|
القول في واجبات الغسل
(مسألة 1) : واجبات الغسل اُمور : الأوّل: النيّة ، ويعتبر فيها الإخلاص . ولابدّ من استدامتها ولو ارتكازاً . (مسألة 2) : لو دخل الحمّام بنيّة الغسل ، فإن بقي في نفسه الداعي الأوّل ، وكان غمسه واغتساله بذلك الداعي ؛ بحيث لو سئل عنه حين غمسه : ما تفعل ؟ يقول : أغتسل ، فغسله صحيح ، وقد وقع غسله مع النيّة . وأمّا إذا كان غافلاً بالمرّة بحيث لو قيل له : ما تفعل ؟ بقي متحيّراً ، بطل غسله ، بل لم يقع منه أصلاً . (مسألة 3) : لو ذهب إلى الحمّام ليغتسل ، وبعدما خرج شكّ في أنّه اغتسل أم لا ، بنى على العدم . وأمّا لو علم أنّه اغتسل ، ولكن شكّ في أنّه على الوجه الصحيح أم لا ، بنى على الصحّة . الثاني: غسل ظاهر البشرة ، فلايجزي غيره ، فيجب عليه ـ حينئذ ـ رفع الحاجب وتخليل ما لايصل الماء إليه إلاّ بتخليله . ولايجب غسل باطن العين والأنف والاُذن وغيرها ؛ حتّى الثقبة التي في الاُذن والأنف للقرط أو الحلقة ، إلاّ إذا كانت واسعة بحيث تُعدّ من الظاهر . والأحوط غسل ما شُكّ في أنّه من الظاهر أو الباطن . (مسألة 4) : يجب غسل ما تحت الشعر من البشرة ، وكذا الشعر الدقيق الذي يُعدّ من توابع الجسد . والأحوط([1]) وجوب غسل الشعر مطلقاً . الثالث: الترتيب في الترتيبي ، الذي هو أفضل من الارتماسي([2]) : الذي هو عبارة عن تغطية البدن في الماء مقارناً للنيّة ، ويكفي فيها استمرار القصد ولو ارتكازاً . والترتيب : عبارة عن غسل تمام الرأس([3]) ـ ومنه العنق ـ مُدخِلاً لبعض الجسد معه مقدّمة ، ثمّ تمام النصف الأيمن مُدخِلاً لبعض الأيسر وبعض العنق معه مقدّمة . والأحوط الأولى إدخال تمام الجانب الأيمن من العنق في النصف الأيمن ، وإدخال بعض الرأس معه مقدّمة . ثمّ تمام النصف الأيسر مُدخِلاً لبعض الأيمن والعنق معه مقدّمة . والأحوط الأولى إدخال تمام الجانب الأيسر من العنق في الجانب الأيسر ، وإدخال بعض الرأس مقدّمة . وتدخل العورة والسُّرّة في التنصيف المذكور ، فيغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن ، ونصفهما الأيسر مع الأيسر ، إلاّ أنّ الأولى غسلهما مع الجانبين . واللازم استيعاب الأعضاء الثلاثة بالغسل بصبّة واحدة أو أكثر بفرك أو دلك أو غير ذلك . (مسألة 5) : لا ترتيب في العضو ، فيجوز غسله من الأسفل إلى الأعلى وإن كان الأولى البدأة بأعلى العضو فالأعلى . كما أنّه لا كيفيّة مخصوصة للغسل هنا ، بل يكفي مسمّاه ، فيجزي رمس الرأس في الماء ، ثمّ الجانب الأيمن ثمّ الأيسر([4]) . ويجزيه أيضاً رمس البعض والصبّ على آخر . ولو ارتمس ثلاث ارتماسات ناوياً بكلّ واحد غسل عضو صحّ . بل يتحقّق مسمّاه بتحريك العضو في الماء على وجه يجري الماء عليه ، فلايحتاج إلى إخراجه منه ثمّ غمسه فيه . (مسألة 6) : الظاهر حصول الارتماسي بالغمس في الماء تدريجاً ، واللازم ـ على الأحوط ـ أن يكون تمام البدن في الماء في آن واحد ، فلو خرج بعض بدنه من الماء قبل أن ينغمس البعض الآخر ، لايتحقّق الارتماس . نعم لايضرّ دخول رجله في الطين يسيراً عند انغماسه للغسل ، ففي الأنهار والجداول التي تدخل الرجل في الطين يسيراً يجوز الارتماسي ؛ وإن كان الأحوط اختيار الترتيبي . والأحوط أن يكون الغمس بالدّفعة العرفيّة . (مسألة 7) : لو تيقّن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه ، وجبت إعادة الغسل في الارتماسي . وأمّا في الترتيبي فإن كان ذلك الجزء من الطرف الأيسر ، يكفي غسل ذلك الجزء ولو طالت المدّة حتّى جفّ تمام الأعضاء ، ولايحتاج إلى إعادة الغسل ، ولا إعادة غسل سائر أجزاء الأيسر ، وإن كان من الأيمن يغسل خصوص ذلك الجزء ويعيد غسل الأيسر([5]) ، وإن كان من الرأس يغسل خصوص ذلك الجزء ويعيد غسل الطرفين . (مسألة 8) : لايجب الموالاة في الترتيبي ، فلو غسل رأسه ورقبته في أوّل النهار ، والأيمن في وسطه ، والأيسر في آخره ، صحّ . (مسألة 9) : يجوز الغسل تحت المطر وتحت الميزاب ترتيباً ، لا ارتماساً . الرابع من الواجبات: إطلاق الماء وطهارته وإباحته ، بل الأحوط إباحة المكان والمصبّ والآنية ؛ وإن كان عدم الاشتراط فيها لايخلو من وجه . ويعتبر أيضاً المباشرة اختياراً ، وعدم المانع من استعمال الماء لمرض ونحوه على ما مرّ في الوضوء . وكذا طهارة المحلّ الذي يراد إجراء ماء الغسل عليه ، فلو كان نجساً طهّره أوّلاً ، ثمّ أجرى الماء عليه للغسل . (مسألة 10) : إذا كان قاصداً([6]) عدم إعطاء الاُجرة للحمّامي ، أو كان بناؤه على إعطائها من الحرام ، أو على النسيئة من غير تحقّق رضا الحمّامي ، بطل غسله وإن استرضاه بعده . (مسألة 11) : يشكل الوضوء والغسل بالماء المسبَّل ، إلاّ مع العلم بعموم الإباحة من مالكه . (مسألة 12) : الظاهر أنّ ماء غسل المرأة من الجنابة والحيض والنفاس ، وكذا اُجرة تسخينه إذا احتاج إليه ، على زوجها . (مسألة 13) : يتعيّن على المجنب في نهار شهر رمضان أن يغتسل ترتيباً ، فلو اغتسل ارتماساً بطل غسله وصومه على الأحوط([7]) فيهما . (مسألة 14) : لو شكّ في شيء من أجزاء الغسل وقد فرغ من الغسل ، بنى على الصحّة ، وكذا لو شكّ فيه وقد دخل في جزء آخر على الأقوى ؛ وإن كان الأحوط في هذا الفرض التدارك . (مسألة 15) : ينبغي للمجنب ـ إذا أنزل ـ الاستبراء بالبول قبل الغسل ، وليس هو شرطاً في صحّة غسله ، ولكن فائدته أنّه لو فعله واغتسل ، ثمّ خرج منه بلل مشتبه ، لايجب عليه إعادة الغسل ، بخلاف ما لو اغتسل بدونه ، فإنّ البلل المشتبه ـ حينئذ ـ محكوم بكونه منيّاً ؛ سواء استبرأ بالخرطات لتعذّر البول عليه أم لا . نعم لو اجتهد في الاستبراء ؛ بحيث قطع بنقاء المحلّ وعدم بقاء المنيّ في المجرى ، واحتمل أن يكون حادثاً ، لا تجب الإعادة على الأقوى ، وكذا لو كان طول المدّة منشأ لقطعه . لكن الأحوط الاعادة في الصورتين . (مسألة 16) : المجنب بسبب الإنزال لو اغتسل ، ثمّ خرج منه بلل مشتبه بين المنيّ والبول ، فإن لم يستبرئ بالبول يحكم بكونه منيّاً ، فيجب عليه الغسل خاصّة ، وإن بال ولم يستبرئ بالخرطات بعده يحكم بكونه بولاً ، فيجب عليه الوضوء خاصّة . ولا فرق في هاتين الصورتين بين احتمال غيرهما من المذي وغيره وعدمه . وإن استبرأ بالبول وبالخرطات بعده ، فإن احتمل غير البول والمنيّ أيضاً ليس عليه غسل ولا وضوء ، وإن لم يحتمل غيرهما ، فإن أوقع الأمرين قبل الغسل ، وخرج البلل المشتبه بعده ، يجب الاحتياط([8]) بالجمع بين الغسل والوضوء ، وإن أوقعهما بعده ثمّ خرج البلل المزبور يكفي الوضوء خاصّة . (مسألة 17) : لو خرجت بعد الإنزال والغسل رطوبة مشتبهة بين المنيّ وغيره ، وشكّ في أنّه استبرأ بالبول أم لا ، بنى على عدمه ، فيجب عليه الغسل ، ومع احتمال كونه بولاً الأحوط ضمّ الوضوء أيضاً . (مسألة 18) : يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكلّ ما اشترط به . (مسألة 19) : لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل لم يبطل على الأقوى ، لكن يجب الوضوء بعده لكلّ ما اشترط به ، والأحوط استئناف الغسل قاصداً به ما يجب عليه من التمام أو الإتمام والوضوء بعده . (مسألة 20) : لو ارتمس في الماء بقصد الاغتسال ، وشكّ في أنّه كان ناوياً للغسل الارتماسي حتّى يكون فارغاً ، أو الترتيبي وكان ارتماسه بقصد غسل الرأس والرقبة وبقي الطرفان ، يحتاط بغسل الطرفين ، ولايجب الاستئناف ، بل لايكفي الارتماسي على الأحوط . (مسألة 21) : لو صلّى المجنب ، ثمّ شكّ في أنّه اغتسل من الجنابة أم لا ، بنى على صحّة صلاته ، ولكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية . ولو كان الشكّ في أثناء الصلاة بطلت ، والأحوط إتمامها ثمّ إعادتها مع الغسل . (مسألة 22) : إذا اجتمع عليه أغسال متعدّدة ـ واجبة أو مستحبّة أو مختلفة ـ فإن نوى الجميع بغسل واحد صحّ وكفى عن الجميع مطلقاً([9]) ، فإن كان فيها غسل الجنابة لا حاجة إلى الوضوء للمشروط به ، وإلاّ وجب الوضوء قبل الغسل أو بعده . ومع عدم نيّة الجميع ففي الكفاية إشكال([10]) ، فلايترك الاحتياط . نعم لايبعد كفاية نيّة الجنابة عن سائر الأغسال ، لكن لاينبغي ترك الاحتياط بنيّة الجميع . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل يجب غسله على الأقوى على نحو التروّي من الماء، وأمّا غسل البشرة التي تحته فليس بواجب على الأظهر. [2] ـ غير ثابت، بل الظاهر المساواة . [3] ـ تقدّمه على غسل الأيمن والأيسر ممّا لاإشكال ولاكلام فيه ، وأ مّا تقدّم الأيمن على الأيسر فهو وإن كان أحوط ، لكن عدم لزومه وكفاية غسل البدن كيف ما كان ، لايخلو عن قوّة . [4] ـ قد انقدح ممّا قلنا في الترتيب عدم لزومه بين الأيمن والأيسر في هذا الفرع والفرع الآتي . [5] ـ هذا على مبناه(قدس سره)، وأ مّا على ما قلنا من عدم الترتيب بين الأيسر والأيمن ، فلا محلّ له ، كما لايخفى . [6] ـ هذه المسألة وفروعها مربوطة بما ليس وقفاً، كحمام البلاد، وأمّا ما كان منه وقفاً، كحمام الرساتيق فحكمه غير ذلك. [7] ـ بل على الأقوى . [8] ـ إن كان متطهّراً وجداناً أو أصلا ، وأ مّا إن كان محدثاً بالحدث الأصغر فالظاهر كفاية الوضوء ، ولا فرق في ذلك بين ما حصل الأمرين قبل الغسل أو بعده . [9] ـ وكفى عن الوضوء أيضاً ؛ لكفاية الأغسال مطلقاً عن الوضوء ، وأنّ «أيّ وضوء أنقى من الغسل». (وسائل الشيعة 2 : 247 / 4) [10] ـ بل منع .
|