|
القول في شرائط وجوبهما
وهي اُمور : الأوّل: أن يعرف الآمر أو الناهي : أنّ ما تركه المكلّف أو ارتكبه معروف أو منكر ، فلايجب على الجاهل بالمعروف والمنكر . والعلم شرط الوجوب كالاستطاعة في الحجّ . (مسألة 1) : لا فرق في المعرفة بين القطع أو الطرق المعتبرة الاجتهاديّة أو التقليد ، فلو قلّد شخصان عن مجتهد يقول بوجوب صلاة الجمعة عيناً ، فتركها واحد منهما ، يجب على الآخر أمره بإتيانها . وكذا لو رأى مجتهدهما حرمة العصير الزبيبي المغليّ بالنار ، فارتكبه أحدهما ، يجب على الآخر نهيه . (مسألة 2) : لو كانت المسألة مختلف فيها ، واحتمل أنّ رأي الفاعل أو التارك أو تقليده مخالف له ، ويكون ما فعله جائزاً عنده ، لايجب ، بل لايجوز إنكاره ، فضلاً عمّا لو علم ذلك . (مسألة 3) : لو كانت المسألة غير خلافيّة واحتمل أن يكون المرتكب جاهلاً بالحكم ، فالظاهر وجوب أمره ونهيه ، سيّما إذا كان مقصِّراً ، والأحوط إرشاده إلى الحكم أوّلاً ثمّ إنكاره إذا أصرّ ، سيّما إذا كان قاصراً . (مسألة 4) : لو كان الفاعل جاهلاً بالموضوع لايجب إنكاره ولا رفع جهله ، كما لو ترك الصلاة غفلة أو نسياناً ، أو شرب المسكر جهلاً بالموضوع . نعم لو كان ذلك ممّا يهتمّ به ولايرضى المولى بفعله أو تركه مطلقاً ، يجب إقامته وأمره أو نهيه ، كقتل النفس المحترمة . (مسألة 5) : لو كان ما تركه واجباً برأيه أو رأي من قلّده ، أو ما فعله حراماً كذلك ، وكان رأي غيره مخالفاً لرأيه ، فالظاهر عدم وجوب الإنكار ، إلاّ إذا قلنا بحرمة التجرّي أو الفعل المتجرّى به . (مسألة 6) : لو كان ما ارتكبه مخالفاً للاحتياط اللازم بنظرهما أو نظر مقلّدهما فالأحوط إنكاره ، بل لايبعد وجوبه . (مسألة 7) : لو ارتكب طرفي العلم الإجمالي للحرام أو أحد الأطراف ، يجب في الأوّل نهيه ، ولايبعد ذلك في الثاني أيضاً ، إلاّ مع احتمال عدم منجّزيّة العلم الإجمالي عنده مطلقاً ، فلايجب مطلقاً ، بل لايجوز ، أو بالنسبة إلى الموافقة القطعيّة فلايجب ، بل لايجوز في الثاني . وكذا الحال في ترك أطراف المعلوم بالإجمال وجوبه . (مسألة 8) : يجب تعلّم شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وموارد الوجوب وعدمه والجواز وعدمه ؛ حتّى لايقع في المنكر في أمره ونهيه . (مسألة 9) : لو أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر في مورد لايجوز له ، يجب على غيره نهيه عنهما . (مسألة 10) : لو كان الأمر أو النهي في مورد ـ بالنسبة إلى بعض ـ موجباً لوهن الشريعة المقدّسة ولو عند غيره لايجوز ، خصوصاً مع صرف احتمال التأثير ، إلاّ أن يكون المورد من المهمّات ، والموارد مختلفة . الشرط الثاني: أن يجوّز ويحتمل تأثير الأمر أو النهي ، فلو علم أو اطمأنّ بعدمه فلايجب . (مسألة 1) : لايسقط الوجوب مع الظنّ بعدم التأثير ولو كان قويّاً ، فمع الاحتمال المعتدّ به عند العقلاء يجب . (مسألة 2) : لو قامت البيّنة العادلة على عدم التأثير فالظاهر عدم السقوط مع احتماله . (مسألة 3) : لو علم أنّ إنكاره لايؤثّر إلاّ مع الإشفاع بالاستدعاء والموعظة ، فالظاهر وجوبه كذلك ، ولو علم أنّ الاستدعاء والموعظة مؤثّران فقط ـ دون الأمر والنهي ـ فلايبعد وجوبهما . (مسألة 4) : لو ارتكب شخص حرامين أو ترك واجبين ، وعلم أنّ الأمر بالنسبة إليهما معاً لايؤثّر ، واحتمل التأثير بالنسبة إلى أحدهما بعينه ، وجب بالنسبة إليه دون الآخر . ولو احتمل التأثير في أحدهما لابعينه تجب ملاحظة الأهمّ . فلو كان تاركاً للصلاة والصوم وعلم أنّ أمره بالصلاة لايؤثّر واحتمل التأثير في الصوم يجب ، ولو احتمل التأثير بالنسبة إلى أحدهما يجب الأمر بالصلاة . ولو لم يكن أحدهما أهمّ يتخيّر بينهما ، بل له أن يأمر بأحدهما بنحو الإجمال مع احتمال التأثير كذلك . (مسألة 5) : لو علم أو احتمل أنّ أمره أو نهيه مع التكرار يؤثّر وجب التكرار . (مسألة 6) : لو علم أو احتمل أنّ إنكاره في حضور جمع مؤثّر دون غيره ، فإن كان الفاعل متجاهراً جاز ووجب ، وإلاّ ففي وجوبه بل جوازه إشكال . (مسألة 7) : لو علم أنّ أمره أو نهيه مؤثّر لو أجازه في ترك واجب آخر أو ارتكاب حرام آخر ، فمع أهمّية مورد الإجازة لا إشكال في عدم الجواز وسقوط الوجوب ، بل الظاهر عدم الجواز مع تساويهما في الملاك وسقوط الوجوب . وأمّا لو كان مورد الأمر والنهي أهمّ ، فإن كانت الأهمّية بوجه لايرضى المولى بالتخلّف مطلقاً ـ كقتل النفس المحترمة ـ وجبت الإجازة ، وإلاّ ففيه تأمّل وإن لايخلو من وجه . (مسألة 8) : لو علم أنّ إنكاره غير مؤثّر بالنسبة إلى أمر في الحال ، لكن علم أو احتمل تأثير الأمر الحالي بالنسبة إلى الاستقبال وجب . وكذا لو علم أنّ نهيه عن شرب الخمر بالنسبة إلى كأس معيّن لايؤثّر ، لكن نهيه عنه مؤثّر في تركه فيما بعد ـ مطلقاً ، أو في الجملة ـ وجب . (مسألة 9) : لو علم أنّ أمره أو نهيه بالنسبة إلى التارك والفاعل لايؤثّر ؛ لكن يؤثّر بالنسبة إلى غيره بشرط عدم توجّه الخطاب إليه ، وجب توجّهه إلى الشخص الأوّل بداعي تأثيره في غيره . (مسألة 10) : لو علم أنّ أمر شخص خاصّ مؤثّر في الطرف دون أمره ، وجب أمره بالأمر إذا تواكل فيه مع اجتماع الشرائط عنده . (مسألة 11) : لو علم أنّ فلاناً همّ بارتكاب حرام واحتمل تأثير نهيه عنه وجب . (مسألة 12) : لو توقّف تأثير الأمر أو النهي على ارتكاب محرّم أو ترك واجب ، لايجوز ذلك ، وسقط الوجوب ، إلاّ إذا كان المورد من الأهميّة بمكان لايرضى المولى بتخلّفه كيف ما كان ـ كقتل النفس المحترمة ـ ولم يكن الموقوف عليه بهذه المثابة ، فلو توقّف دفع ذلك على الدخول في الدار المغصوبة ونحو ذلك وجب . (مسألة 13) : لو كان الفاعل بحيث لو نهاه عن المنكر أصرّ عليه ولو أمره به تركه ، يجب الأمر مع عدم محذور آخر . وكذا في المعروف . (مسألة 14) : لو علم أو احتمل تأثير النهي أو الأمر في تقليل المعصية لا قلعها وجب ، بل لايبعد الوجوب لو كان مؤثّراً في تبديل الأهمّ بالمهمّ ، بل لا إشكال فيه لو كان الأهمّ بمثابة لايرضى المولى بحصوله مطلقاً . (مسألة 15) : لو احتمل أنّ إنكاره مؤثّر في ترك المخالفة القطعيّة لأطراف العلم ـ لا الموافقة القطعيّة ـ وجب . (مسألة 16) : لو علم أنّ نهيه ـ مثلاً ـ مؤثّر في ترك المحرّم المعلوم تفصيلاً وارتكاب بعض أطراف المعلوم بالإجمال مكانه ، فالظاهر وجوبه ، إلاّ مع كون المعلوم بالإجمال من الأهميّة بمثابة ما تقدّم ـ دون المعلوم بالتفصيل ـ فلايجوز . فهل مطلق الأهميّة يوجب الوجوب ؟ فيه إشكال . (مسألة 17) : لو احتمل التأثير واحتمل تأثير الخلاف فالظاهر عدم الوجوب . (مسألة 18) : لو احتمل التأثير في تأخير وقوع المنكر وتعويقه ، فإن احتمل عدم تمكّنه في الآتية من ارتكابه وجب ، وإلاّ فالأحوط ذلك ، بل لايبعد وجوبه . (مسألة 19) : لو علم شخصان إجمالاً بأنّ إنكار أحدهما مؤثّر دون الآخر ، وجب على كلّ منهما الإنكار ، فإن أنكر أحدهما فأثّر سقط عن الآخر ، وإلاّ يجب عليه . (مسألة 20) : لو علم إجمالاً أنّ إنكار أحدهما مؤثّر والآخر مؤثّر في الإصرار على الذنب ، لايجب . الشرط الثالث: أن يكون العاصي مصرّاً على الاستمرار ، فلو علم منه الترك سقط الوجوب . (مسألة 1) : لو ظهرت منه أمارة الترك فحصل منها القطع ، فلا إشكال في سقوط الوجوب ، وفي حكمه الاطمئنان . وكذا لو قامت البيّنة عليه إن كان مستندها المحسوس أو قريباً منه . وكذا لو أظهر الندامة والتوبة . (مسألة 2) : لو ظهرت منه أمارة ظنيّة على الترك ، فهل يجب الأمر أو النهي أو لا ؟ لايبعد عدمه . وكذا لو شكّ في استمراره وتركه . نعم لو علم أنّه كان قاصداً للاستمرار والارتكاب وشكّ في بقاء قصده ، يحتمل وجوبه على إشكال . (مسألة 3) : لو قامت أمارة معتبرة على استمراره وجب الإنكار ، ولو كانت غير معتبرة ففي وجوبه تردّد ، والأشبه عدمه . (مسألة 4) : المراد بالاستمرار الارتكاب ولو مرّة اُخرى ، لا الدوام ، فلو شرب مسكراً وقصد الشرب ثانياً فقط وجب النهي . (مسألة 5) : من الواجبات : التوبة من الذنب ، فلو ارتكب حراماً أو ترك واجباً تجب التوبة فوراً ، ومع عدم ظهورها منه وجب أمره بها ، وكذا لو شكّ في توبته . وهذا غير الأمر والنهي بالنسبة إلى سائر المعاصي ، فلو شكّ في كونه مصرّاً أو علم بعدمه ، لايجب الإنكار بالنسبة إلى تلك المعصية ، لكن يجب بالنسبة إلى ترك التوبة . (مسألة 6) : لو ظهر من حاله ـ علماً أو اطمئناناً أو بطريق معتبر ـ أنّه أراد ارتكاب معصية لم يرتكبها إلى الآن ، فالظاهر وجوب نهيه . (مسألة 7) : لايشترط في عدم وجوب الإنكار إظهار ندامته وتوبته ، بل مع العلم ونحوه على عدم الاستمرار لم يجب ؛ وإن علم عدم ندامته من فعله . وقد مرّ أنّ وجوب الأمر بالتوبة غير وجوب النهي بالنسبة إلى المعصية المرتكبة . (مسألة 8) : لو علم عجزه أو قام الطريق المعتبر على عجزه عن الإصرار واقعاً ، وعلم أنّ من نيّـته الإصرار لجهله بعجزه ، لايجب النهي بالنسبة إلى الفعل غير المقدور ؛ وإن وجب بالنسبة إلى ترك التوبة والعزم على المعصية لو قلنا بحرمته . (مسألة 9) : لو كان عاجزاً عن ارتكاب حرام ، وكان عازماً عليه لو صار قادراً ، فلو علم ـ ولو بطريق معتبر ـ حصول القدرة له ، فالظاهر وجوب إنكاره ، وإلاّ فلا ، إلاّ على عزمه على القول بحرمته . (مسألة 10) : لو اعتقد العجز عن الاستمرار وكان قادراً واقعاً ، وعلم بارتكابه مع علمه بقدرته ، فإن علم بزوال اعتقاده فالظاهر وجوب الإنكار بنحو لايعلمه بخطئه ، وإلاّ فلايجب . (مسألة 11) : لو علم إجمالاً بأنّ أحد الشخصين أو الأشخاص مصرّ على ارتكاب المعصية ، وجب ظاهراً توجّه الخطاب إلى عنوان منطبق عليه ؛ بأن يقول : من كان شارب الخمر فليتركه . وأمّا نهي الجميع أو خصوص بعضهم فلايجب ، بل لايجوز ، ولو كان في توجّه النهي إلى العنوان ـ المنطبق على العاصي ـ هتكٌ عن هؤلاء الأشخاص ، فالظاهر عدم الوجوب ، بل عدم الجواز . (مسألة 12) : لو علم بارتكابه حراماً أو تركه واجباً ولم يعلم بعينه ، وجب على نحو الإبهام ، ولو علم إجمالاً بأنّه إمّا تارك واجباً أو مرتكب حراماً ، وجب كذلك أو على نحو الإبهام . الشرط الرابع: أن لايكون في إنكاره مفسدة . (مسألة 1) : لو علم أو ظنّ أنّ إنكاره موجب لتوجّه ضرر نفسيّ أو عِرضيّ أو ماليّ يعتدّ به عليه ، أو على أحد متعلّقيه كأقربائه وأصحابه وملازميه ، فلايجب ويسقط عنه ، بل وكذا لو خاف ذلك لاحتمال معتدّ به عند العقلاء . والظاهر إلحاق سائر المؤمنين بهم أيضاً . (مسألة 2) : لا فرق في توجّه الضرر بين كونه حاليّاً أو استقباليّاً ، فلو خاف توجّه ذلك في المآل عليه أو على غيره سقط الوجوب . (مسألة 3) : لو علم أو ظنّ أو خاف للاحتمال المعتدّ به وقوعه أو وقوع متعلّقيه في الحرج والشدّة على فرض الإنكار لم يجب ، ولايبعد إلحاق سائر المؤمنين بهم . (مسألة 4) : لو خاف على نفسه أو عرضه أو نفوس المؤمنين وعرضهم حرم الإنكار ، وكذا لو خاف على أموال المؤمنين المعتدّ بها . وأمّا لو خاف على ماله ـ بل علم ـ توجّه الضرر المالي عليه ، فإن لم يبلغ إلى الحرج والشدّة عليه فالظاهر عدم حرمته([1]) ، ومع إيجابه ذلك فلا تبعد الحرمة . (مسألة 5) : لو كانت إقامة فريضة أو قلع منكر موقوفاً على بذل المال المعتدّ به ، لايجب بذله ، لكن حسن مع عدم كونه بحيث يقع في الحرج والشدّة ، ومعه فلايبعد عدم الجواز ، نعم لو كان الموضوع ممّا يهتمّ به الشارع ولايرضى بخلافه مطلقاً يجب . (مسألة 6) : لو كان المعروف والمنكر من الاُمور التي يهتمّ به الشارع الأقدس ، كحفظ نفوس قبيلة من المسلمين ، وهتك نواميسهم ، أو محو آثار الإسلام ومحو حجّته ؛ بما يوجب ضلالة المسلمين ، أو إمحاء بعض شعائر الإسلام ، كبيت الله الحرام بحيث يُمحى آثاره ومحلّه ، وأمثال ذلك ، لابدّ من ملاحظة الأهميّة ، ولايكون مطلق الضرر ـ ولو النفسي ـ أو الحرج موجباً لرفع التكليف ، فلو توقّفت إقامة حجج الإسلام بما يرفع بها الضلالة على بذل النفس أو النفوس فالظاهر وجوبه ، فضلاً عن الوقوع في ضرر أو حرج دونها . (مسألة 7) : لو وقعت بدعة في الإسلام ، وكان سكوت علماء الدين ورؤساء المذهب ـ أعلى الله كلمتهم ـ موجباً لهتك الإسلام وضعف عقائد المسلمين ، يجب عليهم الإنكار بأيّة وسيلة ممكنة ؛ سواء كان الإنكار مؤثّراً في قلع الفساد أم لا . وكذا لو كان سكوتهم عن إنكار المنكرات موجباً لذلك ، ولايلاحظ الضرر والحرج بل تلاحظ الأهميّة . (مسألة 8) : لو كان في سكوت علماء الدين ورؤساء المذهب ـ أعلى الله كلمتهم ـ خوف أن يصير المنكر معروفاً أو المعروف منكراً ، يجب عليهم إظهار علمهم ، ولايجوز السكوت ولو علموا عدم تأثير إنكارهم في ترك الفاعل ، ولايلاحظ الضرر والحرج مع كون الحكم ممّا يهتمّ به الشارع الأقدس جدّاً . (مسألة 9) : لو كان في سكوت علماء الدين ورؤساء المذهب ـ أعلى الله كلمتهم ـ تقوية للظالم وتأييد له ـ والعياذ بالله ـ يحرم عليهم السكوت ، ويجب عليهم الإظهار ولو لم يكن مؤثّراً في رفع ظلمه . (مسألة 10) : لو كان سكوت علماء الدين ورؤساء المذهب ـ أعلى الله كلمتهم ـ موجباً لجرأة الظلمة على ارتكاب سائر المحرّمات وإبداع البدع ، يحرم عليهم السكوت ، ويجب عليهم الإنكار وإن لم يكن مؤثّراً في رفع الحرام الذي يرتكب . (مسألة 11) : لو كان سكوت علماء الدين ورؤساء المذهب ـ أعلى الله كلمتهم ـ موجباً لإساءة الظنّ بهم وهتكهم وانتسابهم إلى ما لايصحّ ولايجوز الانتساب إليهم ، ككونهم ـ نعوذ بالله ـ أعوان الظلمة ، يجب عليهم الإنكار لدفع العار عن ساحتهم ولو لم يكن مؤثّراً في رفع الظلم . (مسألة 12) : لو كان ورود([2]) بعض العلماء ـ مثلاً ـ في بعض شؤون الدول ، موجباً لإقامة فريضة أو فرائض أو قلع منكر أو منكرات ، ولم يكن محذور أهمّ ـ كهتك حيثيّة العلم والعلماء وتضعيف عقائد الضعفاء ـ وجب على الكفاية ، إلاّ أن لايمكن ذلك إلاّ لبعض معيّن لخصوصيّات فيه ، فتعيّن عليه . (مسألة 13) : لايجوز لطلاّب العلوم الدينيّة الدخول في المؤسّسات التي أسّسها الدولة باسم المؤسسة الدينيّة ، كالمدارس القديمة التي قبضتها الدولة وأجرى على طلاّبها من الأوقاف ، ولايجوز أخذ راتبها ؛ سواء كان من الصندوق المشترك ، أو من موقوفة نفس المدرسة ، أو غيرهما ؛ لمفسدة عظيمة يُخشى منها على الإسلام . (مسألة 14) : لايجوز للعلماء وأئمّة الجماعات تصدّي مدرسة من المدارس الدينيّة من قبل الدولة ؛ سواء اُجري عليهم وعلى طلاّبها من الصندوق المشترك ، أو من موقوفات نفس المدرسة ، أو غيرهما ؛ لمفسدة عظيمة على الحوزات الدينيّة والعلميّة في الآجل القريب . (مسألة 15) : لايجوز لطلاّب العلوم الدينيّة الدخول في المدارس الدينيّة ، التي تصدّاها بعض المتلبّسين بلباس العلم والدين من قبل الدولة الجائرة ، أو بإشارة من الحكومة ـ سواء كان المنهج من الحكومة ، أو من المتصدّي وكان دينيّاً ـ لمفسدة عظيمة على الإسلام والحوزات الدينية في الآجل ، والعياذ بالله . (مسألة 16) : لو قامت قرائن على أنّ مؤسسة دينيّة ، كان تأسيسها أو إجراء مؤونتها من قبل الدولة الجائرة ولو بوسائط ، لايجوز للعالم تصديها ولا لطلاّب العلوم الدخول فيها ، ولا أخذ راتبها ، بل لو احتمل احتمالاً معتدّاً به لزم التحرّز عنها ؛ لأنّ المحتَمل ممّا يهتمّ به شرعاً ، فيجب الاحتياط في مثله . (مسألة 17) : المتصدّي لمثل تلك المؤسّسات والداخل فيها محكوم بعدم العدالة ، لايجوز للمسلمين ترتيب آثار العدالة عليه من الاقتداء في الجماعة وإشهاد الطلاق وغيرهما ممّا يعتبر فيه العدالة . (مسألة 18) : لايجوز لهم أخذ سهم الإمام(عليه السلام) وسهم السادة ، ولايجوز للمسلمين إعطاؤهم من السهمين ، ماداموا في تلك المؤسسات ولم ينتهوا ويتوبوا عنه . (مسألة 19) : الأعذار التي تشبّث بها بعض المنتسبين بالعلم والدين للتصدّي ، لاتُسمع منهم ولو كانت وجيهة عند الأنظار السطحيّة الغافلة . (مسألة 20) : لايشترط في الآمر والناهي العدالة أو كونه آتياً بما أمر به وتاركاً لما نهى عنه ، ولو كان تاركاً لواجب وجب عليه الأمر به مع اجتماع الشرائط ، كما يجب أن يعمل به ، ولو كان فاعلاً لحرام يجب عليه النهي عن ارتكابه ، كما يحرم عليه ارتكابه . (مسألة 21) : لايجب الأمر والنهي على الصغير ولو كان مراهقاً مميّزاً ، ولايجب نهي غير المكلّف كالصغير([3]) والمجنون ولا أمره . نعم لو كان المنكر ممّا لايرضى المولى بوجوده مطلقاً ، يجب على المكلّف منع غير المكلّف عن إيجاده . (مسألة 22) : لو كان المرتكب للحرام أو التارك للواجب معذوراً فيه ـ شرعاً أو عقلاً ـ لايجب بل لايجوز الإنكار . (مسألة 23) : لو احتمل كون المرتكب للحرام أو التارك للواجب معذوراً في ذلك ، لايجب الإنكار ، بل يشكل ، فمع احتمال كون المفطر في شهر رمضان مسافراً ـ مثلاً ـ لايجب النهي ، بل يشكل ، نعم لو كان فعله جهراً موجباً لهتك أحكام الإسلام أو لجرأة الناس على ارتكاب المحرّمات ، يجب نهيه لذلك . (مسألة 24) : لو كان المرتكب للحرام أو التارك للواجب معتقداً جواز ذلك وكان مخطئاً فيه ، فإن كان لشبهة موضوعيّة ـ كزعم كون الصوم مضرّاً به ، أو أنّ الحرام علاجه المنحصر ـ لايجب رفع جهله ولا إنكاره . وإن كان لجهل في الحكم ، فإن كان مجتهداً أو مقلّداً لمن يرى ذلك ، فلايجب رفع جهله وبيان الحكم له ، وإن كان جاهلاً بالحكم الذي كان وظيفته العمل به ، يجب رفع جهله وبيان حكم الواقعة ، ويجب الإنكار عليه . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل الظاهر حرمته مع كونه معتدّاً به ، وإن لم يبلغ الحرج والمشقّة ؛ قضاءً لنفي الضرر، كنفي الحرج . [2] ـ هذه المسألة وما يتلوها من المسائل ممّا يكون الموضوع فيها الدولة ، ظاهرة في دولة إيران قبل الثورة الإسلامية ، فتكون قضايا خارجية جزئية ، لكنّها جارية في أمثالها من المسائل ؛ قضاءً للملاك وتحقّق الموضوع ، فإنّ الأحكام تابعة لهما دائماً ، كما لايخفى . [3] ـ فيما لم يكن مميّزاً، وإلاّ فنهيه عن المحرّمات واجب، كوجوبه على البالغين، حيث إنّ حديث رفع القلم قاصر عن رفع الحرمة من المميّز؛ لكونه مخالفاً لقاعدة اللطف على ماحقّق في محلّه.
|