|
فصل في صلاة المسافر
يجب القصر على المسافر في الصلوات الرباعيّة مع اجتماع الشروط الآتية ، وأمّا الصبح والمغرب فلا قصر فيهما . ويشترط في التقصير للمسافر اُمور : أحدها: المسافة ، وهي ثمانية فراسخ امتداديّة ذهاباً أو إياباً أو ملفّـقة ؛ بشرط عدم كون الذهاب أقلّ من أربعة([1])؛ سواء اتّصل إيابه بذهابه ولم يقطعه بمبيت ليلة فصاعداً في الأثناء، أو قطعه بذلك ؛ لا على وجه تحصل به الإقامة القاطعة للسفر ولا غيرها من القواطع ، فيُقصِّر ويُفطر ، إلاّ أنّ الأحوط ـ احتياطاً شديداً ـ في الصورة الأخيرة التمام مع ذلك وقضاء الصوم . (مسألة 1) : الفرسخ ثلاثة أميال ، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد ، الذي طوله عرض أربعة وعشرين إصبعاً ، وكلّ إصبع عرض سبع شعيرات ، وكلّ شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرزون ، فإن نقصت عن ذلك ولو يسيراً بقي على التمام . (مسألة 2) : لو كان الذهاب خمسة فراسخ والإياب ثلاثة وجب القصر ، بخلاف العكس([2])، ولو تردّد في أقلّ من أربعة فراسخ ذاهباً وجائياً مرّات ـ حتّى بلغ المجموع ثمانية وأكثر ـ لم يقصّر وإن كان خارجاً عن حدّ الترخّص ، فلابدّ في التلفيق أن يكون المجموعُ من ذهاب واحد وإياب واحد ثمانيةً . (مسألة 3) : لو كان للبلد طريقان والأبعد منهما مسافة دون الأقرب ، فإن سلك الأبعد قصّر ، وإن سلك الأقرب أتمّ ، وإن ذهب من الأقرب وكان أقلّ من أربعة فراسخ بقي على التمام([3]) ؛ وإن رجع من الأبعد وكان المجموع مسافةً . (مسألة 4) : مبدأ حساب المسافة سور البلد([4]) ، وفيما لا سور له آخر البيوت . هذا في غير البلدان الكبار الخارقة ، وأمّا فيها فهو آخر المحلّة([5]) إذا كان منفصل المحالّ ؛ بحيث تكون المحلاّت كالقُرى المتقاربة ، وإلاّ ففيه إشكال كالمتّصل المحالّ ، فالأحوط الجمع فيها فيما إذا لم يبلغ المسافة من آخر البلد وكان بمقدارها إذا لوحظ منزله ؛ وإن كان القول بأنّ مبدأ الحساب في مثلها من منزله ليس ببعيد . (مسألة 5) : لو كان قاصداً للذهاب إلى بلد ، وكان شاكّاً في كونه مسافة أو معتقداً للعدم ، ثمّ بان في أثناء السير كونه مسافة يقصّر وإن لم يكن الباقي مسافة . (مسألة 6) : تثبت المسافة بالعلم وبالبيّنة ، ولو شهد العدل الواحد فالأحوط الجمع([6]) ، فلو شكّ في بلوغها أو ظنّ به بقي على التمام ، ولايجب الاختبار المستلزم للحرج . نعم يجب الفحص بسؤال ونحوه عنها على الأحوط . ولو شكّ العامّي في مقدار المسافة شرعاً ولم يتمكّن من التقليد ، وجب عليه الاحتياط بالجمع . (مسألة 7) : لو اعتقد كونه مسافة فقصّر ثمّ ظهر عدمها وجبت الإعادة ، ولو اعتقد عدم كونه مسافة فأتمّ ثمّ ظهر كونه مسافة ، وجبت الإعادة في الوقت على الأقوى([7]) ، وفي خارجه على الأحوط . (مسألة 8) : الذهاب في المسافة المستديرة هو السير إلى النقطة المقابلة لمبدأ السير ، فإذا أراد السير مستديراً يقصّر ولو كان شغله قبل البلوغ إلى النقطة المقابلة ؛ بشرط كون السير إليها أربعة فراسخ([8]) ، والأحوط الجمع إذا كان شغله قبلها . ثانيها: قصد قطع المسافة من حين الخروج ، فلو قصد ما دونها ، وبعد الوصول إلى المقصد قصد مقداراً آخر دونها وهكذا ، يتمّ في الذهاب وإن كان المجموع مسافة وأكثر . نعم لو شرع في العود يقصّر إذا كملت المسافة ، وكان من قصده قطعها ، وكذا لو لم يكن له مقصد معيّن ، ولايدري أيّ مقدار يقطع ، كما لو طلب دابّة شاردة ـ مثلاً ـ ولم يدرِ إلى أين مسيره ، لايقصّر في ذهابه وإن قطع المسافة فأكثر . نعم يقصّر في العود بالشرط المتقدّم . ولو عيّن في الأثناء مقصداً يبلغ المسافة ولو بالتلفيق مع الشرط المتقدّم فيه([9]) يقصّر . ولو خرج إلى ما دون الأربعة وينتظر رفقة إن تيسّروا سافر معهم ، وإلاّ فلا ، أو كان سفره منوطاً بحصول أمر ، ولم يطمئنّ بتيسّر الرفقة أو حصول ذلك الأمر ، يجب عليه التمام . (مسألة 9) : المدار قصد قطع المسافة ـ وإن حصل ذلك منه في أيّام ـ مع عدم تخلّل أحد قواطع السفر ؛ ما لم يخرج بذلك عن صدق اسم السفر عرفاً ، كما لو قطع في كلّ يوم مقداراً يسيراً جدّاً للتنزّه ونحوه ؛ لا من جهة صعوبة السير ، فإنّه يتمّ حينئذ ، والأحوط الجمع . (مسألة 10) : لايعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلاّ ، بل يكفي ولو من جهة التبعيّة ـ سواء كان لوجوب الطاعة كالزوجة ، أو قهراً كالأسير ، أو اختياراً كالخادم ـ بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة ، وإلاّ بقي على التمام ، والأحوط الاستخبار وإن كان الأقوى([10])عدم وجوبه . ولايجب على المتبوع الإخبار وإن فرض وجوب الاستخبار على التابع . (مسألة 11) : لو اعتقد التابع أنّ متبوعه لم يقصد المسافة ، أو شكّ في ذلك وعلم في الأثناء أنّه كان قاصداً لها ، فإن كان الباقي مسافة يجب عليه القصر ، وإلاّ فالظاهر([11]) وجوب التمام عليه . ثالثها: استمرار القصد ، فلو عدل عنه قبل بلوغ أربعة فراسخ أو تردّد أتمّ ، ومضى ما صلاّه قصراً ، ولا إعادة عليه في الوقت ولا خارجه ، وإن كان العدول أو التردّد بعد بلوغ الأربعة بقي على التقصير ؛ وإن لم يرجع ليومه إذا كان عازماً على العود قبل عشرة أيّام . (مسألة 12) : يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع وإن عدل عن الشخص ، كما لو قصد السفر إلى مكان خاصّ وكان مسافة ، فعدل في أثناء الطريق إلى آخر يبلغ ما مضى مع ما بقي إليه مسافة ، فإنّه يقصّر ـ حينئذ ـ على الأصحّ ، كما أنّه يقصّر لو كان من أوّل الأمر قاصداً للنوع دون الشخص ؛ بأن يشرع في السفر قاصداً للذهاب إلى أحد الأمكنة التي كلّها مسافة ، ولم يعيّن أحدها ، بل أوكل التعيين إلى وقت الوصول إلى الحدّ المشترك بينها . (مسألة 13) : لو تردّد في الأثناء قبل بلوغ أربعة فراسخ ، ثمّ عاد إلى الجزم ، فإن لم يقطع شيئاً من الطريق حال التردّد ، بقي على القصر وإن لم يكن ما بقي مسافة ولو ملفّقة . وإن قطع شيئاً منه حاله فإن كان ما بقي مسافة بقي على القصر أيضاً ، وإن لم يكن مسافة فلا إشكال في وجوب التمام ؛ إذا لم يكن ما بقي بضمّ ما قطع ـ قبل حصول التردّد ـ مسافة . وأمّا إذا كان المجموع بإسقاط ما تخلّل في البين مسافة فالأحوط الجمع ؛ وإن لايبعد العود إلى القصر ، خصوصاً إذا كان القطع يسيراً . رابعها: أن لاينوي قطع السفر ؛ بإقامة عشرة أيّام فصاعداً في أثناء المسافة ، أو بالمرور على وطنه كذلك ، كما لو عزم على قطع أربعة فراسخ قاصداً للإقامة في أثنائها أو على رأسها ، أو كان له وطن كذلك وقد قصد المرور عليه ؛ فإنّه يُتمّ حينئذ ، وكذا لو كان متردّداً في نيّة الإقامة ، أو المرور على المنزل المزبور ؛ على وجه يُنافي قصد قطع المسافة ، ومنه ما إذا احتمل عروض عارض مناف لإدامة السير ، أو عروض مقتض لنيّة الإقامة في الأثناء ، أو المرور على الوطن ؛ بشرط أن يكون ذلك ممّا يعتني به العقلاء . وأمّا مع احتمال غير معتنى به ـ كاحتمال حدوث مرض أو غيره ؛ ممّا يكون مخالفاً للأصل العقلائي ـ فإنّه يقصّر . (مسألة 14) : لو كان حين الشروع قاصداً للإقامة ، أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية ، أو كان متردّداً ثمّ عدل وبنى على عدم الأمرين ، فإن كان ما بقي بعد العدول مسافة ـ ولو ملفّقة ـ قصّر ، وإلاّ فلا . (مسألة 15) : لو لم يكن من نيّـته الإقامة ، وقطع مقداراً من المسافة ، ثمّ بدا له قبل بلوغ الثمانية ، ثمّ عدل عمّا بدا له وعزم على عدم الإقامة ، فإن كان ما بقي بعد العدول عمّا بدا له مسافةً قصّر بلا إشكال . وكذا إن لم يكن كذلك ، ولم يقطع بين العزمين شيئاً من المسافة ، وكان المجموع مسافة . وأمّا لو قطع شيئاً بينهما ، فهل يضمّ ما مضى قبل العدول إلى ما بقي ـ بإسقاط ما تخلّل في البين ـ إذا كان المجموع مسافة ، أم لا ؟ فالأحوط الجمع وإن لايبعد العود إلى التقصير ، خصوصاً إذا كان القطع يسيراً ، كما مرّ نظيره . خامسها: أن يكون السفر سائغاً ، فلو كان معصية لم يقصّر ؛ سواء كان بنفسه معصية كالفرار من الزحف ونحوه ، أو غايته كالسفر لقطع الطريق ونيل المظالم من السلطان ونحو ذلك . نعم ليس منه ما وقع المحرّم في أثنائه ـ مثل الغيبة ونحوها ـ ممّا ليس غاية لسفره ، فيبقى على القصر ، بل ليس منه ما لو ركب دابّة مغصوبة على الأقوى([12]) . وكذا ما كان ضدّاً لواجب وقد تركه وسافر ، كما إذا كان مديوناً وسافر ؛ مع مطالبة الدُيّان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر . نعم لايترك الاحتياط بالجمع فيما إذا كان السفر لأجل التوصّل إلى ترك واجب ؛ وإن كان تعيّن الإتمام فيه لايخلو من قوّة([13]) . (مسألة 16) : التابع للجائر يقصّر إن كان مجبوراً في سفره ، أو كان قصده دفع مظلمة ونحوه من الأغراض الصحيحة . وأمّا إن كان من قصده إعانته في جوره ، أو كان متابعته له معاضدة له في جهة ظلمه ، أو تقوية لشوكته مع كون تقويتها محرّمة ، وجب عليه التمام . (مسألة 17) : لو كانت غاية السفر طاعةً ، ويتبعها داعي المعصية ـ بحيث ينسب السفر إلى الطاعة ـ يقصّر . وأمّا في غير ذلك ؛ ممّا كانت الغاية معصية يتبعها داعي الطاعة ، أو كان الداعيان مشتركين ـ بحيث لولا اجتماعهما لم يسافر ـ أو مستقلّين([14]) ، فيتمّ . لكن لاينبغي ترك الاحتياط بالجمع في غير الصورة الاُولى ؛ أي تبعيّة داعي الطاعة ، فإنّه يتمّ بلا إشكال . (مسألة 18) : لو كان ابتداء سفره طاعة ، ثمّ قصد المعصية به في الأثناء ، فمع تلبّسه بالسير مع قصدها انقطع ترخّصه وإن كان قد قطع مسافات ، ولا تجب إعادة ما صلاّه قصراً ، ومع عدم تلبّسه به فالأوجه عدم انقطاعه ، والأحوط الجمع ما لم يتلبّس به . ثمّ لو عاد إلى قصد الطاعة بعد ضربه في الأرض ، فإن كان الباقي مسافة ـ ولو مُلفّقة ـ بأن كان الذهاب إلى المقصد أربعة([15]) أو أزيد ، يجب عليه القصر أيضاً . وكذا لو لم يكن الباقي مسافة ، لكن مجموع ما مضى مع ما بقي ـ بعد طرح ما تخلّل في البين من المصاحب للمعصية ـ بقدر المسافة ، لكن في هذه الصورة الأحوط الأولى ضمّ التمام أيضاً . ولو لم يكن المجموع مسافة إلاّ بضمّ ما تخلّل من المصاحب للمعصية ، فوجوب التمام لايخلو من قوّة . والأحوط الجمع . وإن كان ابتداء سفره معصية ثمّ عدل إلى الطاعة ، يقصّر إن كان الباقي مسافة ولو ملفّقة ، وإلاّ فالأحوط الجمع وإن كان البقاء على التمام لايخلو من قوّة . (مسألة 19) : لو كان ابتداء سفره معصية فنوى الصوم ، ثمّ عدل إلى الطاعة ، فإن كان قبل الزوال وجب الإفطار إن كان الباقي مسافة ولو ملفّقة ، وإلاّ صحّ صومه . وإن كان بعده لايبعد الصحّة ، لكن الأحوط الإتمام ثمّ القضاء . ولو كان ابتداؤه طاعة ثمّ عدل إلى المعصية في الأثناء ، فإن كان بعد تناول المفطر أو بعد الزوال لم يصحّ منه الصوم ، وإن كان قبلهما فصحّـته محلّ تأمّل ، فلايترك الاحتياط بالصوم والقضاء . (مسألة 20) : الراجع من سفر المعصية : إن كان بعد التوبة ، أو بعد عروض ما يخرج العود عن جزئيّة سفر المعصية ـ كما لو كان محرّكه للرجوع غاية اُخرى مستقلّة ، لا الرجوع إلى وطنه ـ يقصّر ، وإلاّ فلايبعد وجوب التمام عليه ، والأحوط الجمع . (مسألة 21) : يلحق بسفر المعصية السفر للصيد لهواً ، كما يستعمله أبناء الدنيا . وأمّا إن كان للقوت يقصّر . وكذا إذا كان للتجارة بالنسبة إلى الإفطار([16]) ، وأمّا بالنسبة إلى الصلاة ففيه إشكال ، والأحوط الجمع . ولايلحق به السفر بقصد مجرّد التنزّه ، فلايوجب ذلك التمام . سادسها: أن لايكون من الذين بيوتهم معهم ، كبعض أهل البوادي الذين يدورون في البراري ، وينزلون في محلّ الماء والعشب والكلأ ، ولم يتّخذوا مقرّاً معيّناً ، ومن هذا القبيل الملاّحون وأصحاب السفن الذين كانت منازلهم فيها معهم ، فيجب على أمثال هؤلاء التمام في سيرهم المخصوص . نعم لو سافروا لمقصد آخر ـ من حجّ أو زيارة ونحوهما ـ قصّروا كغيرهم . ولو سار أحدهم لاختيار منزل مخصوص أو لطلب محلّ الماء والعشب ـ مثلاً ـ وكان يبلغ مسافة ، ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال ، فلا يُترك الاحتياط بالجمع([17]) . سابعها: أن لايتّخذ السفر عملاً له ، كالمكاري والساعي وأصحاب السيّارات ونحوهم ، ومنهم أصحاب السفن والملاّح إذا كان منزلهم خارج السفينة واتّخذوا الملاحة صنعة ، وأمّا إذا كان منزلهم معهم فهم من الصنف السابق ؛ فإنّ هؤلاء يتمّون الصلاة في سفرهم ، الذي هو عمل لهم وإن استعملوه لأنفسهم لا لغيرهم ، كحمل المكاري ـ مثلاً ـ متاعه وأهله من مكان إلى مكان آخر . نعم يقصّرون في السفر الذي ليس عملاً لهم ، كما لو فارق الملاّح ـ مثلاً ـ سفينته ، وسافر للزيارة أو غيرها . والمدار([18]) صدق اتخاذ السفر عملاً وشغلاً له . ويتحقّق ذلك بالعزم عليه مع الاشتغال بالسفر مقداراً معتدّاً به ، ولايحتاج في الصدق تكرّر السفر مرّتين أو مرّات . نعم لايبعد وجوب القصر في السفر الأوّل([19]) مع صدق العناوين أيضاً ، وإن كان الأحوط الجمع فيه وفي السفر الثاني ، ويتعيّن التمام في الثالث . (مسألة 22) : من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس ، فالظاهر أنّه يجب عليه التمام في حال شغله وإن كان الأحوط الجمع . وأمّا مثل «الحملداريّة» الذين يتشاغلون بالسفر في خصوص أشهر الحجّ ، فالظاهر وجوب القصر عليهم . (مسألة 23) : يعتبر في استمرار من عمله السفر على التمام ، أن لا يُقيم في بلده أو غير بلده عشرة أيّام ولو غير منويّة ، وإلاّ انقطع حكم عمليّة السفر وعاد إلى القصر ، لكن في السفرة الاُولى خاصّة([20]) دون الثانية ، فضلاً عن الثالثة . لكن لاينبغي ترك الاحتياط ـ بالجمع ـ في السفرة الاُولى لمن أقام في غير بلده عشرة من دون نيّة الإقامة ، بل الأحوط الجمع في السفرة الثانية والثالثة ـ أيضاً ـ له مطلقاً ولمن أقام في بلده بنيّة أو بلا نيّة . (مسألة 24) : لو لم يكن شغله السفر ، لكن عرض له عارض فسافر أسفاراً عديدة يقصّر ، كما لو كان له شغل في بلد ؛ وقد احتاج إلى التردّد إليه مرّات عديدة([21]) ، بل وكذا فيما إذا كان منزله إلى الحائر الحسيني ـ مثلاً ـ مسافة ونذر ، أو بنى على أن يزوره كلّ ليلة جمعة ، وكذا فيما إذا كان منزله إلى بلد كان شغله فيه مسافة ، ويأتي منه إليه كلّ يوم ، فإنّ الظاهر أنّ عليه القصر في السفر والبلد الذي ليس وطنه . (مسألة 25) : ممّن شغله السفر الراعي الذي كان الرعي عمله ؛ سواء كان له مكان مخصوص أو لا ، والتاجر الذي يدور في تجارته ، ومنه السائح الذي لم يتّخذ وطناً ، وكان شغله السياحة ، ويمكن إدراجه في العنوان السادس . وكيف كان يجب عليهم التمام . ثامنها: وصوله إلى محلّ الترخّص ، فلايقصّر قبله . والمراد به : المكان الذي يخفى عليه فيه الأذان ، أو يتوارى عنه فيه الجدران وأشكالها لا أشباحها . ولا يُترك الاحتياط في مراعاة حصولهما معاً([22]) . ويعتبر أن يكون الخفاء والتواري المذكوران لأجل البعد لا عوارض اُخر . (مسألة 26) : كما أنّه يعتبر في التقصير الوصول إلى محلّ الترخّص إذا سافر من بلده ، فهل يعتبر في السفر من محلّ الإقامة ومن محلّ التردّد ثلاثين يوماً أو لا ؟ فيه تأمّل([23]) ، فلا يُترك مراعاة الاحتياط فيهما . (مسألة 27) : كما أنّه من شروط القصر في ابتداء السفر الوصول إلى حدّ الترخّص ، كذلك عند العود ينقطع حكم السفر([24]) بالوصول إليه ، فيجب عليه التمام ، والأحوط مراعاة رفع الأمارتين ، والأحوط الأولى تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله ، والجمع بين القصر والتمام إن صلّى بعد الوصول إلى الحدّ . وأمّا بالنسبة إلى المحلّ الذي عزم على الإقامة فيه ، فهل يعتبر فيه حدّ الترخّص فينقطع حكم السفر بالوصول إليه أو لا ؟ فيه إشكال ، فلا يُترك الاحتياط إمّا بتأخير الصلاة إليه أو الجمع . (مسألة 28) : المدار في عين الرائي واُذُن السامع وصوت المؤذّن والهواء هو المتوسّط المعتدل . (مسألة 29) : الأقوى أنّ الميزان في خفاء الأذان : هو خفاؤه بحيث لايتميّز بين كونه أذاناً أو غيره ، وينبغي الاحتياط فيما إذا تميّز كونه أذاناً ، لكن لايتميّز بين فصوله ، وفيما إذا لم يصل إلى حدّ خفاء الصوت رأساً . (مسألة 30) : لو لم يكن هناك بيوت ولا جدران يعتبر التقدير ، بل الأحوط([25]) ذلك في مثل بيوت الأعراب ونحوهم ممّن لا جدران لبيوتهم . (مسألة 31) : لو شكّ في البلوغ إلى حدّ الترخّص بنى على عدمه ، فيبقى على التمام في الذهاب ، وعلى القصر في الإياب ، إلاّ إذا استلزم منه محذور ، كمخالفة العلم الإجمالي أو التفصيلي ببطلان صلاته ، كمن صلّى الظهر تماماً في الذهاب في المكان المذكور ، وأراد إتيان العصر في الإياب فيه قصراً([26]) . (مسألة 32) : لو كان في السفينة ونحوها ، فشرع في الصلاة قبل حدّ الترخّص بنيّة التمام ، ثمّ وصل إليه في الأثناء ، فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة ، أتمّها قصراً ، وصحّت صلاته إن كان معتقداً لإتمامها قبل الوصول إلى حدّ الترخّص ، وإلاّ فإن وصل إليه قبل الدخول في الركعة الثالثة أتمّها قصراً وصحّت ، ومع الدخول فيها فمحلّ إشكال ، فالأحوط إتمامها قصراً ثمّ إعادتها تماماً ، أو تماماً ثمّ الإعادة قصراً . كما أنّه لو وصل إليه بعد الدخول في الركوع فمحلّ إشكال ، فلا يُترك الاحتياط بإتمامها تماماً ثمّ إعادتها قصراً . ولو كان في حال العود ، وشرع في الصلاة بنيّة القصر قبل الوصول إلى الحدّ ، ثمّ وصل إليه في الأثناء ، أتمّها تماماً وصحّت . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل، وإن كان الذهاب أقلّ من أربعة على الأقوى. وبذلك يظهر حكم المسألة الثانية . [2] ـ بل العكس أيضاً . [3] ـ بل يقصّر مع كون المجموع مسافة . [4] ـ بل آخر البلد ، وإن كان خارجاً من السور . [5] ـ لايخفى أنّ الشخص ما دام في البلد لايصدق عليه المسافر عرفاً ، فالأقوى كون المبدأ آخر البلد مطلقاً ، ولو كان كبيراً في الغاية . [6] ـ وإن كان لايبعد القول بالاكتفاء بشهادته ، بل بشهادة الثقة . [7] ـ على الأحوط فيه وما يليه، وإن كان عدم وجوبها مطلقاً لا مع الانكشاف في الوقت ولا معه في خارجه لايخلو عن وجه. [8] ـ لكن على المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقاً ، وإن لم يكن إلى المقصد أربعة . [9] ـ كما تقدّم . [10] ـ الأقوائية ممنوعة ، بل الأقوى وجوبه ؛ لظهور أدلّة الاُصول في الشكّ الذي له نحو ثابت ، أو لانصرافه إليه ، ومثل المقام ليس له ثبات ؛ لسهولة رفع الشكّ بالسؤال من المتبوع ، كما أنّ أصل البراءة غير جارية لمن شكّ في الخمرية والمائية في حال غمض البصر ، بحيث لو انفتح بصره يرتفع الشكّ عنه . [11] ـ بل الظاهر وجوب القصر عليه ، وإن لم يكن الباقي مسافة . [12] ـ بل منه على الأقوى ، فعليه التمام . [13] ـ بل هو الأقوى . [14] ـ استقلال الداعيين الفعليين مستحيل. [15] ـ مرّ عدم شرطية كون الذهاب أربعة ، بل يكفي الثمانية مطلقاً . [16] ـ وكذا بالنسبة إلى الصلاة على الأقوى . [17] ـ والأظهر وجوب التمام عليه إذا كان بيته معه ، وإلاّ وجب عليه القصر . [18] ـ بل المدار كثرة السفر المشتهرة في ألسنة الفقهاء ، لا اتّخاذ السفر عملاً وشغلاً له. وعليه فالحكم التمام ، وإن سافر في غير عمله كالزيارة وغيرها ، ما دام كثير السفر بعدم قطعه بالتوقّف عشرة أيّام في مكان ، وكون المدار ما في المتن وإن كان هو الظاهر البدوي من التعليل في الأخبار بكونه عملاً له ، إلاّ أ نّه كناية عن عدم المشقّة، كما لايخفى ، وإلاّ فالتعليل بالعمل تعليل تعبّدي كالمعلول ، مع ظهور التعليل في الارتكازية ، ومن المعلوم كون الإتمام لعلّة عدم المشقّة في السفر للمكاري ارتكازياً ، فيتعدّى منه إلى مطلق كثير السفر الذي لا مشقّة له في السفر ، ممّا يمكن تحقّقها لغيره . [19] ـ فيما كان قصيراً ، وإلاّ فمع طولها وتكرّر ذلك منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر ، فلايبعد وجوب التمام ؛ لصدق عنوان كثير السفر عليه . [20] ـ ظهر حكم السفرة الاُولى ممّا مرّ منّا في سابعها . [21] ـ في مثل ما مثّل به من الأسفار القليلة ، وأ مّا الأسفار الكثيرة مع القصد من أوّل الأمر فالوجه التمام ؛ لكونه كثير السفر ، ولأنّ السفر عمله وفعله العادي ، ممّا لا مشقّة له فيه أصلاً . وبذلك يظهر حكم بقيّة مسائل الباب ، فإنّ المناط في التمام كثرة السفر مطلقاً . [22] ـ وإن كان الاكتفاء بتحقّق أحدهما مع عدم العلم بتحقّق الآخر ، لايخلو عن قوّة . [23] ـ بل يكون معتبراً في محلّ الإقامة ، بل في محلّ التردّد ثلاثين يوماً أيضاً ، وكذلك الأمر بالوصول إلى حدّ الترخّص في المسألة التالية ، فلا فرق فيه بين الوطن وبينهما . [24] ـ إذا وصل إلى حدّ يسمع الأذان أو يرى الجدران ، مع عدم علمه بعدم تحقّق الآخر ، وأ مّا مع علمه بعدم تحقّق الآخر فالأحوط الجمع أو التأخير إلى أن يحصل الآخر ، وممّا في مثل الشرائع وما ذكرناه يظهر أنّ ما في مثل المتن من التعبير بالوصول إلى حدّ الترخّص فيه ما لايخفى ، فتدبّر جيّداً . [25] ـ في الاحتياط تأ مّل ، بل الظاهر عدم الاحتياج إلى التقدير وكفاية خفاء البيوت . [26] ـ فعليه أن يؤخّر الصلاة إلى أن يحصل له العلم أو يجمع بينهما في ذلك المكان احتياطاً ؛ قضاءً للعلم الإجمالي الموجود حين الذهاب ، كما هو مفروض المتن على الظاهر ، وأ مّا إذا لم يلتفت إلى حاله في الإياب ، فعليه التمام في الذهاب والقصر في الإياب ؛ قضاءً للأصلين وعدم العلم الإجمالي المؤثّر في شيء منها ، أ مّا في الذهاب فلأنّ المفروض عدمه ، وأ مّا في الإياب فلسقوط التكليف حال الذهاب بالإتيان تماماً، عملا بالاستصحاب .
|