|
القول في القراءة والذكر
(مسألة 1) : يجب في الركعة الاُولى والثانية من الفرائض قراءة الفاتحة وسورة كاملة عقيبها . وله ترك السورة في بعض الأحوال ، بل قد يجب مع ضيق الوقت والخوف ونحوهما من أفراد الضرورة . ولو قدّمها على الفاتحة عمداً استأنف الصلاة ، ولو قدّمها سهواً وذكر قبل الركوع ، فإن لم يكن قرأ الفاتحة بعدها أعادها بعد أن يقرأ الفاتحة ، وإن قرأها بعدها أعادها دون الفاتحة . (مسألة 2) : يجب قراءة الحمد في النوافل كالفرائض ؛ بمعنى كونها شرطاً في صحّـتها . وأمّا السورة فلا تجب في شيء منها وإن وجبت بالعارض بنذر ونحوه . نعم النوافل التي وردت في كيفيّـتها سور خاصّة يعتبر في تحقّقها تلك السور ، إلاّ أن يعلم أنّ إتيانها بتلك السور شرط لكمالها ، لا لأصل مشروعيّـتها وصحّـتها . (مسألة 3) : الأقوى جواز قراءة أزيد من سورة واحدة في ركعة من الفريضة على كراهية ، بخلاف النافلة فلا كراهة فيها . والأحوط تركها في الفريضة . (مسألة 4) : لايجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال ، فإن فعله عامداً بطلت صلاته على إشكال([1]) ، وإن كان سهواً عدل إلى غيرها مع سعة الوقت ، وإن ذكر بعد الفراغ منها وقد فات الوقت أتمّ صلاته . وكذا لايجوز قراءة إحدى السور العزائم في الفريضة([2]) ، فلو قرأها نسياناً إلى أن قرأ آية السجدة ، أو استمعها وهو في الصلاة ، فالأحوط أن يؤمي إلى السجدة وهو في الصلاة ، ثمّ يسجد بعد الفراغ ؛ وإن كان الأقوى جوازَ الاكتفاء بالإيماء في الصلاة ، وجوازَ الاكتفاء بالسورة . (مسألة 5) : البسملة جزء من كلّ سورة ـ فيجب قراءتها ـ عدا سورة البراءة . (مسألة 6) : سورة الفيل والإيلاف سورة واحدة ، وكذلك والضحى وأَلَم نشرَح ، فلاتُجزي واحدة منها ، بل لابدّ من الجمع مرتّباً مع البسملة الواقعة في البين . (مسألة 7) : يجب تعيين السورة([3]) عند الشروع في البسملة على الأقوى . ولو عيّن سورة ثمّ عدل إلى غيرها تجب إعادة البسملة للمعدول إليها . وإذا عيّن سورة عند البسملة ، ثمّ نسيها ولم يدرِ ما عيّن أعاد البسملة مع تعيين سورة معينة . ولو كان بانياً من أوّل الصلاة على أن يقرأ سورة معيّنة ، فنسي وقرأ غيرها ، أو كانت عادته قراءة سورة فقرأ غيرها ، كفى ولم يجب إعادة السورة . (مسألة 8) : يجوز العدول اختياراً من سورة إلى غيرها ما لم يبلغ النصف([4]) ، عدا التوحيد والجحد ، فإنّه لايجوز العدول منهما إلى غيرهما ، ولا من إحداهما إلى الاُخرى بمجرّد الشروع . نعم يجوز العدول منهما إلى الجمعة والمنافقين في ظهر يوم الجمعة([5]) ، وفي الجمعة على الأقوى إذا شرع فيهما نسياناً ما لم يبلغ النصف([6]) . (مسألة 9) : يجب الإخفات بالقراءة عدا البسملة في الظهر والعصر ، ويجب على الرجال الجهر بها في الصبح واُوليي المغرب والعشاء ، فمن عكس عامداً بطلت صلاته . ويُعذر الناسي ، بل مطلق غير العامد والجاهل بالحكم من أصله غير المتنبّه للسؤال ، بل لايعيدون ما وقع منهم من القراءة بعد ارتفاع العذر في الأثناء . أمّا العالم به في الجملة الذي جهل محلّه أو نساه ، والجاهل بأصل الحكم المتنبّه للسؤال عنه ، فالأحوط لهما الاستئناف ؛ وإن كان الأقوى الصحّة مع حصول نيّة القربة منهما . ولا جهر على النساء ، بل يتخيّرنَ بينه وبين الإخفات مع عدم الأجنبي ، ويجب عليهنّ الإخفات فيما يجب على الرجال ، ويُعذَرنَ فيما يُعذَرون فيه . (مسألة 10) : يستحبّ للرجال الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد والسورة ، كما أنّه يستحبّ لهم الجهر بالقراءة في ظهر يوم الجمعة ، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط بالإخفات . (مسألة 11) : مناط الجهر والإخفات ظهور جوهر الصوت وعدمه ، لا سماع من بجانبه وعدمه . ولايجوز الإفراط في الجهر كالصياح ، كما أنّه لايجوز الإخفات بحيث لا يسمع نفسه مع عدم المانع . (مسألة 12) : يجب أن تكون القراءة صحيحة ، فلو أخلّ عامداً بحرف أو حركة أو تشديد أو نحو ذلك بطلت صلاته . ومن لا يحسن الفاتحة أو السورة يجب عليه تعلّمهما . (مسألة 13) : المدار في صحّة القراءة على أداء الحروف من مخارجها ؛ على نحو يَعُدّه أهل اللسان مؤدّياً للحرف الفلاني دون حرف آخر ، ومراعاة حركات البِنية وماله دَخل في هيئة الكلمة ، والحركات والسكنات الإعرابيّة والبنائيّة على وفق ما ضبطه علماء العربيّة ، وحذف همزة الوصل في الدرج كهمزة «ألـ» وهمزة «إهدِنَا» على الأحوط([7]) ، وإثبات همزة القطع كهمزة «أَنعَمتَ» . ولايلزم مراعاة تدقيقات علماء التجويد في تعيين مخارج الحروف ، فضلاً عمّا يرجع إلى صفاتها ؛ من الشِّدّة والرخوة والتفخيم والترقيق والاستعلاء وغير ذلك . ولا الإدغام الكبير ؛ وهو إدراج الحرف المتحرّك ـ بعد إسكانه ـ في حرف مماثل له مع كونهما في كلمتين ، مثل (يَعلَمُ ما بينَ أيدِيهِم) بإدراج الميم في الميم ، أو مقارب له ولو في كلمة واحدة كـ (يَرزُقُكُم)و (زُحزِحَ عَنِ النَّارِ) بإدراج القاف في الكاف والحاء في العين . بل الأحوط ترك مثل هذا الإدغام ، خصوصاً في المقارب بل ولايلزم مراعاة بعض أقسام الإدغام الصغير ، كإدراج الساكن الأصلي فيما يقاربه ، كـ (مِن ربِّكَ) بإدراج النون في الراء . نعم الأحوط مراعاة المدّ اللازم ، وهو ما كان حرف المدّ وسبباه ـ أي الهمزة والسكون ـ في كلمة واحدة ، مثل «جآء» و «سوء» و «جيء» و «دآبّة» و «ق» و «ص» . وكذا ترك الوقف على المتحرّك ، والوصل مع السكون ، وإدغام التنوين والنون الساكنة في حروف «يرملون» ؛ وإن كان المترجّح في النظر عدم لزوم شيء ممّا ذكر . (مسألة 14) : الأحوط عدم التخلّف عن إحدى القراءات السبع([8]) . كما أنّ الأحوط عدم التخلّف عمّا في المصاحف الكريمة الموجودة بين أيدي المسلمين ؛ وإن كان التخلّف في بعض الكلمات ـ مثل (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) و(كُفُواً أَحَدٌ) ـ غير مضرّ ، بل لايبعد جواز القراءة بإحدى القراءات . (مسألة 15) : يجوز قراءة (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) و(مَلِكِ يَو مِ الدِّينِ) ، ولايبعد أن يكون الأوّل أرجح ، وكذا يجوز في (الصِّراط) أن يقرأ بالصاد والسين ، والأرجح بالصاد . وفي (كُفُواً أَحَدٌ) وجوه أربعة : بضمّ الفاء وسكونه مع الهمزة أو الواو ، ولايبعد أن يكون الأرجح بضمّ الفاء مع الواو . (مسألة 16) : من لايقدر إلاّ على الملحون أو تبديل بعض الحروف ، ولايستطيع أن يتعلّم أجزأه ذلك ، ولايجب عليه الائتمام وإن كان أحوط ، ومن كان قادراً على التصحيح والتعلّم ولم يتعلّم ، يجب عليه على الأحوط الائتمام مع الإمكان([9]) . (مسألة 17) : يتخيّر فيما عدا الركعتين الاُوليين من الفريضة بين الذكر والفاتحة ، ولايبعد أن يكون الأفضل للإمام القراءة ، وللمأموم الذكر([10]) ، وهما للمنفرد سواء ، وصورته : «سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكبر» . وتجب المحافظة على العربيّة . ويجزي مرّة واحدة ، والأحوط الأفضل التكرار ثلاثاً ، والأولى إضافة الاستغفار إليها . ويجب الإخفات في الذكر والقراءة حتّى البسملة على الأحوط([11]) . ولايجب اتّفاق الركعتين الأخيرتين في الذكر أو القراءة . (مسألة 18) : لو قصد التسبيح مثلاً فسبق لسانه إلى القراءة ـ من غير تحقّق القصد إليها ولو ارتكازاً ـ فالأقوى عدم الاجتزاء بها ، ومع تحقّقه فالأقوى الصحّة . وكذا الحال لو فعل ذلك غافلاً من غير قصد إلى أحدهما ، فإنّه مع عدمه ولو ارتكازاً فالأقوى عدم الصحّة ، وإلاّ فالأقوى الصحّة . (مسألة 19) : لو قرأ الفاتحة بتخيّل أنّه في الاُوليين فتبيّن كونه في الأخيرتين يجتزي بها . وكذا لو قرأها بتخيّل أنّه في الأخيرتين فتبيّن كونه في الاُوليين . (مسألة 20) : الأحوط أن لايزيد على ثلاثة تسبيحات إلاّ بقصد الذكر المطلق . (مسألة 21) : يستحبّ قراءة (عَمَّ يتَساءلون) أو (هل أتى) أو الغاشية أو القيامة وأشباهها في صلاة الصبح ، وقراءة (سبّح اسم) أو (والشمس) في الظهر و(إذا جاءَ نصرُ اللهِ) و(ألهاكُمُ التَّكاثُر) في العصر والمغرب . والأولى اختيار قراءة «الجمعة» في الركعة الاُولى من العشاءين ، و«الأعلى» في الثانية منهما في ليلة الجمعة ، وقراءة سورة «الجمعة» في الركعة الاُولى ، و«المنافقين» في الثانية في الظهر والعصر من يوم الجمعة ، وكذا في صبح يوم الجمعة ، أو يقرأ فيها في الاُولى «الجمعة» ، و«التوحيد» في الثانية ، وفي المغرب في ليلة الجمعة في الاُولى «الجمعة» ، وفي الثانية «التوحيد» . كما أنّه يستحبّ في كلّ صلاة قراءة سورة «القدر» في الاُولى و«التوحيد» في الثانية . (مسألة 22) : قد عرفت أنّه يجب الاستقرار حال القراءة والأذكار ، فلو أراد حالهما التقدّم أو التأخّر أو الانحناء لغرض ، يجب تركهما حال الحركة ، لكن لايضرّ مثل تحريك اليد أو أصابع الرجلين وإن كان الترك أولى . ولو تحرّك حال القراءة قهراً فالأحوط إعادة ما قرأه في تلك الحالة . (مسألة 23) : لو شكّ في صحّة قراءة آية أو كلمة ، يجب إعادتها إذا لم يتجاوز ، ويجوز بقصد الاحتياط مع التجاوز ، ولو شكّ ثانياً أو ثالثاً لابأس بالتكرار ما لم يكن عن وسوسة ، وإلاّ فلايعتني بشكّه . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ الإشكال لا بيّن ولا مبيّن ، فالصلاة باطلة من دون إشكال . [2] ـ لكنّها غير مبطل لها إلاّ إذا كان المقروء آية السجدة . [3] ـ على الأحوط ، وإلاّ فالأقوى عدم وجوبه . [4] ـ بل ما لم يتجاوز عنه . [5] ـ وكذا عصره . [6] ـ بل ما لم يتجاوز عنه . [7] ـ الأقوى . [8] ـ وإن كان الأقوى عدم وجوبها ، بل يكفي القراءة على النهج العربي ، بكلّ قراءة متعارفة عند الناس ، ولو كانت من غير السبع . [9] ـ لايجب، وإن كان أحوط . [10] ـ بل وللإمام وللمنفرد أيضاً ، فإنّ الأقوى كون التسبيحات أفضل من قراءة الحمد في الأخيرتين مطلقاً . [11] ـ وإن كان الأقوى استحباب الجهر بها .
|