|
القول في الوصيّة بالحجّ
(مسألة 1) : لو أوصى بالحجّ اُخرج من الأصل لو كان واجباً ، إلاّ أن يصرّح بخروجه من الثلث فاُخرج منه ، فإن لم يف اُخرج الزائد من الأصل . ولا فرق في الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام والحجّ النذري والإفسادي ، واُخرج من الثلث لو كان ندبيّاً . ولو لم يعلم كونه واجباً أو مندوباً فمع قيام قرينة أو تحقّق انصراف فهو ، وإلاّ فيخرج من الثلث ، إلاّ أن يعلم وجوبه عليه سابقاً وشكّ في أدائه فمن الأصل . (مسألة 2) : يكفي الميقاتي ؛ سواء كان الموصى به واجباً أو مندوباً ، لكنّ الأوّل من الأصل والثاني من الثلث ، ولو أوصى بالبلديّة([1]) فالزائد على اُجرة الميقاتيّة من الثلث في الأوّل ، وتمامها منه في الثاني . (مسألة 3) : لو لم يعيّن الاُجرة فاللازم على الوصيّ ـ مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم ـ الاقتصار على اُجرة المثل . نعم لغير القاصر أن يؤدّي لها من سهمه بما شاء . ولو كان هناك من يرضى بالأقلّ منها ، وجب على الوصيّ استئجاره مع الشرط المذكور ، ويجب الفحص عنه ـ على الأحوط ـ مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم ، بل وجوبه لايخلو من قوّة ، خصوصاً مع الظنّ بوجوده . نعم الظاهر عدم وجوب الفحص البليغ . ولو وجد متبرّع عنه يجوز الاكتفاء به ؛ بمعنى عدم وجوب المبادرة إلى الاستئجار([2]) ، بل هو الأحوط مع وجود قاصر في الورثة ، فإن أتى به صحيحاً كفى ، وإلاّ وجب الاستئجار . ولو لم يوجد من يرضى باُجرة المثل ، فالظاهر وجوب دفع الأزيد لو كان الحجّ واجباً ، ولايجوز التأخير إلى العام القابل ؛ ولو مع العلم بوجود من يرضى باُجرة المثل أو الأقلّ . وكذا لو أوصى بالمبادرة في الحجّ المندوب . ولو عيّن المُوصي مقداراً للاُجرة ، تعيّن وخرج من الأصل في الواجب إن لم يزد على اُجرة المِثل ، وإلاّ فالزيادة من الثلث ، وفي المندوب كلّه من الثلث ، فلو لم يكف ما عيّنه للحجّ فالواجب التـتميم من الأصل في الحجّ الواجب ، وفي المندوب تفصيل . (مسألة 4) : يجب([3]) الاقتصار على استئجار أقلّ الناس اُجرة مع عدم رضا الورثة أو وجود القاصر فيهم . والأحوط لكبار الورثة أن يستأجروا ما يناسب حال الميّت شرفاً . (مسألة 5) : لو أوصى وعيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن ، ولو لم يعيّن كفى حجّ واحد إلاّ مع قيام قرينة على إرادته التكرار ، ولو أوصى بالثّلث ولم يعيّن إلاّ الحجّ لايبعد لزوم صرفه في الحجّ، ولو أوصى بتكرار الحجّ كفى مرّتان إلاّ أن تقوم قرينة على الأزيد. ولو أوصى في الحجّ الواجب وعيّن أجيراً معيّناً تعيّن ، فإن كان لايقبل إلاّ بأزيد من اُجرة المثل خرجت الزيادة من الثلث إن أمكن، وإلاّ بطلت الوصيّة واستؤجر غيره باُجرة المثل، إلاّ أن يأذن الورثة ، وكذا في نظائر المسألة . ولو أوصى في المستحبّ خرج من الثلث ، فإن لم يقبل إلاّ بالزيادة منه بطلت ، فحينئذ إن كانت وصيّة بنحو تعدّد المطلوب يُستأجر غيره منه ، وإلاّ بطلت . (مسألة 6) : لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحجّ سنين معيّنة ، وعيّن لكلّ سنة مقداراً معيّناً ، واتّفق عدم كفاية ذلك المقدار لكلّ سنة ، صُرف نصيب سنتين في سنة ، أو ثلاث سنين في سنتين ـ مثلاً ـ وهكذا ، ولو فَضُل من السنين فَضلة لا تفي بحجّة ولو من الميقات ، فالأوجه([4]) صرفها في وجوه البرّ . ولو كان الموصى به الحجّ من البلد ، ودار الأمر بين جعل اُجرة سنتين ـ مثلاً ـ لسنة وبين الاستئجار بذلك المقدار من الميقات لكلّ سنة يتعيّن الأوّل . هذا كلّه إذا لم يُعلم من الموصي إرادة الحجّ بذلك المقدار على وجه التقييد ، وإلاّ فتبطل الوصيّة إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير ، أو كانت مقيّدة بسنين معيّنة . (مسألة 7) : لو أوصى وعيّن الاُجرة في مقدار ، فإن كان واجباً ولم يزد على اُجرة المثل ، أو زاد وكفى ثلثه بالزيادة ، أو أجاز الورثة ، تعيّن ، وإلاّ بطلت ويرجع إلى اُجرة المثل . وإن كان مندوباً فكذلك مع وفاء الثلث به ، وإلاّ فبقدر وفائه إذا كان التعيين لا على وجه التقييد ، وإن لم يف به حتّى من الميقات ولم يأذن الورثة أو كان على وجه التقييد بطلت . (مسألة 8) : لو عيّن للحجّ اُجرة لايرغب فيها أحد ولو للميقاتي ، وكان الحجّ مستحبّاً بطلت الوصيّة إن لم يرج وجود راغب فيها ، وتُصرف في وجوه البرّ ، إلاّ إذا علم كونه على وجه التقييد فترجع إلى الوارث ؛ من غير فرق في الصورتين بين التعذّر الطارئ وغيره ، ومن غير فرق بين ما لو أوصى بالثلث وعيّن له مصارف وغيره . (مسألة 9) : لو أوصى بأن يحجّ عنه ماشياً أو حافياً أو مع مركوب خاصّ صحّ ، واعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيّاً ، وخروج الزائد عن اُجرة الحجّ الميقاتي ، وكذا التفاوت بين المذكورات والحجّ المتعارف إن كان واجباً ، ولو كان عليه حجّ نذريّ ماشياً ونحوه ، خرج من أصل التركة أوصى به أم لا . ولو كان نذره مقيّداً بالمباشرة فالظاهر عدم وجوب الاستئجار([5]) إلاّ إذا اُحرز تعدّد المطلوب . (مسألة 10) : لو أوصى بحجّـتين أو أزيد ، وقال : إنّها واجبة عليه صدّق ، وتخرج من أصل التركة ، إلاّ أن يكون إقراره في مرض الموت ، وكان متّهماً فيه ، فتخرج من الثلث . (مسألة 11) : لو أوصى بما عنده من المال للحجّ ندباً ولم يعلم أنّه يخرج من الثلث أم لا لم يجز صرف جميعه ، ولو ادّعى أنّ عند الورثة ضعف هذا ، أو أنّه أوصى بذلك وأجازوا الورثة ، يسمع دعواه بالمعنى المعهود في باب الدعاوي([6]) ، لابمعنى إنفاذ قوله مطلقاً . (مسألة 12) : لو مات الوصيّ بعد قبض اُجرة الاستئجار من التركة ، وشكّ في استئجاره له قبل موته ، فإن كان الحجّ موسّعاً يجب الاستئجار([7]) من بقيّة التركة إن كان واجباً ، وكذا إن لم تمض مدّة يمكن الاستئجار فيها ، بل الظاهر وجوبه لو كان الوجوب فوريّاً ومضت مدّة يمكن الاستئجار فيها ، ومن بقيّة ثلثها إن كان مندوباً ، والأقوى عدم ضمانه لما قبض ، ولو كان المال المقبوض موجوداً عنده اُخذ منه . نعم لو عامل معه معاملة الملكيّة في حال حياته أو عامل ورثته كذلك ، لايبعد([8]) عدم جواز أخذه على إشكال ، خصوصاً في الأوّل . (مسألة 13) : لو قبض الوصيّ الاُجرة وتلفت في يده بلا تقصير لم يكن ضامناً ، ووجب الاستئجار([9]) من بقيّة التركة أو بقيّة الثلث ، وإن اقتسمت استرجعت ، ولو شكّ في أنّ تلفها كان عن تقصير أو لا لم يضمن ، ولو مات الأجير قبل العمل ولم يكن له تركة أو لم يمكن أخذها من ورثته ، يستأجر من البقـيّة أو بقـيّة الثلث . (مسألة 14) : يجوز النيابة عن الميّت في الطواف الاستحبابي ، وكذا عن الحيّ إذا كان غائباً عن مكّة أو حاضراً ومعذوراً عنه ، وأمّا مع حضوره وعدم عذره فلا تجوز . وأمّا سائر الأفعال فاستحبابها مستقلاّ وجواز النيابة فيها غير معلوم حتّى السعي ، وإن يظهر من بعض الروايات استحبابه . (مسألة 15) : لو كان عند شخص وديعة ، ومات صاحبها وكان عليه حجّة الإسلام ، وعلم أو ظنّ أنّ الورثة لايؤدّون عنه إن ردّها إليهم ، وجب عليه أن يحجّ بها عنه ، وإن زادت عن اُجرة الحجّ ردّ الزيادة إليهم ، والأحوط([10]) الاستئذان من الحاكم مع الإمكان ، والظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شيء ، وكذا عدم الاختصاص بحجّ الودعي بنفسه . وفي إلحاق غير حجّة الإسلام بها من أقسام الحجّ الواجب أو سائر الواجبات مثل الزكاة ونحوها إشكال([11]) . وكذا في إلحاق غير الوديعة كالعين المستأجرة والعارية ونحوهما ، فالأحوط([12])إرجاع الأمر إلى الحاكم وعدم استبداده به . وكذا الحال لو كان الوارث منكراً أو ممتنعاً وأمكن إثباته عند الحاكم أو أمكن إجباره ، فيرجع في الجميع إلى الحاكم ولايستبدّ به . (مسألة 16) : يجوز للنائب ـ بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه ـ أن يطوف عن نفسه وعن غيره ، وكذا يجوز أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه وعن غيره([13]) . (مسألة 17) : يجوز لمن أعطاه رجل مالاً لاستئجار الحجّ ، أن يحجّ بنفسه ما لم يعلم أنّه أراد الاستئجار من الغير ولو بظهور لفظه في ذلك ، ومع الظهور لايجوز التخلّف إلاّ مع الاطمئنان بالخلاف ، بل الأحوط عدم مباشرته إلاّ مع العلم بأنّ مراد المعطي حصول الحجّ في الخارج ، وإذا عيّن شخصاً تعيّن إلاّ إذا علم عدم أهليّـته ، وأنّ المعطي مشتبه في ذلك ، أو أنّ ذكره من باب أحد الأفراد . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ ولو بالانصراف . [2] ـ مع عدم الوصيّة بالاستئجار بخصوصه، وإلاّ فذاك المتعيّن؛ عملاً بالوصيّة . [3] ـ على الأحوط ، وإن كان رعاية الشأن جائزة . [4] ـ لكنّ الأحوط صرفه في الورثة على حسب قاعدة الإرث على سبيل البرّ، وإن كان جواز صرفه في البرّ لايخلو من قوّة . [5] ـ لكنّ الأقوى وجوب الاستئجار ، فإنّ النذر وإن كان متعلّقاً بالمباشرة ، لكن حكم العقلاء والشرع الإتيان عنه نيابة ؛ لأ نّه كالدين . [6] ـ بمعنى كونه منكراً، فعليه الحلف؛ لمطابقة قوله مع اليد . [7] ـ بل لايجب ، لا من مال المنوب عنه ، ولا من مال الوصيّ فيه ، وفي الفرع التالي؛ لبراءة ذمّة المنوب عنه، لوصيته بالحجّ ، وكون الوصيّ أميناً ، ولأنّ الاستئجار موجب للضرر على الورثة ، وهو منفي بنفي الضرر . [8] ـ بل بعيد ؛ لعدم الدليل على أمارية التصرّفات كذلك ، فأصالة بقاء مال الميّت محكّمة . [9] ـ بل لايجب فيه ، وفي الفرع التالي ؛ لما مرّ في المسألة السابقة . [10] ـ الأولى ، وإن كان عدم الاحتياج هو الأقوى . [11] ـ لكنّ الإلحاق هو الأوجه . [12] ـ الأولى ، كالصرف في الحجّ، لكنّ الأقوى عدم وجوبه . [13] ـ مع عدم وجوبها عليه بالاستطاعة الثابتة للنائب، كما هو المتعارف ، وإلاّ فلايجوز له الاستنابة عن الغير قبل الإتيان بالعمرة الواجبة على نفسه . نعم مع إتيان النائب التمتّع لنفسه سابقاً فالعمرة ساقطة عنه ، كما لايخفى .
|