|
القول في شرائط وجوب حجّة الإسلام
وهي اُمور : أحدها: الكمال بالبلوغ والعقل ، فلايجب على الصبيّ وإن كان مراهقاً ، ولا على المجنون وإن كان أدواريّاً ؛ إن لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال مع مقدّماتها غير الحاصلة ، ولو حجّ الصبيّ المميّز صحّ لكن لم يجز عن حجّة الإسلام ، وإن كان واجداً لجميع الشرائط عدا البلوغ . والأقوى عدم اشتراط صحّة حجّه بإذن الوليّ ؛ وإن وجب الاستئذان في بعض الصور . (مسألة 1) : يستحبّ للوليّ أن يُحرم بالصبيّ غير المميّز ، فيجعله محرماً ويلبسه ثوبي الإحرام ، وينوي عنه ، ويلقِّنه التلبية إن أمكن ، وإلاّ يلبّي عنه ، ويجنّبه عن محرّمات الإحرام ، ويأمره بكلٍّ من أفعاله ، وإن لم يتمكّن شيئاً منها ينوب عنه ، ويطوف به ، ويسعى به ، ويقف به في عرفات ومشعر ومنىً ، ويأمره بالرمي ، ولو لم يتمكّن يرمي عنه ، ويأمره بالوضوء وصلاة الطواف ، وإن لم يقدر يصلّي عنه ، وإن كان الأحوط إتيان الطفل صورة الوضوء والصلاة أيضاً ، وأحوط منه توضّؤه لو لم يتمكّن من إتيان صورته . (مسألة 2) : لايلزم أن يكون الوليّ مُحرِماً في الإحرام بالصبيّ ، بل يجوز ذلك وإن كان مُحلاّ . (مسألة 3) : الأحوط أن يقتصر في الإحرام بغير المميّز على الوليّ الشرعي ؛ من الأب([1]) والجدّ والوصيّ لأحدهما والحاكم وأمينه أو الوكيل منهم والاُمّ وإن لم تكن وليّاً ، والإسراء إلى غير الوليّ الشرعيّ ـ ممّن يتولّى أمر الصبيّ ويتكفّله ـ مشكل وإن لايخلو من قرب . (مسألة 4) : النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الوليّ([2]) ، لا من مال الصبيّ إلاّ إذا كان حفظه موقوفاً على السفر به([3]) ، فمؤونة أصل السفر ـ حينئذ ـ على الطفل ، لا مؤونة الحجّ به لو كانت زائدة . (مسألة 5) : الهدي على الوليّ([4]) ، وكذا كفّارة الصيد ، وكذا سائر الكفّارات على الأحوط([5]) . (مسألة 6) : لو حجّ الصبيّ المميّز وأدرك المشعر بالغاً ، والمجنون وعقل قبل المشعر ، يجزيهما عن حجّة الإسلام على الأقوى ؛ وإن كان الأحوط الإعادة بعد ذلك مع الاستطاعة . (مسألة 7) : لو مشى الصبيّ إلى الحجّ ، فبلغ قبل أن يحرم من الميقات ، وكان مستطيعاً ولو من ذلك الموضع ، فحجّه حجّة الإسلام . (مسألة 8) : لو حجّ ندباً باعتقاد أنّه غير بالغ ، فبان بعد الحجّ خلافه ، أو باعتقاد عدم الاستطاعة ، فبان خلافه ، لايجزي عن حجّة الإسلام على الأقوى([6]) ، إلاّ إذا أمكن الاشتباه في التطبيق . ثانيها: الحرّيّة . ثالثها: الاستطاعة من حيث المال ، وصحّة البدن وقوّته ، وتخلية السرب وسلامته ، وسعة الوقت وكفايته . (مسألة 9) : لا تكفي القدرة العقليّة في وجوبه ، بل يشترط فيه الاستطاعة الشرعيّة ، وهي الزاد والراحلة وسائر ما يُعتبر فيها ، ومع فقدها لايجب ولايكفي عن حجّة الإسلام ؛ من غير فرق بين القادر عليه بالمشي مع الاكتساب بين الطريق وغيره ، كان ذلك مخالفاً لزيّه وشرفه أم لا ، ومن غير فرق بين القريب والبعيد . (مسألة 10) : لايشترط وجود الزاد والراحلة عنده عيناً ، بل يكفي وجود ما يمكن صرفه في تحصيلها من المال ؛ نقداً كان أو غيره من العروض . (مسألة 11) : المراد من الزاد والراحلة ما هو المحتاج إليه في السفر ؛ بحسب حاله قُوّة وضعفاً وشرفاً وضِعة ، ولايكفي ما هو دون ذلك ، وكلّ ذلك موكول إلى العرف . ولو تكلّف بالحجّ مع عدم ذلك لايكفي عن حجّة الإسلام . كما أنّه لو كان كسوباً قادراً على تحصيلهما في الطريق لايجب ولايكفي عنها . (مسألة 12) : لايعتبر الاستطاعة من بلده ووطنه ، فلو استطاع العراقي أو الإيراني وهو في الشام أو الحجاز ، وجب وإن لم يستطع من وطنه ، بل لو مشى إلى قبل الميقات متسكّعاً أو لحاجة وكان هناك جامعاً لشرائط الحجّ وجب ، ويكفي عن حجّة الإسلام ، بل لو أحرم متسكّعاً فاستطاع ، وكان أمامه ميقات آخر يمكن القول بوجوبه وإن لايخلو من إشكال . (مسألة 13) : لو وُجد مركب كسيّارة أو طيّارة ، ولم يوجد شريك للركوب ، فإن لم يتمكّن من اُجرته لم يجب عليه ، وإلاّ وجب إلاّ أن يكون حرجيّاً عليه([7]) . وكذا الحال في غلاء الأسعار في تلك السنة ، أو عدم وجود الزاد والراحلة إلاّ بالزيادة عن ثمن المثل ، أو توقّف السير على بيع أملاكه بأقلّ منه . (مسألة 14) : يعتبر في وجوب الحج وجود نفقة العود إلى وطنه إن أراده ، أو إلى ما أراد التوقّف فيه بشرط أن لا تكون نفقة العود إليه أزيد من العود إلى وطنه إلاّ إذا ألجأته الضرورة إلى السّكنى فيه . (مسألة 15) : يعتبر في وجوبه وجدان نفقة الذهاب والإياب ؛ زائداً عمّا يحتاج إليه في ضروريّات معاشه ، فلا تباع دار سكناه اللائقة بحاله ، ولا ثياب تجمّله ، ولا أثاث بيته ، ولا آلات صناعته ، ولا فرس ركوبه أو سيّارة ركوبه ، ولا سائر ما يحتاج إليه بحسب حاله وزيّه وشرفه ، بل ولا كتبه العلميّة المحتاج إليها في تحصيل العلم ؛ سواء كانت من العلوم الدينيّة ، أو من العلوم المباحة المحتاج إليها في معاشه وغيره ، ولايعتبر في شيء منها الحاجة الفعليّة ، ولو فرض وجود المذكورات ـ أو شيء منها ـ بيده من غير طريق الملك ـ كالوقف ونحوه ـ وجب بيعها([8]) للحجّ بشرط كون ذلك غير مناف لشأنه ، ولم يكن المذكورات في معرض الزوال . (مسألة 16) : لو لم يكن المذكورات زائدة على شأنه عيناً لا قيمة يجب تبديلها([9]) وصرف قيمتها في مؤونة الحجّ أو تتميمها ؛ بشرط عدم كونه حرجاً ونقصاً ومهانة عليه ، وكانت الزيادة بمقدار المؤونة أو متمّمة لها ولو كانت قليلة . (مسألة 17) : لو لم يكن عنده من أعيان ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه وتكسّبه ، وكان عنده من النقود ونحوها ما يمكن شراؤها ، يجوز صرفها في ذلك ؛ من غير فرق بين كون النقد عنده ابتداءً ، أو بالبيع بقصد التبديل أو لابقصده ، بل لو صرفها في الحجّ ففي كفاية حجّه عن حجّة الإسلام إشكال بل منع . ولو كان عنده ما يكفيه للحجّ ونازعته نفسه للنكاح ، جاز صرفه فيه بشرط([10]) كونه ضروريّاً بالنسبة إليه ؛ إمّا لكون تركه مشقّة عليه ، أو موجباً لضرر أو موجباً للخوف في وقوع الحرام ، أو كان تركه نقصاً ومهانة عليه . ولو كانت عنده زوجة ولايحتاج إليها ، وأمكنه طلاقها وصرف نفقتها في الحجّ ، لايجب ولايستطيع . (مسألة 18) : لو لم يكن عنده ما يحجّ به ، ولكن كان له دين على شخص بمقدار مؤونته أو تتميمها ، يجب اقتضاؤه إن كان حالاًّ ؛ ولو بالرجوع إلى حاكم الجور مع فقد حاكم الشرع أو عدم بسط يده . نعم لو كان الاقتضاء حرجيّاً أو المديون معسراً لم يجب ، وكذا لو لم يمكن إثبات الدين . ولو كان مؤجّلاً والمديون باذلاً يجب أخذه وصرفه فيه ، ولايجب في هذه الصورة([11]) مطالبته وإن علم بأدائه لو طالبه . ولو كان غير مستطيع وأمكنه الاقتراض للحجّ والأداء بعده بسهولة ، لم يجب ولايكفي عن حجّة الإسلام([12]) . وكذا لو كان له مال غائب لايمكن صرفه في الحجّ فعلاً ، أو مال حاضر كذلك ، أو دين مؤجّل لايبذله المديون قبل أجله ، لايجب الاستقراض([13]) والصرف في الحجّ ، بل كفايته على فرضه عن حجّة الإسلام مشكل بل ممنوع . (مسألة 19) : لو كان عنده ما يكفيه للحجّ وكان عليه دين ، فإن كان مؤجّلاً ، وكان مطمئنّاً بتمكّنه من أدائه زمان حلوله ـ مع صرف ما عنده ـ وجب ، بل لايبعد وجوبه مع التعجيل ورضا دائنه بالتأخير مع الوثوق بإمكان الأداء عند المطالبة ، وفي غير هاتين الصورتين لايجب . ولا فرق في الدين بين حصوله قبل الاستطاعة أو بعدها ؛ بأن تلف مال الغير على وجه الضمان عنده بعدها . وإن كان عليه خمس أو زكاة ، وكان عنده ما يكفيه للحجّ لولاهما ، فحالهما حال الدين مع المطالبة ، فلايكون مستطيعاً . والدين المؤجّل بأجل طويل جدّاً كخمسين سنة ، وما هو مبنيّ على المسامحة وعدم الأخذ رأساً ، وما هو مبنيّ على الإبراء مع الاطمئنان بذلك ، لم يمنع عن الاستطاعة . (مسألة 20) : لو شكّ في أنّ ماله وصل إلى حدّ الاستطاعة ، أو علم مقداره وشكّ في مقدار مصرف الحجّ وأنّه يكفيه ، يجب عليه الفحص على الأحوط . (مسألة 21) : لو كان ما بيده بمقدار الحجّ ، وله مال لو كان باقياً يكفيه في رواج أمره بعد العود وشكّ في بقائه ، فالظاهر وجوب الحجّ ؛ كان المال حاضراً عنده أو غائباً . (مسألة 22) : لو كان عنده ما يكفيه للحجّ ، فإن لم يتمكّن من المسير ـ لأجل عدم الصحّة في البدن ، أو عدم تخلية السرب ـ فالأقوى جواز التصرّف فيه بما يُخرجه عن الاستطاعة ، وإن كان لأجل عدم تهيئة الأسباب أو فقدان الرّفقة فلايجوز مع احتمال الحصول ، فضلاً عن العلم به ، وكذا لايجوز التصرّف قبل مجيء وقت الحجّ ، فلو تصرّف استقرّ عليه ؛ لو فرض رفع العذر فيما بعد في الفرض الأوّل ، وبقاء الشرائط في الثاني ، والظاهر جواز التصرّف لو لم يتمكّن في هذا العام ، وإن علم بتمكّنه في العام القابل فلايجب إبقاء المال إلى السنين القابلة . (مسألة 23) : إن كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو مع غيره ، وتمكّن من التصرّف فيه ولو بالتوكيل يكون مستطيعاً([14]) وإلاّ فلا ، فلو تلف في الصورة الاُولى بعد مُضيّ الموسم أو كان التلف بتقصير منه ولو قبل أوان خروج الرّفقة ، استقرّ عليه الحجّ على الأقوى . وكذا الحال لو مات مورّثه وهو في بلد آخر . (مسألة 24) : لو وصل ماله بقدر الاستطاعة وكان جاهلاً به أو غافلاً عن وجوب الحجّ عليه ، ثمّ تذكّر بعد تلفه بتقصير منه ولو قبل أوان خروج الرفقة ، أو تلف ولو بلا تقصير منه بعد مضيّ الموسم ، استقرّ عليه([15]) مع حصول سائر الشرائط حال وجوده . (مسألة 25) : لو اعتقد أنّه غير مستطيع فحجّ ندباً ، فإن أمكن فيه الاشتباه في التطبيق صحّ وأجزأ عن حجّة الإسلام([16]) ، لكن حصوله مع العلم والالتفات بالحكم والموضوع مشكل ، وإن قصد الأمر الندبي على وجه التقييد لم يجز عنه ، وفي صحّة حجّه تأمّل . وكذا لو علم باستطاعته ثمّ غفل عنها . ولو تخيَّل عدم فوريّـته فقصد الندب لايجزي ، وفي صحّـته تأمّل . (مسألة 26) : لايكفي في وجوب الحجّ الملك المتزلزل ، كما لو صالحه شخص بشرط الخيار إلى مدّة معيّنة ، إلاّ إذا كان واثقاً([17]) بعدم فسخه ، لكن لو فرض فسخه يكشف عن عدم استطاعته . (مسألة 27) : لو تلفت بعد تمام الأعمال مؤونة عوده إلى وطنه ؛ أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه ؛ بناء على اعتبار الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة ، لايجزيه عن حجّة الإسلام([18]) ، فضلاً عمّا لو تلف قبل تمامها ، سيّما إذا لم يكن له مؤونة الإتمام . (مسألة 28) : لو حصلت الاستطاعة بالإباحة اللازمة وجب الحجّ ، ولو اُوصي له بما يكفيه له فلايجب عليه بمجرّد موت الموصي ، كما لايجب عليه القبول . (مسألة 29) : لو نذر قبل حصول الاستطاعة زيارة أبي عبدالله الحسين(عليه السلام)ـ مثلاً ـ في كلّ عَرَفة فاستطاع يجب عليه الحجّ بلا إشكال([19]) ، وكذا الحال لو نذر أو عاهد ـ مثلاً ـ بما يضادّ الحجّ . ولو زاحم الحجّ واجب أو استلزمه فعل حرام ، يلاحظ الأهمّ عند الشارع الأقدس . (مسألة 30) : لو لم يكن له زاد وراحلة ، ولكن قيل له : «حجّ وعليَّ نفقتك ونفقة عيالك» ، أو قال : «حجّ بهذا المال» ، وكان كافياً لذهابه وإيابه ولعياله ، وجب عليه ؛ من غير فرق بين تمليكه للحجّ أو إباحته له ، ولابين بذل العين أو الثمن ، ولابين وجوب البذل وعدمه ، ولابين كون الباذل واحداً أو متعدّداً . نعم يعتبر الوثوق بعدم رجوع الباذل . ولو كان عنده بعض النفقة([20]) فبذل له البقية وجب أيضاً . ولو لم يبذل تمام النفقة أو نفقة عياله لم يجب . ولايمنع الدين من وجوبه . ولو كان حالاًّ والدائن مطالباً ، وهو متمكّن من أدائه لو لم يحجّ ، ففي كونه مانعاً وجهان([21]) ، ولايشترط الرجوع إلى الكفاية فيه . نعم يعتبر أن لايكون الحجّ موجباً لاختلال اُمور معاشه فيما يأتي ؛ لأجل غيبته . (مسألة 31) : لو وهبه ما يكفيه للحجّ لأن يحجّ وجب عليه القبول على الأقوى ، وكذا لو وهبه وخيّره بين أن يحجّ أو لا . وأمّا لو لم يذكر الحجّ بوجه فالظاهر عدم وجوبه . ولو وقف شخص لمن يحجّ ، أو أوصى ، أو نذر كذلك ، فبذل المتصدّي الشرعي وجب ، وكذا لو أوصى له بما يكفيه بشرط أن يحجّ فيجب بعد موته ، ولو أعطاه خُمساً أو زكاة وشرط عليه الحجّ لغا الشرط ولم يجب . نعم لو أعطاه من سهم سبيل الله ليحجّ لايجوز صرفه في غيره ، ولكن لايجب عليه القبول ، ولايكون من الاستطاعة الماليّة ولا البذليّة([22]) ، ولو استطاع بعد ذلك وجب عليه الحجّ . (مسألة 32) : يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام ، وكذا بعده على الأقوى([23]) . ولو وهبه للحجّ فقبل فالظاهر جريان حكم سائر الهبات عليه . ولو رجع عنه في أثناء الطريق فلايبعد أن يجب عليه نفقة عوده ، ولو رجع بعد الإحرام فلايبعد وجوب بذل نفقة إتمام الحجّ عليه . (مسألة 33) : الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل ، وأمّا الكفارات فليست على الباذل ؛ وإن أتى بموجبها اضطراراً أو جهلاً أو نسياناً ، بل على نفسه([24]) . (مسألة 34) : الحجّ البذلي مجز عن حجّة الإسلام ؛ سواء بذل تمام النفقة أو متمّمها ، ولو رجع عن بذله في الأثناء ، وكان في ذلك المكان متمكّناً من الحج من ماله ، وجب عليه ، ويجزيه عن حجّة الإسلام إن كان واجداً لسائر الشرائط قبل إحرامه ، وإلاّ فإجزاؤه محلّ إشكال([25]) . (مسألة 35) : لو عيّن مقداراً ليحجّ به واعتقد كفايته فبان عدمها ، فالظاهر عدم وجوب الإتمام عليه([26]) ؛ سواء جاز الرجوع له أم لا . ولو بذل مالاً ليحجّ به فبان بعد الحجّ أنّه كان مغصوباً ، فالأقوى عدم كفايته عن حجّة الإسلام . وكذا لو قال : «حجّ وعليّ نفقتك» فبذل مغصوباً . (مسألة 36) : لو قال : «اقترض وحجّ وعليّ دينك» ففي وجوبه عليه نظر . ولو قال : «اقترض لي وحجّ به» وجب مع وجود المقرض كذلك . (مسألة 37) : لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحجّ باُجرة يصير بها مستطيعاً ، وجب عليه الحج ، ولو طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما يصير مستطيعاً لايجب عليه القبول([27]) ، ولو آجر نفسه للنيابة عن الغير فصار مستطيعاً بمال الإجارة ، قدّم الحجّ النيابي إن كان الاستئجار للسنة الاُولى([28]) ، فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب عليه الحجّ لنفسه . ولو حجّ بالإجارة أو عن نفسه أو غيره تبرّعاً مع عدم كونه مستطيعاً لايكفيه عن حجّة الإسلام . (مسألة 38) : يشترط في الاستطاعة وجود ما يموّن به عياله حتّى يرجع ، والمراد بهم من يلزمه نفقته لزوماً عرفيّاً ؛ وإن لم يكن واجب النفقة شرعاً على الأقوى . (مسألة 39) : الأقوى اعتبار الرجوع إلى الكفاية ؛ من تجارة أو زراعة أو صنعة أو منفعة ملك كبستان ودكان ونحوهما ؛ بحيث لايحتاج إلى التكفّف ولايقع في الشدّة والحرج . ويكفي كونه قادراً على التكسّب اللائق بحاله أو التجارة باعتباره ووجاهته . ولايكفي([29]) أن يمضي أمره بمثل الزكاة والخمس ، وكذا من الاستعطاء كالفقير الذي من عادته ذلك ولم يقدر على التكسّب ، وكذا من لايتفاوت حاله قبل الحجّ وبعده على الأقوى ، فإذا كان لهم مؤونة الذهاب والإياب ومؤونة عيالهم لم يكونوا مستطيعين ، ولم يجز حجّهم عن حجّة الإسلام . (مسألة 40) : لايجوز لكلّ من الولد والوالد أن يأخذ من مال الآخر ويحجّ به ، ولايجب على واحد منهما البذل له ، ولايجب عليه الحجّ وإن كان فقيراً ، وكانت نفقته على الآخر ، ولم يكن نفقة السفر أزيد من الحضر على الأقوى . (مسألة 41) : لو حصلت الاستطاعة لايجب أن يحجّ من ماله ، فلو حجّ متسكّعاً أو من مال غيره ولو غصباً صحّ وأجزأه . نعم الأحوط([30]) عدم صحّة صلاة الطواف مع غصبيّة ثوبه ، ولو شراه بالذمّة أو شرى الهدي كذلك ، فإن كان بناؤه الأداء من الغصب ففيه إشكال ، وإلاّ فلا إشكال في الصحّة ، وفي بطلانه مع غصبيّة ثوب الإحرام والسعي إشكال ، والأحوط الاجتناب . (مسألة 42) : يشترط في وجوب الحجّ الاستطاعة البدنيّة ، فلايجب على مريض لايقدر على الركوب ، أو كان حرجاً عليه ولو على المحمل والسيّارة والطيّارة . ويشترط أيضاً الاستطاعة الزمانيّة ، فلايجب لو كان الوقت ضيّقاً لايمكن الوصول إلى الحجّ أو أمكن بمشقّة شديدة . والاستطاعة السربيّة ؛ بأن لايكون في الطريق مانع لايمكن معه الوصول إلى الميقات ، أو إلى تمام الأعمال ، وإلاّ لم يجب . وكذا لو كان خائفاً على نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله ، وكان الطريق منحصراً فيه ، أو كان جميع الطرق كذلك . ولو كان طريق الأبعد مأموناً يجب الذهاب منه . ولو كان الجميع مخوفاً ، لكن يمكنه الوصول إليه بالدوران في بلاد بعيدة نائية لا تعدّ طريقاً إليه ، لايجب على الأقوى . (مسألة 43) : لو استلزم الذهاب إلى الحجّ تلف مال له في بلده معتدّ به ـ بحيث يكون([31])تحمّله حرجاً عليه ـ لم يجب . ولو استلزم ترك واجب أهمّ منه أو فعل حرام كذلك يقدّم الأهمّ ، لكن إذا خالف وحجّ صحّ وأجزأه عن حجّة الإسلام . ولو كان في الطريق ظالم لايندفع إلاّ بالمال ، فإن كان مانعاً عن العبور ، ولم يكن السرب مخلّى عرفاً ولكن يمكن تخليته بالمال ، لايجب . وإن لم يكن كذلك ـ لكن يأخذ من كلّ عابر شيئاً ـ يجب إلاّ إذا كان دفعه حرجيّاً . (مسألة 44) : لو اعتقد كونه بالغاً فحجّ ثمّ بان خلافه لم يجز عن حجّة الإسلام . وكذا لو اعتقد كونه مستطيعاً مالاً فبان الخلاف . ولو اعتقد عدم الضرر أو الحرج فبان الخلاف ، فإن كان الضرر نفسيّاً أو ماليّاً بلغ حدّ الحرج ، أوكان الحجّ حرجيّاً ، ففي كفايته إشكال([32]) ، بل عدمها لايخلو من وجه . وأمّا الضرر المالي غير البالغ حدّ الحرج فغير مانع عن وجوب الحج . نعم لو تحمّل الضرر والحرج حتّى بلغ الميقات ، فارتفع الضرر والحرج وصار مستطيعاً ، فالأقوى كفايته . ولو اعتقد عدم المزاحم الشرعي الأهمّ فحجّ فبان الخلاف صحّ . ولو اعتقد كونه غير بالغ فحجّ ندباً فبان خلافه ، ففيه تفصيل مرّ نظيره . ولو تركه مع بقاء الشرائط إلى تمام الأعمال استقرّ عليه([33]) ، ويحتمل اشتراط بقائها إلى زمان إمكان العود إلى محلّه على إشكال . وإن اعتقد عدم كفاية ماله عن حجّة الإسلام فتركها فبان الخلاف ، استقرّ عليه([34]) مع وجود سائر الشرائط . وإن اعتقد المانع من العدوّ أو الحرج أو الضرر المستلزم له ، فترك فبان الخلاف ، فالظاهر استقراره عليه ، سيّما في الحرج . وإن اعتقد وجود مزاحم شرعيّ أهمّ فترك فبان الخلاف استقرّ عليه . (مسألة 45) : لو ترك الحجّ مع تحقّق الشرائط متعمّداً ، استقرّ عليه مع بقائها إلى تمام الأعمال([35]) ، ولو حجّ مع فقد بعضها ، فإن كان البلوغ فلايجزيه إلاّ إذا بلغ قبل أحد الموقفين ، فإنّه مُجز على الأقوى . وكذا لو حجّ مع فقد الاستطاعة الماليّة . وإن حجّ مع عدم أمن الطريق أو عدم صحّة البدن وحصول الحرج ، فإن صار قبل الإحرام مستطيعاً وارتفع العذر صحّ وأجزأ([36]) ، بخلاف ما لو فقد شرط في حال الإحرام إلى تمام الأعمال ، فلو كان نفس الحجّ ولو ببعض أجزائه حرجيّاً أو ضرريّاً على النفس فالظاهر عدم الإجزاء . (مسألة 46) : لو توقّف تخلية السرب على قتال العدوّ لايجب([37]) ولو مع العلم بالغلبة ، ولو تخلّى لكن يمنعه عدوّ عن الخروج للحجّ ، فلايبعد وجوب قتاله مع العلم بالسلامة والغلبة أو الاطمئنان والوثوق بهما ، ولا تخلو المسألة عن إشكال . (مسألة 47) : لو انحصر الطريق في البحر أو الجوّ وجب الذهاب ، إلاّ مع خوف الغرق أو السقوط أو المرض خوفاً عقلائيّاً ، أو استلزم الإخلال بأصل صلاته لابتبديل بعض حالاتها . وأمّا لو استلزم أكل النجس وشربه ، فلايبعد وجوبه مع الاحتراز عن النجس حتّى الإمكان والاقتصار على مقدار الضرورة ، ولو لم يحترز كذلك صحّ حجّه وإن أثم ، كما لو ركب المغصوب إلى الميقات بل إلى مكّة ومنى وعرفات ، فإنّه آثم ، وصحّ حجّه . وكذا لو استقرّ عليه الحجّ وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة ، فإنّه يجب أداؤها ، فلو مشى إلى الحجّ مع ذلك أثم وصحّ حجّه . نعم لو كانت الحقوق في عين ماله فحكمه حكم الغصب وقد مرّ([38]) . (مسألة 48) : يجب على المستطيع الحجّ مباشرة ، فلايكفيه حجّ غيره عنه تبرّعاً أو بالإجارة . نعم لو استقرّ عليه ولم يتمكّن منها لمرض لم يرج زواله ، أو حصر كذلك ، أو هرم بحيث لايقدر أو كان حرجاً عليه ، وجبت الاستنابة عليه . ولو لم يستقرّ عليه لكن لايمكنه المباشرة لشيء من المذكورات ، ففي وجوبها وعدمه قولان ، لايخلو الثاني من قوّة ، والأحوط فوريّة وجوبها ، ويجزيه حجّ النائب مع بقاء العذر إلى أن مات ، بل مع ارتفاعه بعد العمل ، بخلاف أثنائه([39]) ، فضلاً عن قبله ، والظاهر بطلان الإجارة . ولو لم يتمكّن من الاستنابة سقط الوجوب وقضي عنه . ولو استناب مع رجاء الزوال لم يجز عنه ، فيجب بعد زواله . ولو حصل اليأس بعد عمل النائب فالظاهر الكفاية . والظاهر عدم كفاية حجّ المتبرّع عنه([40]) في صورة وجوب الاستنابة . وفي كفاية الاستنابة من الميقات إشكال وإن كان الأقرب الكفاية . (مسألة 49) : لو مات من استقرّ عليه الحجّ في الطريق ، فإن مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام ، وإن مات قبل ذلك وجب القضاء عنه ؛ وإن كان موته بعد الإحرام على الأقوى . كما لايكفي الدخول في الحرم قبل الإحرام ، كما إذا نسيه ودخل الحرم فمات . ولا فرق في الإجزاء بين كون الموت حال الإحرام أو بعد الحِلّ ، كما إذا مات بين الإحرامين . ولو مات في الحِلّ بعد دخول الحرم مُحرِماً ففي الإجزاء إشكال([41]) ، والظاهر أنّه لو مات في أثناء عمرة التمتّع أجزأه عن حجّه . والظاهر عدم جريان الحكم في حجّ النذر والعمرة المفردة لو مات في الأثناء ، وفي الإفسادي([42]) تفصيل . ولايجري فيمن لم يستقرّ عليه الحجّ ، فلايجب ولايستحبّ عنه القضاء لو مات قبلهما . (مسألة 50) : يجب الحجّ على الكافر([43]) ولايصحّ منه([44]) ، ولو أسلم وقد زالت استطاعته قبله لم يجب عليه ، ولو مات حال كفره لا يُقضى عنه . ولو أحرم ثمّ أسلم لم يكفه ، ووجب عليه الإعادة من الميقات إن أمكن ، وإلاّ فمن موضعه . نعم لو كان داخلاً في الحرم فأسلم ، فالأحوط مع الإمكان أن يخرج خارج الحرم ويُحرم . والمرتدّ يجب عليه الحجّ ؛ سواء كانت استطاعته حال إسلامه أو بعد ارتداده ، ولايصحّ منه ، فإن مات قبل أن يتوب يعاقب عليه ، ولا يُقضى عنه على الأقوى ، وإن تاب وجب عليه وصح منه على الأقوى ؛ سواء بقيت استطاعته أو زالت قبل توبته . ولو أحرم حال ارتداده فكالكافر الأصلي ، ولو حجّ في حال إسلامه ثمّ ارتدّ لم يجب عليه الإعادة على الأقوى ، ولو أحرم مسلماً ثمّ ارتدّ ثمّ تاب لم يبطل إحرامه على الأصحّ . (مسألة 51) : لو حجّ المخالف ثمّ استبصر لا تجب عليه الإعادة ؛ بشرط أن يكون صحيحاً في مذهبه وإن لم يكن صحيحاً في مذهبنا ؛ من غير فرق بين الفرق . (مسألة 52) : لايشترط إذن الزوج للزوجة في الحجّ إن كانت مستطيعة ، ولايجوز له منعها منه ، وكذا في الحجّ النذري ونحوه إذا كان مضيَّقاً ، وفي المندوب يشترط إذنه([45]) ، وكذا الموسّع قبل تضييقه على الأقوى ، بل في حجّة الإسلام له منعها من الخروج مع أوّل الرّفقة ؛ مع وجود اُخرى قبل تضييق الوقت ، والمطلّقة الرجعيّة كالزوجة([46]) مادامت في العِدّة ، بخلاف البائنة والمعتدّة للوفاة ، فيجوز لهما في المندوب أيضاً . والمنقطعة كالدائمة على الظاهر ، ولا فرق في اشتراط الإذن بين أن يكون ممنوعاً من الاستمتاع لمرض ونحوه أو لا . (مسألة 53) : لا يُشترط وجود المحرم في حجّ المرأة إن كانت مأمونة على نفسها وبضعها ؛ كانت ذات بعل أو لا ، ومع عدم الأمن يجب عليها استصحاب محرم أو من تثق به ولو بالاُجرة ، ومع العدم لا تكون مستطيعة ، ولو وجد ولم تتمكّن من اُجرته لم تكن مستطيعة . ولو كان لها زوج وادّعى كونها في معرض الخطر وادّعت هي الأمن ، فالظاهر هو التداعي . وللمسألة صور . وللزوج في الصورة المذكورة منعها ، بل يجب عليه ذلك ، ولو انفصلت المخاصمة بحلفها ، أو أقامت البيّنة وحكم لها القاضي ، فالظاهر سقوط حقّه . وإن حجّت بلا محرم مع عدم الأمن صحّ حجّها ، سيّما مع حصول الأمن قبل الشروع في الإحرام . (مسألة 54) : لو استقرّ عليه الحجّ ؛ بأن استُكملت الشرائط ، وأهمل حتّى زالت أو زال بعضها ، وجب الإتيان به بأيّ وجه تمكّن ، وإن مات يجب أن يقضى عنه إن كانت له تركة ، ويصحّ التبرّع عنه . ويتحقّق الاستقرار على الأقوى ببقائها إلى زمان يمكن فيه العود إلى وطنه ؛ بالنسبة إلى الاستطاعة الماليّة والبدنيّة والسربيّة ، وأمّا بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال . ولو استقرّ عليه العمرة فقط أو الحجّ فقط ـ كما فيمن وظيفته حجّ الإفراد أو القران ـ ثمّ زالت استطاعته ، فكما مرّ يجب عليه بأيّ وجه تمكّن ، وإن مات يُقضى عنه . (مسألة 55) : تقضى حجّة الإسلام من أصل التركة إن لم يوص بها ؛ سواء كانت حجّ التمتّع أو القران أو الإفراد أو عمرتهما ، وإن أوصى بها من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث فكذلك أيضاً ، ولو أوصى بإخراجها من الثلث وجب إخراجها منه ، وتقدّمت على الوصايا المستحبّة وإن كانت متأخّرة عنها في الذكر ، وإن لم يفِ الثلث بها اُخذت البقيّة من الأصل ، والحجّ النذري كذلك يخرج من الأصل . ولو كان عليه دين أو خمس أو زكاة وقصرت التركة ، فإن كان المال المتعلّق به الخمس أو الزكاة موجوداً قُدّما ، فلايجوز صرفه في غيرهما ، وإن كانا في الذمّة فالأقوى توزيعه على الجميع بالنسبة ، فإن وفت حصّة الحجّ به فهو ، وإلاّ فالظاهر سقوطه وإن وفت ببعض أفعاله كالطواف فقط مثلاً ، وصرف حصّـته في غيره ، ومع وجود الجميع توزّع عليها ، وإن وفت بالحجّ فقط أو العمرة فقط ، ففي مثل حجّ القران والإفراد لايبعد وجوب تقديم الحجّ ، وفي حجّ التمتّع فالأقوى السقوط وصرفها في الدين . (مسألة 56) : لايجوز للورثة التصرّف في التَّركة قبل استئجار الحجّ ، أو تأدية مقدار المصرف إلى وليّ أمر الميّت لو كان مصرفه مستغرقاً لها ، بل مطلقاً على الأحوط وإن كانت واسعة جدّاً ، وكان بناء الوَرَثة على الأداء من غير مورد التصرّف ، وإن لايخلو الجواز من قرب ، لكن لا يُترك الاحتياط . (مسألة 57) : لو أقرّ بعض الورثة بوجوب الحجّ على الميّت وأنكره الآخرون ، لايجب عليه إلاّ دفع ما يخصّه من التركة بعد التوزيع لو أمكن الحجّ بها ولو ميقاتاً ، وإلاّ لايجب دفعها ، والأحوط حفظ مقدار حصّـته رجاءً لإقرار سائر الورثة أو وجدان متبرّع للتـتمّة ، بل مع كون ذلك مرجوّ الوجود يجب حفظه على الأقوى ، والأحوط ردّه إلى وليّ الميّت ، ولو كان عليه حجّ فقط ولم يكف تركته به فالظاهر أنّها للورثة . نعم لو احتمل كفايتها للحجّ بعد ذلك ، أو وجود متبرّع يدفع التـتمّة ، وجب إبقاؤها ، ولو تبرّع متبرّع بالحجّ عن الميّت رجعت اُجرة الاستئجار إلى الورثة ؛ سواء عيّنها الميّت أم لا ، والأحوط صرف الكبار حصّـتهم في وجوه البرّ . (مسألة 58) : الأقوى وجوب الاستئجار عن الميّت من أقرب المواقيت إلى مكّة إن أمكن ، وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب ، والأحوط الاستئجار من البلد مع سعة المال ، وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب ، لكن لا يُحسب الزائد على اُجرة الميقاتيّة على صغار الورثة ، ولو أوصى بالبلدي يجب ، ويُحسب الزائد على اُجرة الميقاتيّة من الثلث ، ولو أوصى ولم يعيّن شيئاً كفت الميقاتيّة ، إلاّ إذا كان هناك انصراف إلى البلديّة ، أو قامت قرينة على إرادتها ، فحينئذ تكون الزيادة على الميقاتيّة من الثلث ، ولو زاد على الميقاتيّة ونقص عن البلديّة ، يستأجر من الأقرب إلى بلده فالأقرب على الأحوط ، ولو لم يمكن الاستئجار إلاّ من البلد وجب ، وجميع مصرفه من الأصل . (مسألة 59) : لو أوصى بالبلديّة أو قلنا بوجوبها مطلقاً ، فخولف واستؤجر من الميقات وأتى به ، أو تبرّع عنه متبرّع منه ، برأت ذمّـته وسقط الوجوب من البلد ، وكذا لو لم يسع المال إلاّ من الميقات ، ولو عيّن الاستئجار من محلّ غير بلده تعيّن ، والزيادة على الميقاتيّة من الثلث ، ولو استأجر الوصيّ أو الوارث من البلد مع عدم الإيصاء ـ بتخيّل عدم كفاية الميقاتيّة ـ ضمن ما زاد على الميقاتيّة للورثة أو لبقيّـتهم . (مسألة 60) : لو لم تفِ التركة بالاستئجار من الميقات إلاّ الاضطراري منه ـ كمكّة أو أدنى الحِلّ ـ وجب ، ولو دار الأمر بينه وبين الاستئجار من البلد قدّم الثاني ، ويخرج من أصل التركة ، ولو لم يمكن إلاّ من البلد وجب ، وإن كان عليه دين أو خمس أو زكاة يوزّع بالنسبة لو لم يكفِ التركة . (مسألة 61) : يجب الاستئجار عن الميّت في سنة الفوت ، ولايجوز التأخير عنها ، خصوصاً إذا كان الفوت عن تقصير ، ولو لم يمكن إلاّ من البلد وجب وخرج من الأصل ؛ وإن أمكن من الميقات في السنين الاُخر ، وكذا لو أمكن من الميقات بأزيد من الاُجرة المتعارفة في سنة الفوت وجب ولايؤخّر ، ولو أهمل الوصيّ أو الوارث فتلفت التركة ضمن ، ولو لم يكن للميّت تركة لم يجب على الورثة حجّه وإن استحبّ على وليّه . (مسألة 62) : لو اختلف تقليد الميّت ومن كان العمل وظيفته في اعتبار البلدي والميقاتي ، فالمدار تقليد الثاني ، ومع التعدّد والاختلاف يرجع إلى الحاكم . وكذا لو اختلفا في أصل وجوب الحجّ وعدمه فالمدار هو الثاني ، ومع التعدّد والاختلاف فالمرجع هو الحاكم ، وكذا لو لم يعلم فتوى مجتهده ، أو لم يعلم مجتهده ، أو لم يكن مقلِّداً ، أو لم يعلم أنّه كان مقلِّداً أم لا ، أو كان مجتهداً واختلف رأيه مع متصدّي العمل ، أو لم يعلم رأيه . (مسألة 63) : لو علم استطاعته مالاً ولم يعلم تحقّق سائر الشرائط ، ولم يكن أصل محرز لها ، لايجب القضاء عنه . ولو علم استقراره عليه وشكّ في إتيانه يجب القضاء عنه([47]) ، وكذا لو علم بإتيانه فاسداً . ولو شكّ في فساده يحمل على الصحّة . (مسألة 64) : يجب([48]) استئجار من كان أقلّ اُجرةً ؛ مع إحراز صحّة عمله وعدم رضا الورثة ، أو وجود قاصر فيهم . نعم لايبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص عنه وإن كان أحوط . (مسألة 65) : من استقرّ عليه الحجّ وتمكّن من أدائه ، ليس له أن يحجّ عن غيره تبرّعاً أو بالإجارة ، وكذا ليس أن يتطوّع به ، فلو خالف ففي صحّـته إشكال ، بل لايبعد -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ والاُمّ، فإنّها من الأولياء، وولايتها مقدّمة على ولاية الجدّ . [2] ـ على من كان سبباً لحجّه . [3] ـ أو يكون السفر مصلحة له . [4] ـ إلاّ أن يكون الصبيّ مميّزاً ومريداً للحجّ بنفسه ، فالأحوط، بل الأظهر أن يكون على الصبيّ لا الوليّ ، وكذلك الأمر في كفّارة الصيد وسائر الكفّارات . [5] ـ وإن لايبعد عدم وجوب الكفّارة في غير الصيد . [6] ـ الأقوائية ممنوعة ، والإجزاء عنها مطلقاً لايخلو عن وجه وجيه ، وسيأتي تحقيقه في التعليقة على المسألة الخامسة والعشرين . [7] ـ بل لايجب معه ، كما لايجب مع الضرر أيضاً ؛ لعدم صدق الاستطاعة للسفر معهما عرفاً من أوّل الأمر . [8] ـ وجوبه مع كون الوقف عامّاً مشكل،بل ممنوع؛ لعدم صدق الاستطاعة عرفاً. [9] ـ عدم وجوب التبديل لايخلو من وجه ، فإنّ الظاهر عدم صدق الاستطاعة ، وأنّ التبديل تحصيل، وهو غير واجب لها . [10] ـ بل مطلقاً ، حيث إنّ مع منازعة النفس إلى النكاح الاستطاعة غير صادقة عرفاً ، فإنّه لايقال للمحتاج إلى النكاح : إنّه يستطيع السفر وإنّ له مخارجه ، وصدق الاستطاعة منوط بما كان زاد السفر وراحلته زائداً على حوائجه الحضرية ، والظاهر أنّ ما هو مقتضى الأخبار والإجماعات المنقولة من شرطية وجود الراحلة ولو لغير المحتاج إليها ، كالقادر على المشي بلا زحمة ومشقّة ، ليس إلاّ بياناً للمفهوم العرفي للاستطاعة ، لا أ نّه إعمال تعبّد خاصّ ، كما لايخفى . هذا، مع أنّ ما لسانه لسان التفسير للكتاب لابدّ فيه من كون المراد ذلك المعنى العرفي ، وإلاّ فمخالف لظاهر الكتاب، وهو غير حجّة . [11] ـ بل يجب مطالبته إن علم بأدائه بلا منّة ولا مؤونة ؛ لصدق الاستطاعة مع ذلك عرفاً . [12] ـ بل يكفي؛ لإنّه مع اقتراضه كذلك يصير مستطيعاً. [13] ـ وإن كان الأحوط الاستقراض إذا كان بسهولة من دون منّة ولا مؤونة ، بل الظاهر وجوبه؛ لصدق الاستطاعة حينئذ عرفاً، إلاّ إذا لم يكن واثقاً بوصول الغائب أو حصول الدين بعد ذلك ، فحينئذ الاستقراض غير واجب ؛ لعدم صدق الاستطاعة . [14] ـ مع تحقّق بقيّة الشرائط . [15] ـ بل لايستقرّ ؛ لأنّ الجهل والغفلة يمنعان من الوجوب ، كما ذكره المحقّق القمّي في أجوبة مسائله. نعم، فيما كان مستنداً إلى التقصير بترك التعلّم لايمنعان عن الوجوب؛ لعدم البرائة والرفع مع التقصير، كما هو المحقّق في محلّه. [16] ـ وكذا في غير صورة التقييد من الصورتين في المسألة ؛ لأنّ الواجب على المستطيع ليس أزيد من الحجّ مرّة واحدة في العمر ، وهو المسمّى بحجّة الإسلام ، وذلك حاصل مع كون الحجّ مع القربة والاستطاعة ، كما لايخفى . ولا دليل على اعتبار العلم بكونه واجباً ولا بكونه حجّة الإسلام ، كما لا دليل على اعتبار قصد الوجه لا وضعاً ولا غاية . نعم، مع التقييد بحيث يكون قاصداً للإتيان ندباً ، وأ نّه لو كان واجباً لم يمتثله ولم يأتِ به ، فالإجزاء عن الواجب في هذا الفرض ممنوع ، وأ مّا التقييد بمعنى الحقيقي في أمثال المورد من الاُمور الجزئية غير معقول من رأس ؛ لعدم صدق الامتثال والإطاعة بالنسبة إلى الأمر بحجّة الإسلام ، كما هو واضح ، بل في صحّة حجّه تأ مّل ، كما في المتن . [17] ـ حتّى فيما إذا كان واثقاً بأنّه لايفسخ؛ لعدم صدق ا لاستطاعة عرفاً مع ملكية المتزلزلة مطلقاً. [18] ـ بل تجزيه مطلقاً ؛ لقصور الأدلّة عن شرطية الرجوع إلى الكفاية حدوثاً وبقاءً ، بل غايتها الدلالة على شرطية الرجوع إلى الكفاية في حجّة الإسلام حدوثاً . [19] ـ على مبناه الظاهر من تعليقته على «العروة» ، من أنّ العذر الشرعي ليس شرطاً للوجوب ولا مقوّماً للاستطاعة ، إلاّ أنّ الظاهر عدم تمامية المبنى ؛ إذ العذر الشرعي كالعقلي مانع عن الاستطاعة ، كما يظهر ممّا ذكره الفقيه اليزدي في المسألة ، فعليه لايجب الحجّ ، كما لايخفى . [20] ـ زائداً على ما يحتاج إليه من المعايش الحضرية ، كما في الاستطاعة الملكية . [21] ـ الظاهر المانعية . [22] ـ من حيث وجوب القبول . نعم بعد القبول تحصل الاستطاعة البذلية . هذا كلّه بناءً على صدق سبيل الله على مثل الحجّ ، كما هو غير بعيد . [23] ـ الأقوائية ممنوعة ، بل عدم الجواز لايخلو من قوّة . [24] ـ بل على الباذل على الأقوى في غير صورة العمد والاختيار . [25] ـ مذبوب فيما لو رجع بعد إحرامه، حيث إنّه لايجوز له الرجوع على ما أخترناه في مسألة الاثنين والثلاثين، كما أنّه إذا رجع قبل إحرامه وأحرم ثمّ صار مستطيعاً قبل الموقفين يكون مجزياً أيضاً؛ قضاءً لإلقاء الخصوصية من العبد المعتق قبل الموقفين. [26] ـ في الصورة التي جاز له الرجوع ، وأ مّا الصورة التي يكون الرجوع فيها غير جائز، فالإتمام واجب . [27] ـ بل يجب مع عدم الحرج والمؤونة ، ومع عدم كونه مخالفاً لشأنه . [28] ـ وإلاّ قدّم حجّة الإسلام في السنة الاُولى ، إلاّ أن يكون بحيث لو صرف المال في حجّ نفسه عجز عن إتيان الحجّ النيابي ، فيقدّم النيابي مطلقاً؛ سواء كانت الإجارة للسنة الاُولى أو كانت عامّة . [29] ـ الكفاية في غير الاستعطاء غير بعيدة ، ولكنّها في الاستعطاء محلّ تأ مّل . [30] ـ بل الأقوى فيها وفي الطواف أيضاً؛ فإنّ الطواف بالبيت صلاة، وأ مّا بالنسبة إلى إحرامه وسعيه محلّ إشكال، بل عدم البطلان في السعي لايخلو من قوّة . [31] ـ القيد غير لازم، وبمجرّد الاستلزام لايجب الحجّ ؛ لعدم صدق الاستطاعة عرفاً . [32] ـ وإن كانت الكفاية قوية . [33] ـ بل الظاهر عدمه، كما عليه المحقّق القمّي من أنّ الجهل والغفلة يكونان عذراً مانعاً عن وجوب الحجّ واستقراره. [34] ـ فيه وفي تالييه تأمّل، بل منع؛ لرفع الوجوب بحديث الرفع. [35] ـ بل إلى حين خروج الرفقة التي يمكن معهم السير ؛ لصدق الاستطاعة وتحقّقها بالعلم بها ، وبانتفائها بعد ذلك الزمان مع السير تكون عذراً ومانعاً عن استقرار الوجوب ، وهذا بخلاف الانتفاء مع العصيان ، وعدم السير مع الرفقة؛ لعدم العذر حينئذ ، والاستطاعة كانت حاصلة ، فالوجوب مستقرّ . [36] ـ بل إذا استطاع قبل أحد الموقفين؛ قضاءً لإلقاء الخصوصية من العبد المعتق قبل الموقفين. [37] ـ مطلقاً حتّى فيما كان العدوّ في البلد ؛ لعدم صدق الاستطاعة ، وعدم جواز المقاتلة معه مطلقاً ، فإنّ المقاتلة محرّمة ودفع العدوّ من وظائف الحكومة ، نعم فيما إذا أمكن دفع العدوّ بالمراجعة إلى الحكومة مع السهولة فيجب المراجعة ؛ لصدق الاستطاعة . [38] ـ مرّ ما هو الأقوى فيه . [39] ـ بل فيه أيضاً ؛ قضاءً لكون الأمر بالاستنابة كبقية الأوامر الظاهرية موجبة للإجزاء، ولكون الإجارة لازمة، ولدفع الضرر المالي ؛ قضاءً لقاعدة نفي الضرر عن المنوب عنه إن قلنا بضمانه بالنسبة إلى المأتي من الحجّ وعن النائب على ضمانه دون المنوب عنه . هذا مع ما في مسألة التحلّل، إن كان الارتفاع بعد الإحرام . هذا كلّه في ارتفاع العذر بعد العمل وفي أثنائه ، وأ مّا ارتفاع العذر قبل العمل وقبل الشروع في السير ، وإمكان إعلام النائب وعدم توجّه ضرر معتدّ به لا على المنوب عنه ولا على النائب ، فالظاهر بطلان الإجارة ؛ لانتفاء محلّها بسب انتفاء الأمر ، وعدم الوجه للإجزاء، كما هو واضح ، وإلاّ فالظاهر الإجزاء وعدم بطلان الإجارة أيضاً . [40] ـ بل الظاهر الكفاية ؛ لأنّ الظاهر من نصوص الاستنابة أنّ فعل النائب يجزي في إفراغ ذمّة المنوب عنه من دون دخالة وخصوصية للاستنابة في ذلك . وبالجملة، العرف قاض بإلغاء الخصوصية للمناسبة بين الحكم والموضوع . [41] ـ وإن كان الإجزاء لايخلو من وجه وجيه . [42] ـ الظاهر عدم الإجزاء؛ بناء على كون المأتي به في السنة القابلة حجّة الإسلام ، وأ مّا بناءً على كون الفاسد حجّة الإسلام والمأتي به في السنة القابلة هو الكفّارة ، فالظاهر الإجزاء عن حجّة الإسلام . [43] ـ هذا مبنيّ على أ نّه مكلّف بالفروع بالتكليف الفعلي ، لكن تكليفهم كذلك على الإطلاق حتّى بالنسبة إلى الكافر القاصر فيه إشكال، بل منع ؛ لقبح العقوبة ، والتكليف الفعلي مع عدم البيان والحجّة والبرهان ، والإجماع على أنّ الكفّار مكلّفون بالفروع، كما أ نّهم مكلّفون بالاُصول إنّما يكون في مسألة عقلية كلامية ، فليس بحجّة مع أ نّه لبّي يقتصر على المتيقّن، وهو المقصّر . نعم، لا إشكال في تكليفهم بها على نحو الإنشاء ، وضرب القانون الذي هو ليس في الحقيقة تكليفاً ، بل هو صورة تكليف ، كما لايخفى. [44] ـ على شرطية الإسلام في الصحّة ، لكنّ الشرطية بنفسها بما هي هي ، بحيث يكون أعمال غير المسلم مع تمشّي القربة منه باطلا محلّ تأ مّل وإشكال ، بل الظاهر هو الصحّة بالنسبة إلى القاصر منه . [45] ـ فيما كان منافياً لحقّ استمتاعه منها . [46] ـ على المستفاد من أخبار الرجعية وأحكامها ، لكن في المسألة من الروايات الخاصّة مقتضية لعدم جواز خروجها للحجّ ولو مع إذن الزوج ، وهو الموافق للآية الشريفة : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَة مُبَيِّنَة)، (الطلاق (65) : 1) فإنّ خروجها محرّم على نفسها بما هي هي ، وليس إذن الزوج رافعاً لتلك الحرمة . وعلى ذلك فإن كان الحجّ مستقرّاً عليها قبل الاعتداد ، فالظاهر تقدّمه على حرمة الخروج ؛ لأهمّية الحجّ على مثلها ، وإن لم يكن مستقرّاً عليها قبل ذلك، فلاتصير مستطيعة ؛ فإنّ المحذور الشرعي كالمحذور العقلي. وبذلك يظهر عدم جواز الحجّ المندوب عليها . [47] ـ من ماله إن كان له مال، وإلاّ فاستصحاب الوجوب عليه غير جار؛ لعدم الأثر للوارث بالنسبة إليه. [48] ـ على الأحوط ، وإن كان رعاية الشأن جائزة . [49] ـ كما هو المشهور المنصور . [50] ـ إذا كان مقصّراً، مثل ما إذا كان شاكّاً في استطاعته وعدمه ، فإنّه يجب عليه الفحص ، وأ مّا إذا كان قاصراً، مثل ما إذا كان غافلا بالكلّية عن استطاعته وعدمه ، فلايبعد الصحّة ؛ لعدم التكليف على الجاهل القاصر و «الناس في سعة ما لايعلمون» .
|