|
القول في شرائط الجماعة
وهي ـ مضافاً إلى ما مرّ ـ اُمور : الأوّل: أن لايكون بين المأموم والإمام ، أو بين بعض المأمومين مع بعض آخر ـ ممّن يكون واسطة في اتّصاله بالإمام ـ حائل([1]) يمنع المشاهدة . هذا إذا كان المأموم رجلاً . وأمّا المرأة : فإن اقتدت بالرجل([2]) فلابأس بالحائل بينها وبينه ، ولابينها وبين الرجال المأمومين . وأمّا بينها وبين النساء ممّن تكون واسطة في اتّصالها ، وكذا بينها وبين الإمام إذا كان امرأة ـ على فرض المشروعيّة ـ فمحلّ إشكال . الثاني: أن لايكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين إلاّ يسيراً ، والأحوط الاقتصار على المقدار الذي لايرى العرف أنّه أرفع منهم ولو مسامحة . ولابأس بعُلوّ المأموم على الإمام ولو بكثير ، لكن كثرة متعارفة كسطح الدكّان والبيت([3]) ، لا كالأبنية العالية المتداولة في هذا العصر([4]) على الأحوط . الثالث: أن لايتباعد المأموم عن الإمام ـ أو عن الصفّ المتقدّم عليه ـ بما يكون كثيراً في العادة ، والأحوط أن لايكون بين مسجد المأموم وموقف الإمام ـ أو بين مسجد اللاحق وموقف السابق ـ أزيد من مقدار الخطوة المتعارفة ، وأحوط منه أن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل . الرابع: أن لايتقدّم المأموم على الإمام في الموقف ، والأحوط تأخّره عنه ولو يسيراً([5]) . ولايضرّ تقدّم المأموم في ركوعه وسجوده ـ لطول قامته ـ بعد عدم تقدّمه في الموقف ؛ وإن كان الأحوط مراعاته في جميع الأحوال ، خصوصاً حال الجلوس بالنسبة إلى ركبتيه . (مسألة 1) : ليس من الحائل الظلمةُ والغبارُ المانعان من المشاهدة ، وكذا نحو النهر والطريق إن لم يكن فيه بُعد ممنوع في الجماعة ، بل الظاهر([6]) عدم كون الشُّبّاك أيضاً منه ، إلاّ مع ضيق الثقب بحيث يصدق عليه السترة والجدار ، وأمّا الزجاج الحاكي عن ورائه فعدم كونه منه لايخلو من قرب ، والأحوط الاجتناب . (مسألة 2) : لابأس بالحائل القصير الذي لايمنع المشاهدة في أحوال الصلاة([7]) ؛ وإن كان مانعاً منها حال السجود ـ كمقدار شبر وأزيد ـ لو لم يكن مانعاً حال الجلوس ، وإلاّ ففيه إشكال لا يُترك فيه الاحتياط . (مسألة 3) : لايقدح حيلولة المأمومين المتقدّمين ـ وإن لم يدخلوا في الصلاة ـ إذا كانوا متهيّـئين مُشرِفين على العمل([8]) ، كما لايقدح عدم مشاهدة بعض أهل الصفّ الأوّل أو أكثرهم للإمام ؛ إن كان ذلك من جهة استطالة الصفّ ، وكذا عدم مشاهدة بعض أهل الصفّ الثاني للصفّ الأوّل ؛ إن كان من جهة أطوليّـته من الأوّل . (مسألة 4) : لو وصلت الصفوف إلى باب المسجد ـ مثلاً ـ ووقف صفّ أو صفوف في خارج المسجد ؛ بحيث وقف واحد منهم ـ مثلاً ـ بحيال الباب والباقون في جانبيه ، فالأحوط بطلان صلاة من على جانبيه من الصفّ الأوّل ؛ ممّن كان بينهم وبين الإمام أو الصفّ المتقدّم حائل([9]) ، بل البطلان لايخلو من قوّة ، وكذا الحال في المحراب الداخل ، نعم تصحّ صلاة الصفوف المتأخّرة أجمع . (مسألة 5) : لو تجدّد الحائل أو البعد في الأثناء فالأقوى كونه كالابتداء ، فتبطل الجماعة ويصير منفرداً . (مسألة 6) : لابأس بالحائل غير المستقرّ كمرور إنسان أو حيوان . نعم لو اتّصلت المارّة لايجوز وإن كانوا غير مستقرّين . (مسألة 7) : لو تمّت صلاة أهل الصفّ المتقدّم ، يُشكِل بقاء اقتداء المتأخّر وإن عادوا إلى الجماعة بلا فصل ، فلا يُترك الاحتياط بالعدول إلى الانفراد([10]) . (مسألة 8) : إن علم ببطلان صلاة أهل الصفّ المتقدّم ، تبطل جماعة المتأخّر لو حصل الفصل أو الحيلولة . نعم مع الجهل بحالهم تُحمل على الصحّة ، وإن كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم ، وباطلة بحسب تقليد أهل الصفّ المتأخّر ، يشكل([11]) دخوله فيها مع الفصل أو الحيلولة . (مسألة 9) : يجوز لأهل الصفّ المتأخّر الإحرام قبل المتقدّم ؛ إذا كانوا قائمين متهيّئين للإحرام تهيُّؤاً مُشرِفاً على العمل([12]) . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ اعتبار عدم الحائل بين الإمام والمأموم المانع عن مشاهدته ، وكذا اعتبار عدمه بين بعض المأمومين والبعض الآخر ، الواسطة في الاتّصال مبنيّ على الاحتياط ، وإنّما المعتبر في الجماعة عدم الفصل بين الإمام والمأموم بما لايتخطّى من سترة أو جدار ونحوهما ، وكذا الحال بين كلّ صفّ وسابقه . [2] ـ وكذا العكس . [3] ـ الواردين في موثّقة عمّار. (وسائل الشيعة 8 : 411 / 1) [4] ـ ذات طبقات متعدّدة، فلايجوز اقتداء من في الطبقة الثالثة بمن كان في الطبقة الاُولى على الأقوى . [5] ـ وإن كان الأقوى جواز المساواة . [6] ـ على كون المانع الحائل ، المانع عن المشاهدة ، وأ مّا على كون المانع الفصل بما لايتخطّى ، كما أ نّه لايخلو من قوّة يكون حائلاً . ومن ذلك يظهر حكم الزجاج ، فإنّه ممّا لايتخطّى . وبذلك يظهر الحال في المسألة الآتية. [7] ـ مرّ الكلام فيه في المسألة السابقة . [8] ـ الظاهر كفاية صدق التهيّؤ ، ومع الشكّ فيه لابدّ من الاحتياط بإجراء حكم الحائل . [9] ـ وإن كان الأقوى صحّة صلاتهم ، وكذا الحال في المحراب الداخل . [10] ـ وأن لايبعد بقاء اقتداء المتأخّر . [11] ـ الظاهر عدم الإشكال ، فإنّ المناط في صحّة صلاة المتقدّم للمتأخّر صحّتها بحسب تقليده ، لابحسب تقليد المتأخّر . [12] ـ مرّ الكلام فيه في المسألة الثالثة .
|