|
القول في صلاة الاستئجار
يجوز الاستئجار([1]) للنيابة عن الأموات في قضاء الصلوات كسائر العبادات ، كما تجوز النيابة عنهم تبرّعاً ، ويقصد النائب بفعله ـ أجيراً كان أو متبرّعاً ـ النيابة والبدليّة عن فعل المنوب عنه ، وتفرغ ذمّـته ، ويتقرّب به ويثاب عليه ، ويعتبر فيه قصد تقرّب المنوب عنه لا تقرّب نفسه ، ولايحصل له بذلك تقرّب ، إلاّ أن يقصد ـ في تحصيل هذا التقرّب للمنوب عنه ـ الإحسانَ إليه لله تعالى ، فيحصل له القرب أيضاً كالمتبرّع لو كان قصده ذلك ، وأمّا وصول الثواب إلى الأجير ـ كما يظهر من بعض الأخبار ـ فهو لمحض التفضّل ، ويجب تعيين الميّت المنوب عنه في نيّـته ولو بالإجمال ، كصاحب المال ونحوه . (مسألة 1) : يجب على من عليه واجب ـ من الصلاة والصيام ـ الإيصاء باستئجاره ، إلاّ من له وليّ يجب عليه القضاء عنه ويطمئنّ بإتيانه . ويجب على الوصيّ ـ لو أوصى ـ إخراجها من الثلث ، ومع إجازة الورثة من الأصل ، وهذا بخلاف الحجّ والواجبات الماليّة كالزكاة والخمس والمظالم والكفّارات ونحوها ، فإنّها تخرج من أصل المال ـ أوصى بها أو لم يوصِ ـ إلاّ إذا أوصى بأن تخرج من الثلث فتخرج منه ، فإن لم يفِ بها يخرج الزائد من الأصل . وإن أوصى بأن يُقضى عنه الصلاة والصوم ولم يكن له تركة ، لايجب على الوصيّ المباشرة أو الاستئجار من ماله ، والأحوط([2]) للولد ـ ذكراً كان أو اُنثى ـ المباشرة لو أوصى إليه بها لو لم تكن حرجاً عليه . نعم يجب على وليّه قضاء ما فات منه ـ إمّا بالمباشرة أو الاستئجار من ماله ـ وإن لم يوصِ به كما مرّ . (مسألة 2) : لو آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حجّ فمات قبل الإتيان به ، فإن اشترط عليه المباشرة بطلت الإجارة بالنسبة إلى ما بقي عليه ، وتشتغل ذمّـته بمال الإجارة إن قبضه ، فيخرج من تركته ، وإن لم يشترط المباشرة وجب الاستئجار من تركته إن كانت له تركة ، وإلاّ فلايجب على الورثة ، كسائر ديونه مع فقد التركة . (مسألة 3) : يشترط في الأجير أن يكون عارفاً بأجزاء الصلاة وشرائطها ومنافياتها وأحكام الخلل وغيرها ؛ عن اجتهاد أو تقليد صحيح . نعم لايبعد جواز استئجار تارك الاجتهاد والتقليد ؛ إذا كان عارفاً بكيفيّة الاحتياط وكان محتاطاً في عمله([3]) . (مسألة 4) : لايشترط عدالة الأجير ، بل يكفي كونه أميناً بحيث يطمأنّ بإتيانه على الوجه الصحيح([4]) ، وهل يعتبر فيه البلوغ ، فلايصحّ استئجار الصبيّ المميّز ونيابته وإن علم إتيانه على الوجه الصحيح ؟ لايبعد عدمه وإن كان الأحوط اعتباره . (مسألة 5) : لايجوز استئجار ذوي الأعذار ، كالعاجز عن القيام مع وجود غيره ، بل لو تجدّد له العجز ينتظر زمان رفعه ، وإن ضاق الوقت انفسخت الإجارة([5]) ، بل الأحوط([6]) عدم جواز استئجار ذي الجبيرة ومن كان تكليفه التيمّم . (مسألة 6) : لو حصل للأجير سهو أو شكّ ، يعمل بحكمه على طبق اجتهاده أو تقليده وإن خالف الميّت ، كما أنّه يجب عليه أن يأتي بالصلاة على مقتضى تكليفه واعتقاده ـ من اجتهاد أو تقليد ـ لو استؤجر على الإتيان بالعمل الصحيح ، وإن عيّن له كيفيّة خاصّة يرى بطلانه بحسبها ، فالأحوط له عدم إجارة نفسه له . (مسألة 7) : يجوز استئجار كلّ من الرجل والمرأة للآخر ، وفي الجهر والإخفات والتستّر وشرائط اللباس يُراعى حال النائب لا المنوب عنه ، فالرجل يجهر في الجهريّة ولايستر ستر المرأة وإن كان نائباً عنها ، والمرأة مخيّرة في الجهر والإخفات فيها ، ويجب عليها الستر بالكيفيّة التي لها وإن كانت نائبة عن الرجل . (مسألة 8) : قد عرفت سابقاً : أنّ عدم وجوب الترتيب مطلقاً في القضاء ـ خصوصاً فيما إذا جهل بكيفيّة الفوت ـ لايخلو من قوّة ، فيجوز استئجار جماعة عن واحد في قضاء صلواته ، ولايجب تعيين الوقت لهم ، ويجوز لهم الإتيان في وقت واحد ، سيّما مع العلم بجهل الميّت أو الجهل بحاله . (مسألة 9) : لايجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل بلا إذن من المستأجر ، نعم لو تقبّل العمل من دون أن يؤاجر نفسه له يجوز أن يستأجر غيره له ، لكن ـ حينئذ ـ لايجوز أن يستأجره بأقلّ من الاُجرة المجعولة له على الأحوط ، إلاّ إذا أتى ببعض العمل وإن قلّ . (مسألة 10) : لو عيّن للأجير وقتاً ومدّة ، ولم يأتِ بالعمل أو تمامه في تلك المدّة ، ليس له أن يأتي به بعدها إلاّ بإذن من المستأجر ، ولو أتى به فهو كالمتبرّع لايستحقّ اُجرة . نعم لو كان القرار على الإتيان في الوقت المعيّن بعنوان الاشتراط يستحقّ الاُجرة المسمّاة لو تخلّف ، وللمستأجر خيار الفسخ لتخلّف الشرط ، فإن فسخ يرجع إلى الأجير بالاُجرة المسمّاة ، وهو يستحقّ اُجرة المِثل للعمل . (مسألة 11) : لو تبيّن بعد العمل بطلان الإجارة استحقّ الأجير اُجرة المِثل بعمله ، وكذا إذا فُسخت الإجارة من جهة الغَبن أو غيره . (مسألة 12) : لو لم يعيّن كيفيّة العمل ـ من حيث الإتيان بالمستحبّات ـ ولم يكن انصراف ، يجب الإتيان بالمستحبّات المتعارفة كالقنوت وتكبيرة الركوع ونحو ذلك . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ وكذا الاستنابة بنحو المصالحة أو الجعالة ونحو ذلك . [2] ـ الذي لابأس بتركه . [3] ـ أو كان عالماً بعدم عروض الخلل على عمله . [4] ـ ولو بأصالة الصحّة . [5] ـ فيما كانت مقيّدة بالمباشرة. [6] ـ الأولى ، وإن كان الجواز لايخلو عن قوّة .
|