|
القول في النيابة
وهي تصحّ عن الميّت مطلقاً ، وعن الحيّ في المندوب وبعض صور الواجب . (مسألة 1) : يشترط في النائب اُمور : الأوّل: البلوغ على الأحوط ؛ من غير فرق بين الإجاري والتبرّعي بإذن الوليّ أو لا ، وفي صحّـتها في المندوب تأمّل . الثاني: العقل ، فلا تصحّ من المجنون ولو أدوارياً في دور جنونه ، ولابأس بنيابة السفيه . الثالث: الإيمان([1]) . الرابع: الوثوق بإتيانه ، وأمّا بعد إحراز ذلك فلايعتبر الوثوق بإتيانه صحيحاً ، فلو علم بإتيانه وشكّ في أنّه يأتي به صحيحاً ، صحّت الاستنابة ولو قبل العمل على الظاهر ، والأحوط اعتبار الوثوق بالصحّة في هذه الصورة . الخامس: معرفته بأفعال الحج وأحكامه ولو بإرشاد معلّم حال كلّ عمل . السادس: عدم اشتغال ذمّـته بحجّ واجب عليه في ذلك العامّ كما مرّ . السابع: أن لايكون معذوراً في ترك بعض الأعمال . والاكتفاء بتبرّعه ـ أيضاًـ مشكل([2]) . (مسألة 2) : يشترط في المنوب عنه الإسلام ، فلايصحّ من الكافر([3]) . نعم لو فرض انتفاعه به بنحو إهداء الثواب ، فلايبعد جواز الاستئجار لذلك . ولو مات مستطيعاً لايجب على وارثه المسلم الاستئجار عنه . ويشترط كونه ميّـتاً أو حيّاً عاجزاً في الحجّ الواجب . ولايشترط فيه البلوغ والعقل ، فلو استقرّ على المجنون حال إفاقته([4]) ثمّ مات مجنوناً يجب الاستئجار عنه . ولا المماثلة بين النائب والمنوب عنه في الذكورة والاُنوثة ، وتصحّ استنابة الصرورة ؛ رجلاً كان أو امرأة عن رجل أو امرأة . (مسألة 3) : يشترط في صحّة الحجّ النيابي قصد النيابة وتعيين المنوب عنه في النيّة ولو إجمالاً ، لا ذكر اسمه وإن كان مستحبّاً في جميع المواطن والمواقف . وتصحّ النيابة بالجُعالة كما تصحّ بالإجارة والتبرّع . (مسألة 4) : لا تفرغ ذمّة المنوب عنه إلاّ بإتيان النائب صحيحاً([5]) . نعم لو مات النائب بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنه([6]) ، وإلاّ فلا وإن مات بعد الإحرام . وفي إجراء الحكم في الحجّ التبرّعي إشكال([7]) ، بل في غير حجّة الإسلام لايخلو من إشكال([8]) . (مسألة 5) : لو مات الأجير بعد الإحرام ودخول الحرم([9]) ، يستحقّ تمام الاُجرة إن كان أجيراً على تفريغ الذمّة كيف كان ، وبالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال إذا كان أجيراً على نفس الأعمال المخصوصة ولم تكن المقدّمات داخلة في الإجارة ، ولم يستحقّ شيئاً ـ حينئذ ـ إذا مات قبل الإحرام . وأمّا الإحرام فمع عدم الاستثناء داخل في العمل المستأجر عليه ، والذهاب إلى مكّة بعد الإحرام وإلى منى وعرفات غير داخل فيه ، ولايستحقّ به شيئاً ، ولو كان المشي والمقدّمات داخلاً في الإجارة ، فيستحقّ بالنسبة إليه مطلقاً ولو كان مطلوباً من باب المقدّمة . هذا مع التصريح بكيفيّة الإجارة ، ومع الإطلاق كذلك أيضاً . كما أنّه معه يستحقّ تمام الاُجرة لو أتى بالمصداق الصحيح العُرفي ؛ ولو كان فيه نقص ممّا لايضرّ بالاسم . نعم لو كان النقص شيئاً يجب قضاؤه فالظاهر أنّه عليه لا على المستأجر . (مسألة 6) : لومات قبل الإحرام تنفسخ الإجارة ؛ إن كانت للحجّ في سنة معيّنة مباشرة ، أو الأعمّ مع عدم إمكان إتيانه في هذه السنة . ولو كانت مطلقة ، أو الأعمّ من المباشرة في هذه السنة ، ويمكن الإحجاج فيها ، يجب الإحجاج من تركته ، وليس هو مستحقّاً لشيء على التقديرين لو كانت الإجارة على نفس الأعمال فيما فعل . (مسألة 7) : يجب في الإجارة تعيين نوع الحجّ فيما إذا كان التخيير بين الأنواع ، كالمستحبّي والمنذور المطلق مثلاً ، ولايجوز على الأحوط العدول إلى غيره وإن كان أفضل إلاّ إذا أذن المستأجر([10]) ، ولو كان ما عليه نوع خاصّ لاينفع الإذن بالعدول . ولو عدل مع الإذن يستحقّ الاُجرة المسمّاة في الصورة الاُولى ، واُجرة مثل عمله في الثانية إن كان العدول بأمره . ولو عدل في الصورة الاُولى بدون الرضا صحّ عن المنوب عنه ، والأحوط التخلّص بالتصالح في وجه الإجارة إذا كان التعيين على وجه القيديّة([11]) ، ولو كان على وجه الشرطية فيستحقّ إلاّ إذا فسخ المستأجر الإجارة ، فيستحقّ اُجرة المثل لا المسمّاة . (مسألة 8) : لايشترط في الإجارة تعيين الطريق وإن كان في الحجّ البلدي ، لكن لو عيّن لايجوز العدول عنه إلاّ مع إحراز أنّه لا غرض له في الخصوصيّة ، وإنّما ذكرها على المتعارف وهو راض به ، فحينئذ لو عدل يستحق تمام الاُجرة ، وكذا لو أسقط حقّ التعيين بعد العقد . ولو كان الطريق المعيّن معتبراً في الإجارة فعدل عنه ، صحّ الحجّ عن المنوب عنه ، وبرأت ذمّـته إذا لم يكن ما عليه مقيّداً بخصوصيّة الطريق المعيّن ، ولايستحقّ الأجير شيئاً لو كان اعتباره على وجه القيديّة ؛ بمعنى أنّ الحجّ المتقيّد بالطريق الخاصّ كان مورداً للإجارة ، ويستحقّ من المسمّى بالنسبة ، ويسقط منه بمقدار المخالفة ؛ إذا كان الطريق معتبراً في الإجارة على وجه الجزئيّة . (مسألة 9) : لو آجر نفسه للحجّ المباشري عن شخص في سنة معيّنة ، ثمّ آجر عن آخر فيها مباشرة ، بطلت الثانية ، ولو لم يشترط فيهما أو في إحداهما المباشرة صحّـتا ، وكذا مع توسعتهما أو توسعة إحداهما أو إطلاقهما أو إطلاق إحداهما لو لم يكن انصراف منهما إلى التعجيل ، ولو اقترنت الإجارتان في وقت واحد بطلتا مع التقييد بزمان واحد ومع قيد المباشرة فيهما . (مسألة 10) : لو آجر نفسه للحجّ في سنة معيّنة ، لايجوز له التأخير والتقديم إلاّ برضا المستأجر([12]) ، ولو أخّر فلايبعد تخيّر المستأجر بين الفسخ ومطالبة الاُجرة المسمّاة ، وبين عدمه ومطالبة اُجرة المثل ؛ من غير فرق بين كون التأخير لعذر أو لا . هذا إذا كان على وجه التقييد . وإن كان على وجه الاشتراط فللمستأجر خيار الفسخ ، فإن فسخ يرجع إلى الاُجرة المسمّاة ، وإلاّ فعلى المؤجر أن يأتي به في سنة اُخرى ويستحقّ الاُجرة المسمّاة ، ولو أتى به مؤخّراً لايستحقّ الاُجرة على الأوّل ؛ وإن برأت ذمّة المنوب عنه به ، ويستحقّ المسمّاة على الثاني إلاّ إذا فسخ المستأجر ، فيرجع إلى اُجرة المِثل . وإن أطلق وقلنا بوجوب التعجيل لايبطل مع الإهمال ، وفي ثبوت الخيار للمستأجر وعدمه تفصيل . (مسألة 11) : لو صدّ الأجير أو اُحصر كان حكمه كالحاجّ عن نفسه فيما عليه من الأعمال ، وتنفسخ الإجارة مع كونها مقيّدة بتلك السنة ، ويبقى الحجّ على ذمّـته مع الإطلاق ، وللمستأجر خيار التخلّف إذا كان اعتبارها على وجه الاشتراط في ضمن العقد ، ولايجزي عن المنوب عنه ولو كان ذلك بعد الإحرام ودخول الحرم ، ولو ضمن المؤجر الحجّ في المستقبل في صورة التقييد لم تجب إجابته ، ويستحقّ الاُجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال على التفصيل المتقدّم . (مسألة 12) : ثوبا الإحرام وثمن الهدي على الأجير إلاّ مع الشرط ، وكذا لو أتى بموجب كفّارة فهو من ماله . (مسألة 13) : إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل ؛ بمعنى الحلول في مقابل الأجل ، لابمعنى الفوريّة([13]) بشرط عدم انصراف إليها ، فحينئذ حالها حال البيع ، فيجوز للمستأجر المطالبة ، وتجب المبادرة معها . كما أنّ إطلاقها يقتضي المباشرة ، فلايجوز للأجير أن يستأجر غيره إلاّ مع الإذن . (مسألة 14) : لو قصرت الاُجرة لايجب على المستأجر إتمامها ، كما أنّها لو زادت ليس له الاسترداد . (مسألة 15) : يملك الأجير الاُجرة بالعقد ، لكن لايجب تسليمها إلاّ بعد العمل ؛ لو لم يشترط التعجيل ، ولم تكن قرينة على إرادته ؛ من انصراف أو غيره كشاهد حال ونحوه . ولا فرق في عدم وجوبه بين أن تكون عيناً أو ديناً ، ولو كانت عيناً فنماؤها للأجير . ولايجوز للوصيّ والوكيل التسليم قبله إلاّ بإذن من الموصي أو الموكّل ، ولو فعلا كانا ضامنين على تقدير عدم العمل من المؤجر أو كون عمله باطلاً . ولايجوز للوكيل اشتراط التعجيل بدون إذن الموكّل ، وللوصيّ اشتراطه إذا تعذّر بغير ذلك ، ولا ضمان عليه مع التسليم إذا تعذّر . ولو لم يقدر الأجير على العمل كان للمستأجر خيار الفسخ ، ولو بقي على هذا الحال حتّى انقضى الوقت فالظاهر انفساخ العقد ، ولو كان المتعارف تسليمها أو تسليم مقدار منها قبل الخروج ، يستحقّ الأجير مطالبتها على المتعارف في صورة الإطلاق ، ويجوز للوكيل والوصيّ دفع ذلك من غير ضمان . (مسألة 16) : لايجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحجّ تمتّعاً ، وكانت وظيفته العدول إلى الإفراد ، عمّن عليه حجّ التمتّع ، ولو استأجره في سعة الوقت ثمّ اتّفق الضيق فالأقوى وجوب العدول ، والأحوط عدم إجزائه([14]) عن المنوب عنه . (مسألة 17) : يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب مطلقاً والمندوب ، بل يجوز التبرّع عنه بالمندوب وإن كان عليه الواجب حتّى قبل الاستئجار له ، وكذا يجوز الاستئجار عنه في المندوب مطلقاً . وقد مرّ حكم الحيّ([15]) في الواجب . وأمّا المندوب فيجوز التبرّع عنه ـ كما يجوز الاستئجار له ـ حتّى إذا كان عليه حجّ واجب لايتمكّن من أدائه فعلاً ، بل مع تمكّنه ـ أيضاً ـ فجواز الاستئجار للمندوب قبل أداء الواجب ـ إذا لم يخلّ بالواجب ـ لايخلو من قوّة ، كما أنّ الأقوى صحّة التبرّع عنه . (مسألة 18) : لايجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد في الحجّ الواجب ، إلاّ إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة ، كما إذا نذر كلّ منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحجّ ، ويجوز في المندوب كما يجوز بعنوان إهداء الثواب . (مسألة 19) : يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحجّ المندوب تبرّعاً أو بالإجارة ، بل يجوز ذلك في الحجّ الواجب أيضاً ، كما إذا كان على الميّت حجّان مختلفان نوعاً كحجّة الإسلام والنذر ، أو متّحدان نوعاً كحجّـتين للنذر . وأمّا استنابة الحجّ النذري للحيّ المعذور فمحلّ إشكال([16]) كما مرّ . وكذا يجوز إن كان أحدهما واجباً والآخر مستحبّاً ، بل يجوز استئجار أجيرين لحجّ واجب واحد([17]) كحجّة الإسلام في عام واحد ، فيصحّ قصد الوجوب من كلّ منهما ولو كان أحدهما أسبق شروعاً ، لكنّهما يراعيان التقارن في الختم . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ على الأحوط، وإن كان عدم شرطيّته وكفاية الإسلام إن كان معتقداً بوجوبه وحصل منه نيّة القربة وإتيانه العمل على وفق مذهب الشيعة لاتخلو من قوّة، فعدم صحّة نيابته وعدم إجزائه محلّ إشكال، بل منع. [2] ـ بل ممنوع . [3] ـ المقصّر المعاند دون القاصر منه ممّن ينتفع بالأعمال الحسنة، كالمسلم، فإنّه (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا). (الأَنعام (6) : 160) [4] ـ إن كان له إفاقة في زمان يسع للحجّ ، وإلاّ فجواز النيابة عنه محلّ منع ؛ لعدم الاستحباب له ولا الانتفاع به حتّى يقبل النيابة . [5] ـ نعم في صورة الإجارة لو علم أنّ الأجير لم يؤدّ وجب الاستئجار ثانياً مع القدرة على استرداد الأجرة من الأجير، وإلاّ فالظاهر الإجزاء وبرائة ذمّة المنوب عنه؛ قضاءً لإتيان الولي بوظيفته الشرعية من إحراز وثاقة الأجير، والإتيان بالوظيفة موجب للإجزاء وسقوط التكليف من الولي والمنوب عنه. هذا مضافاً إلى عدم الضمان على الأمين، ومضافاً إلى كون الاستئجار ثانياً من أصل المال موجباً للضرر على الورثة، وهو منفي بنفي الضرر. [6] ـ وكذا لو مات بعد الإحرام قبل دخول الحرم . [7] ـ بل منع . [8] ـ لكنّ الظاهر الإجزاء . [9] ـ بل قبل دخول الحرم . [10] ـ ليس مناط الجواز في موارد التخيير منحصراً برضى المستأجر، بل العدول إلى الأفضل فيه جايز للأجير أيضاً؛ قضاءً لبناء العقلاء ووجود الرضى التقديري للمستأجر، وعموم العلّة والتصريح به في رواية أبي بصير عن أحدهما(عليهما السلام) في رجل أعطى رجلاً دراهم يحجّ بها عنه حجّة مفردة، فيجوز له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال: «نعم، إنمّا خالف إلى الفضل». (وسائل الشيعة 11: 182 / 1) [11] ـ وإن كان عدم الاستحقاق فيه لايخلو عن قوّة . [12] ـ وكذا يجوز له التقديم فيما لم يتعلّق غرضه بسنة معيّنة، مثل النذر فيها؛ لأنّه زاد خيراً، ولما مرّ في المسألة السابقة. [13] ـ إلاّ إذا كانت الإجارة على حجّة الإسلام، فيجب على الأجير الإتيان فوراً ففوراً، كالمنوب عنه . [14] ـ بل الإجزاء عن المنوب عنه لايخلو من قوّة . [15] ـ ومرّ منّا ما هو الحقّ في المسألة الثامنة والأربعين من مسائل «شرائط وجوب الحجّ» . [16] ـ مذبوب؛ لأنّ الاستنابة في مثل النذر على القاعدة. ولايخفى عليك أنّه لم يمرّ ذلك منه(قدس سره). [17] ـ احتياطاً؛ لاحتمال بطلان حجّ أحدهما ، وأ مّا مع العلم بصحّة الحجّ من كلّ منهما ، محلّ تأ مّل، بل منع ؛ لعدم كون الواجب على المنوب عنه أزيد من واحد .
|