|
القول في شرائط صحّة الصوم ووجوبه
(مسألة 1) : شرائط صحّة الصوم اُمور : الإسلام والإيمان([1]) والعقل والخُلوّ من الحيض والنفاس ، فلايصحّ من غير المؤمن ولو في جزء من النهار ، فلو ارتدّ في الأثناء ثمّ عاد لم يصحّ ؛ وإن كان الصوم معيّناً وجدّد النيّة قبل الزوال . وكذا من المجنون ولو أدواراً مستغرقاً للنهار أوحاصلاً في بعضه ، وكذا السكران والمُغمى عليه . والأحوط لمن أفاق من السُّكر ـ مع سبق نيّة الصوم ـ الإتمام ثمّ القضاء ، ولمن أفاق من الإغماء مع سبقها الإتمام ، وإلاّ فالقضاء . ويصحّ من النائم لو سبقت منه النيّة وإن استوعب تمام النهار . وكذا لايصحّ من الحائض والنفساء وإن فاجأهما الدم قبل الغروب بلحظة ، أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة . ومن شرائط صحّـته : عدم المرض أو الرمد الذي يضرّه الصوم ؛ لإيجابه شدّته أو طول بُرئه أو شدّة ألمه ؛ سواء حصل اليقين بذلك أو الاحتمال الموجب للخوف ، ويلحق به الخوف من حدوث المرض والضرر بسببه ؛ إذا كان له منشأ عقلائيّ يعتني به العقلاء ، فلايصحّ معه الصوم ، ويجوز بل يجب عليه الإفطار . ولايكفي الضعف وإن كان مُفرِطاً ، نعم لو كان ممّا لايتحمّل عادة جاز الإفطار . ولو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم ففي الصحّة إشكال([2]) ، بل عدمها لايخلو من قوّة . ومن شرائط الصحّة : أن لايكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة ، فلايصحّ منه الصوم حتّى المندوب على الأقوى . نعم استثني ثلاثة مواضع : أحدها : صوم ثلاثة أيام بدل الهدي . الثاني : صوم بدل البدنة ممّن أفاض من عرفات قبل الغروب عامداً ، وهو ثمانية عشر يوماً . الثالث : صوم النذر المشترط إيقاعه في خصوص السفر ، أو المصرّح بأن يوقع سفراً وحضراً ، دون النذر المطلق . (مسألة 2) : يشترط في صحّة الصوم المندوب ـ مضافاً إلى ما مرّ ـ أن لايكون عليه قضاء صوم واجب ، ولا يُترك الاحتياط في مطلق الواجب من كفّارة وغيرها ، بل التعميم لمطلقه لايخلو من قُوّة . (مسألة 3) : كلّ ما ذكرنا من أنّه شرط للصحّة شرط للوجوب أيضاً ، غير الإسلام والإيمان . ومن شرائط الوجوب ـ أيضاً ـ البلوغ ، فلايجب على الصبيّ وإن نوى الصوم تطوّعاً وكمل في أثناء النهار . نعم إن كمل قبل الفجر يجب عليه . والأحوط لمن نوى التطوّع الإتمام لو كمل في أثناء النهار ، بل إن كمل قبل الزوال ولم يتناول شيئاً ، فالأحوط الأولى نيّة الصوم وإتمامه . (مسألة 4) : لو كان حاضراً فخرج إلى السفر ، فإن كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار ، وإن كان بعده وجب عليه البقاء على صومه وصحّ ، ولو كان مسافراً وحضر بلده أو بلداً عزم على الإقامة به عشرة أيّام ، فإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر ، وجب عليه الصوم ، وإن كان بعده أو قبله لكن تناول المفطر فلايجب عليه([3]) . (مسألة 5) : المسافر الجاهل بالحكم لو صام صحّ صومه ويجزيه ؛ على حسب ما عرفت في الجاهل بحكم الصلاة([4]) ؛ إذ القصر كالإفطار ، والصيام كالتمام ، فيجري هنا ـ حينئذ ـ جميع ما ذكرناه بالنسبة إلى الصلاة ، فمن كان يجب عليه التمام ، كالمكاري([5])والعاصي بسفره والمقيم والمتردّد ثلاثين يوماً وغير ذلك ، يجب عليه الصيام . نعم يتعيّن عليه الإفطار في سفر الصيد للتجارة ، والاحتياط بالجمع في الصلاة ، ويجب قضاء الصوم في الناسي([6]) لو تذكّر بعد الوقت ، دون الصلاة كما مرّ ، ويتعيّن عليه الإفطار في الأماكن الأربعة ويتخيّر في الصلاة ، ويتعيّن عليه البقاء على الصوم لو خرج بعد الزوال ؛ وإن وجب عليه القصر ، ويتعيّن عليه الإفطار لو قدم بعده ؛ وإن وجب عليه التمام إذا لم يكن قد صلّى . وقد تقدّم في كتاب الصلاة : أنّ المدار في قصرها هو وصول المسافر إلى حدّ الترخّص ، فكذا هو المدار في الصوم ، فليس له الإفطار قبل الوصول إليه ، بل لو فعل كان عليه مع القضاء الكفّارة على الأحوط . (مسألة 6) : يجوز على الأصحّ السفر اختياراً في شهر رمضان ؛ ولو كان للفرار من الصوم ، لكن على كراهية قبل أن يمضي منه ثلاثة وعشرون يوماً ، إلاّ في حجّ أو عمرة([7]) ، أو مال يخاف تلفه ، أو أخ يخاف هلاكه([8]) . وأمّا غير صوم شهر رمضان من الواجب المعيّن ، فالأحوط ترك السفر مع الاختيار ، كما أنّه لو كان مسافراً فالأحوط الإقامة لإتيانه مع الإمكان ؛ وإن كان الأقوى في النذر المعيّن ، جواز السفر وعدم وجوب الإقامة لو كان مسافراً . (مسألة 7) : يكره للمسافر في شهر رمضان ـ بل كلّ من يجوز له الإفطار ـ التملّي من الطعام والشراب ، وكذا الجماع في النهار ، بل الأحوط تركه ؛ وإن كان الأقوى جوازه . (مسألة 8) : يجوز الإفطار في شهر رمضان لأشخاص : الشيخ والشيخة إذا تعذّر أو تعسّر عليهما الصوم ، ومن به داء العطاش ؛ سواء لم يقدر على الصبر أو تعسّر عليه ، والحامل المقرب التي يضرّ الصوم بها أو بولدها ، والمرضعة القليلة اللبن إذا أضرّ الصوم بها أو بولدها ، فإنّ جميع هذه الأشخاص يفطرون ، ويجب على كلّ واحد منهم التكفير بدل كلّ يوم بمُدّ من الطعام ، والأحوط مُدّان ، عدا الشيخين وذي العطاش في صورة تعذّر الصوم عليهم ، فإنّ وجوب الكفّارة عليهم محلّ إشكال ، بل عدمه لايخلو من قوّة ، كما أنّه على الحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن إذا أضرّ بهما ـ لابولدهما ـ محلّ تأمّل([9]) . (مسألة 9) : لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها أو متبرّعة برضاعه أو مستأجرة ، والأحوط الاقتصار على صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع تبرّعاً ، أو باُجرة من أبيه أو منها أو من متبرّع . (مسألة 10) : يجب على الحامل والمرضعة القضاء بعد ذلك ، كما أنّ الأحوط وجوبه([10])على الأوّلين لو تمكّنا بعد ذلك . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ الأظهر عدم اعتبار الإيمان في الصحّة، واعتبار الإسلام إنّما يكون لتمشّي قصد القربة. [2] ـ لكنّ الأقوى الصحّة . [3] ـ والظاهر أنّ المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده ، لا الخروج عن حدّ الترخّص ، وكذا المناط في الرجوع دخول البلد . [4] ـ على ما مرّ . [5] ـ وكثير السفر . [6] ـ بل الناسي كالجاهل، كما مرّ في أحكام المسافر من كتاب الصلاة. [7] ـ أو ما كان أفضل، بل أو مساوياً لهما في الفضيلة، لاسيّما مثل زيارة الحسين(عليه السلام) ، الذي دلّت الأخبار على استحبابها في شهر رمضان ، وفي ليالي القدر وغيرها منه أيضاً ؛ لعدم الخصوصيّة ظاهراً في الحجّ والعمرة ، إلاّ خصوصيّة الفضل ، وكيف لا يستثنى مثل زيارة سيّد الشهداء أو بقية الأئمّة(عليهم السلام) ، مع استثناء مثل مال يخاف تلفه أو تشييع الأخ ، مع أنّ الزيارة للمعصومين(عليهم السلام) لاسيّما زيارة الحسين(عليه السلام) في شهر رمضان ليست قابلة للمقايسة مع أمثالها ؟ والأخبار الثلاثة الواردة الدالّة على أفضليّة الصوم من الزيارة كلّها ضعيفة الإسناد ، والعجب من صاحب «الوسائل» حيث اعتمد على تلك الأخبار وعمل بمضمونها . (راجع: وسائل الشيعة 10: 181، الباب 3، و 14: 573، الباب 91) [8] ـ أو غير ما ذكر من الموارد المنصوصة ، فإنّها غير محصورة فيه . [9] ـ ولكنّ الأحوط فيهما التكفير . [10] ـ لكن عدمه لايخلو عن قوّة .
|