|
خاتمة تشتمل على مسائل
(مسألة 1) : يجوز نقل الميّت من بلد موته إلى بلد آخر قبل دفنه ، على كراهية إلاّ إلى المشاهد المشرّفة والأماكن المقدّسة ، فلا كراهة في النقل إليها ؛ بل فيه فضل ورجحان . وإنّما يجوز النقل مع الكراهة إلى غير المشاهد ـ وبدونها إليها ـ لو لم يستلزم من جهة بُعد المسافة وتأخير الدفن أو غير ذلك ، تغيّر الميّت وفساده وهتكه ، وأمّا مع استلزامه ذلك فلايجوز في غير المشاهد قطعاً ، والأحوط الترك فيها مع استلزامه ذلك وإيذاء الأحياء([1]) . وأمّا بعد الدفن فلو فرض إخراج الميّت عن قبره ، أو خروجه بسبب من الأسباب ، يكون بحكم غير المدفون . وأمّا نبشه للنقل فلايجوز في غير المشاهد ، وأمّا فيها ففيه تأمّل وإشكال([2]) ، وما يعمله بعض من توديع الميّت ـ وعدم دفنه بالوجه المعروف ؛ لينقل فيما بعد إلى المشاهد ؛ بتوهّم التخلّص عن محذور النبش ـ غير جائز ، والأقوى وجوب دفنه بالمواراة تحت الأرض . (مسألة 2) : يجوز البكاء على الميّت ، بل قد يستحبّ عند اشتداد الحزن ، ولكن لايقول ما يُسخط الربّ ، وكذا يجوز النوح عليه بالنظم والنثر ؛ لو لم يشتمل على الباطل من الكذب وغيره من المحرّمات ، بل والويل والثبور على الأحوط([3]) . ولايجوز اللطم والخدش وجزّ الشعر ونتفه والصراخ الخارج عن حدّ الاعتدال على الأحوط . ولايجوز شقّ الثوب على غير الأب والأخ([4]) . بل في بعض الاُمور المزبورة تجب الكفّارة ؛ ففي جزّ المرأة شعرها([5]) في المصيبة كفّارة شهر رمضان ، وفي نتفه كفّارة اليمين ، وكذا تجب كفّارة اليمين في خدش المرأة وجهها إذا أدمت ، بل مطلقاً على الأحوط ، وفي شقّ الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده. وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. (مسألة 3) : يحرم نَبش قبر المسلم ومن بحكمه([6]) ، إلاّ مع العلم باندراسه وصيرورته رميماً وتراباً . نعم لايجوز نبش قبور الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام) وإن طالت المدّة ، بل وكذا قبور أولاد الأئمّة والصلحاء والشهداء ممّا اتُّخذ مزاراً أو ملاذاً([7]) . والمراد بالنبش : كشف جسد الميت المدفون بعد ما كان مستوراً بالدفن ، فلو حفر القبر وأخرج ترابه من دون أن يظهر جسد الميت ، لم يكن من النبش المحرّم ، وكذا إذا كان الميّت موضوعاً على وجه الأرض وبُني عليه بناء ، أو كان في تابوت من صخرة ونحوها فأخرج . ويجوز النبش في موارد : منها: فيما إذا دفن في مكان مغصوب ـ عيناً أو منفعة ـ عدواناً أو جهلاً أو نسياناً ، ولايجب على المالك الرضا ببقائه مجّاناً أو بالعوض ، وإن كان الأولى بل الأحوط إبقاؤه ولو بالعوض ، خصوصاً فيما إذا كان وارثاً أو رحماً أو دُفن فيه اشتباهاً . ولو أذن المالك في دفن ميّت في ملكه وأباحه له ، ليس له أن يرجع عن إذنه وإباحته بعد الدفن . نعم لو خرج الميّت بسبب من الأسباب ، لايجب عليه الرضا والإذن بدفنه ثانياً في ذلك المكان ، بل له الرجوع عن إذنه . والدفن مع الكفن المغصوب أو مال آخر مغصوب كالدفن في المكان المغصوب ، فيجوز النبش لأخذه . ولو كان شيء من أمواله ـ من خاتم ونحوه ـ فدفن معه ، ففي جواز نبش الورثة إيّاه لأخذه تأمّل وإشكال([8]) ، خصوصاً فيما إذا لم يُجحف بهم . ومنها: لتدارك الغسل أو الكفن أو الحَنُوط فيما إذا دفن بدونها مع التمكّن ، كلّ ذلك مع عدم فساد البدن وعدم الهتك على الميّت . ولو دُفن بدونها لعذر ، كما إذا لم يوجد الماء أو الكفن أو الكافور ، ثمّ وجد بعد الدفن ، ففي جواز النبش لتدارك الفائت إشكال وتأمّل ، ولاسيّما إذا لم يوجد الماء فيُمّم بدلاً عن الغسل ودُفن ثمّ وُجد ، بل عدم جوازه لتدارك الغسل ـ حينئذ ـ هو الأقوى . وأمّا إذا دفن بلا صلاة فلاينبش لأجل تداركها قطعاً ، بل يُصلّى على قبره كما تقدّم . ومنها: إذا توقّف إثبات حقّ من الحقوق على مشاهدة جسده . ومنها: فيما إذا دُفن في مكان يوجب هتكه ، كما إذا دفن في بالوعة أو مزبلة ، وكذا إذا دُفن في مقبرة الكفّار . ومنها: لنقله إلى المشاهد المشرّفة مع إيصاء الميّت بنقله إليها بعد دفنه أو قبله ، فخولف عصياناً أو نسياناً أو جهلاً ، فدفن في مكان آخر ، أو بلا وصية منه أصلاً ، فالأقوى جوازه في الصورة الثانية ، وأمّا الاُولى والثالثة ففيهما إشكال وتأمّل([9]) ، وإنّما يجوز في الثانية لو لم يتغيّر البدن ولايتغيّر إلى وقت الدفن بما يوجب الهتك والإيذاء . ومنها: لو خيف عليه من سبع أو سيل أو عدوّ ونحو ذلك . (مسألة 4) : يجوز محو آثار القبور التي عُلم اندراس ميّـتها إذا لم يكن فيه محذور ، ككون الآثار ملكاً للباني ، أو الأرض مباحة حازها وليّ الميّت لقبره ونحو ذلك . وأولى بالجواز ما إذا كانت في المقبرة المُسبَّلة للمسلمين مع حاجتهم ، عدا ما تقدّم من قبور الشهداء والصلحاء والعلماء وأولاد الأئمّة(عليهم السلام) ؛ ممّا جعلت مزاراً . (مسألة 5) : لو اُخرج الميّت عن قبره عصياناً أو بنحو جائز أو خرج بسبب من الأسباب ، لايجب دفنه ثانياً في ذلك المكان ، بل يجوز أن يُدفن في مكان آخر . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ أو إيذاء الأحياء . [2] ـ وإن كان الأقوى الجواز ، مع عدم إيجاب النقل محرّماً ، كإيذاء المسلمين . [3] ـ وإن كان عدم الحرمة لايخلو من وجه . نعم يكونان مكروهان . [4] ـ والاُمّ والزوج والقريب غير الولد ، وفي مصائب أهل البيت(عليهم السلام)، لاسيّما سيّدنا الحسين(عليه السلام) ، بل يكون الشقّ واللطم له مطلوباً . [5] ـ يأتي حكمها وحكم ما يليها في كتاب الكفّارات. [6] ـ بل كلّ من كان محترماً في حياته؛ لإلقاء الخصوصية من قوله(عليه السلام): «حرمة المؤمن ميّتاً كحرمته حيّاً»، (دعائم الإسلام 2: 456) واستصحاب بقاء الحرمة. [7] ـ بل وما لم يتّخذ كذلك على الأحوط . [8] ـ بل منع فيما لم يكن زائداً على الثلث وكان مورداً للوصية . [9] ـ لكنّ الأقوى الجواز ، كما مرّ .
|