|
القول في أحكام التيمّم
(مسألة 1) : لايصحّ التيمّم على الأحوط([1]) للفريضة قبل دخول وقتها ؛ وإن علم بعدم التمكّن منه في الوقت على إشكال ، والأحوط ـ احتياطاً لايترك ـ لمن يعلم بعدم التمكّن منه في الوقت ، إيجاده قبله لشيء من غاياته ، وعدم نقضه إلى وقت الصلاة مقدّمة لإدراكها مع الطهور في وقتها ، بل وجوبه لايخلو من قُوّة . وأمّا بعد دخول الوقت فيصحّ وإن لم يتضيّق مع رجاء ارتفاع العذر في آخره وعدمه ، لكن لاينبغي ترك الاحتياط مع رجاء ارتفاعه ، ومع العلم بالارتفاع يجب الانتظار ، والأحوط مراعاة الضيق مطلقاً ، ولايعيد ما صلاّه بتيمّمه الصحيح بعد ارتفاع العذر ؛ من غير فرق بين الوقت وخارجه . (مسألة 2) : لو تيمّم لصلاة قد حضر وقتها ، ولم ينتقض ولم يرتفع العذر حتّى دخل وقت صلاة اُخرى ، جاز الإتيان بها في أوّل وقتها ، إلاّ مع العلم بارتفاع العذر في آخره ، فيجب تأخيرها([2]) ، ومع رجاء ارتفاعه لاينبغي ترك الاحتياط ، بل يستبيح بالتيمّم لغاية ـ كالصلاة ـ غيرها من الغايات ـ كالمتطهّر ـ ما لم ينتقض وبقي العذر ، فله أن يأتي بكلّ ما يشترط فيه الطهارة ، كمسّ كتابة القرآن المجيد ، ودخول المساجد وغير ذلك . وهل يقوم الصعيد مقام الماء في كلّ ما يكون الوضوء أو الغسل مطلوباً فيه وإن لم يكن طهارة ، فيجوز التيمّم بدلاً عن الأغسال المندوبة والوضوء التجديدي والصوري ؟ فيه تأمّل وإشكال([3]) ، فالأحوط الإتيان به رجاء المطلوبيّة . (مسألة 3) : المحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمّم تيمّمين([4]) : أحدهما عن الغسل ، والآخر عن الوضوء ، ولو وجد ما لايمكن صرفه إلاّ في أحدهما خاصّة ، صرفه فيه وتيمّم عن الآخر ، ولو وجد ما يكفي أحدهما وأمكن صرفه في كلّ منهما ، قدّم الغسل على الأحوط ، بل لايخلو من وجه ، وتيمّم عن الوضوء ، ويكفي في الجنابة تيمّم واحد . (مسألة 4) : لو اجتمعت أسباب مختلفة للحدث الأكبر ، ففي كفاية تيمّم واحد عن الجميع إشكال ، فالأحوط التيمّم([5]) لكلّ واحد منها ، فلو كان عليه غسل الجنابة وغسل مسّ الميّت ـ مثلاً ـ أتى بتيمّمين . (مسألة 5) : ينتقض التيمّم عن الوضوء بالحدث الأصغر والأكبر ، كما أنّه ينتقض ما يكون بدلاً عن الغسل بما يوجب الغسل . وهل ينتقض ما يكون بدلاً عن الغسل بما ينقض الوضوء ، فيعود إلى ما كان ، فالمُجنب المتيمّم إذا أحدث بالأصغر يعيد تيمّمه ، والحائض ـ مثلاً ـ إذا أحدثت انتقض تيمّماها ، أو لا ، بل لايوجب الحدث الأصغر إلاّ الوضوء ، أو التيمّم بدلاً عنه إلى أن يجد الماء ، أو يتمكّن من استعماله في الغسل ، فحينئذ ينتقض ما كان بدلاً عنه ؟ قولان أشهرهما الأوّل ، وأقواهما الثاني ، خصوصاً في غير الجُنُب ، فالمجنب لو أحدث بعد تيمّمه يكون كالمغتسل المحدث بعد غسله ، لايحتاج إلاّ إلى الوضوء أو التيمّم بدلاً عنه ، والحائض لو أحدثت بعد تيمّمها ، تكون كما أحدثت بعد أن توضّأت واغتسلت ؛ لاينتقض إلاّ تيمّمها الوضوئي . والأحوط لمن تمكّن من الوضوء الجمع بينه وبين التيمّم بدلاً عن الغسل ، ولمن لم يتمكّن منه الإتيان بتيمّم واحد بقصد ما في الذمّة ، المردّد بين كونه بدلاً عن الغسل أو الوضوء إذا كان مجنباً ، وأمّا غيره فيأتي بتيمّمين : أحدهما بدلاً عن الوضوء ، والآخر عن الغسل احتياطاً . (مسألة 6) : لو وجد الماء وتمكّن من استعماله ـ شرعاً وعقلاً ـ أو زال عذره قبل الصلاة ، انتقض تيمّمه ، ولايصحّ أن يصلّي به وإن تجدّد فقدان الماء أو عاد العذر ، فيجب أن يتيمّم ثانياً . نعم لو لم يسع زمان الوجدان أو ارتفاع العذر للوضوء أو الغسل ، لايبعد عدم انتقاضه ؛ وإن كان الأحوط تجديده مطلقاً ، وكذا إذا كان وجدان الماء أو زوال العذر في ضيق الوقت ، لاينتقض تيمّمه ، ويكتفي به للصلاة التي ضاق وقتها . (مسألة 7) : المجنب المتيمّم إذا وجد ماءً بقدر كفاية وضوئه لايبطل تيمّمه ، وأمّا غيره ممّن تيمّم تيمّمين لو وجد بقدر الوضوء ، بطل خصوص تيمّمه الذي هو بدل عنه ، ولو وجد ما يكفي للغسل فقط ، ولايمكن صرفه في الوضوء ، صرفه فيه ويتيمّم للوضوء ، ولو أمكن صرفه في كلّ منهما ـ لا كليهما ـ فالأحوط صرفه في الغسل ، والتيمّم بدل الوضوء ، وإن كان بقاء التيمّم لايخلو من وجه . (مسألة 8) : لو وجد الماء بعد الصلاة لا تجب إعادتها ، بل تمّت وصحّت ، وكذا لو وجده في أثنائها بعد الركوع من الركعة الاُولى . وأمّا لو كان قبله ففي بطلان تيمّمه وصلاته إشكال([6]) ؛ لايبعد عدم البطلان مع استحباب الرجوع واستئناف الصلاة مع الطهارة المائيّة ، والاحتياط بالإتمام والإعادة مع سعة الوقت لاينبغي تركه . (مسألة 9) : لو شكّ في بعض أجزاء التيمّم بعد الفراغ منه ، لايعتني وبنى على الصحّة ، وكذا لو شكّ في أجزائه في أثنائه ؛ من غير فرق بين ما هو بدل عن الوضوء أو الغسل على الأقوى ، والأحوط الاعتناء بالشكّ . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل يصحّ؛ لما مرّ من الوجه في الوضوء التهيّئي. [2] ـ على الأحوط. [3] ـ وإن كانت الصحّة لاتخلو عن وجه. [4] ـ على الأحوط ، وإن كان الاكتفاء بالتيمّم الواحد في غير الجنابة كالجنابة ممّا لايخلو عن قوّة ؛ لما مرّ من كفاية مطلق الغسل عن الوضوء . وبذلك يظهر حكم الفروع المذكورة في هذه المسألة والمسائل الآتية . [5] ـ وإن كان الأقوى التداخل، كالغسل والوضوء . [6] ـ وإن كان البطلان هو الأقوى .
|