|
القول في الصلاة على الميّت
يجب الصلاة على كلّ مسلم وإن كان مخالفاً للحقّ على الأصحّ . ولايجوز على الكافر بأقسامه ؛ حتّى المرتدّ ومن حكم بكفره ممّن انتحل الإسلام ، كالنواصب والخوارج . ومن وُجد ميّـتاً في بلاد المسلمين يُلحق بهم ، وكذا لقيط دار الإسلام ، وأمّا لقيط دار الكفر ـ إن وجد فيها مسلم يحتمل كونه منه ـ ففيه إشكال . وأطفال المسلمين ـ حتّى ولد الزنا منهم ـ بحكمهم في وجوب الصلاة عليهم إذا بلغوا ستّ سنين ، وفي الاستحباب على من لم يبلغ ذلك الحدّ إذا ولد حيّاً تأمّل . وأمّا من وُلد ميّـتاً فلا تستحبّ وإن ولجه الروح قبل ولادته . وقد تقدّم سابقاً : أنّ حكم بعض البدن ـ إن كان صدراً ، أو مشتملاً عليه ، أو كان بعض الصدر الذي محلّ القلب وإن لم يشتمل عليه فعلاً ـ حكم تمام البدن في وجوب الصلاة عليه . (مسألة 1) : محلّ الصلاة بعد الغسل والتكفين ، فلا تُجزي قبلهما ، ولا تسقط بتعذّرهما ، كما أنّه لا تسقط بتعذّر الدفن أيضاً ، فلو وجد في الفلاة ميّت ولم يمكن غسله وتكفينه ولا دفنه يُصلّى عليه ويُخلّى . والحاصل : أنّ كلّ ما تعذّر من الواجبات يسقط ، وكلّ ما يمكن يثبت . (مسألة 2) : يعتبر في المصلّي على الميّت أن يكون مؤمناً ، فلايجزي صلاة المخالف ، فضلاً عن الكافر . ولايعتبر فيه البلوغ على الأقوى ، فيصحّ صلاة الصبيّ المميّز ، لكن في إجزائها عن المكلّفين البالغين تأمّل([1]) . ولا يُعتبر فيه الذكورة ، فتصحّ صلاة المرأة ولو على الرجال ، ولايشترط في صحّـتها عدم الرجال ، ولكن ينبغي تقديمهم مع وجودهم([2]) ، بل هو أحوط . (مسألة 3) : الصلاة على الميّت وإن كان فرضاً على الكفاية ، إلاّ أنّه كسائر أنواع تجهيزه أولى الناس بها أولاهم بميراثه ، فلو أراد المباشرة بنفسه أو عيّن شخصاً لها لايجوز مزاحمته ، بل الأقوى اشتراط إذنه في صحّة عمل غيره . ولو أوصى الميّت بأن يصلّي عليه شخص معيّن ، فالأحوط على الوليّ الإذن ، وعلى الوصيّ الاستئذان منه([3]) . (مسألة 4) : يستحبّ فيها الجماعة ، والأحوط اعتبار اجتماع شرائط الإمامة ـ من العدالة ونحوها ـ هنا أيضاً ، بل الأحوط اعتبار اجتماع شرائط الجماعة من عدم الحائل ونحوه ، وإن لايبعد عدم اشتراط شيء من شرائط الإمامة والجماعة ، إلاّ فيما يشترط في صدقها عرفاً ، كعدم البعد المُفرط والحائل الغليظ . ولايتحمّل الإمام هنا عن المأمومين شيئاً . (مسألة 5) : يجوز أن يصلّي على ميّت واحد في زمان واحد أشخاصٌ متعدّدون فرادى ، بل وبالجماعات المتعدّدة . ويجوز لكلّ واحد منهم قصد الوجوب ما لم يفرغ منها أحد ، فإذا فرغ نوى الباقون الاستحباب أو القُربة ، وكذلك الحال في المصلّين المتعدّدين في جماعة واحدة . (مسألة 6) : يجوز للمأموم نيّة الانفراد في الأثناء ، لكن بشرط أن لايكون بعيداً عن الجنازة بما يضرّ ، ولا خارجاً عن المحاذاة المعتبرة في المنفرد . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل عدم الإجزاء غير بعيد . [2] ـ حفظاً للستر والعفاف ، وإلاّ فلاترجيح لصلاتهم على الميّت على صلاتهنّ ، قال الله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ). (النحل (16) : 97) [3] ـ وإن كان الظاهر عدم لزوم الإذن ولاالاستئذان عليهما ؛ لأنّ أولوية الوليّ ثابتة بالإضافة إلى الغير ، لا بالنسبة إلى الميّت نفسه ، ولا بالنسبة إلى وصيّته الصلاة مثلاً عليه لشخص معيّن ، فإنّ أولوية الوليّ ناشئة من أولوية المولّى عليه على نفسه ، فكيف تكون له الأولوية بالنسبة إليه نفسه ؟ فتدبّر جيّداً .
|