|
القول في الأواني
(مسألة 1) : أواني الكفّار([1]) ـ كأواني غيرهم ـ محكومة بالطهارة ما لم يعلم ملاقاتهم لها مع الرطوبة السارية ، وكذا كلّ ما في أيديهم من اللباس والفرش وغير ذلك . نعم ما كان في أيديهم([2]) من الجلود محكومة بالنجاسة ؛ لو علم كونها من الحيوان الذي له نفس سائلة ، ولم يعلم تذكيته([3]) ، ولم يعلم سبق يد مسلم عليها ، وكذا الكلام في اللحوم والشحوم التي في أيديهم ، بل في سوقهم ، فإنّها محكومة بالنجاسة مع الشروط المزبورة . (مسألة 2) : يحرم استعمال أواني الذهب والفضّة في الأكل والشرب وسائر الاستعمالات ؛ نحو التطهير من الحدث والخبث وغيرها ، والمحرّم هو الأكل والشرب فيها أو منها ، لا تناول المأكول والمشروب منها ، ولا نفس المأكول والمشروب ، فلو أكل منها طعاماً مباحاً في نهار رمضان لايكون مفطراً بالحرام ، وإن ارتكب الحرام من جهة الشرب منها . هذا في الأكل والشرب . وأمّا في غيرهما فالمحرّم استعمالها ، فإذا اغترف منها للوضوء يكون الاغتراف محرّماً دون الوضوء . وهل التناول الذي هو مقدّمة للأكل والشرب ـ أيضاً ـ محرّم من باب حرمة مطلق الاستعمال ؛ حتّى يكون في الأكل والشرب محرّمان : هما والاستعمال بالتناول ؟ فيه تأمّل وإشكال ؛ وإن كان عدم حرمة الثاني لايخلو من قُوّة([4]) . ويدخل في استعمالها المحرّم ـ على الأحوط ـ وضعها على الرفوف للتزيين ، وإن كان عدم الحرمة لايخلو من قرب . والأحوط الأولى ترك تزيين المساجد والمشاهد بها أيضاً ، والأقوى عدم حرمة اقتنائها من غير استعمال . والأحوط([5]) حرمة استعمال الملبّس بأحدهما إن كان على وجه لو انفصل كان إناءً مستقلاّ ، دون ما إذا لم يكن كذلك ، ودون المفضّض والمموّه بأحدهما ، والممتزج منهما بحكم أحدهما وإن لم يصدق عليه اسم أحدهما([6]) ، بخلاف الممتزج من أحدهما بغيرهما ؛ لو لم يكن بحيث يصدق عليه اسم أحدهما . (مسألة 3) : الظاهر أنّ المراد([7]) بالأواني ما يُستعمل في الأكل والشرب والطبخ والغسل والعجن ، مثل الكأس ، والكوز ، والقصاع ، والقدور ، والجفان ، والأقداح ، والطَّست ، والسماور ، والقوري ، والفنجان ، بل وكوز القليان والنعلبكي ، بل والملعقة على الأحوط ، فلايشمل مثل رأس القليان، ورأس الشطب ، وغلاف السيف والخنجر والسكّين والصندوق، وما يصنع بيتاً للتعويذ ، وقاب الساعة ، والقنديل ، والخلخال وإن كان مجوّفاً ، وفي شمولها للهاون والمجامر والمباخر وظروف الغالية والمعجون والترياك ونحو ذلك ، تردّد وإشكال ، فلا يُترك الاحتياط([8]) . (مسألة 4) : كما يحرم الأكل والشرب من آنية الذهب والفضّة ؛ بوضعهما على فمه وأخذ اللّقمة منها ـ مثلاً ـ كذلك يحرم تفريغ ما فيها في إناء آخر بقصد الأكل والشرب . نعم لو كان التفريغ في إناء آخر بقصد التخلّص من الحرام لابأس به ، بل ولايحرم الأكل والشرب من ذلك الإناء بعد ذلك ، بل لايبعد أن يكون المحرّم في الصورة الاُولى أيضاً نفس التفريغ في الآخر بذلك القصد ، دون الأكل والشرب منه ، فلو كان الصابّ منها في إناء آخر بقصد أكل الآخر أو شربه ، كان الصابّ مرتكباً للحرام بصبّه ، دون الآكل والشارب . نعم لو كان الصبّ بأمره واستدعائه لايبعد أن يكون كلاهما مرتكباً للحرام : المأمور باستعمال الآنية ، والآمر بالأمر بالمنكر ؛ بناءً على حرمته ، كما لا تبعد([9]) . (مسألة 5) : الظاهر أنّ الوضوء من آنية الذهب والفضّة كالوضوء من الآنية المغصوبة ، يبطل([10]) إن كان بنحو الرمس ، وكذا بنحو الاغتراف مع الانحصار([11]) ، ويصحّ مع عدمه كما تقدّم . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ أي المحكومين منهم بالنجاسة ، وهم المعاندون منهم ، لا مطلقهم، كما مرّ . [2] ـ أي الكفّار مطلقاً المساوق مع عدم الإسلام ؛ لكونه بذلك المعنى العامّ موضوعاً لما ذكره من أحكام الجلود والشحوم ، وهذا بخلاف مسألة نجاستهم ، فإنّها مختصّة بالمعاند المقصّر منهم على المختار . [3] ـ من حيث احتمال الموت بحتف أنفه ، وإلاّ فمع كون الشكّ في رعاية شرائط التذكية بعد العلم بالذبح ، وعدم كونه ميتة عرفية ، فليس محكوماً بالنجاسة ؛ لعدم الدليل على نجاسة غير المذكّى بما هو غير المذكّى ، وإنّما الدليل قائم على نجاسة الميتة العرفية فقط . [4] ـ لأنّ المتفاهم العرفي من حرمة الأكل من آنية ، حرمة مجموع ما هو دخيل فيه بحرمة واحدة . [5] ـ الأظهر . [6] ـ خالصاً، وإلاّ فمع عدم الصدق مطلقاً، بحيث صار حقيقة ثالثة ، فالأحوط الاجتناب ، وإن كان الجواز غير بعيد . [7] ـ القدر المتيقّن هو ما يستعمل في الأكل والشرب ، فالحكم في غيره البراءة . [8] ـ وإن كان الجواز لايخلو من قوّة . [9] ـ بل على عدم تلك البناء أيضاً ؛ لصدق الأكل من الآنية المحرّمة ، فإنّه أعمّ من المباشرة والتسبيب في مقدّماته . [10] ـ على الأحوط . [11] ـ وإن كانت الصحّة مطلقاً لاتخلو من وجه .
|