|
الثالث في أنّه هل يؤثّر الردّ في حال الحياة أم لا ؟
إذا قلنا بعدم تأثير الإجازة حال الحياة فلا إشكال في عدم تأثير الردّ حالها أيضآ، وأنّه لايوجب بطلان التصرّف بالنسبة إلى الزائد، بحيث لايقبل الإجازة بعد ذلک. وأمّا إن قلنا بكونها مؤثّرة فهل الردّ أيضآ مؤثّر في البطلان أو لا ؟ بل يمكن لحوق الإجازة بعد الموت؟ الحقّ عدم تأثيره وأنّ أهليّة الإجازة بعد باقية؛ لعدم الدليل على ذلک. والفارق بين المقام وبين مسألة الفضوليّ حيث نقول: إنّ المالک لو ردّ قبل الإجازة فلايمكن تصحيح العقد بعده وأنّه يبطل بذلک. أمّا الإجماع، كما ادّعوا هناک، وإلّا فنقول: مقتضى القاعدة عدم البطلان فيه أيضآ، بل وكذا الردّ بين الإيجاب والقبول يمكن دعوى عدم تأثيره في بطلان الإيجاب لو لا الإجماع. وأمّا كون الإجازة في الفضوليّ بمنزلة الركن من المعاملة؛ حيث إنّ المجيز في الحقيقة بمنزلة الطرف الآخر فيها، بخلاف المقام؛ فإنّ المعاملة تامّة في حدّ نفسها. غاية الأمر أنّ الشارع جعل للوارث فيها حقّآ، فما دام متمسّكآ بحقّه لا تؤثّر أثرها، وبعد رفع يده عنه يترتّب عليها أثرها، نظير إجازة المرتهن لبيع الراهن؛ فإنّ المال للراهن وبيعه إنّما وقع على ماله، ولا دخل للمرتهن بأصل المعاملة. غاية الأمر كونه ذا حقّ فيه، فردّه لا يوجب بطلان المعاهدة بين الطرفين؛ إذ قوامها بالمالكين. ولذا إذا ارتفع المانع، وهو حقّ المرتهن بغير الإجازة كفکّ الرهن يؤثّر العقد أثره. والحاصل أنّه فرق بين ما إذا كان المجيز طرفآ للمعاهدة ـ كما في الفضوليّ ـ وبين ما إذا لم يكن ـ كما في المرتهن والمقام ـ بناءً على ما عرفت[1] من كون الإجازة فيه تنفيذآ لما فعله الميّت لا ابتداء عطيّة، فإنّه حينئذ لايكون أمر المعاهدة بيده إبقاءً وفسخآ، بل إنّما له الابطال بالتمسّک بحقّه أبدآ، وإلّا فليس له حلّ العقد وإمضاؤه ؛ إذ هو أجنبيّ عنه بما هو عقد. وهذا كلّه إنّما هو في الردّ حال الحياة. وأمّا لو كان بعد الموت فلاينفع الإجازة بعده؛ لأنّ المال به يدخل في ملكه فلا يمكن بعده الإجازة؛ إذ لايبقى معطّلا إلى الأبد أو إلى أن يوجد التصرّف المنافي. وفي الحقيقة الردّ بعد الموت أيضآ لايوجب البطلان بما هو ردّ. وبعبارة أخرى من حيث إنّه حلّ للعقد، بل لعدم إمكان لحوق الإجازة من جهة عدم بقاء المحلّ لدخول المال في ملک الوارث، فيلزم من صحّة الإجازة كونها ابتداء عطيّة حينئذ. -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ عرفته في الصفحة .179
|