|
القول في المواقيت
وهي المواضع التي عُيّنت للإحرام ، وهي خمسة لعمرة الحجّ : الأوّل: ذو الحليفة ، وهو ميقات أهل المدينة ومن يمرّ على طريقهم ، والأحوط([1])الاقتصار على نفس مسجد الشجرة ، لا عنده في الخارج ، بل لايخلو من وجه . (مسألة 1) : الأقوى عدم جواز التأخير اختياراً إلى الجحفة ، وهي ميقات أهل الشام . نعم يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من الأعذار . (مسألة 2) : الجنب والحائض والنفساء جاز لهم الإحرام حال العبور عن المسجد إذا لم يستلزم الوقوف فيه ، بل وجب عليهم([2]) حينئذ ، ولو لم يمكن لهم بلا وقوف ، فالجنب مع فقد الماء أو العذر عن استعماله ، يتيمّم للدخول والإحرام في المسجد ، وكذا الحائض والنفساء بعد نقائهما ، وأمّا قبل نقائهما ، فإن لم يمكن لهما الصبر إلى حال النقاء فالأحوط لهما الإحرام خارج المسجد عنده وتجديده في الجحفة أو محاذاتها . الثاني: العقيق ، وهو ميقات أهل نجد والعراق ومن يمرّ عليه من غيرهم ، وأوّله المسلخ ، ووسطه غمرة ، وآخره ذات عرق ، والأقوى جواز الإحرام من جميع مواضعه اختياراً ، والأفضل من المسلخ ثمّ من غمرة ، ولو اقتضت التقيّة عدم الإحرام من أوّله والتأخير إلى ذات العرق ، فالأحوط التأخير([3]) ، بل عدم الجواز لايخلو من وجه . الثالث: الجُحفة ، وهي لأهل الشام و مصر ومغرب ومن يمرّ عليها من غيرهم . الرابع: يلملم ، وهو لأهل يمن ومن يمرّ عليه . الخامس: قرن المنازل ، وهو لأهل الطائف ومن يمرّ عليه . (مسألة 3) : تثبت تلك المواقيت ـ مع فقد العلم ـ بالبيّنة الشرعيّة أو الشياع الموجب للاطمئنان ، ومع فقدهما بقول أهل الاطّلاع مع حصول الظنّ ، فضلاً عن الوثوق ، فلو أراد الإحرام من المسلخ ـ مثلاً ـ ولم يثبت كون المحلّ الكذائي ذلك لابدّ من التأخير حتّى يتيقّن الدخول في الميقات . (مسألة 4) : من لم يمرّ على أحد المواقيت جاز له الإحرام من محاذاة أحدها . ولو كان في الطريق ميقاتان يجب الإحرام من محاذاة أبعدهما إلى مكّة على الأحوط([4]) ، والأولى تجديد الإحرام في الآخر . (مسألة 5) : المراد من المحاذاة : أن يصل في طريقه إلى مكّة إلى موضع يكون الميقات على يمينه أو يساره بخطّ مستقيم ؛ بحيث لو جاوز منه يتمايل الميقات إلى الخلف . والميزان هو المحاذاة العرفيّة لا العقلية الدقّيّة . ويُشكل([5]) الاكتفاء بالمحاذاة من فوق ، كالحاصل لمن ركب الطائرة لو فرض إمكان الإحرام مع حفظ المحاذاة فيها ، فلا يُترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بها . (مسألة 6) : تثبت المحاذاة بما يثبت به الميقات على ما مرّ ، بل بقول أهل الخبرة وتعيينهم بالقواعد العلميّة مع حصول الظنّ منه . (مسألة 7) : ما ذكرنا من المواقيت هي ميقات عمرة الحجّ ، وهنا مواقيت اُخر : الأوّل: مكّة المعظّمة ، وهي لحجّ التمتّع . الثاني: دويرة الأهل ؛ أي المنزل ، وهي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكّة بل لأهل مكّة ، وكذا المجاور الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكّة ؛ وإن كان الأحوط إحرامه من الجعرانة ، فإنّهم يحرمون بحجّ الإفراد والقران من مكّة . والظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة ، وإلاّ فيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت . الثالث: أدنى الحلّ ، وهو لكلّ عمرة مفردة([6]) ؛ سواء كانت بعد حجّ القران أو الإفراد أم لا ، والأفضل([7]) أن يكون من الحديبيّة أو الجعرانة أو التنعيم ، وهو أقرب من غيره إلى مكّة . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل الأفضل أيضاً ، وإن كان الجواز من ذي الحليفة مطلقاً ـ وإن لم يكن مسجداً ، وهو المكان الذي فيه مسجد الشجرة ـ لايخلو من قوّة . [2] ـ وجوبه مبنيّ على اختصاص ذو الحليفة بمسجد الشجرة ، وأ مّا على المختار من عدم الاختصاص فلا وجه للوجوب . وبذلك يظهر حكم ما ذكره في الجنب والحائض والنفساء بعد نقائهما . [3] ـ بل يجوز الإحرام بالتلبية سرّاً من غير نزع ، ولكنّ الأحوط حينئذ الفدية للبس المخيط . [4] ـ بل على الأقوى . [5] ـ بل لايشكل ؛ لأنّ المواقيت بأسرها عبارة عمّا يساوي الأسماء من تحت الأرض إلى السماء فيما يعدّ متعلّقاً وملكاً لها عرفاً ، فلو أحرم من بئر متعارف أو سطح كذلك ، راكباً أو ماشياً أو مضطجعاً ، وفي جميع الأحوال ، فلابأس . [6] ـ بل، وكونه ميقاتاً لكلّ من لم يمرّ على المواقيت ولا على محاذيها. نعم احتمال أفضلية التنعيم لايخلو عن وجه وجيه . [7] ـ الأفضلية غير ثابتة، والنصّ ـ مضافاً إلى عدم دلالته لها ـ أعمّ منها لذكر «أو ما أشبهها» في صحيحة عمر بن يزيد ، نعم احتمال أفضلية التنعيم لايخلو من وجه وجيه .
|