|
فصل في صلاة الجماعة
وهي من المستحبّات الأكيدة في جميع الفرائض خصوصاً اليوميّة ، ويتأكّد في الصبح والعشاءين ، ولها ثواب عظيم . وليست واجبة بالأصل ـ لا شرعاً ولا شرطاً ـ إلاّ في الجُمعة مع الشرائط المذكورة في محلّها . ولا تشرع في شيء من النوافل الأصليّة ؛ وإن وجبت بالعارض بنذر ونحوه ، عدا صلاة الاستسقاء . وقد مرّ : أنّ الأحوط في صلاة العيدين الإتيان بها فُرادى ، ولابأس بالجماعة رجاءً([1]) . (مسألة 1) : لايشترط في صحّة الجماعة اتّحاد صلاة الإمام والمأموم نوعاً أو كيفيّة ، فيأتمّ مصلّي اليوميّة ـ أيّ صلاة كانت ـ بمصلّيها كذلك ؛ وإن اختلفتا في القصر والإتمام أو الأداء والقضاء . وكذا مصلّي الآية بمصلّيها وإن اختلفت الآيتان . نعم لايجوز اقتداء مصلّي اليومية بمصلّي العيدين والآيات والأموات ، بل وصلاة الاحتياط والطواف وبالعكس([2]) . وكذا لايجوز الاقتداء في كلّ من الخمس بعضها ببعض . بل مشروعيّة الجماعة في صلاة الطواف وكذا صلاة الاحتياط محلّ إشكال([3]) . (مسألة 2) : أقلّ عدد تنعقد به الجماعة ـ في غير الجمعة والعيدين ـ اثنان أحدهما الإمام ؛ سواء كان المأموم رجلاً أو امرأة ، بل أو صبيّاً مميّزاً على الأقوى . (مسألة 3) : لايعتبر في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين وبعض فروع المعادة ـ بناء على المشروعيّة ـ نيّةُ الإمام الجماعةَ والإمامةَ([4]) ؛ وإن توقّف حصول الثواب في حقّه عليها . وأمّا المأموم فلابدّ له من نيّة الاقتداء ، فلو لم ينوِهِ لم تنعقد وإن تابع الإمام في الأفعال والأقوال . ويجب وحدة الإمام ، فلو نوى الاقتداء بالاثنين لم تنعقد ولو كانا متقارنين . وكذا يجب تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنيّة أو الخارجيّة ، كأن ينوي الاقتداء بهذا الحاضر ولو لم يعرفه بوجه ؛ مع علمه بكونه عادلاً صالحاً للاقتداء ، فلو نوى الاقتداء بأحد هذين ، لم تنعقد وإن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك . (مسألة 4) : لو شكّ في أنّه نوى الاقتداء أم لا ، بنى على العدم وإن علم أنّه قام بنيّة الدخول في الجماعة ، بل وإن كان على هيئة الائتمام . نعم لو كان مشتغلاً بشيء من أفعال المؤتمّين ـ ولو مثل الإنصات المستحبّ في الجماعة ـ بنى عليه . (مسألة 5) : لو نوى الاقتداء بشخص على أنّه زيد ، فبان أنّه عمرو ، فإن لم يكن عمرو عادلاً بطلت جماعته([5]) وصلاته إن زاد ركناً بتوهّم الاقتداء ، وإلاّ فصحّـتها لاتخلو عن قوّة ، والأحوط الإتمام ثمّ الإعادة . وإن كان عادلاً فالأقوى صحّة صلاته وجماعته ؛ سواء كان من قصده الاقتداء بزيد وتخيّل أنّ الحاضر هو زيد ، أو من قصده الاقتداء بهذا الحاضر ولكن تخيّل أنّه زيد . والأحوط الإتمام والإعادة في الصورة الاُولى إن خالفت صلاة المنفرد . (مسألة 6) : لايجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء على الأحوط([6]) . (مسألة 7) : الظاهر جواز العدول من الائتمام إلى الانفراد ـ ولو اختياراً ـ في جميع أحوال الصلاة([7]) وإن كان من نيّـته ذلك في أوّل الصلاة ، لكن الأحوط عدم العدول إلاّ لضرورة ولو دنيويّة ، خصوصاً في الصورة الثانية . (مسألة 8) : لو نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الركوع لاتجب عليه القراءة ، بل لو كان في أثناء القراءة تكفيه بعد نيّة الانفراد قراءة ما بقي منها ، وإن كان الأحوط استئنافها بقصد القُربة والرجاء ، خصوصاً في الصورة الثانية . (مسألة 9) : لو نوى الانفراد في الأثناء لايجوز له العود إلى الائتمام على الأحوط . (مسألة 10) : لو أدرك الإمام في الركوع قبل أن يرفع رأسه منه ولو بعد الذكر ، أو أدركه قبله ولم يدخل في الصلاة إلى أن ركع ، جاز له الدخول معه ، وتحسب له ركعة . وهو منتهى ما يُدرك به الركعة في ابتداء الجماعة ، فإدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقّف على إدراك ركوع الإمام قبل الشروع في رفع رأسه . وأمّا في الركعات الاُخر فلايضرّ عدم إدراك الركوع مع الإمام ؛ بأن ركع بعد رفع رأسه منه([8]) ، لكن بشرط أن يُدرك بعض الركعة قبل الركوع ، وإلاّ ففيه إشكال([9]) . (مسألة 11) : الظاهر أنّه إذا دخل في الجماعة في أوّل الركعة أو في أثناء القراءة ، واتّفق تأخّره عن الإمام في الركوع وما لحق به فيه ، صحّت صلاته وجماعته ، وتحسب له ركعة . وما ذكرناه في المسألة السابقة ، مختصّ بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام ، أو قبله بعد تمام القراءة . (مسألة 12) : لو ركع بتخيّل أنّه يدرك الإمام راكعاً ولم يُدركه ، أو شكّ في إدراكه وعدمه ، فلاتبعد صحّة صلاته فُرادى ، والأحوط الإتمام والإعادة . (مسألة 13) : لابأس بالدخول في الجماعة بقصد الركوع مع الإمام رجاءً ؛ مع عدم الاطمئنان بإدراكه على الأقوى ، فإن أدركه صحّت صلاته ، وإلاّ بطلت([10]) لو ركع ، كما لابأس بأن يكبّر للإحرام بقصد أنّه إن أدركه لحق ، وإلاّ انفرد قبل الركوع ، أو انتظر الركعة الثانية بالشرط الآتي في المسألة اللاحقة . (مسألة 14) : لو نوى الائتمام وكبّر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع ، لزمه الانفراد أو انتظار الإمام قائماً إلى الركعة الاُخرى ، فيجعلها الاُولى له ؛ بشرط أن لايكون الإمام بطيئاً في صلاته ؛ بحيث يخرج به عن صدق القدوة ، وإلاّ فلايجوز الانتظار . (مسألة 15) : لو أدرك الإمام في السجدة الاُولى أو الثانية من الركعة الأخيرة ، وأراد إدراك فضل الجماعة نوى وكبّر وسجد معه السجدة أو السجدتين وتشهّد ، ثمّ يقوم بعد تسليم الإمام ، ولايترك الاحتياط بأن يتمّ الصلاة ويعيدها ، وإن كان الاكتفاء بالنية والتكبير وإلقاء ما زاد تبعاً للإمام وصحّة صلاته ، لا تخلو من وجه . والأولى عدم الدخول في هذه الجماعة . ولو أدركه في التشهّد الأخير يجوز له الدخول معه ؛ بأن ينوي ويكبّر ثمّ يجلس معه ويتشهّد ، فإذا سلّم الإمام يقوم فيصلّي ، ويكتفي بتلك النيّة وذلك التكبير ، ويحصل له بذلك فضل الجماعة وإن لم يدرك ركعة . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل وكذلك وروداً، كما مرّ . [2] ـ مع التخالف بين صلاة الإمام مع الاحتياط من جهة السورة، كالركعتين الاُوليين ، وكذا مع التخالف من حيث الجلوس والقيام . [3] ـ في صلاة الطواف فقط . [4] ـ بل لايعتبر نيّته مطلقاً ، نعم فيما يشترط فيه الجماعة يعتبر للإمام الوثوق بتحقّقها حين الشروع في الصلاة . [5] ـ بل صحّت . [6] ـ وأن لايبعد الجواز. [7] ـ على الأقوى . [8] ـ بل بعد دخوله في السجود أيضاً . [9] ـ فالأحوط إتمام الصلاة جماعة أو فرادى ، ثمّ الإعادة . [10] ـ جماعة.
|