|
القول في صورة حجّ التمتّع إجمالاً
وهي أن يحرم في أشهر الحجّ من إحدى المواقيت بالعمرة المتمتّع بها إلى الحجّ ، ثمّ يدخل مكّة المعظّمة فيطوف بالبيت سبعاً ، ويصلّي عند مقام إبراهيم(عليه السلام)ركعتين ، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة سبعاً ، ثمّ يطوف للنساء احتياطاً سبعاً ثمّ ركعتين له ، وإن كان الأقوى عدم وجوب طواف النساء وصلاته ، ثمّ يقصّر فيحلّ عليه كلّ ما حرم عليه بالإحرام . وهذه صورة عمرة التمتّع التي هي أحد جزءي حجّه . ثمّ يُنشئ إحراماً للحجّ من مكّة المعظّمة([1]) في وقت يعلم أنّه يدرك الوقوف بعرفة ، والأفضل إيقاعه يوم التروية بعد صلاة الظهر ، ثمّ يخرج إلى عرفات فيقف بها من زوال يوم عرفة إلى غروبه([2]) ، ثمّ يفيض منها ويمضي إلى المشعر فيبيت فيه ، ويقف به بعد طلوع الفجر من يوم النحر إلى طلوع الشمس منه ، ثمّ يمضي إلى منى لأعمال يوم النحر ، فيرمي جمرة العقبة ، ثمّ ينحر أو يذبح هديه ، ثمّ يحلق إن كان صرورة على الأحوط([3]) ، ويتخيّر غيره بينه وبين التقصير ، ويتعيّن على النساء التقصير ، فيحلّ بعد التقصير من كلّ شيء إلاّ النساء([4]) والطيب . والأحوط اجتناب الصيد أيضاً ، وإن كان الأقوى عدم حرمته عليه من حيث الإحرام ، نعم يحرم عليه لحرمة الحرم . ثمّ يأتي إلى مكّة ليومه إن شاء ، فيطوف طواف الحجّ ويصلّي ركعتيه ويسعى سعيه ، فيحلّ له الطيب ، ثمّ يطوف طواف النساء ويصلّي ركعتيه فتحلّ له النساء . ثمّ يعود إلى منى لرمي الجمار فيبيت بها ليالي التشريق ، وهي الحادية عشرة والثانية عشرة والثالث عشرة ، وبيتوتة الثالث عشرة إنّما هي في بعض الصور كما يأتي . ويرمي في أيّامها الجمار الثلاث ، ولو شاء لايأتي إلى مكّة ليومه ، بل يقيم بمنى حتّى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر ، ومثله يوم الثاني عشر ، ثمّ ينفر بعد الزوال لو كان قد اتّقى النساء والصيد ، وإن أقام إلى النفر الثاني ـ وهو الثالثة عشر ـ ولو قبل الزوال لكن بعد الرمي ، جاز أيضاً . ثمّ عاد إلى مكّة للطوافين والسعي ، والأصحّ الاجتزاء بالطواف والسعي تمام ذي الحجّة ، والأفضل الأحوط أن يمضي إلى مكّة يوم النحر ، بل لاينبغي التأخير لغده ، فضلاً عن أيّام التشريق إلاّ لعذر . (مسألة 1) : يشترط في حجّ التمتّع اُمور : أحدها: النيّة ، أي قصد الإتيان بهذا النوع من الحجّ حين الشروع في إحرام العمرة ، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردّد في نيّـته بينه وبين غيره لم يصحّ . ثانيها: أن يكون مجموع عمرته وحجّه في أشهر الحجّ ، فلو أتى بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتّع بها ، وأشهر الحجّ : شوّال وذو القعدة وذو الحجة بتمامه على الأصحّ . ثالثها: أن يكون الحجّ والعمرة في سنة واحدة ، فلو أتى بالعمرة في سنة وبالحجّ في الاُخرى ، لم يصحّ ولم يُجزِ عن حجّ التمتّع ؛ سواء أقام في مكّة إلى العام القابل أم لا ، وسواء أحلّ من إحرام عمرته ، أو بقي عليه إلى العام القابل . رابعها: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة([5]) مع الاختيار ، وأمّا عمرته فمحلّ إحرامها المواقيت الآتية ، وأفضل مواضعها المسجد ، وأفضل مواضعه مقام إبراهيم(عليه السلام)أو حجر إسماعيل(عليه السلام) . ولو تعذّر الإحرام من مكّة أحرم ممّا يتمكّن . ولو أحرم من غيرها ـ اختياراً متعمّداً ـ بطل إحرامه ، ولو لم يتداركه بطل حجّه ، ولايكفيه العود إليها من غير تجديد ، بل يجب أن يجدّده فيها ؛ لأنّ إحرامه من غيرها كالعدم . ولو أحرم من غيرها ـ جهلاً أو نسياناً ـ وجب العود إليها والتجديد مع الإمكان ، ومع عدمه جدّده في مكانه . خامسها: أن يكون مجموع العمرة والحجّ من واحد وعن واحد ، فلو استؤجر اثنان لحجّ التمتّع عن ميّت أحدهما لعمرته والآخر لحجّه لم يجز عنه . وكذا لو حجّ شخص وجعل عمرته عن شخص وحجّه عن آخر لم يصحّ . (مسألة 2) : الأحوط([6]) أن لايخرج من مكّة بعد الإحلال عن عمرة التمتّع بلا حاجة ، ولو عرضته حاجة فالأحوط([7]) أن يحرم للحجّ من مكّة ويخرج لحاجته ، ويرجع محرماً لأعمال الحجّ ، لكن لو خرج من غير حاجة ومن غير إحرام ، ثمّ رجع وأحرم وحجّ ، صحّ حجّه . (مسألة 3) : وقت الإحرام للحجّ موسّع ، فيجوز التأخير إلى وقت يدرك وقوف الاختياري من عرفة ، ولايجوز التأخير عنه ، ويستحبّ الإحرام يوم التروية ، بل هو أحوط . (مسألة 4) : لو نسي الإحرام وخرج إلى عرفات ، وجب الرجوع للإحرام من مكّة ، ولو لم يتمكّن لضيق وقت أو عذر أحرم من موضعه ، ولو لم يتذكّر إلى تمام الأعمال صحّ حجّه . والجاهل بالحكم في حكم الناسي . ولو تعمّد ترك الإحرام إلى زمان فوت الوقوف بعرفة ومشعر بطل حجّه . (مسألة 5) : لايجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً . نعم لو ضاق وقته عن إتمام العُمرة وإدراك الحجّ ، جاز له نقل النيّة إلى الإفراد ، ويأتي بالعمرة بعد الحجّ . وحدّ ضيق الوقت خوف فوات الاختياري من وقوف عرفة على الأصحّ . والظاهر عموم الحكم بالنسبة إلى الحجّ المندوب ، فلو نوى التمتّع ندباً ، وضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ ، جاز له العدول إلى الإفراد ، والأقوى عدم وجوب العمرة عليه . (مسألة 6) : لو علم من وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ قبل أن يدخل في العمرة ، لايبعد جواز العدول من الأوّل إلى الإفراد ، بل لو علم حال الإحرام بضيق الوقت ، جاز له الإحرام بحجّ الإفراد وإتيانه ثمّ إتيان عمرة مفردة بعده ، وتمّ حجّه وكفى عن حجّة الإسلام ، ولو دخل في العمرة بنيّة التمتّع في سعة الوقت ، وأخّر الطواف والسعي متعمّداً إلى أن ضاق الوقت ، ففي جواز العدول وكفايته إشكال ، والأحوط العدول([8]) وعدم الاكتفاء لو كان الحجّ واجباً عليه . (مسألة 7) : الحائض أو النفساء إذا ضاق وقتها عن الطهر وإتمام العمرة ، يجب عليها العدول إلى الإفراد والإتمام ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ . ولو دخل مكّة من غير إحرام لعذر وضاق الوقت أحرم لحجّ الإفراد ، وأتى بعد الحجّ بعمرة مفردة ، وصحّ وكفى عن حجّة الإسلام . (مسألة 8) : صورة حجّ الإفراد كحجّ التمتّع إلاّ في شيء واحد ، وهو أنّ الهدي واجب في حجّ التمتّع ومستحبّ في الإفراد . (مسألة 9) : صورة العمرة المفردة كعمرة التمتّع إلاّ في اُمور : أحدها: أنّ في عمرة التمتّع يتعيّن التقصير ولايجوز الحلق ، وفي العمرة المفردة تخيّر بينهما . ثانيها: أنّه لايكون في عُمرة التمتّع طواف النساء وإن كان أحوط ، وفي العمرة المفردة يجب طواف النساء . ثالثها: ميقات عمرة التمتّع أحد المواقيت الآتية ، وميقات العمرة المفردة أدنى الحلّ([9])وإن جاز فيها الإحرام من تلك المواقيت . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ ولو من أماكنها الجديدة، كما يأتي. [2] ـ العرفي، وهو استتار القرص ومواراته عن الأرض، لا زوال الحمرة المشرقية ، كما اخترناه في وقت صلاة المغرب وغيرها . [3] ـ الأولى، وإن كان كغيره مخيّراً بين الحلق والتقصير ، ولكنّ الحلق أفضل . [4] ـ لايخفى أنّ الحلّية كذلك تحصل برمي جمرة العقبة والحلق ، ولاتتوقّف على حصول النحر أو الذبح ، كما أ نّه لاترتيب بين الأعمال الثلاثة في منى على ما يأتي في المسألة الثانية والثلاثين من «القول في واجبات منى» . [5] ـ من دون فرق بين الموجود في القديم والجديد الحادث ؛ فإنّ المعيار صدق مكّة . [6] ـ لكنّ الأقوى عدم حرمة الخروج . [7] ـ الأولى . [8] ـ مع التلبية للحجّ. [9] ـ يأتي الكلام فيه.
|