في الوصيّة كذلک، ومن أنّه تصرّف وقع من أهله في محلّه والمفروض أنّه مسلّط عليه تكليفآ فينبغي الحكم بصحّته إلى أن ينكشف عدم الأهليّة. ومعنى كونه محجورآ ليس أزيد من بطلانه في الواقع على فرض عدم الخروج من الثلث، خصوصآ إذا كان المال وافيآ حين التصرّف؛ لأنّ حقّ الوارث لم يتعلّق بمقدار الثلث الموجود الآن. ويحتمل الفرق بين ما لو كان خارجآ من الثلث حين التصرّف فيحكم ظاهرآ بالنفوذ؛ لما ذكر من عدم تعلّق الحقّ ولأصالة بقاء المال على حاله، وبين ما لو كان الثلث أنقص فلا يحكم بالصحّة؛ لأصالة عدم تجدّد المال بعد ذلک، فالأقوى عدم الحكم ظاهرآ بالنفوذ؛ لأنّ الشرط فيه هو وفاء الثلث حين الموت، وهو غير معلوم. وأصالة بقاء المال لاتجدي؛ لأنّها من الأصول المثبتة، وعدم تعلّق حقّ الوارث بأزيد من الثلثين الموجودين لايثمر؛ لأنّ الشرط هو الخروج حين الموت لا الوفاء حين التصرّف. هذا، وعلى أيّ حال لايجوز للميّت أنيتصرّف في ذلک المال تصرّفآ منافيآ للتصرّف الأوّل، بأن يرجع في تصرّفه إذا كان من التصرّفات اللازمة بدعوى أنّ النفوذ غير معلوم والأصل البقاء على ملكه، فإنّه لازم من قبله، نظير الأصيل في البيع الفضولي قبل الإجازة ـ على القول باللزوم بالنسبة إليه ـ بل المقام أولى بذلک، بل يمكن أن يدّعى أنّه لو علم عدم الخروج من الثلث وأنّ الوارث لايجيز، لايجوز له الرجوع أيضآ؛ لعموم ما دلّ على لزوم ذلک التصرّف في حقّه، فتأمّل؛ فإنّه مع العلم بذلک يعلم بقاء المال على ملكه فلا مانع من التصرّف فيه.
|