|
القول في غسل الميّت
يجب كفاية تغسيل كلّ مسلم ؛ ولو كان مخالفاً على الأحوط فيه([1]) ، كما أنّ الأحوط تغسيله بالكيفيّة التي عندنا والتي عندهم([2]) ، ولايجوز تغسيل الكافر ومن حكم بكفره من المسلمين ، كالنواصب والخوارج وغيرهما على التفصيل الآتي في النجاسات ، وأطفال المسلمين حتّى ولد الزنا منهم بحكمهم ، فيجب تغسيلهم . بل يجب تغسيل السِّقط إذا تمّ له أربعة أشهر ، ويُكفَّن ويُدفن على المتعارف ، ولو كان له أقلّ من أربعة أشهر لايجب غسله([3]) ، بل يُلفّ في خرقة ويُدفن . (مسألة 1) : يسقط الغسل عن الشهيد ـ وهو المقتول في الجهاد مع الإمام(عليه السلام) أو نائبه الخاصّ ـ بشرط خروج روحه في المعركة([4]) حين اشتعال الحرب أو في غيرها قبل إدراكه المسلمون حيّاً . وأمّا لو عثروا عليه بعد الحرب في المعركة وبه رَمَق ، فيجب غسله وتكفينه ـ على الأحوط ـ لو خرج روحه فيها ، ولو خرج خارجها فالظاهر وجوب غسله وتكفينه . ويلحق به المقتول في حفظ بيضة الإسلام ، فلايغسّل ولايحنّط ولا يُكفّن ، بل يُدفن بثيابه ، إلاّ إذا كان عارياً فيكفّن . وكذا يسقط عمّن وجب قتله برجم أو قصاص ، فإنّ الإمام(عليه السلام) أو نائبه الخاصّ أو العامّ يأمره بأن يغتسل غسل الميّت ، ثمّ يُكفّن كتكفينه ويُحنّط ، ثمّ يقتل ويُصلّى عليه ، ويُدفن بلا تغسيل ، والظاهر أنّ نيّة الغسل من المأمور ؛ وإن كان الأحوط نيّة الآمر أيضاً . (مسألة 2) : القطعة المنفصلة من الميّت قبل الاغتسال ـ إن لم تشتمل على العظم ـ لايجب غسلها ، بل تُلفّ في خرقة وتُدفن على الأحوط([5]) ، وإن كان فيها عظم ولم تشتمل على الصدر ، تغسل وتدفن بعد اللفّ في خرقة . ويُلحق بها إن كانت عظماً مجرّداً في الدفن ، والأحوط الإلحاق في الغسل أيضاً ؛ وإن كان عدمه لايخلو من قوّة . وإن كانت صدراً ، أو اشتملت على الصدر ، أو كانت بعض الصدر الذي محلّ القلب في حال الحياة ـ وإن لم يشتمل عليه فعلاً ـ تغسّل وتُكفّن ويُصلّى عليها وتُدفن ، ويجوز الاقتصار في الكفن على الثوب واللفّافة ، إلاّ إذا كانت مشتملة على بعض محلّ المئزر أيضاً ، ولو كان معها بعض المساجد يحنّط ذلك البعض . وفي إلحاق المنفصلة من الحيّ بالميّت في جميع ما تقدّم إشكال ، لايترك الاحتياط بالإلحاق فيها ، وعدم الإلحاق في المسّ بعد الغسل في العظم([6]) أو المشتمل عليه . (مسألة 3) : تغسيل الميّت كتكفينه والصلاة عليه فرض ـ على الكفاية ـ على جميع المكلّفين ، وبقيام بعضهم به يسقط عن الباقين ، وإن كان أولى الناس بذلك أولاهم بميراثه ؛ بمعنى أنّ الوليّ لو أراد القيام به ـ أو عيّن شخصاً لذلك ـ لايجوز مزاحمته ، بل قيام الغير به مشروط بإذنه ـ على الأقوى ـ فلايجوز بدونه . نعم تسقط شرطيته مع امتناعه عنه وعن القيام به على الأقوى ؛ وإن كان الأحوط الاستئذان من المرتبة المتأخّرة ، ولو كان الوليّ قاصراً أو غائباً لايبعد وجوب الاستئذان من الحاكم الشرعي([7]) . والإذن أعمّ من الصريح والفحوى وشاهد الحال القطعي . (مسألة 4) : المراد بالوليّ ـ الذي لايجوز مزاحمته أو يجب الاستئذان منه ـ كلّ من يرثه بنسب أو سبب ، ويترتّب ولايتهم على ترتيب طبقات الإرث ، فالطبقة الاُولى مقدّمون على الثانية ، وهي على الثالثة ، فإذا فقدت الأرحام فالأحوط([8]) الاستئذان من المولى المعتق ، ثمّ ضامن الجريرة ، ثمّ الحاكم الشرعي . وأمّا في نفس الطبقات فتقدُّم الرجال على النساء لايخلو من وجه([9]) ، لكن لاينبغي ترك الاحتياط في الاستئذان عنهنّ أيضاً . والبالغون مقدّمون على غيرهم ، ومن تقرّب إلى الميّت بالأبوين أولى ممّن تقرّب إليه بأحدهما ، ومن انتسب إليه بالأب أولى ممّن انتسب إليه بالاُمّ . وفي الطبقة الاُولى الأب مقدّم على الاُمّ([10]) والأولاد ، وهم على أولادهم . وفي الطبقة الثانية الجدّ مقدّم على الإخوة على وجه([11]) ـ وإن لايخلو من تأمّل ـ وهم على أولادهم . وفي الثالثة العمّ مقدّم على الخال وهما على أولادهما . (مسألة 5) : الزوج أولى بزوجته من جميع أقاربها إلى أن يضعها في قبرها([12]) دائمة كانت أو منقطعة ؛ على إشكال في الأخيرة([13]) . (مسألة 6) : لو أوصى الميّت في تجهيزه إلى غير الوليّ فالأحوط الاستئذان منه ومن الولي([14]) . (مسألة 7) : يشترط المماثلة بين المغسِّل والميّت في الذكورة والاُنوثة ، فلايغسّل الرجل المرأة ولا العكس ؛ ولو كان من وراء الستر ومن دون لمس ونظر ، إلاّ الطفل الذي لايزيد عمره من ثلاث سنين ، فيجوز لكلّ من الرجل والمرأة تغسيل مخالفه ولو مع التجرّد ، وإلاّ الزوج والزوجة ، فيجوز لكلّ منهما تغسيل الآخر ولو مع وجود المماثل والتجرّد ؛ حتّى أنّه يجوز لكلّ منهما النظر إلى عورة الآخر على كراهية . ولا فرق في الزوجة بين الحرّة والأمة ، والدائمة والمنقطعة والمطلّقة الرجعيّة قبل انقضاء عدّة الطلاق ؛ على إشكال في الأخيرتين([15]) . (مسألة 8) : لا إشكال في جواز تغسيل الرجل محارمه وبالعكس ـ مع فقد المماثل ـ حتّى عارياً مع ستر العورة ، وأمّا مع وجوده ففيه تأمّل وإشكال ، فلايترك الاحتياط . (مسألة 9) : يجوز للمولى تغسيل أمته إذا لم تكن مزوّجة ولا معتدّة ولا مبعّضة ، بل ولا مكاتبة على الأحوط . وأمّا تغسيل الأمة مولاها ففيه إشكال . (مسألة 10) : الميّت المشتبه بين الذكر والاُنثى ـ ولو من جهة كونه خُنثى ـ يغسّله من وراء الثوب كلّ من الرجل والاُنثى . (مسألة 11) : يعتبر في المغسِّل الإسلام ، بل والإيمان في حال الاختيار ، فلو انحصر المغسِّل المماثل في الكتابي أو الكتابيّة ، أمر المسلمُ الكتابيّةَ والمسلمةُ الكتابيَّ أن يغتسل أوّلاً ثمّ يغسِّل الميت ، وإن أمكن أن لايمسّ الماء وبدن الميّت ، أو يغسّل في الكرّ أو الجاري ، تعيّن على الأحوط([16]) . ولو انحصر المماثل في المخالف فكذلك ، إلاّ أنّه لايحتاج إلى الاغتسال قبل التغسيل ، ولا إلى عدم مسّ الماء وبدن الميّت ، ولا إلى الغسل في الكرّ والجاري . ولو انحصر المماثل في الكتابي والمخالف يقدّم الثاني . (مسألة 12) : لو لم يوجد المماثل حتّى الكتابي سقط الغسل على الأقوى ، ولايبعد أن يكون الأحوط ترك غسله ودفنه بثيابه . كما أنّ الأحوط أن ينشّف بدنه قبل التكفين ؛ لاحتمال بقاء نجاسته فيتنجّس الكفن به . (مسألة 13) : الأحوط([17]) اعتبار البلوغ في المغسّل ، فلايجزي تغسيل الصبي المميّز على الأحوط ؛ حتّى بناءً على صحّة عباداته ، كما هو الأقوى . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل على الأقوى . [2] ـ والظاهر كفاية التغسيل بالكيفية التي عندنا ، بل لم أعرف وجهاً للاحتياط في المورد . [3] ـ إن لم تستوِ خلقته ، وإلاّ فوجوب الغسل أظهر . [4] ـ بل بشرط أن لايدركه المسلمون وفيه قوّة الحياة . [5] ـ بالنسبة إلى اللفّ في الخرقة ، وإلاّ فالدفن واجب . [6] ـ مرّ عدم وجوب الغسل بمسّ العظم المجرّد المنفصل من الحيّ ، كما أنّ الظاهر عدم وجوب غسل الميّت للعظم المجرّد المنفصل عن الحيّ . [7] ـ وإن كان الأقوى عدم وجوبه . [8] ـ وإن كان الأقوى عدم وجوب الاستئذان منهم وعدم الولاية لهم . [9] ـ غير وجيه ، فالأقوى الاستئذان عنهنّ كالرجال . [10] ـ الأولوية ممنوعة، وهما متساويان ، وكذلك الأمر في المنتسب إليه بالأب على المنتسب إليه بالاُمّ . [11] ـ وجيه . [12] ـ وكذا الزوجة بالنسبة إلى الزوج ، كما عن بعض، وهو الأقوى ؛ قضاءً لإلغاء الخصوصية العرفية ، وأنّ المناط مناسبةً للحكم والموضوع الزوجية المشتركة بينهما ، ففي الحديث : «الزوج أحقّ بامرأته حيث يضعها في قبرها» ، (وسائل الشيعة 3 : 116 / 3) لا لما قيل من أنّ الزوج يطلق على الزوج والزوجة ؛ لأنّ الإطلاق كذلك إنّما يكون فيما اختصّ الزوج بالذكر دون مثل الحديث ممّا تكون الزوجة مذكورة فيه . [13] ـ لكنّ الظاهر التفصيل بين من قضت مدّتها قبل كلّ عمل مرتبط بتجهيز الميّت أو كانت المدّة قصيرة وبين من لم تكن كذلك ، بكونها كالدائم في الثاني دون الأوّل . [14] ـ وإن كان الأقوى عدم لزوم الاستئذان من الوليّ . [15] ـ غير وارد في الأخيرة ، فإنّ المطلّقة الرجعية زوجة ، وأ مّا المنقطعة بعد الانقضاء فلاينبغي الإشكال في عدم الإلحاق ، وإنّما الإشكال بالنسبة إلى قبل الانقضاء ، كما لايخفى . [16] ـ فيمن يكون منهم نجساً ، كالكافر والمقصّر المعاند ، دون من كان منهم طاهراً ، كغير المسلم القاصر الذي هو الغالب فيهم . [17] ـ على اعتبار القربة فيه، وأمّا على المختار من عدم اعتبار قصد القربة فيه على الظاهر ـ تبعاً للمقدّس الأردبيلي(قدس سره) ـ فالظاهر صحّة غسل الصبيّ وإجزائه.
|