|
القول في الدفن
يجب كفاية دفن الميّت المسلم ومن بحكمه ، وهو مواراته في حفيرة من الأرض ، فلايجزي البناء عليه ؛ بأن يوضع على سطح الأرض فيُبنى عليه حتّى يُوارى ، ولا وضعه في تابوت ـ ولو من صخر أو حديد ـ مع القدرة على المواراة في الأرض . نعم لو تعذّر الحفر لصلابة الأرض ـ مثلاً ـ أجزأ البناء عليها ووضعه فيه ونحو ذلك من أقسام المواراة ، ولو أمكن نقله إلى أرض يمكن حفرها قبل أن يحدث بالميّت شيء وجب ، والأحوط كون الحفيرة بحيث تحرس جُثّته من السباع ، وتكتم رائحته عن الناس ، وإن كان الأقوى كفاية مجرّد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين ؛ ولو من جهة عدم وجود السباع ، وعدم من يؤذيه رائحته من الناس ، أو البناء على قبره بعد مواراته . (مسألة 1) : راكب البحر مع تعذّر إيصاله إلى البرّ ـ لخوف فساده أو لمانع آخر ـ أو تعسّره يُغسّل ويُكفّن ويُحنّط ويُصلّى عليه ، ويوضع في خابية ونحوها ويُوكأ رأسها ، أو يثقل بحجر أو نحوه في رجله ، ويُلقى فيه . والأحوط اختيار الأوّل مع الإمكان . ولو خيف على ميّت من نبش العدوّ قبره والتمثيل به ، اُلقي في البحر بالكيفيّة المزبورة . (مسألة 2) : يجب كون الدفن مستقبل القبلة ؛ بأن يُضجعه على جنبه الأيمن ؛ بحيث يكون رأسه إلى المغرب ورجلاه إلى المشرق ـ مثلاً ـ في البلاد الشمالية . وبعبارة اُخرى : يكون رأسه إلى يمين من يستقبل القبلة ورجلاه إلى يساره . وكذا في دفن الجسد بلا رأس ، بل في الرأس بلا جسد ، بل في الصدر وحده ، إلاّ إذا كان الميّت كافرة حاملاً بولد مسلم ، فإنّها تُدفن مستدبرة القبلة على جانبها الأيسر ؛ ليصير الولد في بطنها مستقبلاً . (مسألة 3) : مؤونة الدفن حتّى ما يحتاج إليه لأجل استحكامه؛ من القير والساروج وغير ذلك ، بل ما يأخذه الجائر للدفن في الأرض المباحة ، تخرج من أصل التركة ، وكذا مؤونة الإلقاء في البحر من الحجر أو الحديد الذي يثقل به الميّت ، أو الخابية التي يوضع فيها . (مسألة 4) : لو اشتبهت القبلة ، فإن أمكن تحصيل العلم أو ما بحكمه ؛ ولو بالتأخير على وجه لايخاف على الميّت ، ولايضرّ بالمباشرين ، وجب ، وإلاّ فيعمل بالظنّ على الأحوط([1]) ، ومع عدمه يسقط الاستقبال . (مسألة 5) : يجب دفن الأجزاء المبانة من الميّت ، حتّى الشعر والسِّنّ والظفر ، والأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ إلحاقها ببدن الميت([2]) والدفن معه ما لم يستلزم النبش ، وإلاّ ففيه تأمّل([3]) . (مسألة 6) : لو مات شخص في البئر ، ولم يمكن إخراجه ولا استقباله ، يخلّى على حاله ، ويسدّ البئر ويجعل قبراً له مع عدم لزوم محذور ، ككون البئر ملكاً للغير . (مسألة 7) : لو مات الجنين في بطن الحامل وخيف عليها من بقائه ، يجب التوسّل إلى إخراجه بكلّ حيلة ؛ ملاحظاً للأرفق فالأرفق ولو بتقطيعه قطعةً قطعة ، ويكون المباشر مع الإمكان زوجها ، وإلاّ فالنساء ، وإلاّ فالمحارم من الرجال ، فإن تعذّر فالأجانب . ولو ماتت الحامل وكان الجنين حيّاً وجب إخراجه ولو بشقّ بطنها ، والأحوط شقّ جنبها الأيسر مع عدم الفرق بينه وبين غيره من المواضع ، وإلاّ فيشقّ الموضع الذي يكون الخروج معه أسلم ، ويخرج الطفل ، ثمّ يُخاط وتُدفن . ولا فرق في ذلك بين رجاء بقاء الطفل بعد الإخراج وعدمه على تأمّل . ولوخيف ـ مع حياتهما ـ على كلّ منهما يُنتظر حتّى يقضي . (مسألة 8) : لايجوز الدفن في الأرض المغصوبة عيناً أو منفعة ، ومنها الأراضي الموقوفة لغير الدفن ، وما تعلّق بها حقّ الغير ، كالمرهونة بغير إذن المرتهِن . والأحوط الأولى([4]) ترك دفنه في قبر ميّت آخر قبل صيرورته رميماً ، نعم لايجوز النبش لذلك . وفي جواز الدفن في المساجد مع عدم الإضرار بالمسلمين وعدم مزاحمته المصلّين كلام ، والأحوط بل الأقوى عدم الجواز . (مسألة 9) : لايجوز أن يدفن الكفّار وأولادهم في مقبرة المسلمين ، بل لو دُفنوا نُبشوا ، سيّما إذا كانت مُسبَّلة للمسلمين . وكذا لايجوز دفن المسلم في مقبرة الكفّار ، ولو دُفن عصياناً أو نسياناً فالأقوى جواز نبشه ، خصوصاً إذا كان البقاء هتكاً له ، فيجب النبش والنقل . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ على الأقوى. [2] ـ الأقوائية ممنوعة، والواجب أصل الدفن ، والمتعيّن دفنه من غير نبش قبره. [3] ـ بل منع . [4] ـ بل المتعيّن فيما لم يندرس القبر بترك زيارته وطلب المغفرة له .
|