|
القول فيمن تجب عليه الزكاة
(مسألة 1) : يشترط فيمن تجب عليه الزكاة اُمور : أحدها: البلوغ ، فلاتجب على غير البالغ ، نعم لو اتّجر له الوليّ الشرعي استُحبّ له إخراج زكاة ماله ، كما يُستحبّ([1]) له إخراج زكاة غلاّته . وأمّا مواشيه فلا تتعلّق بها على الأقوى . والمعتبر البلوغ أوّل الحول فيما اعتبر فيه الحول ، وفي غيره قبل وقت التعلّق . ثانيها: العقل ، فلا تجب في مال المجنون ، والمعتبر العقل في تمام الحول فيما اعتبر فيه ، وحال التعلّق في غيره ، فلو عرض الجنون فيما يعتبر فيه الحول يقطعه ، بخلاف النوم ، بل والسُّكر والإغماء على الأقوى . نعم إذا كان عروض الجنون في زمان قصير ففي قطعه إشكال([2]) . ثالثها: الحرّيّة ، فلا زكاة على العبد وإن قلنا بملكه . رابعها: الملك ، فلا زكاة في الموهوب ولا في القرض إلاّ بعد قبضهما ، ولا في الموصى به إلاّ بعد الوفاة والقبول ؛ لاعتباره في حصول الملكيّة للموصى له على الأقوى . خامسها: تمام التمكّن من التصرّف ، فلا زكاة في الوقف وإن كان خاصّاً ، ولا في نمائه إذا كان عامّاً وإن انحصر في واحد ، ولا في المرهون وإن أمكن فكّه([3]) ، ولا في المجحود وإن كانت عنده بيّنة يتمكّن من انتزاعه بها أو بيمين ، ولا في المسروق ، ولا في المدفون الذي نسي مكانه ، ولا في الضالّ ، ولا في الساقط في البحر ، ولا في الموروث عن غائب ولم يصل إليه أو إلى وكيله ، ولا في الدين وإن تمكّن من استيفائه . سادسها: بلوغ النِّصاب ، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى . (مسألة 2) : لو شكّ في البلوغ حين التعلّق ، أو في التعلّق حين البلوغ ، لم يجب الإخراج ، وكذا الحال في الشكّ في حدوث العقل في زمان التعلّق مع كونه مسبوقاً بالجنون ، ولو كان مسبوقاً بالعقل وشكّ في طروّ الجنون حال التعلّق وجب الإخراج([4]) . (مسألة 3) : يُعتبر تمام التمكّن من التصرّف فيما يُعتبر فيه الحول في تمام الحول ، فإذا طرأ ذلك في أثناء الحول ثمّ ارتفع ، انقطع الحول ويحتاج إلى حول جديد . وفيما لايعتبر فيه الحول ففي اعتباره حال تعلّق الوجوب تأمّل وإشكال ، والأقوى ذلك ، والأحوط العدم . (مسألة 4) : ثبوت الخيار لغير المالك لايمنع من تعلّق الزكاة ، إلاّ في مثل الخيار المشروط بردّ الثمن ؛ ممّا تكون المعاملة مبنيّة على إبقاء العين ، فلو اشترى نِصاباً من الغنم ، وكان للبائع الخيار ، جرى في الحول من حين العقد ، لا من حين انقضائه . (مسألة 5) : لا تتعلّق الزكاة بنماء الوقف العامّ ؛ قبل أن يقبضه من ينطبق عليه عنوان الموقوف عليه . وأمّا بعد القبض فهو كسائر أمواله تتعلّق به مع اجتماع شرائطه . (مسألة 6) : زكاة القرض على المقترض بعد القبض وجريان الحول عنده ، وليس على المقرض والدائن شيء قبل أن يستوفي طلبه ، فلو لم يستوفه ولو فراراً من الزكاة لم تجب عليه([5]) . (مسألة 7) : لو عرض عدم التمكّن من التصرّف بعد تعلّق الوجوب ، أو بعد مضيّ الحول متمكّناً ، فقد استقرّ وجوب الزكاة ، فيجب عليه الأداء إذا تمكّن ، ولو تمكّن بعدما لم يكن متمكّناً وقد مضى عليه سنون جرى في الحَول من حينه . واستحباب الزكاة لسنة واحدة إذا تمكّن بعد السنين محلّ إشكال([6]) ، فضلاً عمّا تمكّن بعد مضيّ سنة واحدة . (مسألة 8): لو كان المال الزكويّ مشتركاً بين اثنين أو أزيد تعتبر الحصص لا المجموع، فكلّ من بلغت حصّـته حدّ النصاب وجبت عليه الزكاة ، دون من لم تبلغ حصّـته النصاب . (مسألة 9) : لو استطاع الحجّ بالنصاب ، فإن تمّ الحول أو تعلّق الوجوب قبل وقت سير القافلة والتمكّن من الذهاب ، وجبت الزكاة ، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب الحجّ ، وإلاّ فلا ، وإن كان تمام الحول بعد زمان سير القافلة وأمكن صرف النصاب أو بعضه في الحجّ وجب ، فإن صرفه فيه سقط وجوب الزكاة ، وإن عصى ولم يحجّ وجبت الزكاة بعد تمام الحول ، وإن تقارن خروج القافلة مع تمام الحول أو تعلّق الوجوب ، وجبت الزكاة دون الحج . (مسألة 10) : تجب الزكاة على الكافر([7]) وإن لم تصحّ منه لو أدّاها . نعم للإمام(عليه السلام) أو نائبه أخذها منه قهراً ، بل له أخذ عوضها منه لو كان أتلفها أو تلفت عنده على الأقوى . نعم لو أسلم بعدما وجبت عليه سقطت عنه وإن كانت العين موجودة على إشكال([8]) ، هذا لو أسلم بعد تمام الحول . وأمّا لو أسلم ولو بلحظة قبله فالظاهر وجوبها عليه . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ فيه إشكال، والأحوط الترك . [2] ـ وإن كان الأقوى القطع في زمان قصير إلاّ أن يكون آناً مّا . [3] ـ الزكاة فيه مع إمكان الفكّ وفي المجحود مع التمكّن من انتزاعه بالبيّنة أو اليمين ، وفي الدين إذا تمكّن من استيفائه لايخلو من قوّة . [4] ـ فيما إذا علم زمان التعلّق وشكّ في زمان حدوث الجنون ، وأ مّا مع العلم بحدوث الجنون والشكّ في سبق التعلّق وتأخّره ، وكذا مع الجهل بالتاريخين ، فالأصل عدم الوجوب ، كما أنّ مع الجهل بالحالة السابقة وأ نّها الجنون أو العقل كذلك . [5] ـ بل تجب عليه؛ قضاءً لعمومات الزكاة وإطلاقاتها، وكذا إذا أمكنه استيفاء الدين بسهولة، والظاهر أنّ منشأ عدم الوجوب في المتن زعم عدم الملك الذي هو من الشرائط، لكن فيه أنّ الملك حاصل بالنسبة إلى الذمّة، فإنّه قد يتعلّق بالعين وقد يتعلّق بالذمّة، وأخبار الشرطية لاتدلّ على أزيد من الملكية مطلقاً في مثل الموهوب والموصى به قبل القبض. [6] ـ لكنّه غير تامّ، والاستحباب فيما تمكّن بعد مضيّ سنة ثابت، فضلاً عن مضيّ السنين . ويدلّ عليه مرسلة عبدالله بن بكير ؛ لما فيه من الجملة الخبرية الغير الظاهرة في الوجوب ، وبه يجمع بينها وبين ما دلّ على عدم الوجوب مطلقاً ، هذا مضافاً إلى مطلوبية البرّ . [7] ـ المقصّر بالإنكار مع اليقين أو بعدم الفحص والمراجعة إلى الحجج والأدلّة مع الشكّ ، وإلاّ فالقاصر منه لاتكليف له فعلاً ؛ لعدم الحجّة : (وَمَا كُنّا مُعَذّبِين حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً)، (الإسراء (17) : 15) ولك أن تقول : الكافر مكلّف لتقصيره ، لا غير المسلم القاصر ، وتحقيق البحث موكول إلى محلّه . [8] ـ مذبوب.
|