|
الطائفة الأولى:نصوص جوازالتصرّف في أموال اليتامى
وهناك عدّة روايات دالّة على هذا الموضوع، نشير فعلا إلى بعضها وهو: الرواية الأولى: صحيحة عليّ بن رئاب قال: سألت أبا الحسن موسى(عليه السلام) عن رجل بيني وبينه قرابة، مات وترك أولاداً صغاراً، وترك مماليك له غلماناً وجواري، ولم يوصِ، فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية فيتّخذها أمّ ولد؟ وما ترى في بيعهم؟ فقال: «إن كان لهم وليّ يقوم بأمرهم، باع عليهم ونظر لهم كان مأجوراً فيهم»، قلت: فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية فيتّخذها أمّ ولد؟ قال: «لا بأس بذلك إذا باع عليهم القيّم لهم الناظر فيما يصلحهم، وليس لهمأن يرجعوا عما صنع القيّم لهم الناظر فيما يصلحهم»(11). وليس المراد من الوليّ في هذه الرواية الأبَ والجدّ، وإنّما كل شخص يتولّى أمور اليتيم ويرعى شؤونه، فيحمل هذه المسؤولية على عاتقه، وحسب تعبير الرواية «مأجوراً»، كما أن مورد الرواية لا يرتبط بوضع الميت وصيّاً على اليتيم، أو حالة نصب القاضي قيِّماً معيناً، إذ لو كانت الحال كذلك لذكرت ذلك الرواية، إنّما موردها حالة وفاة شخص ليس عنده من يتولّى أمور أولاده من بعده، فكلمة «قيّم وولي» الواردة في الرواية تشمل الأمّ أيضاً. وبعبارة أخرى، جواب الإمام يستبطن قاعدةً عامّة، والمعيار فيها هو: «الوليّ الذي نظر لهم، والقيّم بأمرهم». الرواية الثانية: موثقة سماعة قال: سألته عن رجل مات وله بنون وبنات صغار وكبار من غير وصية، وله خدم ومماليك وعقد، كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث؟ قال: «إن قام رجلٌ ثقة قاسمهم ذلك كلّه فلا بأس»(12). وتشبه كلمة «الرجل» في هذا الحديث سائر استعمالاتها في الروايات وفي المحاورات العرفية والقانونية، فليس فيها خصوصية، وعليه فالمعيار هو الشخص الموثوق بقدرته على التقسيم، أمّا كون هذا المقسّم رجلاً وإلاَّ كان خلاف الشرع، فلا تصريح حوله في الرواية، فلا فرق بين «رجل ثقة» و«امرأة ثقة»، فيكون من الواضح صيرورة المناط هو الوثاقة، ولا ينبغي التشكيك في الظهور العرفي المذكور والقاضي بالتعميم والشمولية، والقول باختصاص الرجل هنا بالإنسان الذكر يخالف السيرة العملية للفقهاء في استنباط الأحكام، كما أنه خلاف الظهور العرفي، بل هو مستلزمٌ لإيجاد فقه جديد. الرواية الثالثة: خبر إسماعيل بن سعد قال: سألت الامام الرضا(عليه السلام) عن رجل مات بغير وصية وترك أولاداً ذكراناً وغلماناً صغاراً، وترك جواري ومماليك، هل يستقيم أن تُباع الجواري؟ قال: «نعم»، وعن الرجل يصحب الرجل في سفر فيحدث به حدثُ الموت، ولا يدرك الوصية، كيف يصنع بمتاعه وله أولاد صغار وكبار، أيجوز أن يُدفع متاعه ودوابه إلى ولده الأكابر أو إلى القاضي، وإن كان في بلدة ليس فيها قاض كيف يصنع؟ وإن كان دفع المتاع إلى الأكابر، ولم يعلم فذهب فلم يقدر على ردّه كيف يصنع؟ قال: «إذا أدرك الصغار وطلبوا لم يجد بدّاً من إخراجه، إلاَّ أن يكون بأمرالسلطان..»(13). والشيء الذي نراه في هذه الرواية تجويزها بيع الجواري مع رعاية مصلحة الأولاد، كائناً من كان فاعل ذلك البيع، وفي المقطع الثاني من الرواية إنّماكان استثناء تدخّل الحكومة عبر الإمام(عليه السلام)هو أنّه عندما تتدخّل الحكومة فإنّ الإمام لايمكنه التصادم معها، تماماً كما عندما يبيّن الإمام(عليه السلام) الحكم الواقعي، إلاَّ أنِّه يذكّر بأنَّه لا يمكن ردّ الحكم الصادر عن ابن أبي ليلى(14). الرواية الرابعة: صحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: مات رجلٌ من أصحابنا ولم يوصِ، فرفع أمره إلى قاضي الكوفة، فصيّر عبدالحميد القيّم بماله، وكان الرجل خلّف ورثةً صغاراً ومتاعاً وجواري، فباع عبدالحميد المتاع، فلما أراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهنّ، إذ لم يكن الميت صيّر إليه وصيته، وكان قيامه فيها بأمر القاضي لأنهنّ فروج، قال: فذكرت ذلك لأبي جعفر(عليه السلام)(15)، وقلت له: يموت الرجل من أصحابنا، ولا يوص إلى أحد، ويخلف جواري، فيقيم القاضي رجلاً منّا فيبيعهنّ، أو قال: يقوم بذلك رجلٌ منّا فيضعف قلبه، لأنهنّ فروج، فما ترى في ذلك؟ قال: فقال: «إذا كان القيّم به مثلك ومثل عبدالحميد فلا بأس»(16). وقد فهم بعضهم من جملة: «إذا كان القيّم به مثلك ومثل عبدالحميد فلا بأس» إجازةً من الإمام بالقيمومة، إلاّ أنّ ظاهرها خلاف ذلك; إذ هي بيانٌ لحكم شرعي، أمّا جعل الحاكمية والقوامة فيحتاج إلى قرينة. __________________________________________ (11) وسائل الشيعة 19: 421، الباب 88، ح1. (12) المصدر نفسه: 422، الباب 88، ح2. (13) المصدر نفسه 19: 422، الباب 88، ح3. (14) المصدر نفسه: 427، الباب 92، ح2. (15) الظاهر أن المراد بأبي جعفر الإمام الجواد(عليه السلام); ذلك أن محمّد بن إسماعيل من أصحاب الإمامين السابع والثامن، كما أنه أدرك الإمام التاسع، وأما إذا كان المراد باقر العلوم(عليه السلام) فتكون الرواية مرسلةً، والحال أن الجميع عدّها صحيحةً. (16) المصدر نفسه 17: 363، الباب 16، ح2.
|