|
القول في النقد والنسيئة
(مسألة 1) : من باع شيئاً ولم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقداً وحالاًّ ، فللبائع بعد تسليم المبيع مطالبته في أيّ وقت ، وليس له الامتناع من أخذه متى أراد المشتري دفعه إليه . ولو اشترط تأجيله يكون نسيئة ؛ لايجب على المشتري دفعه قبل الأجل وإن طولب ، كما أنّه لايجب على البائع أخذه إذا دفعه المشتري قبله . ولابدّ أن يكون الأجل معيّناً مضبوطاً ؛ لايتطرّق إليه احتمال الزيادة والنقصان ، فلو اشترط التأجيل ولم يعيّن أو عيّن مجهولاً بطل البيع ، والأقوى عدم كفاية تعيّنه في نفسه مع عدم معرفة المتعاقدين . (مسألة 2) : لو باع شيئاً بثمن حالاًّ وبأزيد منه إلى أجل ؛ بأن قال : بعتك نقداً بعشرة ونسيئة إلى سنة بخمسة عشر وقبل المشتري ، ففي البطلان إشكال([1]) ، ولو قيل بصحّـته وأنّ للبائع أقلّ الثمنين ولو عند الأجل فليس ببعيد([2]) ، لكن لايترك الاحتياط . نعم لا إشكال في البطلان لو باع بثمن إلى أجل وبأزيد منه إلى آخر . (مسألة 3) : لايجوز تأجيل الثمن الحالّ([3]) ـ بل مطلق الدين ـ بأزيد منه ؛ بأن يزيد في الثمن الذي استحقّه البائع مقداراً ليؤجّله إلى أجل كذا . وكذلك لايجوز أن يزيد في الثمن المؤجّل ليزيد في الأجل ؛ سواء وقع ذلك على جهة البيع أو الصلح أو الجعالة أو غيرها ، ويجوز عكس ذلك ، وهو تعجيل المؤجّل بنقصان منه على جهة الصلح أو الإبراء . (مسألة 4) : لو باع شيئاً نسيئة ، يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل وبعده بجنس الثمن أو بغيره ؛ سواء كان مساوياً للثمن الأوّل أم لا ، وسواء كان البيع الثاني حالاًّ أو مؤجّلاً . وإنّما يجوز ذلك إذا لم يشترط في البيع الأوّل ، فلو اشترط البائع في بيعه على المشتري أن يبيعه منه بعد شرائه ، أو شرط المشتري على البائع أن يشتريه منه ، لم يصحّ على الأحوط([4]) . كما أنّه لايجوز ذلك مطلقاً لو احتال به للتخلّص من الربا([5]) . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ من ناحية الغرر المنفي والجهل الممنوع ، لكنّه مذبوب بأنّه لمّا يكون الاختيار إلى المشتري، قضاءً للعقد كذلك ، ولمّا يكون الثمن على كلّ من التقديرين معلوماً ، فلا غرر ولا جهالة ممنوعة . [2] ـ بل بعيد جدّاً ؛ لأنّ القول بذلك مخالف للأدلّة العقلية والنقلية ، الدالّة على أنّ العقود تابعة للقصود ، وصحّتها دائرة مدار الرضا (إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراض)، (النساء (4) : 29) والاستناد في ذلك القول إلى صحيحة محمّد بن قيس وموثّقة السكوني، (وسائل الشيعة 18 : 37 / 1 و2) فيه ما لايخفى ؛ لعدم قابلية مثل الخبرين على إعمال التعبّد والتخصيص لتلك الأدلّة، بأن يحكم الشارع على المتبايعين رغماً لأنفهما ورضايتهما وقصدهما بأقلّ الثمنين وأبعد الأجلين . والعجب من سيّدنا الاُستاذ (قدس سره) كيف نفى البعد عن هذا القول مع ما يعلمنا ويفيدنا كثيراً بأنّ إعمال تعبّد الشارع على خلاف الأبنية العقلائية التي تكون المورد منها محتاجة إلى الإعلان والإعلام كثيراً مثل ما عمل به في القياس ، هذا ما ذكرناه في كتاب القصاص من الشكّ في بناء العقلاء على العمل بمثل هذين الخبرين في تخصيص تلك الاُصول والقواعد المعتبرة إن لم نقل بعدم بنائهم عليه . ومن المعلوم أنّ محض الشكّ في البناء كاف لعدم الحجّية، كما لايخفى . [3] ـ عدم الجواز في الفرعين من باب الربا. وعليه فيأتي فيهما التفصيل المختار ، من الفرق بين الاستهلاكي منه والاستثماري . [4] ـ وإن كانت الصحّة غير بعيدة . [5] ـ المحرّم ، وهو الاستهلاكي منه ، نعم، رعاية الاحتياط بالتخلّص به في الاستثماري الجائز منه حسنة .
|