|
القول في بيع الصرف
وهو بيع الذهب بالذهب أو بالفضّة ، أو الفضّة بالفضّة أو بالذهب ، ولا فرق بين المسكوك منهما وغيره ؛ حتّى في الكلبتون المصنوع من الإبريسم . وأحد النقدين إذا بيع بالآخر وقوبل بين النقدين اللذين فيهما يكون صرفاً ، وأمّا إذا قوبل بين الثوبين فالظاهر عدم جريان الصَّرف فيه ، وكذا إذا بيع بأحدهما . ويشترط في صحّـته التقابض في المجلس([1]) ، فلو تفرّقا ولم يتقابضا بطل البيع ، ولو قبض بعض صحّ فيه خاصّة ، وبطل فيما لايقبض ، وكذا إذا بيع أحد النقدين مع غيرهما صفقة واحدة بأحدهما ، ولم يقبض الجملة حتّى تفرّقا ، بطل في النقد وصحّ في غيره . (مسألة 1): لو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل البيع، فإذا تقابضا قبل أن يفترقا صحّ. (مسألة 2) : إنّما يشترط التقابض في معاوضة النقدين إذا كانت بالبيع دون غيره ، كالصلح والهبة المعوَّضة وغيرهما . (مسألة 3) : لو وقعت المعاملة على النوت والمنات والأوراق النقدية المتعارفة في زماننا ، من طرف واحد أو الطرفين ، فالظاهر عدم جريان أحكام بيع الصرف عليها ، ولكن لايجوز التفاضل لو اُريد التخلّص من الرّبا([2]) ، فمن أراد الإقراض بربح فتخلّص منه ببيع الأوراق النقدية متفاضلاً فعل حراماً ، وبطل البيع أيضاً ، ولو فرض في مورد وقوع المعاملة بين النقدين ، وكانت المذكورات كالصكوك التجاريّة يجري فيها الصّرف ويثبت الرِّبا ، لكنّه مجرّد فرض في أمثالها في هذا الزمان ، وحينئذ لايكفي في التقابض المعتبر في الصرف قبض المذكورات . (مسألة 4) : الظاهر أنّه يكفي في القبض كونه في الذمّة ، ولايحتاج إلى قبض خارجيّ ، فلو كان في ذمّة زيد دراهم لعمرو فباعها بالدنانير وقبضها قبل التفرّق صحّ ، بل لو وكّل زيداً بأن يقبضها عنه صحّ . (مسألة 5) : لو اشترى دراهم ببيع الصرف ثمّ اشترى بها دنانير قبل قبض الدراهم لم يصحّ الثاني ، فإذا حصل التقابض بعد ذلك قبل التفرّق صحّ الأوّل ، وإن افترقا قبله بطل الأوّل أيضاً . (مسألة 6) : لو كان له عليه دراهم ، فقال للذي هي عليه : حوّلها دنانير ، فرضي وتقبّلها في ذمّـته بدل الدراهم ، فإن كان ذلك توكيلاً منه في بيع ما في ذمّـته بالآخر صحّ ، وإلاّ فبمجرّد الرضا بالتحويل والتقبّل المذكور يشكل أن تقع المعاملة . واحتمال أن يكون ذلك عنواناً آخر غير البيع بعيد . (مسألة 7) : الدراهم والدنانير المغشوشة إن كانت رائجة بين عامّة الناس ولو علموا بالحال يجوز صرفها وإنفاقها والمعاملة بها ، وإلاّ فلايجوز إلاّ بعد إظهار حالها ، والأحوط كسرها وإن لم تعمل للغشّ . (مسألة 8) : حيث إنّ الذهب والفضّة من الربوي ، فإذا بيع كلُّ منهما بجنسه ، يلزم على المتعاملين إيقاعه على نحو لايقعان في الربا ؛ بأن لايكون التفاضل ، وهذا ممّا ينبغي أن يهتمّ به المتعاملون خصوصاً الصيارفة ، وقد نهي عن الصرف معلّلاً : بأنّ الصيرفي لايسلم من الربا . (مسألة 9) : يكفي في الضميمة وجود دخيل في الذهب والفضّة إن كان له ماليّة لو تخلّص منهما ، فإذا بيعت فضّة ذات دخيل بمثلها ، جاز بالمثل وبالتفاضل إذا لم يكن المقصود الفرار من الرّبا ، وإذا بيعت بالخالصة لابدّ أن تكون الخالصة زائدة منها حتّى تقع الزيادة مقابل الدخيل ، وإذا لم يعلم مقدار الدخيل والفضّة تباع بغير جنسها ، أو بمقدار يعلم إجمالاً زيادته على الفضّة في ذات الدخيل ، وكذلك الأشياء المحلاّة بالذهب أو الفِضّة ونحوها . (مسألة 10) : لو اشترى فضّة معيّنة بفضّة أو بذهب ـ مثلاً ـ فوجدها من غير جنسها ـ كالنحاس والرصاص ـ بطل البيع ، وليس له مطالبة البدل ، كما أنّه ليس للبائع إلزامه به ، ولو وجد بعضها كذلك بطل فيه وصحّ في الباقي ، وله ردّ الكلّ ؛ لتبعّض الصفقة ، وللبائع ـ أيضاً ـ ردّه مع جهله بالحال . ولو اشترى فضّة ـ كلّيّاً في الذمّة ـ بذهب أو فضّة ، وبعدما قبضها وجد المدفوع كلاّ أو بعضاً من غير جنسها ، فإن كان قبل أن يفترقا فللبائع الإبدال بالجنس ، وللمشتري مطالبة البدل ، وإن كان بعد التفرّق بطل في الكلّ أو البعض على حذو ما سبق . هذا إذا كان من غير الجنس . وأمّا إذا كان من الجنس ، ولكن ظهر بها عيب ـ كخشونة الجوهر ، والدخيل الزائد على المتعارف ، واضطراب السكّة ، ونحوها ـ ففي الأوّل ، وهو ما إذا كان المبيع فِضّة معيّنة في الخارج ، كان له الخيار بردّ الجميع أو إمساكه ، وليس له ردّ المعيب وحده لو كان هو البعض ؛ على إشكال تقدّم([3]) في خيار العيب ، وليس له مطالبة الأرش لو كان العوضان متجانسين ، كالفضّة بالفضّة في مثل خشونة الجوهر واضطراب السكّة على الأحوط لو لم يكن الأقوى ؛ للزوم الربا . ولو تخالفا ـ كالفضّة بالذهب ـ فله ذلك قبل التفرّق ، وأمّا بعده ففيه إشكال ، خصوصاً إذا كان الأرش من النقدين ، ولكن الأقوى أنّ له ذلك ، خصوصاً إذا كان من غيرهما . وأمّا في الثاني وهو ما لو كان المبيع كلّيّاً في الذمّة ، وظهر عيب في المدفوع ، فلايبعد أن يكون مخيّراً بين إمساك المعيب بالثمن ومطالبة البدل قبل التفرّق ، وأمّا بعده ففيه إشكال([4]) . وهل له أخذ الأرش ؟ الأقرب عدم ثبوته حتّى في المتخالفين كالفضّة بالذهب ، وحتّى قبل التفرّق . (مسألة 11) : لايجوز أن يشتري من الصائغ خاتماً أو قرطاً ـ مثلاً ـ من فِضّة أو ذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة اُجرته ، بل إمّا أن يشتريه بغير جنسه أو يشتري منه مقداراً منهما بجنسه مثلاً بمثل ، ويعيّن له اُجرة لصياغته . نعم لو كان فصّ الخاتم ـ مثلاً ـ من الصائغ ، وكان من غير جنس حلقته ، جاز الشراء بجنسه مع الزيادة في غير صورة التخلّص من الربا . (مسألة 12) : لو كان على زيد دنانير ، وأخذ منه دراهم تدريجاً شيئاً فشيئاً ، فإن كان ذلك بعنوان الوفاء والاستيفاء ، ينتقص من الدنانير ـ في كلّ دفعة ـ بمقدار ما أخذه من الدراهم بسعر ذلك الوقت ، وإن كان أخذها بعنوان الاقتراض اشتغلت ذمّـته بالدراهم ، وبقيت ذمّة زيد مشغولة بتلك الدنانير ، فلكلٍّ منهما مطالبة صاحبه حقّه ، وفي احتساب كلّ منهما ما له على الآخر وفاءً عمّا عليه للآخر ـ ولو مع التراضي ـ إشكال ، كما أنّ في بيع إحداهما بالاُخرى إشكالاً ، فلا محيص إلاّ من إبراء كلّ منهما ما له على الآخر أو مصالحة الدنانير بالدراهم . نعم لو كانت الدراهم المأخوذة تدريجاً ؛ قد اُخذت بعنوان الأمانة ؛ حتّى إذا اجتمعت عنده بمقدار الدنانير تحاسبا ، فلا إشكال في جواز جعلها عند الحساب وفاء ، كما أنّه يجوز بيع الدنانير التي في الذمّة بالدراهم الموجودة . وعلى أيّ حال يلاحظ سعر الدنانير والدراهم عند الحساب ، ولاينظر إلى اختلاف الأسعار السابقة . (مسألة 13) : لو أقرض زيداً نقداً معيّناً ، أو باعه شيئاً بنقد معيّن كالليرة إلى أجل معلوم ، وزاد سعر ذلك النقد أو نقص ، عند حلول الأجل عن سعره يوم الإقراض أو البيع ، لايستحقّ إلاّ عين ذلك النقد ، ولاينظر إلى زيادة سعره ونقصانه . (مسألة 14) : يجوز أن يبيع مثقالاً من فضة خالصة من الصائغ ـ مثلاً ـ بمثقال من فضّة فيها دخيل متموّل ، واشترط عليه أن يصوغ له خاتماً مثلاً . وكذا يجوز أن يقول للصائغ : صغ لي خاتماً وأنا أبيعك عشرين مثقالاً من فضّة جيّدة بعشرين مثقالاً من فضّة رديّة ، ولم يلزم الربا في الصورتين ؛ بشرط أن لايكون المقصود التخلّص من الربا . (مسألة 15) : لو باع عشر روپيّات ـ مثلاً ـ بليرة واحدة إلاّ روپيّة واحدة ، صحّ بشرط أن يعلما نسبة الروپيّة بحسب سعر الوقت إلى الليرة ؛ حتّى يعلما أيّ مقدار استُثني منها ، وبشرط أن لايكون المراد التخلّص من الربا . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ على المشهور، لكن عدم الشرطية ـ وفاقاً للصدوق على المحكي عنه ـ لايخلو من قوّة، ترجيحاً لأخبار جواز النسيئة في النقدين أو الذهب والفضّة الظاهرة في عدم اعتبار التقابض فيهما؛ لوضوح عدم التقابض مع النسيئة على الأخبار الدالّة على الشرطية بالموافقة مع الكتاب التي هي أسبق المرجّحات وأقدمها. هذا إجمال الاستدلال في المسألة وتفصيله في التعليقة على «مجمع الفائدة والبرهان»، وبما قوّيناه يظهر حكم فروع المسألة ممّا تفرّعه الماتن(قدس سره) في المسألة، بل مسائل الآتية. [2] ـ الاستهلاكي منه ، الذي يكون محرّماً على المختار ، وأ مّا الاستثماري منه يكون التفاضل فيه جائزاً ، ففي التخلّص؛ رعاية للاحتياط، والاحتياط حسن على كلّ حال . [3] ـ وتقدّم ما فيه. [4] ـ وإن لم يبعد التخيير فيه أيضاً .
|