|
الثالث: خيار الشرط
أي الثابت بالاشتراط في ضمن العقد ، ويجوز جعله لهما أو لأحدهما أو لثالث ، ولايتقدّر بمدّة ، بل هي بحسب ما اشترطاه قلّت أو كثرت ، ولابدّ من كونها مضبوطة من حيث المقدار ومن حيث الاتّصال والانفصال . نعم إذا ذكرت مدّة معيّنة ـ كشهر مثلاً ـ واُطلقت فالظاهر اتّصالها بالعقد . (مسألة 1) : يجوز أن يشترط لأحدهما أو لهما الخيار بعد الاستئمار والاستشارة ـ بأن يشاور مع ثالث في أمر العقد ـ فكلّ ما رأى من الصلاح إبقاءً له أو فسخاً يكون متّبعاً . ويعتبر في هذا الشرط ـ أيضاً ـ تعيين المدّة ، وليس للمشروط له الفسخ قبل أمر ذلك الثالث ، ولايجب عليه لو أمره ، بل جاز له ، فإذا اشترط البائع على المشتري ـ مثلاً ـ بأنّ له المهلة إلى ثلاثة أيّام حتّى يستشير صديقه أو الدلاّل ، فإن رأى الصلاح يلتزم به ، وإلاّ فلايكون مرجعه إلى جعل الخيار له على تقدير أن لايرى صديقه ـ أو الدلاّل ـ الصلاح ، لا مطلقاً ، فليس له الخيار إلاّ على ذلك التقدير . (مسألة 2) : لا إشكال في عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع ، بل يجري في كثير من العقود اللازمة، ولا إشكال في عدم جريانه في الإيقاعات، كالطلاق والعتق والإبراء ونحوها. (مسألة 3) : يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا ردّ الثمن بعينه ـ أو ما يعمّ مثله ـ إلى مدّة معيّنة ، فإن مضت ولم يأت بالثمن كاملاً لزم البيع ، وهو المسمّى ببيع الخيار في العرف . والظاهر صحّة اشتراط أن يكون للبائع فسخ الكلّ ؛ بردّ بعض الثمن أو فسخ البعض بردّ بعضه . ويكفي في ردّ الثمن فعل البائع ما له دخل في القبض من طرفه ؛ وإن أبى المشتري من قبضه ، فلو أحضر الثمن وعرضه عليه ومكّنه من قبضه ، فأبى وامتنع ، فله الفسخ . (مسألة 4) : نماء المبيع ومنافعه في هذه المدّة للمشتري ، كما أنّ تلفه عليه ، والخيار باق مع التلف إن كان المشروط الخيار والسلطنة على فسخ العقد ، فيرجع بعده إلى المثل أو القيمة ، وساقط إن كان المشروط ارتجاع العين بالفسخ ، وليس للمشتري ـ قبل انقضاء المدّة ـ التصرّف الناقل وإتلاف العين إن كان المشروط ارتجاعها ، ولايبعد جوازهما إن كان السلطنة على فسخ العقد . (مسألة 5) : الثمن المشروط ردّه إن كان كلّيّاً في ذمّة البائع ، كما إذا كان في ذمّـته ألف درهم لزيد ، فباع داره بما في ذمّـته ، وجعل له الخيار مشروطاً بردّ الثمن ، يكون ردّه بأداء ما كان في ذمّـته وإن برأت ذمّـته عمّا كان عليه بجعله ثمناً . (مسألة 6) : إن لم يقبض البائع الثمن أصلاً ـ سواء كان كلّيّاً في ذمّة المشتري ، أو عيناً موجوداً عنده ـ فهل له الخيار والفسخ قبل انقضاء المدّة المضروبة أم لا ؟ وجهان ، لايخلو أوّلهما من رجحان . ولو قبضه ، فإن كان الثمن كلّيّاً ، فالظاهر أنّه لايتعيّن عليه ردّ عين ذلك الفرد المقبوض ، بل يكفي ردّ فرد آخر ينطبق الكلّي عليه ، إلاّ إذا صرّح باشتراط ردّ عينه . وإن كان عيناً شخصيّاً لم يتحقّق الردّ إلاّ بردّ عينه ، فلو لم يمكن ردّه لتلف ونحوه سقط الخيار ، إلاّ إذا شرط صريحاً بردّ ما يعمّ بدله مع عدم التمكّن من العين . نعم إذا كان الثمن ممّا انحصر انتفاعه المتعارف بصرفه ـ لاببقائه ـ كالنقود ، يمكن أن يقال([1]) : إنّ المنساق من الإطلاق في مثله ما يعمّ بدله ما لم يصرّح بالخلاف . (مسألة 7) : كما يتحقّق الردّ بإيصاله إلى المشتري يتحقّق بإيصاله إلى وكيله المطلق ، أو في خصوص ذلك ، أو وليّه كالحاكم لو صار مجنوناً أو غائباً ، بل وعدول المؤمنين في مورد ولايتهم . هذا إذا كان الخيار مشروطاً بردّ الثمن أو ردّه إلى المشتري وأطلق . وأمّا لو اشترط ردّه إليه بنفسه وإيصاله بيده لايتعدّى منه إلى غيره . (مسألة 8) : لو اشترى الوليّ شيئاً للمولّى عليه ببيع الخيار ، فارتفع حجره قبل انقضاء المدّة وردّ الثمن ، فالظاهر تحقّقه بإيصاله إلى المولّى عليه ، فيملك البائع الفسخ بذلك ، ولايكفي الردّ إلى الوليّ بعد سلب ولايته . ولو اشترى أحد الوليّين كالأب ، فهل يصحّ الفسخ مع ردّ الثمن إلى الوليّ الآخر كالجدّ ؟ لايبعد ذلك ، خصوصاً فيما إذا لم يتمكّن من الردّ إلى الأب في المثال([2]) . وأمّا لو اشترى الحاكم ـ ولاية ـ فالأقوى عدم كفاية الردّ إلى حاكم آخر مع إمكان الردّ إليه ، ومع عدم إمكانه يردّ إلى حاكم آخر . وهذا أيضاً ـ كما مرّ في المسألة السابقة ـ فيما إذا لم يصرّح بردّه إلى خصوص المشتري بنفسه ، وإلاّ فلايتعدّى منه إلى غيره . (مسألة 9) : لو مات البائع ينتقل هذا الخيار ـ كسائر الخيارات ـ إلى ورّاثه ، فيردّون الثمن ويفسخون ، فيرجع إليهم المبيع على قواعد الإرث ، كما أنّ الثمن المردود ـ أيضاً ـ يوزّع عليهم بالحصص . ولو مات المشتري فالظاهر جواز الفسخ بردّ الثمن إلى ورثته . نعم لو جعل الشرط ردّه إلى المشتري بخصوصه وبنفسه وبمباشرته ، فالظاهر عدم قيام ورثته مقامه ، فيسقط الخيار بموته . (مسألة 10) : كما يجوز للبائع اشتراط الخيار له بردّ الثمن ، كذا يجوز للمشتري اشتراطه له بردّ المثمن ، والظاهر المنصرف إليه الإطلاق فيه ردّ العين ، فلايتحقّق بردّ بدله ولو مع التلف ، إلاّ أن يصرّح بردّ ما يعمّ البدل ، ويجوز اشتراط الخيار لكلّ منهما بردّ ما انتقل إليه . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل هو الظاهر . [2] ـ على كون الولاية لهما في عرض الآخر، وهو مختار المتن، وأمّا على المختار من كون الولاية لهما على نحو الطولية فلا محلّ لهذا المثال، كما لايخفى. نعم المثال يتمّ في الوكيلين المطلقين.
|