|
القول في الحجّ بالنذر والعهد واليمين
(مسألة 1) : يشترط في انعقادها البلوغ والعقل والقصد والاختيار ، فلا تنعقد من الصبيّ وإن بلغ عشراً وإن صحّت العبادات منه ، ولا من المجنون والغافل والساهي والسكران والمكره ، والأقوى صحّـتها من الكافر المقرّ بالله تعالى ، بل وممّن يحتمل وجوده تعالى ويقصد القربة رجاءً فيما يعتبر قصدها . (مسألة 2) : يعتبر في انعقاد يمين الزوجة والولد إذن الزوج والوالد([1]) ، ولا تكفي الإجازة بعده ، ولايبعد عدم الفرق بين فعل واجب أو ترك حرام وغيرهما ، لكن لاينبغي ترك الاحتياط فيهما بل لايترك . ويعتبر إذن الزوج في انعقاد نذر الزوجة . وأمّا نذر الولد فالظاهر عدم اعتبار إذن والده فيه . كما أنّ انعقاد العهد لايتوقّف على إذن أحد على الأقوى . والأقوى شمول الزوجة للمنقطعة ، وعدم شمول الولد لولد الولد . ولا فرق في الولد بين الذكر والاُنثى . ولا تلحق الاُمّ([2]) بالأب ، ولا الكافر بالمسلم . (مسألة 3) : لو نذر الحجّ من مكان معيّن فحجّ من غيره لم تبرأ ذمّـته ، ولو عيّنه في سنة فحجّ فيها من غير ما عيّنه وجبت عليه الكفّارة . ولو نذر أن يحجّ حجّة الإسلام من بلد كذا ، فحجّ من غيره صحّ ، ووجبت الكفّارة . ولو نذر أن يحج في سنة معيّنة لم يجز التأخير ، فلو أخّر مع التمكّن عصى وعليه القضاء والكفّارة . ولو لم يقيّده بزمان جاز التأخير إلى ظنّ الفوت ، ولو مات بعد تمكّنه يُقضى عنه من أصل التركة على الأقوى ، ولو نذر ولم يتمكّن من أدائه حتّى مات لم يجب القضاء عنه ، ولو نذر معلّقاً على أمر ولم يتحقّق المعلّق عليه حتّى مات لم يجب القضاء عنه . نعم لو نذر الإحجاج معلّقاً على شرط ، فمات قبل حصوله ، وحصل بعد موته مع تمكّنه قبله ، فالظاهر وجوب القضاء عنه ، كما أنّه لو نذر إحجاج شخص في سنة معيّنة فخالف مع تمكّنه وجب عليه القضاء والكفّارة ، وإن مات قبل إتيانهما يُقضيان من أصل التَّرِكة ، وكذا لو نذر إحجاجه مطلقاً ، أو معلّقاً على شرط وقد حصل وتمكّن منه وترك حتّى مات . (مسألة 4) : لو نذر المستطيع أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد ، ويكفيه إتيانها ، ولو تركها حتّى مات وجب القضاء عنه والكفّارة من تركته ، ولو نذرها غير المستطيع انعقد ، ويجب عليه تحصيل الاستطاعة إلاّ أن يكون نذره الحجّ بعد الاستطاعة . (مسألة 5) : لايعتبر في الحجّ النذري الاستطاعة الشرعيّة ، بل يجب مع القدرة العقليّة إلاّ إذا كان حرجيّاً أو موجباً لضرر نفسيّ أو عِرضيّ أو ماليّ إذا لزم منه الحرج . (مسألة 6) : لو نذر حجّاً غير حجّة الإسلام في عامها وهو مستطيع انعقد ، لكن تُقدّم حجّة الإسلام ، ولو زالت الاستطاعة يجب عليه الحجّ النذري ، ولو تركهما لايبعد وجوب الكفارة . ولو نذر حجّاً في حال عدمها ثمّ استطاع ، يقدّم حجّة الإسلام([3]) ولو كان نذره مضيّقاً . وكذا لو نذر إتيانه فوراً ففوراً تقدّم حجّة الإسلام ، ويأتي به في العام القابل ، ولو نذر حجّاً من غير تقييد ، وكان مستطيعاً أو حصل الاستطاعة بعده ، ولم يكن انصراف ، فالأقرب كفاية حجّ واحد عنهما مع قصدهما ، لكن مع ذلك لايترك الاحتياط في صورة عدم قصد التعميم لحجّة الإسلام ؛ بإتيان كلّ واحد مستقلاّ مقدّماً لحجّة الإسلام . (مسألة 7) : يجوز الإتيان بالحجّ المندوب قبل الحجّ النذري الموسّع ، ولو خالف في المضيّق وأتى بالمستحبّ صحّ وعليه الكفّارة . (مسألة 8) : لو علم أنّ على الميّت حجّاً ، ولم يعلم أنّه حجّة الإسلام أو حجّ النذر ، وجب قضاؤه عنه من غير تعيين ولا كفّارة عليه . ولو تردّد ما عليه بين ما بالنذر أو الحلف مع الكفّارة وجبت الكفّارة أيضاً . ويكفي الاقتصار على إطعام عشرة مساكين ، والأحوط الستّين . (مسألة 9) : لو نذر المشي في الحجّ انعقد حتّى في مورد أفضليّة الركوب . ولو نذر الحجّ راكباً انعقد ووجب حتّى لو نذر في مورد يكون المشي أفضل ، وكذا لو نذر المشي في بعض الطريق ، وكذا لو نذر الحجّ حافياً . ويشترط في انعقاده تمكّن الناذر وعدم تضرّره بهما وعدم كونهما حرجيّين ، فلاينعقد مع أحدها لو كان في الابتداء ، ويسقط الوجوب لو عرض في الأثناء ، ومبدأ المشي أو الحفاء تابع للتعيين ولو انصرافاً ، ومنتهاه رمي الجمار مع عدم التعيين . (مسألة 10) : لايجوز لمن نذره ماشياً ـ أو المشي في حجّه ـ أن يركب البحر ونحوه . ولو اضطرّ إليه لمانع في سائر الطرق سقط ، ولو كان كذلك من الأوّل لم ينعقد . ولو كان في طريقه نهر أو شطّ لايمكن العبور إلاّ بالمركب ، يجب أن يقوم فيه على الأقوى . (مسألة 11) : لو نذر الحجّ ماشياً فلايكفي عنه الحجّ راكباً ، فمع كونه موسّعاً يأتي به ، ومع كونه مضيّقاً يجب الكفّارة لو خالف دون القضاء([4]) . ولو نذر المشي في حجّ معيّن وأتى به راكباً صحّ ، وعليه الكفّارة دون القضاء ، ولو ركب بعضاً دون بعض فبحكم ركوب الكلّ . (مسألة 12) : لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره يجب عليه الحجّ راكباً مطلقاً ؛ سواء كان مقيّداً بسنة أم لا ، مع اليأس عن التمكّن بعدها أم لا . نعم لا يُترك الاحتياط بالإعادة في صورة الإطلاق ؛ مع عدم اليأس من المكنة ، وكون العجز قبل الشروع في الذهاب إذا حصلت المكنة بعد ذلك ، والأحوط المشي بالمقدار الميسور ، بل لايخلو من قوّة . وهل الموانع الاُخر كالمرض أو خوفه أو عدوّ أو نحو ذلك بحكم العجز أو لا ؟ وجهان ، ولايبعد التفصيل بين المرض ونحو العدوّ ؛ باختيار الأوّل في الأوّل والثاني في الثاني . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ اعتبار إذنهما في اليمين والنذر والعهد في الزوجة يختصّ بما كان المتعلّق منافياً لحقّ الزوج، وفي الولد بما كان موجباً لإيذاء الوالد وتأذّيه ، وكان موردها الأسفار البعيدة لمجرّد النزهة من دون حاجة تدعو إليه، دون ما كان لغرض شرعي، كالعبادات والمستحبّات ، أو غرض عقلائي، كالاكتساب وتحصيل العلم ، وأ مّا ما لم يكن كذلك فلا ؛ فإنّ هذا هو المنساق من الأخبار ، فإنّ اعتبار الإذن منهما مطلقاً تعبّداً مخالف لأدلّة السلطنة وقواعدها ، وبيانه محتاج إلى الصراحة للدليل أو الظهور كالصراحة ، وإلاّ فالعرف لمّا لايرى لذلك التعبّد وجهاً فلايستفيد من إطلاق الأدلّة التعبّد والمخالفة للقواعد . ولايخفى أ نّه يصحّ النذر واليمين والعهد مع الإجازة اللاحقة، كالإذن السابق . [2] ـ بل تلحق؛ قضاءً لإلغاء الخصوصية من الوالد إلى الوالدة ، وكذا الكافر يلحق بالمسلم؛ قضاءً لإطلاق الكتاب والسنّة ، لاسيّما في الآية الشريفة : (وَوَصَّيْنَا الاِْنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْن وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً). (لقمان (31) : 14 و 15) [3] ـ مرّ ما هو الحقّ في المسألة التاسعة والعشرين من مسائل «شرائط وجوب حجّة الإسلام» . [4] ـ بل يجب القضاء أيضاً.
|