|
القول في كيفيّة التنجّس بها
(مسألة 1) : لاينجس الملاقي لها مع اليبوسة ، ولا مع النداوة التي لم ينتقل منها أجزاء بالملاقاة . نعم ينجس الملاقي مع بلّة في أحدهما على وجه تصل منه إلى الآخر ، فلايكفي مجرّد الميعان كالزيبق ، بل والذهب والفضّة الذائبين ما لم تكن رطوبة سارية من الخارج ، فالذهب الذائب في البوتقة النجسة ، لايتنجّس ما لم تكن رطوبة سارية فيها أو فيه ، ولو كانت لا تنجس إلاّ ظاهره كالجامد . (مسألة 2) : مع الشكّ في الرطوبة أو السراية يحكم بعدم التنجيس ، فإذا وقع الذباب على النجس ثمّ على الثوب لايحكم به ؛ لاحتمال عدم تبلّل رجله ببلّة تسري إلى ملاقيه . (مسألة 3) : لايحكم بنجاسة شيء ولابطهارة ما ثبتت نجاسته ، إلاّ باليقين ، أو بإخبار ذي اليد ، أو بشهادة عدلين . وفي الاكتفاء بعدل واحد إشكال([1]) ، فلايترك مراعاة الاحتياط في الصورتين . ولايثبت الحكم في المقامين بالظنّ وإن كان قويّاً([2]) ، ولابالشكّ إلاّ في الخارج قبل الاستبراء ، كما عرفته سابقاً . (مسألة 4) : العلم الإجمالي كالتفصيلي ، فإذا علم بنجاسة أحد الشيئين يجب الاجتناب عنهما ، إلاّ إذا لم يكن أحدهما قبل حصول العلم محلاّ لابتلائه ، فلايجب الاجتناب عمّا هو محلّ ابتلائه ، وفي المسألة إشكال وإن كان الأرجح بالنظر ذلك . وفي حكم العلم الإجمالي الشهادةُ بالإجمال إذا وقعت على موضوع واحد ، وأمّا إذا لم ترد الشهادة عليه ففيه إشكال ، فلايترك الاحتياط فيه([3]) وفيما إذا كانت الشهادة بنحو الإجمال حتّى لدى الشاهدين . (مسألة 5) : لو شهد الشاهدان بالنجاسة السابقة وشكّ في زوالها يجب الاجتناب . (مسألة 6) : المراد بذي اليد كلّ من كان مستولياً عليه ؛ سواء كان بملك أو إجارة أو إعارة أو أمانة ، بل أو غصب ، فإذا أخبرت الزوجة أو الخادمة أو المملوكة بنجاسة ما في يدها ـ من ثياب الزوج أو المولى أو ظروف البيت ـ كفى في الحكم بالنجاسة ، بل وكذا إذا أخبرت المربّية للطفل بنجاسته أو نجاسة ثيابه . نعم يُستثنى من الكلّيّة المتقدّمة قول المولى بالنسبة إلى عبده ، فإنّ في اعتبار قوله بالنسبة إلى نجاسة بدن عبده أو جاريته ولباسهما الذي تحت يديهما إشكالاً ، بل عدم اعتباره لايخلو من قوّة ، خصوصاً إذا أخبرا بالطهارة ، فإنّ الأقوى اعتبار قولهما لا قوله . (مسألة 7) : لو كان شيء بيد شخصين كالشريكين يسمع قول كلّ منهما في نجاسته ، ولو أخبر أحدهما بنجاسته والآخر بطهارته تساقطا . كما أنّ البيّنة تسقط عند التعارض ، وتقدّم على قول ذي اليد عند التعارض . هذا كلّه لو لم يكن إخبار أحد الشريكين أو إحدى البيّنتين مستنداً إلى الأصل والآخر إلى الوجدان ، وإلاّ فيقدّم ما هو مستند إلى الوجدان ، فلو أخبر أحد الشريكين بالطهارة أو النجاسة مستنداً إلى أصل ، والآخر أخبر بخلافه مستنداً إلى الوجدان ، يقدّم الثاني ، وكذا الحال في البيّنة ، وكذا لا تقدّم البيّنة([4]) المستندة إلى الأصل على قول ذي اليد . (مسألة 8) : لا فرق في ذي اليد بين كونه عادلاً([5]) أو فاسقاً . وفي اعتبار قول الكافر إشكال ، وإن كان الأقوى اعتباره . ولايبعد اعتبار قول الصبيّ إذا كان مراهقاً ، بل يُراعى الاحتياط في المميّز([6]) غير المراهق أيضاً([7]) . (مسألة 9) : المتنجّس منجّس مع قلّة الواسطة كالاثنتين والثلاث ، وفيما زادت على الأحوط ، وإن كان الأقرب مع كثرتها عدم التنجيس([8]) . والأحوط([9]) إجراء أحكام النجس على ما تنجّس به ، فيغسل الملاقي لملاقي البول مرّتين ، ويعمل مع الإناء الملاقي للإناء الذي ولغ فيه الكلب ـ في التطهير ـ مثل ذلك الإناء ، خصوصاً إذا صُبّ([10]) ماء الولوغ فيه ، فيجب تعفيره على الأحوط . (مسألة 10) : ملاقاة ما في الباطن بالنجاسة التي في الباطن لاينجّسه ، فالنخامة إذا لاقت الدم في الباطن وخرجت غير متلطّخة به طاهرة . نعم لو اُدخل شيء من الخارج ولاقى النجاسة في الباطن ، فالأحوط الاجتناب عنه ، وإن كان الأقوى عدم لزومه . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ وإن كان الاكتفاء بقول الثقة لايخلو من قوّة، فضلاً عن قول العادل . [2] ـ ما لم يبلغ درجة الاطمئنان الذي هو العلم العادي المعتبر عند العقلاء . [3] ـ وإن كانت النجاسة فيه وفيما بعده من الفرع لاتخلو من قوّة؛ لوجود خبر الثقة بالإجمال ، وخبر الثقة حجّة، كالبيّنة والشهادة . [4] ـ ومثله ما لو كان مستند أحدهما الأصل الحاكم على الأصل المستند للآخر . [5] ـ لكنّ الاعتبار فيه على المختار يكون من جهتين، كما لايخفى، جهة العدالة وجهة أنّ إخباره إخبار ذي اليد. [6] ـ حجّية قوله ـ فيما إذا كان عند العقلاء دخيلاً في الاُمور ومورداً للاعتناء ـ لاتخلو عن قوّة . [7] ـ والأقوى في جميع ذلك اعتبار عدم كونه متّهماً بعدم المبالاة ، وإلاّ ففي حجّية قوله إشكال، بل منع . [8] ـ بل الأقرب التنجّس معها وأ نّه لافرق في منجّسية المتنجّس بين قلّة الوسائط وكثرتها ، وأنّ الأقوى منجّسيّته مطلقاً كالنجس ؛ لعدم الفرق في حصول القذارة والنجاسة بواسطة الملاقاة للقذر والسراية ، بين ما كان الساري القذر قذراً بلا واسطة بينه وبين النجس والقذر أصلاً ، أو بوسائط ولو كثيرة ؛ لأنّ النجس والطاهر في الكتاب والسنّة أمران عرفيّان كبقية العناوين ، وليس لهما حقيقة شرعية . ومن المعلوم ترادف النجس مع القذر ، والطاهر مع النظيف عند العرف ، والقذارة غير حاصلة عند العرف إلاّ بالسراية من القذر ، كما أنّ الطهارة حاصلة بإزالة العين مطلقاً ولو بغير الماء غالباً ، كما يأتي بيانه مفصّلاً ، وليس للشارع فيهما إلاّ ترتيب أحكام خاصّة ، كعدم جواز الصلاة مع النجس ، أو حرمة أكله وشربه ، أو لزوم التعفير في تطهير الولوغ ، وإلحاق بعض المصاديق تعبّداً وادّعاءً ، كالكافر المعاند مثلاً ، أو إخراج بعضها كذلك ، أي الإخراج الادّعائي من القذرات بحسب أحكامها المختصّة به ، مثل ماء الأنف وفضولاته . وعلى هذا ، فنظرهم في حصول القذارة والنجاسة من القذر بالعرض ـ أي المتنجّس ـ ، من دون الفرق بين قلّة الوسائط وكثرتها ، معتبر إلى أن يحصل الردع على خلافه ، كما لايخفى ، ولم يحصل في المسألة ردع بعد . [9] ـ وإن كان الأقوى عدم الإجراء ولو بناءً على منجّسية المتنجّس ؛ لأنّ غاية الأمر في أدلّة المنجّسية له كون الملاقي له نجساً ، وأ نّه يطهر بما يحصل به طهارة النجس مطلقاً ، وأ مّا كونه بحكمه بحيث يلزم التعدّد في مثل الملاقي لملاقي البول مرّتين فلا دليل عليه ، ويكون دونه خرط القتاد . [10] ـ إجراء أحكام الولوغ فيه بالخصوص مطابق للاحتياط اللازم رعايته .
|